نتائج التمكين

نتائج التمكين على العاملين الموظفين

يحقق التمكين نتائج في غالبها إيجابية للموظف المناسب لمفهوم التمكين، وهنالك عدد من المزايا والتبعات التي تنجم عن تمكين الموظفين نذكر منها:
¥     تحقيق الانتماء: يساهم التمكين في زيادة الانتماء الداخلي بالنسبة للموظف (Argyris, 1998)[i] كما يساهم في زيادة انتمائه للمهام التي يقوم بها وزيادة انتمائه للمؤسسة ولفريق العمل الذي ينتمي له. وتبين الكثير من أدبيات التمكين أن من أهم فوائد التمكين بالنسبة للموظف شعوره بالانتماء للعمل وزيادة الإنتماء هي محصلة لرغبته بالعمل ومناخ العمل. وينتج عن الانتماء تحسن في مستوى الإنتاجية وتدني في التغيب عن العمل وتناقص في معدل دوران العمل.
¥     المشاركة الفاعلة: تمكين العاملين يساهم في رفع مستوى مشاركتهم. والمشاركة الناجمة عن التمكين تتميز بمستوى عالي من الفاعلية والمشاركة الإيجابية التي تنبع من واقع انتماء الفرد وشعوره بالمسؤولية تجاه أهداف المنظمة وغاياتها. إذن المشاركة الناجمة عن التمكين هي المشاركة الفاعلة والهادفه وليست أي نوع آخر من أنواع المشاركة مثل المشاركة السلبية أو المشاركة دون هدف.
¥     تطوير مستوى أداء العاملين: (Bowen and Lawler, 1995b) فتحسين مستوى أداء الموظف ورفع مستوى الرضا لدى الموظف من الأمور الأساسية التي تتمخض عن تطبيق مفهوم التمكين في الإدارة (Neilson and Pederson, 2003) ففكرة تحسين أداء الموظفين هي فكرة ذات أهمية كقوة دافعة ومحصلة هامة تقف خلف برامج التمكين. فتحسين نوعية الأداء وخاصة في مؤسسات الخدمات بواسطة برامج التمكين تعدّ عاملاً من عوامل النجاح. فالموظف هو المستفيد الأول من برامج التمكين لأن المؤسسة التي تحاول تمكين موظفيها تحاول أيضا أن تمنحهم ثقتها وسلطتها وصلاحياتها ومكافآتها وتحاول أن تمنحهم استقلالية وحرية في التصرف.
¥     اكتساب المعرفة والمهارة: إن نجاح برامج التمكين تتوقف على توأفر المعرفة والمهارة والقدرة لدى العامل أو الموظف. والمعرفة والمهارة لا يمكن أن تتحقق دون تنمية وتدريب. وهذا يتطلب في الكثير من الحالات انخراط الموظف بدورات تدريبية وندوات وورش عمل ومؤتمرات يكتسب من خلالها معرفة ثمينة تصبح ثروة يمتلكها أينما حل وأينما ارتحل وحتى بعد مغادرته للمنظمة التي كان يعمل بها سابقاً.
¥     المحافظة على الموظف من قبل المنظمة: بناء على ما ذكر في النقطة السابقة فإن المنظمات الناجحة هي تلك التي لا تفرّط بموظفيها الممكنين بسهولة فزيادة معرفة ومهارة الموظف وتطوير كفاءته وقدراته يحتم عليها زيادة التمسك به والمحافظة علية لأطول فترة ممكنة؛ لأنها قدمت كل ما تم ذكره من مقدمات تدلل على حرص المنظمة على هذا الموظف وخطورة التخلص منه أو فقدانه لصالح منظمات منافسه سيكون حتما من أكبر الأخطاء.
¥     شعور الموظف "بمعنى الوظيفة": الموظف الممكّن يدرك قيمة العمل بشكل أكبر من غيره، وخاصة عندما يستشعر سيطرته على مهام العمل ويدرك قيمة نفسه ودوره في التأثير على النتائج ويشعر بأنه عنصر هام له دوره وله مساهمته التي تصب في مصلحة المنظمة، ويرى الأمور بنظرة شاملة وليس فقط من زاوية ما يقوم به من عمل منفصل، وإنما يرى ما يقوم به حلقةً ضمن حلقات أخرى تصب جميعها في تحقيق أهداف مشتركة. فيتغير بالنسبة له معنى العمل من معنى محدود في إطار ضيق إلى معنى أوسع وأشمل مما يساهم في تحقيق الذات وتحقيق التميز في العمل وإشباع الحاجات العليا[ii] المعنوية بدلا من العمل فقط لإشباع الحاجات المادية البحتة.
¥     تحقيق الرضا الوظيفي: هو أحد أهم المزايا المحققة من نتائج التمكين. فالشعور بحرية التصرف والمشاركة والاستقلالية في العمل من العوامل التي تؤدي إلى زيادة رضا العاملين وشعورهم بالسعادة.
وعلى الرغم من ما ذكر من نتائج تبدو مرغوبة ومقبولة لأي إنسان إلا أن هنالك أعباء تترتب على تمكين العاملين لا بد من الإشارة إليها.

