السياسة
الضريبية تتسم بالخصائص التالية:
1ـ السياسة الضريبية هي أحد مكونات السياسة المالية التي بدورها تعد أحد
مكونات السياسة الاقتصادية للدولة، وبالتالي يجب على السياسة الضريبية أن تتفق
أهدافها مع أهداف السياسة المالية، وتعملان معاً في انسجام تام مع باقي فروع
السياسة الاقتصادية. فإذا كانت السياسة المالية تهدف إلى الحد من التضخم فيجب أن
تتعاون السياستان الإنفاقية والضريبية لتحقيق هذا الهدف وذلك بزيادة العبء الضريبي
عن طريق رفع أسعار الضرائب القائمة أو توسيع أوعيتها أو فرض ضرائب جديدة في الوقت
نفسه تعمل على ضغط نفقاتها العامة، وإذا أرادت الدولة معالجة أزمة المديونية
المتفاقمة يمكن أن تتعاون كل فروع السياسة المالية في ذلك، فلا بد للضرائب في هذه
الحالة من أن تعمل على تشجيع العملية الاستثمارية، بتخفيض الرسوم الجمركية على
مستلزمات العملية الإنتاجية من آلات ومواد أولية، وإعطاء الحوافز الضريبية اللازمة
لتشجيع الصناعة، بتخفيض تكلفتها وتشجيع تصدير مخرجاتها بإعفائها من الضرائب عند
التصدير، وضغط النفقات العامة والعمل على استبدال ديون مرتفعة الفوائد وطويلة
الأجل بديون منخفضة الفوائد وقصيرة الأجل؛ للتخفيف من وطأة خدمة الدين العام على
المدى القصير على الناتج المحلي الإجمالي، فقد يستلزم تحقيق هدف اقتصادي استخدام
فروع السياسة المالية مجتمعة
وقد يكفي استخدام أحد هذه الفروع لتحقيق هدف آخر، وقد
يستلزم استخدام أحد فروع السياسة المالية مع إحدى أدوات السياسة النقدية لتحقيق
هدف آخر كسياسة سعر الفائدة والإعفاءات الضريبية للتحريض على الاستثمار. ولكن عند
استخدام أكثر من أداة لتحقيق هدف معين لابد من أن تعمل هذه الأدوات في الاتجاه
نفسه، فإذا كان هدف السياسة الضريبية هو ضبط الاستهلاك القومي يجب إلا تؤدي سياسة
الإنفاق العام إلى التوسع في حجم الإنفاق المخصص للاستهلاك العام.
2ـ السياسة الضريبية ينظر إليها على أنها مجموعة متكاملة من البرامج وليست
مجموعة متناثرة من الإجراءات، فإذا كان الترابط والتناسق بين مكونات السياسة
المالية شرطاً جوهرياً لنجاح سياسة اقتصادية معينة فمن باب أولى أن تصمم مكونات
السياسة الضريبية في ضوء علاقات التناسق والترابط بين أجزائها، حيث لا ينظر إلى كل
مكون على حدة، بل ينظر إليه على أنه جزء من مكونات السياسة الضريبية على نحو خاص
والسياسة المالية على نحو عام، له وظيفة محددة. وتصميم مكونات السياسة الضريبية
بعيداً عن علاقات التكامل والتناسق سوف يؤدي إلى تعارض في الأهداف وقد يصل هذا
التعارض إلى وسائل تحقيق هذه الأهداف، مما يؤثر سلباً في فاعلية السياسة الضريبية
في تحقيقها. فتحقيق هدف حماية الصناعات المحلية الناشئة من خلال معدلات الضرائب
الجمركية على المنتجات المستوردة المماثلة قد يعارض أسلوب تحقيق هدف ضبط الاستهلاك
إذا تم عبر المنتجات المحلية التي تمت حمايتها، فلا بد من التوافق في تصميم نظام
الضرائب الجمركية بوصفه مكوناً من مكونات السياسة الضريبية مع تصميم نظام ضرائب
الاستهلاك لتنجح السياسة الضريبية في تحقيق الهدفين معاً، وذلك لكي تضمن ألاّ يلغي
أي مكون لها الآثار المرغوبة في المكوّن الآخر.
