مفهوم التسويق الداخلي (Internal Marketing)
ظهر مصطلح التسويق الداخلي
مفهوماً من المفاهيم المعاصرة منذ الثمانينات من القرن الماضي ليدلل على إمكانية
محاكاة التسويق بمعناه التقليدي داخل المنظمة، وسحب العلاقة بين الموظف والموظف
على العلاقة بين الموظف والزبون. فكما تحاول المنظمات تقديم أفضل ما يمكن لزبائنها
الخارجيين تحاول أيضا تسهيل عمل زبائنها الداخليين[1]
(الموظفين) (رفيق وأحمد، 2000). ويعرّف التسويق الداخلي أنه النظر إلى الموظفين
على أنهم زبائن فيما بينهم أي أنهم زبائن داخل المنظمة والنظر إلى الوظائف التي
يقومون بها على أنها منتجات داخلية، والعمل على تقديم هذه المنتجات بشكل يرضي
الزبائن الداخليين من أجل تحقيق أهداف المنظمة (Berry, 1994) فمثلا في المطعم يعدّ الموظف
(السفرجي) الذي يقدم الوجبات للزبائن بمنزلة الزبون بالنسبة للطاهي الذي يطهو
الوجبات، والوجبة التي يوصلها هذا الموظف أو الموظفة للزبائن تعدّ بمنزلة المنتج.
فلكي يتمكن هذا الموظف (السفرجي) من تقديم الوجبات بسرعة لزبائنه فلا بد من أن
يحصل عليها بنفس السرعة من الطاهي أيضا. وغالبا ما يعتمد كل موظف في المنظمة في
إنجاز مهام عمله على موظف آخر يعدّ بالنسبة له مزوداً للخدمة وهو يعدّ بمنزلة زبون
أمام ذلك المزود، وهكذا. ففيما تحاول المنظمات إرضاء زبائنها العاديين، فينبغي
مقدما أن ترضي زبائنها داخل المنظمة على اعتبار أن رضا الزبائن الداخليين
(الموظفين) يؤدي حتما إلى رضا الزبائن الخارجيين. وهذا يعد من المقومات الإضافية
التي تساهم في تحسين المناخ التنظيمي وتعزيز المشاركة والتعاون وروح الفريق
والتمكين[2].
ولقد حاول كل من رفيق وأحمد
(2000) مراجعة أدبيات التسويق الداخلي بما يقرب من عشرين عاما من أجل تقديم تعريف
دقيق للمفهوم. كما حاول كل من[3] Varey and Lewis (1999) وضع تعريف محدد للتسويق الداخلي
ومن أشمل التعريفات تعريف رفيق وأحمد:
"التسويق
الداخلي جهد معد مسبقا ومخطط بأسلوب مشابه لمفهوم التسويق التقليدي، من أجل مواجهة مقاومة التغيير ومن أجل تحفيز
وتوجيه العاملين وتنسيق جهودهم نحو التنفيذ الفعال لاستراتيجيات المنظمة على
المستويين العام والوظيفي؛ بهدف تحقيق رضا المستهلك من خلال عملية خلق موظفين
متحمسين ومهتمين بالزبائن (2000و ص 452)".
في المراجعة لأدبيات التسويق
الداخلي يرى المرء أن المؤسسات مدعوة لتغيير نظرتها تجاه موظفيها. أي إنه يجب على
المنظمات التحول من النظرة التقليدية السلبية في كثير من الأحيان إلى اعتبار
العاملين ذوي أهمية وقيمة واعتبار. وقد أكد Pfeffer (1994)
في كثير من كتاباته أن سر الميزة التنافسية أصبح يكمن في العنصر البشري أكثر من أي
عنصر آخر من عناصر الإنتاج. وهذا يتطلب من الإدارة أن تعمل مع وليس ضد موظفيها.
وهذا ما يقوم عليه مفهوم التسويق الداخلي وحسب وجهة نظر Varey and Lewis (1999)فإن مفهوم التسويق الداخلي لا ينظر للموظفين فقط على
أنهم زبائن بل يعدّهم شركاء يمتلكون حق المشاركة وتحمل المسؤولية والمساهمة في
عملية صنع القرار.
