الطرق المحاسبية المقترحة لقياس تكاليف التلوث البيئي
أولا : مفهوم القياس
قام عدة باحثين بدراسات جادة في مفهوم طرق القياس المستخدمة في
المجالات المحاسبية ومن دراساتهم جاءت
الصياغة تعريفاً مقبولا ً لعملية القياس المحاسبي وذكر الباحث (د. وليد الحيالي )
ثلاثة منها تعبر عن مدى تطور عملية القياس المحاسبي من الناحية العلمية
:-
تعريف Campbell
يتمثل القياس بشكل عام في قرن الأعداد
بالاشياء للتعبير عن خواصها وذلك بناء على قواعد طبيعية يتم اكتشافها أما بطريقة
مباشرة أو غير مباشرة.
لكن Steven أضاف بعداً رياضياً إلى
عملية القياس حين عرفها بما يلي :-
((يتمثل القياس في المطابقة بين الخواص
أو العلاقات بموجب نموذج رياضي))
إما أكثر التعريفات تحديداً لعملية
القياس المحاسبية الأمريكية ( A – A –
A ) فهو :-
((يتمثل
القياس في قرن الأعداد بأحداث المنشأة الماضية و الجارية و المستقبلية وذلك بناءاً
على ملاحظات ماضية أو جارية وبموجب قواعد محددة))
د. وليد الحيالي، مصدر سابق
أما فيما يتعلق بالقياس المحاسبي
للمسؤولية الاجتماعية التي تتمثل في تحديد
المبادلات أو الأنشطة ذات المضامين الاجتماعية فهي أصعب المشاكل التي يعاني منها
الإطار الفكري الحالي للمحاسبة ويكمن السبب الرئيسي في صعوبة قياس الأنشطة الاجتماعية
تكمن في طبيعة هذه الأنشطة وبالنطاق التي تحدث
فيه إذ
إن بعضها ليس له قيمة مالية مما يدفع المحاسب إلى تجاهلها أو الاكتفاء
بالإفصاح الوصفي عنها بموجب ملاحظات تظهر بالقوائم المالية كما هو الحال عند قيام
الوحدة الاقتصادية باتخاذ بعض الإجراءات لحماية المستهلك من الاستعمال الخاطئ
لمنتجاتها او للرقابة على التلوث لذلك كانت صعوبات قياس اثر المبادلات الاجتماعية
تحول دون قيام المحاسب بعملية قياس هذه
المبادلات . بالاضافة الى ذلك فيجب الا تكون هذه الصعوبات مبررا للاهمال في مجال البحث العلمي لتطوير
محاسبة المسؤولية الاجتماعية وتوفر الحد الادنى من الاتفاق على بعض المجالات التي
يمكن اخضاعها لعملية القياس النقدي مثل قياس تكلفة الاصول الخاصة بالحد من التلوث وقياس مصروفات
اكبر من التلوث وكذلك قياس الضرائب والغرامات التي تتحملها الوحدات الاقتصادية
بسبب تلوثها للبيئة.
7-1-2- ثانيا :- قياس تكلفة الأصول
الخاصة بالحد من التلوث
تعرف عملية القياس المحاسبي:-
بأنها قرن الأعداد بأحداث المنشاة الماضية والجارية
والمستقبلية وعند النظر في تكاليف الحد من
تلوث البيئة نلاحظ أنها لا تخرج عن دائرة القياس المحاسبي المشار إليها في
التعريف السابق وتحديدا عن تطبيقها على
قياس تكاليف الأصول التي تتحملها الجهة المسببة للتلوث وتكون الأصول المستخدمة في
الحد من تلوث البيئة في المشاريع الفنية
هي من الأصول المعمرة التي تنتمي إلى طائفة الأصول الثابتة الملموسة المستخدمة في العمليات
الإنتاجية لفترات طويلة لذلك فان قياس تكلفة عناصرها لا تختلف عن عملية قياس
الأصول الثابتة التي تشتمل نوعين هما :
أ-
يعتبر صالحا للاستخدام بمجرد شرائه ونقله إلى المكان
المناسب للعمليات التشغيلية للوحدة
الاقتصادية ولذلك فان تكلفته هي عبارة عن سعر شرائه مضافا أليها تكاليف النقل
والتامين والاستيراد وغيرها
ب-
عند الشراء ونقله إلى المكان المخصص به فانه يحتاج إلى
بعض النفقات الضرورية واللأزمة لعملية تشغيله وتكون الكلفة سعر الشراء مضافا إليها
مصاريف التشغيل التي تعالج على أنها جزء من تكلفه الأصل .
