تطبيقات وظيفية في الرفق : وللرفق في الوظيفة أهمية كبيرة ، فالمسؤول يطلب منه الرفق مع الموظفين والعمال ، فلا يشق عليهم في العمل ، بل يرفق بهم ؛ لأنه كما يحب أن يراعي الآخرون ظروفه وراحته ، فإنهم كذلك ينتظرون منه أن يكون بهم رفيقا ولهم رحيما ، وقد قال صلى الله عليه وسلم (إن شر الرعاء الحُطَمَة)[1] : أي أن شر الولاة والمسؤولين القاسي الغليظ الشاق على خلق الله .
وقال صلى الله عليه وسلم ( اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به ، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه ) [2].
والموظف يطلب منه الرفق مع المراجعين وأصحاب الحاجات حيث لا يشق عليهم بمطالب غير ضرورية ، فيضطرهم لتعطيل مصالحهم ، ويحرجهم في أوقاتهم ، أو يشق عليهم في تطويل مدة انتظارهم ، أو في إتعابهم بأي شكل .
وهناك بعض الأعمال التي لا تتضمن تفصيلا في بنود العقد ، ولكنها تعود إلى العرف ، كالخادم في المنزل رجلا أو امرأة ، ويتوسع بعض الناس في استخدام الخادم كالعبد . ومطالبته بالأعمال الشاقة ولو كانت امرأة وهذا لا يجوز ؛ لأنه إضرار به ، والضرر ممنوع شرعاً ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :( لا تكلفوهم ما يغلبهم ، فإن كلفتموهم فأعينوهم عليه ). وتشغيل العمال والموظفين في ظروف العمل الصعبة كالتشغيل في المصانع ومحطات التكرير ، والعمل في المناطق الصحراوية ، أو العمل في أثناء نهار شهر رمضان ، أو في وقت الحرّ أو البرد الشديدين ونحو ذلك ، يحتاج إلى الرفق بالعمال ، رحمة بهم وتنشيطا لهم على العمل .
ومن أهم الفئات الذين يجب الرفق بها في العمل ، الأطفال والنساء ، حيث يضطر الأطفال والنساء في كثير من بلاد الدنيا أن يعملوا لكسب الرزق ، فيجب أن لا يعرّضوا للمشقة والامتهان .
ولا يعني الرفق بالموظفين التساهل في تطبيق النظام ، وتشجيع التسيّب الإداري ، بل هو حسن المعاملة ، ورحم الناس ، فلا بد من الحزم مع الرفق ، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه " إن هذا الأمر – الخلافة – لا يصلِحه إلا الشديد في غير عنف ، اللين في غير ضعف ، الجواد في غير سرف ، الممسك في غير بخل ، فكان ابن عباس يقول : ما اجتمعت هذه الخصال إلا في عمر " [3].


[1] رواه مسلم
[2] رواه مسلم
[3] غريب الحديث لأبي عبيد

Post a Comment

أحدث أقدم