التسويق الداخلي والتمكين
هنالك علاقة ضمنية بين
التسويق الداخلي والتمكين بصفتها مفاهيم معاصرة متناغمة بعضها مع بعض،
فمفهوم التسويق الداخلي يشجع الموظفين على فعل كل ما يمكنهم فعله؛ لمساعدة زملائهم
في العمل على تحقيق رغبات الزبائن حتى لو أدى ذلك إلى تجاوز التعليمات أو السياسات
التي تضعها المنظمة. من هنا نرى أن التسويق الداخلي لا يتناقض مع مفهوم التمكين بل
ينسجم تماما معه ويعدّ مكملاً له. فإن تم التعامل مع العاملين على أنهم زبائن أو
شركاء فسوف يتم انخراطهم برسالة المنظمة وأهدافها الإستراتيجية وحاجات الزبائن،
وعندها سيتبلور اهتمامهم في محاولة إرضاء الزبائن والمساهمة في تحقيق الفاعلية
للمنظمة[4] (Sargeant and Asif,
1998; and Frost and Kumar, 2000)
من هنا نلاحظ بأن مناخ
التسويق الداخلي سيؤدي إلى منح العاملين مزيدا من حرية التصرف والتمكن والرضا،
مما يؤدي في النهاية إلى أن تفضي هذه المقدمات إلى تطور أفضل في نتائج الأداء،
وإلى تطور في العلاقات الداخلية والخارجية، وإلى نتائج مادية ومعنوية
ملموسة بالنسبة للمنظمة من حيث تحقيق الأهداف الإستراتيجية والأهداف القصيرة المدى
وزيادة قدرات المنظمة التنافسية وقدراتها على التكيف مع التغيرات البيئية
المختلفة؛ لأن سر نجاح المنظمة في التكيف والاستجابة مع التغيرات التي تواجهها
منظمات القرن الواحد والعشرين يكمن في قدرة العاملين أنفسهم على التكيف والاستجابة
لتلك المتغيرات، بأسلوب معاصر من حيث المرونة والعلاقات الداخلية والخارجية
المناسبة.
التسويق الداخلي والموظف المباشر Internal Marketing and Frontline Staff
يبين Czaplewski
et al. (2001)[5] أن
استراتيجية التسويق الداخلي تبدو متطلباً أساساً لبناء قدرات الموظف ودافعيته،
الأمر الذي يؤدي إلى مستويات عالية من جودة الخدمات التي يقدمها الموظفون،
وبالمقابل فإن جودة الخدمات تساهم في رضا الزبائن أو العملاء وضمان ولائهم، ومن ثم
تحقيق إيرادات عالية للمنظمة وتحقيق ربحية عالية في النهاية.
التسويق الداخلي والبيئة العربية
ما يزال نموذج التسويق
الداخلي يتطور من ناحية أكاديمية وتطبيقية نحو منهج نظري متقدم في البيئة الغربية
بشكل خاص، علما بأن تناول هذا الموضوع في البيئة العربية ما زال محدوداً جدا، حيث
إن الدراسات التي تكتب في هذا المجال تكاد تكون محدودة للغاية. والسبب يكمن في
الفجوة الحقيقية بين مفهوم التسويق الداخلي والممارسة الواقعية لمنظماتنا في الوطن
العربي، حيث إن العلاقة بين الموظفين ما زال يسيطر عليها: الفكر التقليدي،
والممارسة الإدارية التقليدية، من خلال: السلطة الهرمية، والتفكير البيروقراطي،
وغياب دور التنظيم غير الرسمي، وغياب عمل الفريق. وحصر العلاقة بين الموظف والموظف
الآخر على العلاقة الرسمية وما تنص عليه القوانين والتعليمات التي لا تسمح بمجال
كافٍ من العلاقة على أساس التسويق الداخلي.
أما النقاط الآتية فهي تلخص
وجهات النظر والمبادئ المختلفة في أدبيات التسويق الداخلي حسب ما توصل له أمثال (Berry, 1982,
Gronroos , 2000, Rafiq and Ahmed, 1998; 2000):
·
التعامل مع
الموظفين على أنهم زبائن- زبائن داخليون.