أن عملية القياس السابقة
تنطبق تحديداً على الانواع المستخدمة في
تنقية الدخان أو المواد الصلبة وغيرها وعند الانتهاء من عملية قياس تكلفة هذه
الأصول يجري أثباتها في الدفاتر المحاسبية
باعتبارها أصولا جديدة على أن يتم تخصيص مصاريف اندثارها على الفترات المحاسبية
تطبيقاً لقاعدة الاستحقاق المحاسبي ويعتبر قسط الاندثار في هذه الحالة جزءاً من
تكاليف أنتاج الفترة شأنه شأن تكلفة المواد الأولية أو تكلفة العمل حيث أن هذه
البنود تعتبر جزءاً من التكلفة الكلية للإنتاج .
قياس مصروفات الحد من
التلوث
عرف مجلس المحاسبين
القانونيين الأمريكيين ( AICPA) عام
1975 مفهوم المصروفات بأنها جميع التكاليف المستنفذة والتي تم خصمها من أيراد
الفترة .
-
عرف مجلس مبادئ المحاسبة الأمريكي ( FASP ) عام 1970 مفهوم المصروفات بأنها عبارة عن
أجمالي النقص في الموجودات أو أجمالي الزيادة في المطلوبات الناتجة عن القيام
بنشاط موجه لتحقيق الأرباح ويتم قياس هذا النقص أو هذه الزيادة طبقاً للمبادئ
المحاسبية المتعارف عليها .
ولذلك
فأن المبالغ التي تنفق من قبل الوحدة المحاسبية لمعالجة نتائج الإنتاج أو ما تتركه
من نفايات ضارة في البيئة كمصاريف جمع
مخلفات الإنتاج أو تعقيم موقع العمل أو ما
تدفعه إلى الجهات المختصة كمساهمة تطوعية أو إلزامية بموجب القوانين
والتشريعات السائدة في كل بلد فأنها في
الواقع تعتبر وفق نظرية المحاسبة جزءاً من مصروفات الوحدة الحسابية باعتبار أن هذه
المصروفات تهدف إلى تحقيق خدمة اجتماعية تتمثل بحماية البيئة التي تعمل الوحدة
الاقتصادية في محيطها
ولقياس
مصروفات الحد من التلوث تقسم إلى :-
أ- المصروفات
التي تنفق مباشرة من قبل الوحدة الاقتصادية في مجال الحد من التلوث وتعتبر جميع
المصروفات التي أنفقت في إزالة النفايات الضارة بالبيئة في فترة محاسبية معينة من
المصروفات الايرادية التي تحمل على حساب أرباح وخسائر الفترة خصماً على إيرادات نفس الفترة باعتبار
أن هذه المصروفات قد أنفقت في سبيل تقديم خدمة للغير هم أبناء المجتمع عموماً وتدخل مثل هذه المصروفات
في نطاق مفهوم العائد الاجتماعي .
ب- المصرفات
التي تدفع من قبل الوحدة الاقتصادية للجهات الرسمية المختصة في مجال الحد من
التلوث:-
اتخذت بعض الدول قوانين
وأنظمة شديدة لإلزام الوحدات الاقتصادية ذات العلاقة بالتلوث البيئي بدفع مبالغ
سنوية إلى الدولة يختلف مقدارها من وحدة إلى أخرى حسب العوامل التالية :-
- حجم
نشاط الوحدة الاقتصادية .
- طبيعة
عمل الوحدة الاقتصادية.
- درجة
أضرارها بالبيئة .
|
( ) ص أ
حيث أن
مج م ح ت = مجموع مصاريف
الحد من التلوث داخل الوحدة الاقتصادية
مج م = أجمالي مصاريف الوحدة الاقتصادية
ص أ = صافي الأرباح السنوية
وتجدر الإشارة إلى أن مجموع مصاريف
الحد من التلوث داخل الوحدة الاقتصادية تشمل أقساط الاندثار السنوية لمعدات الحد
من التلوث التي اعتبرت من الأصول الثابتة مضافاً إليها مصاريف الحد من التلوث التي
اعتبرت من المصروفات الايرادية أما أجمالي مصاريف الوحدة الاقتصادية فهي تشمل كافة
المصاريف المباشرة التي تمثل تكلفة الإنتاج مضافاً إليها المصاريف غير المباشرة
التي تحمل على حساب الأرباح والخسائر .
