سلبيات النظام الاقتصادي  الرأسمالي
على الرغم مما يتضمنه النظام الرأسمالي من مجموعة من الأسس والخصائص والتي تبدو في ظاهرها صالحه ومغرية للفطرة للبشرية كالملكية الفردية والحرية الاقتصادية وحافز الربح إلا أن له مساوئ عديدة أهمها ما يلي:
 ‌أ.             إهمال الجوانب الأخلاقية والدينية والإنسانية في النظام الرأسمالي، إلى درجة أنه يؤثر الكسب الاقتصادي ولو على حساب الأخلاق ومقتضيات الإيمان وحياة الإنسان.
‌ب.          يؤدي إلى التفاوت الكبير في الدخل والثروة وتركزها في يد فئة قليلة.
‌ج.           يؤدي إلى فرض السيطرة الاحتكارية في السوق، إلى درجة أن الإنتاج في المجتمعات الرأسمالية يسيطر عليه عدد محدود من الشركات الاحتكارية الكبرى، مما يعطيها القدرة على فرض الأسعار والهيمنة على الاقتصاد.
‌د.            من الانتقادات الرئيسة لهذا النظام أنه دائم التعرض للتقلبات الاقتصادية الحادة وظهور مشكلات البطالة والتضخم والمديونية، الأمر الذي يؤثر بشكل مباشر على العديد من أفراد المجتمع خاصة أولئك الذين لا يملكون إلا خدمة العمل[1]

النظام الاقتصادي الاشتراكي

أ- تعريفه:ـ
لفظ الاشتراكية يعني الكثير من المعاني المختلفة، فقد يطلق أحياناً على مجرد تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي، فتكون الاشتراكية بذلك نقيضاً لسياسة الحرية الاقتصادية، كما يستعمل أحياناً للدلالة على تدخل الدولة من أجل تحسين حالة العمال والطبقات الفقيرة في المجتمع، وذلك بسن التشريعات التي تخفف عنهم أعباء الحياة، وتمنحهم بعض المزايا، وبهذا المعنى تصبح الاشتراكية ضرباً من ضروب إصلاح خلل النظام الرأسمالي، وبشكل عام يمكن تعريف النظام الاقتصادي الاشتراكي بأنه: النظام الذي يتميز بتملك الدولة لعوامل الإنتاج (أي الملكية الجماعية) كالأراضي والآلات والمصانع، وتتخذ جميع القرارات الاقتصادية فيه من خلال جهاز التخطيط، ومن هنا جاءت تسمية هذا النظام بنظام التخطيط المركزي[2].

وهو بذلك يختلف كل الاختلاف عن النظام الرأسمالي، الذي يعتمد على مبدأ حرية تملك الأفراد لكافة عناصر الإنتاج.

ب- نشأته:ـ
توصل عدد من المفكرين في القرن التاسع عشر إلى أن الملكية الخاصة وسوء توزيع الثروة هما السبب في البؤس والشقاء الذي تعيشه بعض فئات المجتمع الأوروبي. ومن أبرز هؤلاء كارل ماركس (1818-1883م)، وتجدر الإشارة إلى أن مؤرخي الفكر الاقتصادي يفرقون بين نوعين من الاشتراكية[3]:
1-       الاشتراكية الخيالية التي لم يستند دعاتها إلى منطلق علمي وتحليل دراسة، وإنما تأثروا عاطفياً بمساوئ النظم الاجتماعية والاقتصادية السائدة، فحاولوا بأحلامهم وخيالاتهم إقناع الأفراد وأحياناً الحكومات بإقامة نظام ينقل الناس إلى مجتمع أفضل وأكثر رخاءً.
2-       الاشتراكية العلمية أو الماركسية نسبة إلى كارل ماركس (1818-1883م)،  الذي نادى  بإلغاء الملكية الخاصة، باعتبارها في نظره أساس الشرور التي تعاني منها المجتمعات الرأسمالية.

