اشهر علماء العرب في الرياضيات أبو الوفاء البوزجاني
عالم الرياضيات والفلكي الموسوعي
وقد برع في هذا العلم (أبو الوفاء البوزجاني)، خاصة
بعمله في (حساب المثلثات الكروية) فهو أول من استخدم المماسات والقواطع ونظائرها،
في قياس المثلثات والزوايا. ولقد صرح (غوستاف لوبون) (أن آلات الرصد التي استعملها
أبو الوفاء كانت على جانب عظيم من الدقة والإتقان
البوزجاني حياته ومؤلفاته: فإذا توقفنا عند عالم جليل
وفذ اشتغل بالرياضيات وخاصة حساب المثلثات إضافة إلى براعته في الأرصاد وعلم الفلك
ـ فإننا نجد هذا مُجَسّدًا في أبي الوفاء محمد بن يحيى بن إسماعيل بن العباس
البوزجاني الحاسب والذي عاش بين 328/388هـ (940 ـ 988م) وقد ولد في بوزجان بين
هراة ونسيابور من أرض خراسان، وتوفي في بغداد حيث عمل في الرصد والتأليف.
ويعتبر أبو الوفاء البوزجاني من أبرز علماء الرياضيات
والفلك، وقد نال شهرة عظيمة لإقامته مرصدًا في بغداد، ولشروحه وتعليقه على مؤلفات
إقليدس وديوفانتوس وبطليموس. ومن الجدير بالذكر مزاوجة العلماء الرياضيين العرب
بين النظريات الأكاديمية الخالصة، وتطبيقاتها العملية المستخدمة في علوم الفلك
والحياة اليومية، وقد كان أبو الوفاء أبرز هؤلاء العلماء الذين حققوا هذا، خاصة
وأنه أحد أعضاء المرصد لذي أنشأه (شرف الدولة) في سرابة عام 377هـ/987م. ولذلك
يقول (قدري طوقان) في كتابه (تراث العرب العلمي في الرياضيات والفلك): (إن
البوزجاني من ألمع علماء العرب، الذين كان لبحوثهم ومؤلفاتهم الأثر الكبير في تقدم
العلوم، ولا سيما الفلك والمثلثات وأصول الرسم. وفوق ذلك كله كان أبو الوفاء من
الذين مهدوا السبيل لإيجاد الهندسة التحليلية). وليس غريبًا أن يبدع أبو الوفاء في
جميع فروع الرياضيات، حيث أدخل علم الهندسة على علم الجبر، وابتكر حلولاً جديدة
للقطاع المكافئ، مما أدى إلى اكتشاف الهندسة التحليلية وعلم التفاضل والتكامل.
وقد عكف أبو الوفاء على التأليف في العلوم الرياضية
والفلكية. ومن أشهر كتبه ورسائله أهم مصنفاته الأخرى:
* كتاب في عمل المسطرة والبركار
والكونيا. وقد ترجم الأوروبيون هذا الكتاب وسمَّوه
Geometrical Construction، وبفضل هذا
الكتاب تقدم علم أصول الرسم تقدمًا واسعًا
.
* كتاب ما يحتاج إليه الكتّاب والعمّال
من علم الحساب، ويقع في سبعة فصول؛ الثلاثة الأولى منها في الرياضيات البحتة،
والأربعة الباقية في المعاملات اليومية بين الناس في المكاييل والمقاييس.
* كتاب فاخر بالحساب استعمل فيه الحروف
الأبجدية بدلاً من الأرقام العربية.
* كتاب حساب اليد.
* كتاب تطرّق فيه إلى علم حساب المثلثات
الكروية.
* رسائل في الرسم الهندسي واستعمال آلات
الرسم.
* كتاب في الأشكال الهندسية عمومًا.
* كتاب فسَّر فيه نظريات ديوفانتوس في
علم الأعداد.
* كتاب فسَّر فيه كتاب أبرخس المعروف
باسم كتاب التعريفات.
* كتاب فسَّر فيه كتاب الجبر والمقابلة
للخوارزمي.
* كتاب المدخل إلى الأرثماطيقي.
* ورسائل أخرى كثيرة مثل: (رسالة العمل
بالجدول الستيني، استخراج الأوتار، الزيج الشامل، رسالة عن المجسطي، استخراج ضلع
المربع، رسائل صغيرة في الهندسة).