د.وليد الحيالي’ مصدر سابق
8-1- الافصاح
عن تكاليف الحدود من التلوث
يرتبط
تزايد اهمية معيار الافصاح عن المعلومات في البيانات المالية المنشورة بالتحول
التاريخي الذي حدث لوظيفة المحاسبة ،وذلك عندما تحولت المحاسبة منذ بداية الستينات
عما يطلق عليه الباحثون مدخل الكمية (owner’s
approach )الى مايعرف
بمدخل المستخدميين (user’s approach ) فبدخول هذه الحقبة
التاريخية تحولت الوظيفة المحاسبية من مركز التركيز على دورها الاساسي ، الذي كانت
تؤديه كنظام لمسك الدفاتر ، غايته الاساسية حماية مصالح الملاك ، الى التركيز على
دورها الجديد كنظام للمعلومات غايته الاساسية توفير المعلومات المناسبة لصنع
القرارات، ولكي تقوم المحاسبة بوظيفتها الجديدة ارتقى شأن بعض المبادئ المحاسبية
المتعارف عليها مثل : مبدأ" معيار" الافصاح (disclosure )، والملائمة (relevance ) ،
والمصداقية ( reliability ) ، والقابلة للمقارنه (conservation )، والموضوعية (objectivity ) كما صاحب هذا التطور انفتاح المحاسبة على فروع المعرفة الاخرى ،
كانفتاح مثلا على النظرية الحديثة للمعلومات ، وهي التي قدمت للمحاسبيين كثيرا من
المفاهيم والادوات التي عززت من اهمية دور معيار الافصاح ، ومن هذه المفاهيم
والادوات مثلا : مفهوم المحتوى الاعلامي للتقرير المالي .
وبالرغم
من اهمية هذا المعيار – من حيث مايوفره من معلومات – الا ان المشكلة تكمن في تعدد
وجهات النظر حول مفهوم وحدود الافصاح عن المعلومات الواجب توفيرها من البيانات
المالية المنشورة، وينبع هذا الاختلاف اساسا من اختلاف مصالح الاطراف ذات العلاقة
، والذي ينعكس على الزاوية التي ينظر من
خلالها كل طرف نحو المشكلة ، فنظرة الطرف المسؤول عن اعداد البيانات المنشورة مثلا
– وهو ادارة المنشأة حيال مشكلة الافصاح ، قد لا تلتقي – بالضرورة – مع نظرة من
يدقق هذه البيانات ، ولا مع نظرة من يستخدمها من رجال الاعمال ، من هذا يصبح من
الصعب –جدا توفير مفهوم عام موحد للافصاح يضمن مستوى الافصاح الذي يحقق لكل طرف من
هذه الاطراف رغباته الكاملة في هذا المجال
، الانه من المؤكد ان معيار الافصاح المناسب ، لابد من ان يرتبط مع الافصاح
الواقعي ،أي الافصاح الممكن او المتاح والواقعي قدر الامكان ، بمعنى ان التقارير
المحاسبية ، يجب ان تفصح عن جميع المعلومات الضرورية الكفيلة بجعلها غير مضلله ،
وتحقق مصلحة العدد الاكبر من المهتمين بمعلومات القوائم المالية
ونتيجة
لذلك حددت لجنة اجراءات التدقيق المنبثقة عن المعهد نفسه، في معرض مناقشتها
للمعيار الثالث "معيار التقرير" من معايير التدقيق ، ماهية ((الافصاح المناسب)) بما يلي:
"
ان معطيات عرض المعلومات في القوائم المالية – وفقا لمبادئ المحاسبة المتعارف
عليها – تقضي بتوفير عنصر الافصاح المناسب في هذه القوائم وذلك بشان جميع الامور
المادية "الجوهرية " وعنصر الافصاح المقصود هنا على صلة وثيقة بشكل
ومتحوى القوائم المالية ، وبالمصطلحات المستخمه فيها ، وأيضا بالملاحظات المرفقه
بها ،وبمدى مافيها من تفاصيل وذلك بكيفية تجعل لتلك القوائم قيمة اعلامية من وجهة
نظر مستخدمي هذه القوائم "
واوضح
النص السابق – بشكل واضح – ماهية الافصاح ، مركزا على العناصر الجوهرية التي تمارسها الوحدة الاقتصادية ، ومادامت
الوحدة الاقتصادية تعمل في مجتمع معين ، تتأثر به وتتفاعل معه فانه من الضروري ان
تفصح عن ادائها الاجتماعي، باعتبارها من العناصر الجوهرية التي تمارس .
وبذلك
يمكن ان نحدد مفهوم الافصاح عن الاداء الاجتماعي : بانه الاسلوب او الطريقه التي
بواسطتها تستطيع الوحده الاقتصادية اعلام المجتمع باطرافه المختلفه عن مناشئها
المختلفه ، ذات المضاميين الاجتماعية، وتعتبر القوائم المالية او التقارير الملحقة
بها اداة مناسبة لتحقيق ذلك ، ولعل ابرز الانشطة التي لها اثر مباشر على المجتمع ،
هي التي تحقق له منافع اجتماعية يمكن اجمالها بما يلي :
·
انشطة خاصه بحماية المستهلك.
·
انشطة خاصه بحماية البيئه والموارد الطبيعية.
·
انشطة خاصه بتنمية الموارد البشرية .
