نظرية البرنامج والمشروع
النموذج المنطقي :
      هناك نماذج ونظريات عديدة يمكن استخدامها في تقييم المشروعات، أحد هذه الأدوات الهامة هو النموذج المنطقي والذي أعده خصيصاً W.K kellog للتقييم، ويمكن استخدامه أيضاً لتخطيط المشروعات والمتابعة والتنفيذ والرقابة، ويطلق عادة على النموذج المنطقي مصطلح نظرية البرنامج أو نظرية المشروع في حقل تقييم المشروعات.
تعريف النموذج :
      يعرف النموذج المنطقي كصورة تعكس كيفية آداء المنظمة أو المشروع لأعمالها، وتفسر النظرية والفروض التي تحكم عمل المشروع. ويربط النموذج مخرجات المشروع بأنشطته وعملياته في ضوء عدد من القروض النظرية والمبادئ الأساسية.
وقد ركز كيلوج عند إعداد هذا النموذج على تطبيقاته العملية. وقد تم تطبيقه على نطاق واسع حيث تبين أنه نموذج عملي ويسهل من التفكير والتخطيط والإتصال حول أهداف المشروع وتنفيذ عملياته.
      ويساعد النموذج على تحسين دور التقييم في دعم إدارة المشروع، ذلك أن القدرة على تحديد وقياس المخرجات، وتوقع طرق قياسها توفر للمهتمين بالمشروع خريطة طريق واضحة المعالم. فوجود خريطة، كتزايد ثقة المهتمين والعاملين ويعرفون موقعهم من مختلف جوانب المشروع وتزداد مشاركتهم وتفاعلهم بوعي وإدراك لأهميتها.
      والحقيقة أن أي تقييم فاعل للمشروع لا يهتم فحسب بمجرد تجميع وتحليل وتوفير البيانات، انه يساعد كل المهتمين على تجميع واستخدام المعلومات ويزيد من معرفتهم بالمشروع ويساعد على تحسين الأداء. ولذلك تم تصميم النموذج المنطقي في تقييم المشروعات كأداة للتعلم والإدارة يمكن استخدامها على مدى حياة المشروع بصرف النظر عن نوع العلاقة مع المشروع وسواء كانت ملكية أم إدارة أم عم أم علاقة مجتمعية. ولذلك فإن هذا النموذج بعد أداة للتقييم مفيدة تساعد على التخطيط الفعال للمشروع وتنفيذ عملياته وتقييمه.
أولاً : ماذا يعني النموذج المنطقي logic model
أساساً يمثل النموذج المنطقي طريقة منظمة واقعية لفهم العلاقات بين الموارد التي يستخدمها المشروع والأنشطة التي ينفذها والتغيرات أو النتائج التي يستهدف تحقيقها.
      ويبين الشكل التالي تتابع هذه العناصر ومقسمة إلى عناصر العمل المخطط انجازها: الموارد أو المدخلات والأنشطة، وعناصر النتائج المستهدفة والتي تشمل: المخرجات والنتائج والآثار.
وفيما يلي نوضح المقصود بكل عنصر من العناصر السابقة:
أولاً : الأعمال المخطط لها، وتشمل الموارد أو المدخلات اللازمة لتنفيذ البرنامج أو المشروع أو كافة أعمال الشركة، وما تنوي عمله من أنشطة.
1-   الموارد (المدخلات): وتضم الموارد البشرية والمالية والتنظيمية وغيرها من الموارد المجتمعية كالأرض والبيئة وغيرها مما يلزم لأداء الأعمال.
2-   أنشطة البرنامج: وتمثل استخدامات الموارد، أي العمليات والأدوات والأحداث والتكنولوجيا والسياسات والتي تعد جزءاً أساسياً لتنفيذ الأعمال والوصول إلى التغيرات والنتائج التي تستهدف الشركة (البرنامج أو المشروع) الوصول إليها.
ثانياً : النتائج المتوقعة وتشمل كل النتائج المرغوب تحقيقها وهي المخرجات، النتائج والآثار.
3-   المخرجات: وتمثل المنتجات المباشرة لأنشطة المشروع، ويمكن أن تضم السلع والخدمات التي يوفرها – المشروع. فالمشروعات الإنتاجية السلعية مثل مصنع الأسمنت أو مزرعة الألبان تنتج الأسمنت والألبان على التوالي كمخرجات أساسية.