أعباء التمكين

مثلما يحقق التمكين منافع ومكاسب ومزايا متعددة بالنسبة للموظف، فهو قد يتضمن أعباء ومسؤوليات ليست بذات السهولة واليسر فلا بد من أن يتحمل العامل مزيداً من الأعباء الناتجة عن تحمل مزيدٍ من المسؤولية والمساءلة معا. فتحمل المسؤولية يصاحبه مسؤولية عن النتائج ومحاسبة عليها، فلا يقتصر تمكين الموظف على حصوله على منافع ومكاسب فحسب بل هنالك جوانب تتمثل في المشاركة بالمخاطرة سواء أكانت نتائج تحمل المخاطرة إيجابياً أم سلبياً فلا بد من المشاركة في الجانبين. لأن التمكين يشبه إلى حد ما ملكية الموظف للوظيفة التي يقوم بها، والمالك عادة يتحمل المخاطرة ونتائج تلك المخاطرة. لذلك قد لا يكون مشروع التمكين مناسبا لكل الناس لأن بعض الناس لا يحبون تحمل المساءلة وعواقب الأمور ويقاومون المخاطرة وتحمل نتائج المخاطرة. أما الجانب المهم في الأمر هنا أن المشاركة في المخاطرة وتحمل تبعات المسؤولية بالنسبة للموظف تؤدي إلى زيادة حرص الموظف على: تجنب الأخطاء، وتجنب التكاليف، وتجنب النتائج التي قد يكون لها أثر سيء بالنسبة للمنظمة. فمثلما أنه سيكافأ على النتائج الجيدة فلا بد أن يساءل عن النتائج السلبية، مما يؤدي إلى أن يبذل كل جهد ممكن لتجنب تلك النتائج. من هنا نجد بأن بعض الموظفين يتهرب من التمكين خوفا من المساءلة في حالة النتائج غير المُرضية. فيرغب بأن تحدد له كل الأمور وكل المهام دون أن يكون له أي دور في تحديد النتائج أو سير العمل؛ خوفا من تحمل المسؤولية والمساءلة ورغبة في الأمان واستقرار النتائج.إلا أنه يبدو مما سبق أن مزايا التمكين أكبر من أعبائه عند البعض إذا توافرت المقدمات المناسبة للتمكين وخاصة وجود الموظف صاحب القدرة والاستعداد المسبق، ومن يتحلى بروح المبادرة والاستقلالية.

2-نتائج خاصة بالنسبة للمنظمة.