وعليه
فان معيار الافصاح المناسب (adequate disclosure ) ، يلعب دورا هاما و مركزيا – سواء في نظرية
المحاسبة ، او في الممارسات المحاسبية ، وقد تكرست اهمية هذا المفهوم بعدما لقيه
من اهتمام كبير من عدة جهات منها :
الجمعيات
المهنية المحاسبية ، وادارات البورصات العالمية ، وكذلك الباحثون والاكاديميون ،
وتزداد اهميته في مجالات المشاكل المحاسبية التي لم يتم الاجابة عنها في الفكر المحاسبي
ومنها : مشكلة قياس تكاليف البيئة .
وأن
اية مناقشة ، او بحث لطبيعة الافصاح المناسب لتكاليف الحد من التلوث – كما هو
الحال في المجالات الاخرى- لابد وان يتم في اطار اغراض المحاسبة المالية ، والتي
تتمحور في نهاية الامر حول عرض رئيسي هو: توفير المعلومات للفئات التي تستخدم
البيانات المحاسبية في اتخاذ قرارات اقتصادية تتعلق بالمنشأة المصدرة للبيانات ،
كما تهيئ لهؤلاء بعض المؤشرات المالية التي تمكنهم من التنبؤ ببعض المتغيرات لتلك
المنشأه : كمساهمتها في الحد من التلوث البيئي ، وتحقيق ادائها الاجتماعي مثلا ،
او قوتها الايرادية.
وبسبب
الاهمية المتزايدة لمعيار الافصاح عن المعلومات المحاسبية ، حرصت المجاميع المهنية
في شتى البلدان المتقدمة على اصدار معايير او بيانات خاصة بالافصاح ، كما ان
اللجنة الدولية لمعايير المحاسبة (lasc ) حرصت هي الاخرى على اصدار معيار
خاص في هذا الشان ، هو المعيار رقم (5 ) الذي يحمل عنوان المعلومات التي يتوجب
الافصاح عنها في البيانات المالية ، الذي اصدر عام 1974 ، وتم تنقيحة عام 1993 ،
كما حرصت ايضا على تضمين كل معيار صدر عنها قواعد خاصة ، تحدد كلا من حدود وشروط
الافصاح عن المعلومات بشان الموضوع ، او
الموضوعات
التي يعالجها ذلك المعيار ، وذلك حرصا منها على توفير نوع من القبول الدولي (international acceptance ) للقوائم المالية المنشورة .
ومن
مراجعة متانية للمعيار رقم (5 ) الذي تم الا شارة اليه – فيما سبق – نلاحظ انه من
الصعب جدا توفير مفهوم عام موحد للافصاح ، يضمن توفير مستوى الافصاح الذي يحقق لكل
الاطراف – الذين لهم مصلحة في المعلومات المحاسبية المنشورة – رغباتهم الكامله في
هذا المجال ،بالاضافة الى ذلك ان المعيار السابق جاء خاليا من اية اشارة الى طريقة
الافصاح عن تكاليف الحد من التلوث ، الا انه يمكن الاستفادة في هذا المجال من روح
المعيار واستخدامه في عملية الافصاح عن تكاليف الحد من التلوث، وبخاصه البند (11 )
من المعيار المذكور الذي جاء فيه مايلي :
أ- الاراضي والمباني .
ب- المنشات والمعدات .
ج- البنود الاخرى من الاصول ،
وتحديدها بصورة مناسبة.
د- الاندثار المتراكم .....الخ
.
وكذلك البند (18) الذي جاء فيه
: يجب الافصاح عن المعلومات التالية :
أ- مبيعات او ايرادات التشغيل الاخرى
ب- الاندثار.
ج-ايرادات
الاستثمار .
د- ايرادات الفوائد
هـ - مصاريف الفائدة
.
و- ضريبة الدخل .
ز- مصاريف غير عادية
.
ح- ايرادات غير
عادية .
ط- عمليات هامة مع
شركات داخلية.
ي- صافي الدخل.
ومن الممكن ترجمة
البنديين السابقيين في مصلحة الافصاح عن تكاليف الحد من تلوث البيئة ، بأقتراح قائمة
احصائية ترفق مع القوائم المالية المنشورة – سنويا- تبين العناصر التالية :
أ- تكلفة كل نوع من
انواع الالات ، والمعدات المستخدمة في الحد من التلوث .
ب- الاندثار السنوي لكل من انواع الالات ، والمعدات
المستخدمة في الحد الادنى من التلوث .
ت- مصاريف ازالة النفايات الضارة بالبيئة ،بعد الانتهاء من
العمليات الانتاجية .
ث-
تكاليف البحث والتطوير في مجال الحد من تلوث البيئة .
ج- المبالغ المدفوعة لمؤسسات الدولة المسؤولة عن حماية البيئة.
إرسال تعليق