·
تحفيز وإرضاء
الزبائن الداخليين.
·
زرع الفكر
المتمركز حول المستهلك (Customer Orientation) بين الزبائن الداخليين.
·
تكريس مبدأ
التعاون والتنسيق وروح الفريق.
·
التأكيد على الإستراتيجيات الوظيفية والعامة لدى الموظفين الداخليين.
·
التأكيد على تفعيل المحاور السابقة.
·
النظر إلى المديرين والمرؤوسين على أنهم شركاء
وعلى الرغم من هذه النظرة الواسعة والشمولية لمنهج التسويق الداخلي
إلا أن هنالك نقصاً في مجالين
مهمين للغاية:
1.
الأول في
انخراط الموظف ومشاركته وتمكينه.
2.
حصول الموظفين على المكتسبات المناسبة من حيث المعرفة
والمهارة ولإمكانات. ولسد هذه
الفجوة لا بد من الاستثمار في تدريب العاملين لتحسين قدراتهم إذا أرادت المنظمات
فعلا أن تطبق وتواكب المفاهيم الشاملة للتسويق الداخلي. وخاصة في البيئة العربية
التي تحتاج إلى فهم المصطلح وتوظيفه
بشكل مناسب في أدبيات التسويق المستخدمة في اللغة العربية،
حيث إن استخدام هذه المصطلحات قد يبدو
غير ملائم بسبب عدم التعود عليها من ناحية،
وبسبب عدم وجود المناخ والبنية الفكرية المناسبة لاستيعابها من ناحية أخرى، فقد تبدو
نشازا وغير مستساغة للقارئ العربي. وهذا لا يعني تجاهلها،
فمن غير المفيد تجاهل الأفكار المعاصرة والحديثة ولكن من الأفضل التعرف إليها ومحاولة تحليلها وتمحيصها من خلال الواقع والبيئة
بصرف النظر عن ملاءمة تطبيقها
في الوقت الحاضر، فإن لم تكن ملائمة حاليا فقد يأتي الوقت المناسب الذي
قد تكون فيه ملائمة ومناسبة للتطبيق وخاصة في زمن العولمة وتقاطع الثقافات
وتزاوجها.
خلاصة
ونخلص إلى أنّ الأفراد بحاجة إلى دعم على أسس من
التعاون وتشجيع روح المبادرة والمساءلة، من خلال المعلومات الصادقة والصراحة
والوضوح. فإذا توافرت هذه الدعائم الثلاث؛ فإن الناس سيمتلكون الثقة بالنفس. ولكن
عندما تفتقد المنظمة للحقائق الواضحة، وعند غياب المساءلة، وعند غياب الدعم، من
قبل الآخرين، وعندما تفتقد لقوة التأثير (أي أن أفعالك لها تأثير) ، فعندها تفتقد
إلى الثقة بالنفس. وعندها لا يرى العاملون جدوى من بذل جهود إضافية، ووقت إضافي.
وعندها يتردد المستثمرون في الاستثمار، ويتوقف المتبرعون عن التبرع، ويختفي المعجبون،
وتتدهور الثقة أكثر فأكثر.
ومن أهم دلالات الثقة أنها تنمو بتكرار التجارب
الناجحة وتجعل من السهولة أن تستخدم مهاراتك في المرات القادمة (كالباحث الجديد في
مجال البحث يشعر بالنشوة نتيجة لقبول نشر أبحاثه من قبل المجلات العلمية فإن هذا
الشعور يكسبه قدرة على ممارسة مهاراته البحثية بيسر وسهولة في المرات القادمة).