إذا كانت المنظمة قد قدمت للموظف كل ما يمكنها أن تقدم من معلومات ومعرفة ومهارة وتدريب وثقة وحوافز من أجل رفع سوية ذلك الموظف، فمن الطبيعي أن يكون لذلك كله مردود بالمقابل ينعكس على المنظمة بالخير والعمل الجاد، الذي يحقق للمنظمة نتائج إيجابية تساهم في تحقيق أهداف المنظمة الطويلة المدى والقصيرة المدى، وتحقيق نتائج مثل الربح والتوسع والسمعة الجيدة وغيرها من نتائج جيدة لمصلحة المنظمة.
فإذا تبين بأن برامج التمكين تساهم في تحسين أرباح المؤسسات،فإنه يكون أمرا حتميا على الإدارات أن تحاول تطبيق مثل هذه المبادرات لتحقيق تميز وتقدم في مستوى أرباحها. وهنالك أدلة ميدانية تدل على علاقة إيجابية بين التمكين وإثـراء العمل (Job enrichment) ( إثراء العمل مظهر من مظاهر التمكين) من ناحية، وجودة الخدمات (المصداقية والثبات في تقديم الخدمات والاستجابة والتعاطف) من ناحية أخرى. وقد أثبتت العديد من الأدبيات علاقة واضحة بين الفرد الممكّن من ناحية ونوعية الخدمات  (Service Quality) التي يقدمها الموظف للزبائن من ناحية أخرى (Kanter, 1989) [iii]
وهنالك تأثيرات هامة أخرى مثل تأثير التمكين الإيجابي على السلوك ذي العلاقة بالربحية. أي أن التمكين يساهم في خلق سلوكيات وممارسات لدى العاملين في المنظمة تؤيد وتتبنى تحقيق أهداف المنظمة وغاياتها وخاصة الربحية منه (Profit-oriented behavior) (Heskett, 1997) .
ومما سبق يتبن لنا أن التمكين له نتائج هامة تنعكس على المنظمات تتمثل فيما يأتي:
¥     زيادة ولاء العاملين للمنظمة: فالعامل الذي يشعر بالتمكين وحرية التصرف في العمل يعلم بأن هذه الحرية جزء من علاقة إيجابية وصحية بين الإدارة  والعاملين، وهذا بدوره يساهم في تحسين مستوى ولاء العاملين للعمل وانخراطهم فيه.
¥     تحسين في مستوى إنتاجية العامل كمّاً ونوعا.
¥     زيادة فرص الإبداع والابتكار نتيجة لحرية التصرف وتشجيع العاملين على روح المبادرة والتفكير الخلاق وتقديم أفكار خلاقة.
¥     مساعدة المنظمة في برامج التطوير والتجديد: الموظف الممكن أكثر رغبة في التغيير وتجده أقل مقاومة للتغيير. هذا ومن أصعب الأمور التي تؤدي إلى فشل مشاريع التغيير هي في مقاومة التغيير من قبل الموظفين خوفا من التغيير، ولأسباب كثيرة لا توجد لدى الأفراد الذين يتمتعون بالتمكين وحب التغيير والتجديد.
¥     تحقيق نتائج أداء جيدة من حيث جودة الأداء ومن حيث الربحية والحصة السوقية وسمعة المنظمة وتحقيق مؤشرات مالية أفضل بشكل عام.
¥     تحسين العلاقة بين العاملين من خلال مفهوم التسويق الداخلي(Internal Marketing)  الذي يعدّ من المفاهيم المنسجمة مع مفهوم التمكين من حيث جودة العلاقة بين أعضاء الفريق أو بين العاملين فيما بينهم بشكل يؤدي إلى تغيير جذري في نظرة العامل لزميله في العمل (انظر مفهوم التسويق الداخلي في الفصل السابق).