3ـ السياسة الضريبية تمتد لتشمل الإيرادات الضريبية الفعلية والمستقبلية
والبرامج المتكاملة المرتبطة بها، فتشمل الحوافز الضريبية التي تمنحها الدولة
لنشاطات اقتصادية معينة ترغب في تشجيعها؛ لأن هذه الحوافز الضريبية يمكن أن تعد
إيرادات ضريبية محتملة مضحى بها على المدى القصير من المحتمل تعويضها على المدى
الطويل، فتشجيع الاستثمار عبر الحوافز الضريبية ـ خاصة عند وجود موارد اقتصادية
معطلة كما في البلاد النامية ـ يؤدي إلى زيادة الدخل القومي، ويرفع من معدل النمو
الاقتصادي الذي يؤدي بدوره إلى زيادة الإيرادات الضريبية في المستقبل وعلى المدى
الطويل.
4ـ يجب أن توازن أي سياسة ضريبية بين
العدالة والفعالية والبساطة، ويجب أن تأخذ بتلك
المبادئ عند تكوين أنظمتها، وعلى الإدارات الضريبية أن توازن في هذا السياق بين
حقوق المكلفين والتزاماتهم، وبين حقوقها والتزاماتها تجاههم، وأي إصلاح ضريبي يجب
أن يوازن بين هذه الأهداف المتعارضة، وتقويم نجاح ذلك الإصلاح يتوقف على نجاحه في
ذلك. فالسياسة الضريبية تتألف من ثلاثة عناصر، يمثل الأول أهدافها والثاني بيئتها
والثالث مجموعة التشريعات الضريبية التي تشكل الهيكل الضريبي للدولة، والتي يمثل
أداتها في تحويل أهدافها إلى واقع ملموس عبر البيئة التي تُنفذ فيها. فهذه العناصر
الثلاثة تشكل وحدة متكاملة لا تنفصل، فأهداف السياسة الضريبية هي أهداف فرعية،
تنبثق من الأهداف العامة للمجتمع، وتسهم في تحقيقها ولكن هذه الأهداف لا تأتي من
فراغ، بل تحددها الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والمالية للمجتمع، أما
أداة تحقيقها فهو النظام الضريبي الذي له معنيان: أحدهما ضيق يتمثل في مجموعة
القواعد القانونية والتنظيمية والفنية التي تُمكّن الإدارات الضريبية من الاستقطاع
الضريبي في مراحل متتالية من التشريع إلى الربط فالتحصيل، والثاني واسع يتمثل في
كل العناصر الإيديولوجية والاقتصادية والفنية التي يؤدي تراكبها وتفاعلها بعضها مع
بعض إلى وجود كيان ضريبي معين، وبهذا المعنى يصبح النظام الضريبي الترجمة العملية
للسياسة الضريبية. وبناءً على ذلك فإن وحدة عناصر السياسة الضريبية تظهر من خلال
المفهوم الواسع للنظام الضريبي، والمكون من مجموعة محددة ومختارة من الصور الفنية
للضرائب، لتلائم الواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وتعدّ في مجموعها الهيكل
الضريبي للمجتمع المحدد بوساطة القوانين والتشريعات الضريبية، واللوائح التنفيذية
والتفسيرية من أجل تنفيذ أهداف السياسة الضريبية، بمعنى آخر فإنه يمكن أن تكون
أهداف السياسة الضريبية واحدة ولكن تنفيذها يتم عبر أنظمة ضريبية متباينة لتلائم
الواقع، فالسياسة الضريبية تمثل الإطار العام الذي يعمل ضمنه النظام الضريبي.
إرسال تعليق