وتزداد الثقة في كل مرة أكثر من المرة السابقة. وعندما تتناقص الثقة بالنفس نتيجة
للفشل والتراجع وعدم تحقيق أي تقدم فهذا يجعل تحقيق التقدم والخروج من بوتقة الفشل
أمرا في غاية الصعوبة. وهكذا عندما تتدهور
الثقة في النفس تصبح الأمور أصعب وكل مرة تزداد صعوبة. وهنا تحتاج المنظمة مثلا
إلى قيادة جديدة وبداية جديدة (أي أن تبدأ من جديد متجاهلا آثار الهزيمة أو
الفشل). وهنا يأتي دور القيادة أو دور الإنسان الذي يبدأ من جديد دون استسلام
للفشل، فأخطر ما يدمر الأفراد والمجتمعات والمنظمات وحتى الأمم هو خطورة الاستسلام
للفشل الذي يؤدي للهزيمة، وما هو أخطر من الهزيمة في المعركة هو الشعور بالهزيمة
في وقت السلم لأنها الحالة التي تؤدي إلى موت الثقة التي تصنع الكر بعد الفر.
أما بريق الفوز فيصنع دائرة للنجاح وسلسلة من التقدم
للأمام لا يهم معها كثيرا من هو القائد، لأن النجاح يصنع قوة دافعة ايجابية يتحمل
الكل خلالها المسؤولية وليس القائد فحسب. المشكلة الخطيرة في حالات فقدان الثقة
التي تنتج عن سلسلة من الخسائر المتلاحقة. فالمنظمة تشعر بهذه الحالة عندما تفقد
الدعم وفي تدني مستوى الإقبال من قبل الزبائن، وتدنٍ واضح في الحصة السوقية،
وعندما لا يتوافر الأعمال الكافية للعاملين، وتبدأ الإدارة في إعادة النظر في
وجودهم ودورهم، وهكذا تجد هذه الأمور كلها أعراضاً لسلسلة الفشل والتدهور. وإن لم
توقف هذه الحالة فإنها ستتفاقم وتسوء أكثر وأكثر، والفشل لا يولد إلا الفشل(Kanter, 2004)
وأخيرا فإن الثقة والحوافز والمعرفة والمهارة
والمعلومات، وتدفقها بشكل حر وواضح، لهي جميعها من أهم مقومات التمكين بصفته
مفهوماً من مفاهيم الإدارة الجديدة. وهذه المقومات يتبعها ويعززها مقومات أخرى مثل
التسويق الداخلي والمناخ التنظيمي الملائم والمشجع لتعاون العاملين وروح الفريق.
أﺜر إﺠراءات اﻟﺘﺴوﻴق اﻟداﺨﻟﻲ ﻓﻲ اداء اﻟﻌﺎﻤﻟﻴن
ﻤﻤﺎﺭﺴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺴﻭﻴﻕ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻰ ﻋﻠﻰ ﺭﻀﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﻤﻠﻴﻥ ﺃﺜﺭ
مراحل تطور مفهوم التسويق الداخلى
مفهوم التسويق الداخلي
التسويق الداخلي pdf
ابعاد التسويق الداخلي
التسويق الداخلي في المؤسسات الخدمية
بحث حول التسويق الداخلي
عناصر التسويق الداخلي
التسويق الداخلي doc
التسويق الداخلي للموارد البشرية
التسويق الداخلي
[1] Rafiq, M. and Ahmed, P.K. (2000), Advances in the
Internal Marketing Concept: Definition, Synthesis and Extension, 14(6), 449-462
[2] Berry,
L.L. (1984), The Employee as Customer,
in Lovelock, C.H. Services Marketing: Text, Cases, and Readings, Printice-Hall,
Englewood Cliffs, NJ, 271-279.
[3] Vary, R.J and Lweis, B.R(1999), A Broadened
Conception of Internal Marketing, European
Journal of Marketing, 33 (9/10) 926-944
[4] Sargeant, A and Asif, S (1998), The Strategic
Application of Internal Marketing-An Investigation of UK Banking, International Journal of Bank Marketing,
16 (2), 66-79., Frost, A. F and Kumar, M (2000) Intservqual- an internal
adaptation of the gap model in large service organization, Journal of services marketing, 14 (5) 358-377.
[5] Czaplewski, A.
Ferguson, J. M. and Milliman, J. F (2001) Southwest Airlines: How Internal
Marketing Pilots Success, Marketing
Management, 10 (3), 14-17.
إرسال تعليق