3- نتائج خاصة بالزبائن

هنالك دراسات لأمثال  (Bowen and Sccneider, 1993) تؤكد أن الزبائن الذين كانوا يتعاملون مع موظفين يتمتعون بمستويات عالية من التمكين كانوا يعبرون عن مستويات عالية من الرضا، فهذا يدل على علاقة طردية بين رضا الزبائن والتمكين لدى الموظفين. فتمكين الموظفين وخاصة في المؤسسات الخدمية كالمحال التجارية والبنوك والخدمات الصحية والفنادق والمطاعم وغيرها، يساهم في زيادة قدرة الموظف على التعامل بمستويات عالية من المرونة والفهم والتكيف والاستجابة، وهذا يؤدي إلى سرعة الأداء والإنجاز وجودة الخدمات بخلاف الموظف الذي ينتظر التعليمات من غيره مما قد يساهم في البطء في إنجاز الخدمة، وهذه الناحية (أي السرعة في إنجاز معاملات الزبائن) تعد من أهم بنود الجودة في قطاع الخدمات(Flohr, Nielson, 1995) وتجدر الإشارة هنا إلى موضوع هام ومعاصر في العلاقات التسويقية وهو ما يسمى التسويق بالعلاقات (Relationship Marketing) وينبثق عن هذا الموضوع بشكل خاص مفهوم معاصر أيضا وهو إدارة العلاقات مع الزبائن  (Customer Relationship Management) CRM.

