ميعاد السحب
القاعدة، في هذا الخصوص، هي أن سلطة الإدارة – في سحب قراراتها غير المشروعة – مقيدة بالميعاد المحدد للطعن قضاءً بالإلغاء في هذه القرارات – وتبرير ذلك أن إنقضاء هذا الميعاد – هو ستون يـ60ـوماً – يضفي على القرار طابعاً نهائياً بحيث لا يجوز المساس به، ويصبح مصدراً يعتد به شرعاً لمراكز قانونية صحيحة، ولحقوق مكتسبة لذوي المصلحة فيه.

لذلك، ليس من المعقول أن تمنح الإدارة رخصة الاعتداء على هذه الحقوق تحت أي شكل حتى ولو كان القرار معيباً، كل ذلك تفرضه ضرورة التوفيق بين حق الإدارة المسلم به في إصلاح ما ينطوي عليه قرارها من مخالفة قانونية من ناحية ، ووجوب استقرار الأوضاع القانونية المترتبة على هذا القرار من ناحية أخرى.

ولكن ، هل يجب أن يتم السحب فعلاً خلال هذه الفترة .. الإجابة هي لا أي بالنفي وفي ذلك تعلن المحكمة " أنه مما تجب المبادرة إلى التنبيه إليه إنه ليس بلازم أن يتم السحب كلياً أو جزئياً خلال المدة المقررة له، وإنما يكفي لتحقيق مقتضى الحكم المتقدم أن تكون إجراءات السحب بإفصاح الإدارة عن إرادتها في هذا الخصوص قد بدأت خلال الميعاد المذكور فيدخل القرار بذلك في طور من الزعزعة وعدم الاستقرار ويظل بهذه المثابة طوال المدة التي يستمر فيها فحص الإدارة لشرعيته طالما أنها سلكت مسلكاً إيجابياً نحو التحقق من مطابقته أو عدم مطابقته للقانون إلى أن تحدد موقفها منه نهائياً.

والأمر كذلك، هل الإدارة ملتزمة حتماً – وفي كل الأحوال- بمراعاة ميعاد الطعن قضائياً بالإلغاء في القرار حتى تستطيع سحبه؟ الإجابة هي لا أي بالنفي، فهناك قرارات لا يتقيد سحبها بهذا الميعاد.

وأول طائفة من هذه القرارات هي تلك الصادرة بناءً على اختصاص إداري مقيد، ومن أمثلتها القرار الصادر بمنح شهادة جامعية. ومن هذه القرارات ثانياً تلك القرارات المعدومة، أي تلك التي لحقت بها مخالفة جسيمة أفقدتها صفة القرار، وهبطت بها إلى مجرد الأعمال المادية التي لا تتمتع بشيء من الحصانة المقررة للقرارات الإدارية، ونفس الحكم ينطبق، أيضاً، على القرارات الصادرة بناءً على غش أو تدليس ممن صدرت لمصلحتهم، فالمراكز القانونية المتولدة عن أي من هذين العملين الغش أو التدليس ليست جديرة بحماية القانون مهما تقادم بها الزمن، وعلى ذلك، فاكتساب الجنسية، أو التعيين في وظيفة عامة ، أو الحصول على ترخيص بالإقامة داخل البلاد، بناءً على مسوغات مزورة، أو إخفاء مستندات هامة، لا يتحصن القرار بفوات ميعاد الطعن بالإلغاء، بل يجب على الإدارة في مثل هذه الأحوال سحب هذه القرارات بمجرد اكتشافها لحقيقة الغش أو التزوير
والسحب – دون التقيد بميعاد معين – جائز أيضاً، وإذا كان موضوعه قرار لا يمكن تحقيق أثره (تحقيقه) أي استحال محله، ومثال ذلك أن تقوم الإدارة بترقية أحد الموظفين إلى درجة غير قائمة قانوناً.

ونفس الحكم ينطبق على  القرار الصادر بتعيين بعض الموظفين على درجات مشغولة في ذلك الوقت.

Post a Comment

Previous Post Next Post