قطاع الكهرباء بالمملكة العربية السعودية
أن
التنمية والتطوير لمختلف قطاعات الدولة إنما هي عملية تتأثر بعدة عوامل مثل النمو
السكاني والاقتصادي، وقد ظهرت الرغبة في أن تتضمن الاستراتيجية العامة للدولة
إتاحة فرص الاستثمار والمنافسة أمام القطاع الخاص، على أن يتم تطبيق التخصيص
تدريجياً، ومن المهم وضع آلية لتنمية الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص بحيث
تتضمن توزيعاً جيداً للأدوار بينهما في صياغة السياسات والخطط الاقتصادية وتقويمها
ومتابعة تنفيذها وتوفير الشفافية التامة في الإجراءات.
تنظيم المنافسة وبحث الجوانب المرتبطة بإتاحة الفرصة أمام
القطاع الخاص للمنافسة والاستثمار في قطاع الكهرباء بالمملكة. فقد تولت حكومة
المملكة العربية السعودية خلال العقود الثلاثة الماضية تمويل إنشاء مشاريع البنية
الأساسية، وقد جاء ذلك لأسباب جوهرية برزت وتنامت بشكل كبير مع الارتفاع المطرد في
دخل الدولة المعتمد بصورة أساسية على البترول الذي تنامت أسعاره خاصة في أواسط
السبعينات الميلادية، فكان من الحكمة توجيه ذلك الدخل لبناء التجهيزات الأساسية
وفعاليات اقتصادية لم يكن القطاع الخاص قادراً على بناءها بحكم محدودية إمكانياته
المالية في تلك الفترة. وخلال العقد الأخير من القرن الماضي طرأ عدد من المتغيرات
الهامة التي من أبرزها انخفاض دخل الدولة نتيجة لانخفاض أسعار البترول والتوجه
لتنويع مصادر الدخل،
إضافة إلى بلوغ قدرات وإمكانات القطاع الخاص مرحلة من النضج،
إلى جانب نجاح تبني سياسة تخصيص قطاعات الخدمات في كثير من الدول المتقدمة، هذه
المستجدات الاقتصادية المحلية والدولية استدعت التركيز على إسناد دور أكبر للقطاع
الخاص وإتاحة الفرصة له في بناء مشاريع استثمارية جديدة أو عن طريق تخصيص بعض
قطاعات الخدمات العامة ليصبح أحد الركائز الأساسية في تنفيذ استراتيجيات تنويع
مصادر الدخل للدولة.
والتخصيص
، عملية تتغير تشريعاتها وإجراءاتها حسب البيئة الاقتصادية لكل دولة، وهناك أسباب
تشجع القطاع الخاص للاستثمار في القطاعات التنموية في الدولة والتي منها تخفيف
العبء الملقى على عاتق ميزانية الدولة، ونقل التقنية واستيعابها وتوطينها في السوق
المحلي، وإيجاد فرص جديدة للعمل والمنافسة في السوق العالمي.
ونظراً
لأهمية تشجيع القطاع الخاص للاستثمار والمنافسة في قطاعات التنمية في المملكة،
فإنه من الضروري اتخاذ عدد من الإجراءات من بينها تقويم وتطوير الأنظمة والقوانين
السائدة وتطوير البنية الأساسية والمرافق الخدمية، وتهيئة بيئة استثمارية ملائمة
لاستقطاب القطاع الخاص وتوفير مناخ اقتصادي واستثماري آمن ومناسب ومنح القطاع
الخاص الامتيازات التي تعمل على تشجيعه للدخول في تنفيذ المشاريع الاستثمارية،
والتي من أهمها تأمين الخدمات الأساسية للقطاع الخاص ومنح الامتياز في الأراضي
وتخصيصها للمشاريع الاستثمارية.
ومن
العناصر المهمة في التخصيص إنشاء هيئات تنظيم مستقلة للقطاعات التي يتم تخصيصها،
وتحديد مسئولياتها والتي من أهمها المراجعة الدورية لضبط الأسعار، ومراقبة جودة
الخدمات وذلك للحفاظ على مصالح المستهلكين من ناحية ومصالح المستثمرين من ناحية
أخرى.
ونظراً
لأن القطاعات التي يتم تخصيصها سوف تدار على أسس تجارية فمن المتوقع بعد إجراء
عمليات التخصيص أن يتم تحقيق العديد من الفوائد الاقتصادية ومن بينها تحسين كفاءة
وتطوير أداء العمل، وتحسين الخدمة، وإيجاد فرص العمل، ونقل التقنية المتقدمة
والحديثة وتقليل تكاليف الإنتاج والمحافظة على البيئة.
ومن
أجل ذلك ترى الورقة أن من الضروري أن تقوم الدولة بتبني استراتيجية بعيدة الأمد
لتنمية الاقتصاد السعودي واقتراح السياسات والبرامج وتبادل المعلومات المتعلقة
بالتنمية، على أن تضع الحدود المناسبة للمواصفات والمتطلبات الواجب توفرها في كل
مجال من مجالات الخدمات التي سيشملها التخصيص، ففي قطاع الكهرباء صدر قرار مجلس
الوزراء رقم (169) وتاريخ 11/8/1419هـ، بشأن تنظيم وهيكلة قطاع الكهرباء، وتم
تأسيس الشركة السعودية للكهرباء لتقوم بتقديم الخدمة حسب المعايير الفنية المعتمدة
بحيث تدار الشركة على أسس تجارية، وقد تضمن القرار تمكين القطاع الخاص من التنافس
في إنشاء وإدارة مشاريع الطاقة الكهربائية في المملكة خاصة في قطاعات التوليد
والنقل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الدكتور
صالح بن حسين العواجي، دكتوراة هندسة كهربائية (قوى) من جامعة سترانكلايد في
بريطانيا، وكيل وزارة الصناعة والكهرباء المساعد لشئون الكهرباء - أستاذ بحث ومشرف
على معهد بحوث الطاقة وعضو في المجلس العلمي بمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم
والتقنية. رئيس مختبر المنتجات الكهربائية، الإدارة العامة للمختبرات بالهيئة
العربية السعودية للمواصفات والمقاييس. ومهندس ضبط جودة أيضاً. عضو في عدد من
مجالس الإدارة واللجان المحلية والخارجية. أشرف على العديد من مشاريع البحوث على
المستوى المحلي والدولي وأسهم بنشر (39) بحثاً في دوريات علمية ومؤتمرات متخصصة،
كما شارك في العديد من الدراسات ونشر مجموعة من التقارير المتخصصة والعلمية، وألقى
عدداً من المحاضرات المتخصصة. شارك في العديد من اللجان المتخصصة والعامة والكثير
من المؤتمرات والندوات وورش العمل.
إرسال تعليق