التسويق بالعلاقات RELATIONHSIP MARKETING

يعد مفهوم التسويق بالعلاقات من المفاهيم المعاصرة في التسويق (Gronroos, 1994; 2000) وفي إدارة الأعمال بشكل عام وهو يقوم على مبدأ العلاقات بين البشر في داخل المؤسسة كإدارة وعاملين وخارج المؤسسة كزبائن وموردين[iv]. تنبثق هذه النظرة المعاصرة في التسويق من الحاجة الفطرية للبشر التي تسيطر على الغالبية العظمى من السلوك الإنساني وخاصة عندما تتعلق المسألة في ردود أفعال الناس على سلوكيات الآخرين. يقول عالم السلوك المشهور روبرت هوقان(من أطروحته للدكتوراه) أن الخاصية الأساسية التي تسيطر على شخصية الإنسان وسلوكه هي الطبيعة الاجتماعية أو العلاقاتية. وهذا الأمر ليس جديدا فمعروف منذ الأزل بأن الإنسان مدني بطبعه وبفطرته ولكن هوقان (1982) يضيف بأن البشر ليسوا بجزر منعزلة ومستقلة عن الآخرين فالناس لا تتحدد هويتهم إلا من خلال علاقاتهم مع الآخرين.
كما يؤكد Schneider and Bowen (1999)[v] بأنه إذا أرادت المنظمات فعلا التركيز على رغبات الزبائن ومحاولة تلبية تلك الرغبات، فلا بد من التركيز على بناء العلاقات التي تتطلب مراجعة للنظرة والرؤية التي ترى بها الزبائن فيجب أن ينظر لهم على أنهم بشر أولا ومن ثم مستهلكين ثانيا.
إن النظرة التقليدية للزبائن، لا تترك أمام الموظف أو المنظمة سوى التعامل مع الزبائن بطريقة تبادلية Transactional  ومادية مجردة، وبالتالي تصبح سلوكيات البائع أو المنظمة جامدة ومقيدة بقيود الأسلوب التبادلي المجرد (سلعة مقابل الثمن وثمن مقابل السلعة) المحكوم بالعلاقة المادية الاقتصادية الجامدة الخالية من الجانب العلاقاتي الذي هو في حقيقته من فطرة وكينونة الإنسان. وبناء على هذا الأسلوب في التعامل نجد أن البائع سيتعامل مع الزبائن أو العملاء أو المراجعين  (Nielson and Pederson, 2003)بصورة يحكمها فقط البيع والشراء بصورة جامدة، لا تمنح مجالا للموظف باستخدام أي خاصية من خصائص المرونة والتكيف والاستجابة والنظرة الإنسانية أو العاطفية. ولا يمكن للطبيب أو الممرض أن يجرد نفسه من الجوانب العاطفية الإنسانية أو ما يسمى حديثا بالذكاء العاطفي (Emotional Intelligence) في تعامله مع المرضى، وهنا يأتي الدور الهام لتسويق العلاقات الذي ينسجم انسجاما تاما مع مفهوم التمكين المعاصر. بمعنى آخر، قد يكون لدى البائع أو المنظمة أو الموظف المباشر*( الموظف المباشر هو الذي يحتك بشكل مباشر مع الزبائن) رغبة في المرونة وقدرة على الاستجابة، وما يمنعه هو ثقافة المنظمة التي لا تشجع إلا على التعامل التبادلي المصلحي أو الاقتصادي المجرد.
فالتمكين بمفهومه المعاصر يساهم في تحسين جودة العلاقات بين الموظفين والزبائن(Grönroos , 1994)  Gummesson, 1995, 1987; Czepiel, 1990))[vi] والعلاقة بين الموظف والزبائن يمكن استيعابها من خلال منهج تسويق العلاقات. وقد عّرف Berry (1983, p.25) تسويق العلاقات أنها العملية التي يتم بواسطتها تكوين وتعزيز علاقات المنظمة مع الزبائن، وصيانة تلك العلاقة والمحافظة عليها. وعلاقة الموظف مع الزبائن هي المفتاح الرئيس لعلاقة الزبائن مع المنظمة (Sheth and Parvatiyar, 1995)[vii].
يقودنا ما سبق إلى تأكيد ما توصل إليه [viii]Bateson (1985) أن الموظف المباشر هو أفضل من بمقدوره أن يلبي رغبات الزبائن عندما تتوافر له السيطرة والتحكم في زمام الأمور، وعندما تتوافر له الثقة بالنفس والقدرة على التصرف وحل مشاكل الزبائن بنوع من الحرية والاستقلالية. ونتيجة لذلك فإن رضا الزبائن سيتزايد عندما يمتلك الموظف قدرة وكفاءة واستعدادا لحل مشاكلهم وتلبية احتياجاتهم بمرونة ويسر[ix](Bitner et al., 1990; Hartline and Ferrerl, 1996). [x]
وعلى أي حال فإن الموظف الممكن هو من يحافظ على علاقات طيبة مع الزبائن أكثر من الموظف الذي لا حول له ولا قوة في أمور وظيفته، وخاصة عندما تكون عملية التمكين مناسبة في ذلك السياق وعندما يحسن الموظف استخدامها.
حتى الآن فإن دور مزود الخدمة أو السلعة لم يتم بحثه بشكل كافٍ من حيث دور التمكين وحرية التصرف من قبل الموظف في التأثير سلبا أم إيجابا على العلاقة بين المنظمة متمثلة بالموظف والزبائن من جهة أخرى. وهنا يمكن طرح فرضية قابلة للاختبار من ناحية بحثية مفادها أن مستوى التمكين المتاح للعاملين وخاصة في المنظمات الخدمية من الممكن أن يؤثر على نوعية وجودة العلاقة بين الزبائن والمنظمة (Bitner et al., 1994; Schlesinger and Zornitsky, 1990)  (Bitner، et al.، 1994; Schlesinger and Zornitsky، 1990)[xi]
من ناحية أخرى فإن الموظف المباشر وعلاقاته مع الزبائن هي أيضا ذات أهمية في التأثير على درجة التمكين لدى هؤلاء الموظفين. فعندما تنهج المنظمة نهج تسويق العلاقات فهي تمنح هؤلاء الموظفين نوعا من التمكين للتصرف بحرية ومرونة مع رغبات الزبائن واستجابة لرغباتهم الخاصة التي ربما تختلف في بعض الأحيان من شخص لآخر (Corsun and Enz, 1999)[xii] . وتزداد أهمية التمكين كلما كانت رغبات الزبائن متفاوتة،ٍ لأن هذا التفاوت في رغباتهم وحاجاتهم ومشاكلهم يتطلب موظفا يتمتع بالمرونة الكافية للتجاوب مع هذه الاختلافات. ودون هذا التمكين سيطبق الموظف قاعدة ثابتة مع جميع الزبائن متجاهلا أن لديهم هموما وربما قضايا مختلفة، وهذا يكاد يكون واضحا جدا عند المنظمات التي تقدم مثلا خدمات استشارية أو قانونية أو خدمات طبية. ففي الخدمات القانونية سيواجه رجل القانون، بصفته مقدم خدمة، قضية مختلفة وربما فريدة من نوعها لدى كل مواطن متقدم بشكوى.
من ناحية أخرى وجد Corsun and Enz (1999) أن احترام وتقدير الزبائن للبائع أو الموظف المباشر يمنحه تعزيزا وتشجيعا في ممارسة التمكين. هذه العلاقة التبادلية تؤكد أن معاملة الزبائن أيضا للموظف المباشر لها دور في ميله لتقديم خدمات ذات جودة أفضل ورعاية أفضل للزبائن Corsun and Enz (1999) ويجادل Corsun and Enz (1999) بأن المنظمة التي ترعى وتهتم بعلاقات الزبائن(Customer Relationship) وتشجع موظفيها على ممارسة علاقات طيبة معهم فإن هذا التشجيع يعدّ مؤشرا على تمكين الموظفين. إذن يمكننا أن نعدّ احترام الزبائن عاملا مشجعا وليس هو العامل الحاسم في تمكين العاملين الذين يعملون بشكل مباشر على خدمة الزبائن إضافة إلى قدرة الموظف الأصلية على ممارسة التمكين. لذلك يمكننا أن نخلص إلى القول بأنه من الأمر المتوقع أن يمارس الموظف القادر والمؤهل علاقات جيدة وايجابية مع الزبائن ضمن مفهوم تسويق العلاقات والعلاقات مع الزبائن، ويمكن لهؤلاء الموظفين استثمار تلك العلاقات من أجل تلبية احتياجات الزبائن بشكل أفضل. وأنهم الأقدر على الإيفاء بوعودهم والتزاماتهم للزبائن. وقد تبين أيضا من خلال أدبيات التسويق والتمكين ما يأتي:
¥     رغبة الزبائن في التعامل مع الموظف الذي يتمتع باستقلالية وقدرة أكبر على التصرف دون الرجوع بشكل متكرر للتعليمات أو لرأي المسؤول.
¥     حصول الزبائن على معلومات وخبرات جيدة: فالموظف الممكن لديه من المهارة والمعرفة ما يمّكنه من توفير كامل المعلومات التي يحتاجها الزبائن حول السلعة أو الخدمة. وبمقدور الموظف الممكن حل مشاكل الزبائن بشكل أفضل.
¥     المرونة والتكيف والاستجابة في التعامل مع الزبائن دون الحاجة إلى الرجوع للمدير أو للتعليمات أو للمركز.
¥     حصول الزبائن على خدمات حسب الطلب لقدرة الموظف المتمكن من مراعاة الاختلافات في رغبات الزبائن وتقديم ما يلبي احتياجاتهم حسب الطلب.