إنجازات أبي الوفاء الرياضية والفلكية: يقول (كاجوري) في
كتابه (تاريخ الرياضيات): (إن أبا الوفاء أضاف إلى بحوث الخوارزمي إضافة هامة
جدًّا، ولا سيما فيما يخص علاقة الهندسة بالجبر، وذلك بحل بعض المعادلات الجبرية
المهمة هندسيًّا مثل س4=ج، س2+ج س3=ب. كما استطاع أن يجد حلولاً جديدة للقطع
المكافئ، فمهّد بذلك لظهور الهندسة وحساب التفاضل والتكامل). وحساب التفاضل
والتكامل هو أرقى وأروع الاكتشافات التي وصل إليها العقل البشري، حيث إنه المصدر
الأول للمخترعات والمكتشفات الحديثة.
وقد قضى أبو الوفاء جُلَّ وقته في
دراسة مؤلفات الرياضي الكبير البتاني في علم حساب المثلثات، فعلَّق عليها وفسر
الغامض منها. ولذلك يقول المستشرق (سيديو) في كتابه (تاريخ العرب العام): (إن أبا
الوفاء البوزجاني ذلك العالم الذي يتردد اسمه كثيرًا خلال المناقشات الأكاديمية في
أوروبا ـ قد صحح أخطاء الفلكيين الذين سبقوه).
وقد اهتم أبو الوفاء بالكسور الاعتيادية، وكان الناس قد
ألفوا الكسور الأساسية (التي بسطها الوحدة) أي على شكل1/ن، حيث (ن) عدد صحيح موجب.
ولكن أبا الوفاء عالج الكسور بجميع أشكالها البسيطة، وابتكر أبو الوفاء طريقة
جديدة في حساب جداول الجيب، وفي تلك الجداول حساب زاوية 30 درجة، وكذلك جيب زاوية
15 درجة بطريقة فائقة الدقة صحيحة إلى ثمانية منازل عشرية. كما عرف لأول مرة
الصلات في علم حساب المثلثات، وهو ما يعرف اليوم بالعلاقة جا(أ+ب) وغيرها من
الصلات بين الجيب والظل والقاطع. وقد انتبه (جورج سارتون) في كتابه (المدخل إلى
تاريخ العلم) إلى هذه حين قال: (إن أبا الوفاء أول من وضع النسبة المثلثية (ظا)،
وأول من استعملها في حلول المسائل المثلثية. كما أوجد طريقة لحساب الجيب، وكانت
جداوله رائعة بدقتها، فحسب زاوية 30 درجة، وكذلك زاوية 15 درجة، وكانت مقاديره
صحيحة إلى ثمانية أرقام عشرية).
كذلك يرى (موريس كلاين) أنه مبتكر القاطع (معكوس جيب
التمام) قا، وقاطع التمام (معكوس جيب الزاوية= قتا)، كما أوجد جداول لجيب الزاوية
(حا) وظل الزاوية (ظا) لكل عشر دقائق. وقد أولى أبو الوفاء المتطابقات المثلثية
عناية كبيرة، وهي التي ما انفكت تلعب دورًا هامًّا في علم حساب المثلثات، وقد
ابتكر عددًا كبيرًا منها، إن مكانة أبي الوفاء في علم حساب المثلثات واضحة جلية
لمعظم المتخصصين، فقد وضع طريقة عصرية سهلة لحساب جداول الظل وجيب الزاوية، وابتكر
متطابقات مثلثية لا تزال تدرس في المدارس والجامعات في جميع أنحاء العالم. أما
فيما يتعلق بعلم الجبر فإن العالم المسلم المشهور محمد بن موسى الخوارزمي واضع علم
الجبر بكتابه (حساب الجبر والمقابلة)، قد كرّس جهوده في وضع المعادلة ذات الدرجة
الثانية، وتبعه علماء مسلمون آخرون طوّروا علم الجبر حتى ظفروا بنتائج مرضية
للغاية للمعادلة ذات الدرجة الثالثة، أما أبو الوفاء البوزجاني فكان طموحًا ولم
يقف عند هذا الحد، بل واصل العمل الجاد وابتكر حلاًّ للمعادلة ذات الدرجة الرابعة.
وقد انتحل كثير من علماء الغرب بعض
اكتشافاته ونسبوها لأنفسهم مثل: (ريجيو مونتانوس) الذي نسب لنفسه معظم نظريات أبي
الوفاء في علم حساب المثلثات، وكتبها في كتابه المشهور عند الغرب بعنوان (De Trianglis).
Post a Comment