4-   النتائج : ويقصد بها ما يترتب على المشروعات من تغيرات في حياة الأطراف ذات العلاقة أو المستفيدة من المشروع، ومن أمثلتها الأرباح المحققة.
وفي مشروعات مثل مستشفى أو مدرسة، تمتد النتائج لتشمل ما تحدثه هذه المشروعات من نتائج في الأجل القصير والمتوسط على حياة المستفيدين من السكان مثل توفير أو تحسين الخدمات الصحية، وسهولة تحصيل التعليم ونشره بين السكان.
5-   الآثار: ويقصد بها التغيرات الأساسية المقصودة وغير المقصودة التي تحدث في المشروع والبيئة المحيطة، كالمجتمع المحلي، ونظم العمل والبيئة، كنتيجة لأنشطة المشروع في الأجل الطويل. ومن المفترض أن تكون هذه الآثار هي الأهداف طويلة الأجل للمشروع أيا كان تجاري، صناعي، خدمي.
من هنا يمكن فهم لماذا يطلق على النموذج المنطقي مصطلح نظرية البرنامج أو نظرية المشروع في حقل تقييم المشروعات، والسبب في إطلاق لفظ نظرية على النموذج المنطقي أنها تصف كيفية عمل المشروعات أو البرامج وتبين ماذا تستهدف تحقيقه وما تحدثه من أثار ونتائج.
كيف تقرأ نموذج منطقي ؟
      تقرأ النماذج المنطقية من اليمين إلى اليسار، حيث تصف أسس البرنامج وطريقة عمله خلال العمر الافتراضي للمشروع، بدءاً من التخطيط وخلال النتائج وانتهاءاً بالآثار. ويقصد بقراءة النموذج تتبيع سلسلة الحلقات السببية لمكونات وعناصر البرنامج أو المشروع، والتي تقرأ على النحو التالي : "إذا ..........فإن........."، بمعنى أن حلقات عناصر البرنامج تترابط مع بعضها في سلسلة سببية، وفيما يلي نفرض لكيفية قراءة النموذج:
1-            الموارد أو المدخلات: وتوضح الموارد المطلوبة على وجه التحديد لعمل البرنامج.
2-   الأنشطة : إذا تم توفير المقادير اللازمة من الموارد، فإن المشروع أو البرنامج يمكن أن يستخدمها لإنجاز الأنشطة التي تم التخطيط لها.
لنفرض أن مجموعة من الأشخاص فكرت في إنشاء مخبز لإنتاج المخبوزات والحلوى في أحد أطراف المدينة. أول خطوة لإنشاء هذا المشروع هي توفير المدخلات أو الموارد المالية اللازمة لشراء الأرض وإقامة مبنى المخبز وشراء الآلات وإقامة التجهيزات وتأجير العمال والمواد الخام.
إذا تم توفير هذه المدخلات فإن المشروع يصبح قادراً على تنفيذ العمليات اللازمة لإنتاج المخبوزات والحلوى.
3-   المخرجات: إذا تم تنفيذ العمليات المخطط لها، فسوف يتم توفير إنتاج المخبوزات والحلوى بالكميات التي تم التخطيط لها. فمهما كانت فترة الإنشاء اللازمة لإقامة المخبز والمعرض فسوف تأتي لحظة بدء العمل، أي تنفيذ العمليات من قبل العمال والموظفين والموردين والبائعين، لعرض منتجات المخبز من المخبوزات والحلوى بالكميات والنوعيات التي تم التخطيط لها.
4-   النتائج : إذا ما تم تنفيذ العمليات المخطط لها، وإنتاج المخبوزات والحلوى كمخرجات أساسية، فإن الأطراف المختلفة سوف تستفيد بطريقة ما من المشروع، حيث يحقق أصحاب المشروع عائد مالي على استثماراتهم، ويحقق السكان ميزة الحصول على احتياجات من منفذ قريب، ويجد الباحثين عن عمل فرص للعمل، وتزيد الدخول للفئات ذات العلاقة من موردين وموزعين وغيرهم.