جـ- أسس وخصائص النظام الاقتصادي الاشتراكي
يقوم  النظام الاشتراكي على عدة أسس وخصائص كثيرة لعل أهمها ما يلي[4]:
1-               الملكية العامة لوسائل الإنتاج: تعتبر الملكية العامة لوسائل الإنتاج الأساس الاقتصادي للنظام الاشتراكي، وهذا يعني أن جميع أفراد المجتمع متساوون فيما بينهم حيال ملكية وسائل الإنتاج، بحيث تصبح معظم الموارد الاقتصادية ملكاً للمجتمع، بما في ذلك الأرض والصناعات والمصارف وقطاع المال والتجارة.
مع ملاحظة أن وجود الملكية العامة في النظام الاشتراكي لا ينفي وجود الملكية الفردية المحدودة، حيث يسمح للأفراد بامتلاك سلع الاستعمال والاستهلاك الشخصي، وذلك ضمن حدود معينة، لا يمكن تجاوزها، كما لا يجوز لهم استخدامها من أجل استغلال الآخرين، أو ابتزاز مداخيل غير ناجمة عن العمل.
2-     إشباع الحاجات الجماعية: يقوم النظام الاشتراكي بوضع أولوليات لاحتياجات المجتمع من السلع والخدمات المختلفة، بحيث تعطى السلع التي تشبع الحاجات الضرورية للغالبية العظمى من أفراد المجتمع الأولوية في الإنتاج، تاركاً تلك السلع التي تشبع حاجات كمالية، على أن يقوم المجتمع في الفترة التالية بإنتاج سلع أقل ضرورية أو أكثر كمالية[5].
3-     التخطيط المركزي: يعتمد النظام الاشتراكي على جهاز التخطيط المركزي، بدلاً من جهاز الأثمان الذي تعتمد عليه الرأسمالية، والتخطيط المركزي في الدول الاشتراكية يعني تنظيم النشاط المتعلق بعملية الإنتاج والتبادل والتوزيع والاستهلاك، فمثلاً يتم تنظيم الإنتاج في النظام الاشتراكي من حيث كمية السلع المراد إنتاجها وأنواعها والموارد التي تستخدم في ذلك عن طريق جهاز التخطيط المركزي، الذي يعد الجهة الوحيدة لتحديد العرض والطلب في ظل ذلك النظام.

 د- سلبيات النظام الاقتصادي الاشتراكي :
        إذا كان النظام الاشتراكي يزعم أنه يهدف إلى إشباع الحاجات العامة، ورعاية مصلحة الأغلبية، ومعالجة سوء توزيع الثروة إلا أن له مساوئ عديدة، أهمها ما يلي :
(1) تقييد حريات الأفراد الاقتصادية، وقتل الحافز الفردي، الذي له دور أساسي في إثارة ضروب النشاط الاقتصادي.
(2) إلغاء الملكية الفردية لوسائل الإنتاج، الأمر الذي جعله يصطدم مع الفطرة البشرية التي جبلت على حب التملك.
(3) محاربته للأديان السماوية، باعتبارها في نظره أفيون الشعوب، ومن ثم سعيه الحثيث نحو محو مشاعر الإخاء في النفوس البشرية، وإثارة فكرة الصراع الطبقي بين الفقراء والأغنياء.
(4) فتور بواعث العمل فيه عند معتنقيه لسد باب الطموحات أمامهم، الأمر الذي يصيب الإنتاج بالنقص الشديد، ويحول بين الموارد الاقتصادية وبين بلوغ أقصى أهدافها، ولهذه الأسباب وغيرها لم تستطع الاشتراكية الماركسية تحقيق أهدافها ومبادئها، بل فشلت في عقر دارها بعد تمجيدها وتطبيقها ردحاً من الزمن، وبعد أن أكد الواقع وكشفت التجارب المريرة أنها غير صالحة للتطبيق كنظام اقتصادي قادر على مسايرة الفطرة البشرية وعلى علاج المشاكل الاقتصادية التي تواجه البشرية المعاصرة.


([1] )       د. خالد المقرن الأسس النظرية للاقتصاد الإسلامي، ص69.
([2] )       د. لبيب شقير، تاريخ الفكر الاقتصادي، ص27.
د. محمد حامد، النظم الاقتصادية المعاصرة، ص73.
([3] )       د. لبيب شقير، تاريخ الفكر الاقتصادي، ص121.
([4] )       د. مصطفى العبدالله، علم الاقتصادي والمذاهب الاقتصادية، ص268.
([5] )       د. محمد برعي، د. عبدالهادي السويفي، أصول علم الاقتصاد، ص129.

Post a Comment

Previous Post Next Post