الشعر الاجتماعي   
هو الشعر الذي يتناول صراحة وبشيء من التحليل والتفصيل قضية من قضايا المجتمع كالعدالة الاجتماعية ،ونشر التعليم ،ومشاكل العمل ،ومحاربة الانحلال الخلقي ،والحث على الإصلاح عموما ،ويكون بتحديد العلة والداء ،وتشخيص السبب واقتراح العلاج
  تطوره: بساطة الحياة قديما واعتمادها على النشاط الفلاحي وبعض الحرف والصناعات الضرورية أدى إلى عدم وجود قصائد مطولة في الشعر العربي القديم تتناول قضايا اجتماعية إلا في القليل النادر ،يضاف له اهتمام الشعراء بالمدائح والمراثي والدوران في فلك الخلفاء والأمراء والوزراء ،فلم يروا فائدة في الحديث عن مشاكل الناس .
في العصر الجاهلي:  وردت مقطوعات تناولت مواضيع لها صلة بالحياة الاجتماعية كالفقر الذي شكاه الشعراء الصعاليك قال عروة بن الورد:    ذريني للغنى أسعى فإنني     رأيت الناس شرهم الفقير
*أما زهير بن أبي سلمى فقد سجل ظاهرة اجتماعية تتمثل في بذل الموسرين من أموالهم لإعالةالفقراء
إذا السنة الشهباء بالناس أجحفت  ونال كرام المال في الحجرة الاكل                                 رأيت ذوي الحاجات حول بيوتهم        قطينا بها ختى إذا نبت البقل
في العصر الإسلامي والأموي:  نظم الشعراء في مختلف الأغراض منها: نظرة الناس للمرأة فقال معن بن أوس ردا على المبغضين
رأيت الناس يكرهون بناتهم          وفيهن –لاتكذب- نساء صوالح
*وتناول بعض الشعراء عيوب بعض المسؤولين على شؤون الرعية فقال كعب الاشقر محذرا عمر بن عبد العزيز:                             
إن كنت تحفظ ما يليك فإنما      عمال أرضك بالبلاد                                              لن يستجيبوا للدي تدعوله   حتى تجلد بالسيوف رقاب
في العصر العباسي:  استمر الشعراء ينظمون المقطوعات في القضايا الاجتماعية على شكل خواطر تفتقر إلى العمق والتحليل ،وتتميز بالخصوصية ،لا تقدم صورة شاملة عن وضع اجتماعي معين.
*ومن الشعراء من غاص إلى خفايا المجتمع ووصف دقيق لنماذج بشرية مذمومة كالبخلاء والجبناء يقول ابن الرومي:                             
نحن أحياء على الأرض،وقد    خسف الدهر بنا،ثم خسف                                           أصبح السافل منا عاليا             وهوى أهل المعالي والشرف
*والملاحظ عن هذا الشعر أنه هادف في معظمه ،يبرز العيوب ويستخلص العبرة. يقول سلم بن الخاسر متهما أبا العتاهية بالنفاق:
ما أقبح التزهيد من واعظ  يزهد الناس ولا يزهد                                                    لو كان في تزهيده صادقا    أضحى وأمسى بيته المسجد
في عصر المماليك والعثمانيين:   ساءت الأحوال الاجتماعية والاقتصادية لتهالك الحكام على أموال شعوبهم فعبر شهاب الدين الأعرج عن ذلك قائلا:                                            وكيف يروم الرز ق قوم             ومن دونه الأتراك بالسيف والترس
فللترك والسلطان ثلث خراجها   وللقبط نصف والخلائق في السدس
في العصر الحديث: في العصر الحديث شاع الشعر الاجتماعي وانتشر في المغرب والمشرق وفي المهجر ،واشتهر من الشعراء:الرصافي والزهاوي وحافظ وشوقي ومطران ومحمد العيد وإليا أبو ماضي،وتناولوا قضايا اجتماعية بدافع الإصلاح التربوي ،واعتمدوا الأساليب المباشرة يقول محمدالعيد:                         
الخمر فاس خراب هدمت أسرا  مصونة ،عاث فيها صاحب الفاس                                  يا شارب الخمر ما ترجوه من درن   للعرض ،غول عقول ،لص أكياس
فحطم الكأس واهجر كل رفقتها     تعش سعيدا وـأمن السن الناس
*ومن الشعراء من اعتمد الأسلوب غير المباشر(أبو  ماضي في قصيدة(الطين)
*ومن أهم موضوعات الشعر الاجتاعي في العصر الحديث(الفقر واليتم ) يقول محمد العيد:

فشا الجوع واشتد عسر المعاش    وعادت سنو يوسف الغابرة
تفاقم كرب الفقير الكسير       أما عندكم من يد جابرة؟
*أما الانحراف الخلقي فقد تناوله خليل مطران بقوله:                                                بني الشرق فلنفقه حقيقة حالنا      لننجو أو يقضى القضاء المحتم
يصول علينا الجهل غير مدافع     بجيش،له في كـل ربع مخيـــم
*وقد تناول الشعر العربي الحديث مواضيع اجتماعية أخرى كثيرة أسهم بها في نشر الوعي الاجتماعي،وترقية الانسان العربي،وقد كان له الدور الفعال في صرف الناس عن التقاط نفايات الحضارة الغربية وتقليدها بأسلوب عشوائي،كما كان له الأثر الكبير في تشجيع المحسنين على الاحسان

Post a Comment

أحدث أقدم