5-   الآثار : إذا ما تم تحقيق هذه المزايا والمنافع كنتائج للمشروع، فإن تغيرات معينة سوف تحدث في المنظمة، والمجتمع، والبيئة ككل. حيث يحدث ارتقاء لمستوى المعيشة ونوعية الحياة لكل الفئات المتصلة بالمشروع، فهكذا تحدث التنمية والتطور وتتحسن مستويات المعيشة في المجتمعات من خلال إقامة البرامج وتنفيذ المشروعات وإحداث الآثار.
لماذا النموذج المنطقي ؟
فيما يلي تعرض للأغراض المختلفة من استخدام نموذج المنطق وتطبيقاته العملية.
فالغرض الرئيسي من استخدام النموذج هو اعتداد الأطراف ذات العلاقة بخريطة طريق تشرح تتابع المراحل واتساقها وكيف تتابع العمليات بدءاً من المدخلات وانتهاء بالمخرجات والنتائج والآثار. والواقع أن رسم خريطة الطريق تساعد في سد الثغرات وضمان تسلسل واستمرار واتساق العمليات دون اختناقات أو تعثر في المستقبل، كما تبين أهمية تكامل الموارد وكيف تساهم في العملية الإنتاجية وتحقيق الأهداف.
في النهاية يوضح النموذج المنطقي " أو نظرية المشروع/البرنامج" كيف يمكن تحقيق الأحلام التي تم التخطيط لها، وترسم معالم الطريقة والخطوات اللازمة وما هو مطلوب في كل مرحلة حتى يمكن تحقيق المرحلة التالية كما هو مخطط لها، وفي النهاية نرسم صورة إجمالية لكيفية عمل البرنامج.
من ناحية أخرى فإن تقييم أي مشروع والتأكد من أن ما نفعله هو ما تم التخطيط له، يتطلب التخطيط للبرنامج، وإتباع أو تطبيق النموذج المنطقي يحقق لك برنامجاً أو مشروعاً مخطط له بشكل جيد، ويوفر لك بالتالي إمكانية إجراء التقييم بطريقة منطقية متسلسلة وعلاج أية اختناقات قد تحول دون انتظام دولاب العمل والوصول إلى الغابات.
وبالتالي يمكن القول أنه: لا يمكن إجراء تقييم جيد، بدون خطة عمل جيدة" فإذا لم يكن لدى مخططي البرنامج فروض وتصور عن العمل نرشدهم للعمل، وتمكنهم من المتابعة والتقييم، فإن نجاح البرنامج سيكون غير مؤكد.
ويحقق نموذج المنطق مزايا عديدة كأداة للتخطيط والتقييم في نفس الوقت. فالنموذج تخيلي ومنطقي في نفس الوقت، حيث يتطلب رسم التصورات ووضعها موضوع التنفيذ، ومن ثم يتطلب تفكير مرتب ومنطقي، ومن ثم التخطيط لكل المراحل بالصورة التي تحقق النتائج والآثار والمخرجات المطلوبة.
وتتمتع خطة العمل master plan في النموذج المنطقي بالمرونة الكافية، حيث توضح خطوات العمل، وتحدد نقاط القوة، ونقاط الضعف، ومواضع الاختناقات، بما يتيح لأصحاب المشروع استعراض عدة سيناريوهات حتى يتم التوصل إلى أفضل سيناريو للعمل. وهكذا يسمح النموذج المنطقي بتعديل الأساليب، وتغيير المسارات والاختيارات الخاصة بموقع المشروع، ونوعية منتجاته، والعمالة وغيرها من المدخلات والعمليات، حتى يتم التوصل إلى أفضل خطة عمل.
ومتى تم هذا فإن عمليات المتابعة والرصد والتقييم يمكن أن تجرى بسهولة خلال العمليات والإنجاز والتنفيذ.
والحقيقة أن التقييم الفعال، ونجاح المشروع في النهاية يعتمد على الرؤية الواضحة لأصحاب المشروع حول كيف ولماذا يمكن حل المشاكل المحتملة، والبدائل المتاحة والاستخدام الأفضل للأصول والموارد. ولعل أهم مزايا النموذج المنطقي هي المساعدة في خلق فهم مشترك للأهداف، والتركيز عليها وعلى أساليب العمل المختلفة والأنشطة اللازمة لتحقيق النتائج وإحداث الآثار.