الخلاصة

مما سبق في هذا الفصل يتبين أن نتائج وفوائد التمكين ذات أبعاد متعددة تشمل كل من الموظف الذي يستشعر معنى الوظيفة والمهام التي يقوم بها وتكون عملية التمكين بالنسبة له السبيل لتنمية قدراته وتحقيق ذاته والشعور باحترام الإدارة له
وأما من ناحية المنظمة فإن تمكين العاملين فيها يؤدي إلى تنمية المنظمة بشكل أفضل وقدرة أكبر على التطوير والتجديد ومواكبة التغيرات البيئية المتسارعة ومستجدات القرن الجديد. هذا لأن الموظف الممكّن أكثر استعدادا للتكيف مع برامج المنظمة في التغيير والتطوير، وأكثر قابلية للمشاركة في هذه البرامج ،لا بل من الممكن أن يساعد في عملية الإبداع والتجديد من خلال ما يتمتع به من روح المبادرة وتحمل المسؤولية فيكون عنصر دعم وتعزيز لرؤية المنظمة وتحقيقها للتميز والتفوق التنافسي والتنمية المستديمة.
ومن ناحية أخرى، فإن التمكين له نتائج ايجابية بالنسبة للزبائن أو المراجعين الذين يتمنون التعامل مع موظف يتمتع بقدرات خلاقة واستقلالية واستجابة وصلاحيات تمكنه من الإجابة على استفساراتهم من دون الرجوع إلى مديره أو إلى النص الحرفي للتعليمات دون تفكير وتمعن.
إن برامج التسويق بالعلاقات وتحسين مستوى العلاقة بين المدير والموظف والزبائن والموردين، كلها علاقات قد تكون أكثر ملاءمة وتوافقا مع واقع المنظمات التي تبادر في منح عامليها تمكينا وتحكما وسيطرة على زمام الأمور في المنظمة.