أسباب نجاح البرامج المعتمدة على النموذج المنطقي ؟
يتفق كثير من خبراء التقييم على أن استخدام النموذج المنطقي تمثل طريقة فاعلة لتأكيد نجاح المشروع، بمعنى أن الاعتماد على نموذج المنطق خلال كل مراحل البرنامج أو المشروع يساعد في فاعلية التنظيم والتخطيط المنظم للبرنامج، وإدارته وتنفيذ أعمال التقييم بنجاح.
1-   تصميم البرنامج والتخطيط له يعمل النموذج المنطقي كأداة من أدوات التخطيط، ويساعد في تطوير الإستراتيجية، ويحسن من قدرته على كل ما يتعلق بالبرنامج والوصول إلى كل الأطراف ذات العلاقة بسهولة بما فيهم الممولين والجهات الحكومية.
وبالإضافة إلى دور النموذج المنطقي في وضع الهيكل التنظيمي وتصميم البرنامج، فإنه يوفر نوعاً من التقييم الذاتي، بناء على الفهم المشترك لما سيتم عمله طوال حياة المشروع. حيث يتطلب تطوير النموذج المنطقي خلال مرحلة التخطيط اختيار أفضل الأنشطة والموارد اللازمة لتحقيق المنطقي – خلال مرحلة التخطيط – اختيار أفضل الأنشطة والتشاور مع أفضل الخبرات، وهو ما يدعم عملية تصميم البرنامج وإعداد خطة العمل ذاتها.
2-   دعم عملية تنفيذ البرنامج، يتطلب النموذج المنطقي تحديد وجمع البيانات اللازمة لمتابعة وتحسين البرمجة، وبالتالي فإن استخدام هذا النموذج حتى خلال تنفيذ البرنامج وإدارته يتطلب تركيز الجهود على الإنجازات ورصد وتوثيق النتائج، ومن ثم يساعد على وضع سلم الأولويات وإجراء التعديلات والإصلاحات اللازمة دون انتظار.
3-   تقييم البرنامج والتقرير الاستراتيجي، يوفر النموذج المنطقي معلومات عن البرنامج ومدى تقدمه نحو الأهداف بطريقة واضحة وكاشفة لكل الأطراف بما فيها الإدارة.
وكلنا يعلم مدى أهمية التقدم نحو الأهداف وأهمية إعداد تقارير دورية حول النتائج لأصحاب المشروع والمهتمين وغيرهم. فالتواصل والشفافية تعد عنصر أساسياً في نجاح البرنامج وإستمراريته، ويساعد النموذج المنطقي في دعم جهود التسويق الاستراتيجي من خلال 3 طرق أولية:
‌أ-               برامج وصفية بلغة واضحة ومحددة وسهلة الفهم والتقييم.
‌ب-         تركيز الاهتمام والموارد على عمليات البرنامج ذات الأولوية والنتائج الأساسية لأغراض التعلم وتحسين البرنامج.
‌ج-           تطوير وسائل اتصال واستراتيجيات تسويق.
ويوضح الجدول التالي العلاقة بين البرنامج الناجح والمزايا المشتقة من استخدام النماذج المنطقية.

جدول رقم (1)
كيف يؤدي النموذج المنطقي إلى دعم تحقيق الأهداف
عناصر البرنامج  معايير نجاح البرنامج   مزايا برامج النماذج المنطقية
1- تصميم وتخطيط البرنامج  - التعريف الدقيق لأهداف البرنامج وأهمية الآثار الجانبية.
- واقعية الأهداف والنتائج    - اكتشاف الفجوات في النظرية أو منطقية البرنامج والعمل على حلها.
- تشكيل فهم مشترك حول ماهية البرنامج، وكيف تعمل الأجزاء معاً.
2- التنفيذ والإدارة      - الواقعية، الموثوقية – الصلة بالموضوع، وسهولة الحصول على البيانات     تركيز إنتباه الإدارة على الارتباطات المهمة بين الأفعال والنتائج.
3- التقييم والاتصالات والتسويق.   موافقة المستخدمين لنتائج التقييم على كيفية استخدام المعلومات. توفير فرص لإدماج المهتمين في التصميم والعمليات واستخدام النتائج.

Post a Comment

Previous Post Next Post