مواضيع ذات صلة  

اثر التمكين الوظيفي في السلوك الابداعي لدى العاملين
تمكين العاملين كمدخل لتحسين جودة الحياة الوظيفية في قطاع
أثر التمكين الإداري في إبداع الموظفين
نتائج التمكين على العاملين الموظفين
التمكين الاداري رسالة ماجستير
مفهوم التمكين الاداري
التمكين الاداري
التمكين الاداري وعلاقته بالرضا الوظيفي
التمكين الاداري
تمكين العاملين مدخل للتحسين والتطوير المستمر
التمكين الوظيفي
التمكين الإداري وعلاقته بالأداء الوظيفي

[i] Argyris, C. (1998), Empowerment: The Emperor’s new Clothes, Harvard Business Review (May-Jun), 98-105.
[ii] Maslow, A., (1970), Motivation and Personality, 2nd edition, New York: Harper & Row.
[iii]    Kanter, R. M. (1989), The New Managerial Work, Harvard Business Review, 67 (6), 85-92.
[iv] Grönroos, C (1994), From Marketing Mix to Relationship Marketing: Towards a Paradigm Shift in Marketing, Management Decision, 32 (2), 4-22., Grönroos, C (2000) Creating a Relationship Dialogue: Communication, Interaction and Value, The Marketing Review, 1 (1), 5-14., Gummesson, E (1997), Relationship Marketing as a Paradigm Shift: Some Conclusions for the 30R Approach, Management Decision, 35 (4), 267-272.
[v]     Schneider, B. and Bowen, D.E (1999), Understanding Customer Delight and Outrage. Sloan Management Review 41 Fall (1999), pp. 35¯45.
[vi] Gummesson, E. (1995), Relationship Marketing, From 4P to 30 R, Liber-Hermods, Stockholm, Sweden., Gummesson, E (1987), The New Marketing- Developing Long-term Interactive Relationships, Long Range Planning, 20, 10-20., Czepiel, (1990), Service Encounters and Service Relationships: Implications for Research, Journal of Business Research, 20, 13-21.
[vii] Sheth, J.N. Parvatiyar, A. (1995), Relationship Marketing in Consumer Markets: Antecedents and Consequences, Journal of the Academy of Marketing Science, 23 (4), 255-271.
[viii] Bateson, J.G (1985), Perceived Control and the Service encounter: In Czepiel, J.A., Solomon, M.R. and Surprenant, C.F. (Eds), The Service Encounter: Managing Employee/Customer Interaction in Service Businesses, Lexington Books, MA, pp.67-82.
[ix] Bitner, M.J, Booms, B. and Tetreault, M.S (1990), The Service Encounter: Diagnosing Favourable and Unfavourable Incidents, Journal of Marketing, January, 71-84.
[x] Hartline, M. D. Maxham III, J. G. and McKee, D. O (2000), Corridors of Influence in the Dissemination of Customer-Oriented Strategy to Customer Contact Service Employees, Journal of Marketing, 64 (2), 35-50., Hartline, M.D. and Ferrel, O.C. (1996), The Management of Customer-Contact Employees: An Empirical Investigation, Journal of Marketing, 60 (4), 52-70.
[xi] Schlesinger, L.A. and Zornitsky, J.(1991) Job Satisfaction, Service Capability, and customer Satisfaction: An Examination of Linkages and Management Implementations, Human Resource Planning, 14 (2), 141-149.
[xii] Corsun, D. L. and Enz, C.A (1999), Predicting Psychological Empowerment Among Service Workers: The Effect of Support-Based Relationship, Human Relations, 52 (2), 205- 224.

Post a Comment

Previous Post Next Post