صندوق
النقد الدولي والبنك الدولي
1. صندوق النقد الدولي International Monetary Fund (IMF)
لقد نشأ صندوق النقد الدولي والبنك الدولي
في الحرب العامليه الثانيه، نتيجة لمؤتمر الأمم المتحده "للنقد والمال"
في بريتون وودز في نيوهمشاير، في تموز 1944 "كما ذكرنا" كجزء من مجهود
منسق لتمويل اعادة بناء اوربا بعد الدمار الذي خلفته الحرب وانقاذ العالم من حالات
الكساد الأقتصادي المستقبليه، كما يفترض، حيث وضعت عدد من المقترحات الخاصه بالنظام
النقدي الدولي الجديد، لكي يجري تجنيب العالم الأزمات الأقتصاديه التي عرفها في
الثلاثينات، واسندت المهمه الصعبه لضمان الأستقرار الأقتصادي العالمي، الى صندوق
النقد الدولي الذي كان حصيلة، اقتراح الأقتصادي البريطاني جون مينارد كينز، الذي
شارك في هذا المؤتمر، وكذلك مقترحات مشروع الأقتصادي الأمريكي "هوايت"،
حيث قدم "كينز*" كما يقول جوزيف ستكلتز، تفسيرا بسيطا ومجموعة بسيطه
منسجمه من الوصفات: انعدام الطلب المجموع الكافي، هو الذي بفسر الأنحدار
الأقتصادي: ويمكن ان تساعد الهبات السياسات الحكوميه في تحفيز الطلب المجموعي، وفي
الحالات التي تكون السياسه النقديه غير فعاله، فبأمكان الحكومات الأعتماد على
السياسه الماليه اما بزيادة الأنفاق او بخفض الضرائب"، ولم تقبل اقتراحات "كينز" من قبل
الولايات المتحده الأمريكيه، التي رأت فيها محاولة كما يقول "د. غازي
صالح" من انكلترا للأستفاده من قدرة الأقتصاد الأمريكي، مع الحيلوله من دون
السيطره على الدولار في المعاملات الدوليه، لذلك قدمت اقتراحات مقابله صاغها
"هوايت" وضعت اساس لتأسيس الصندوق النقد الدولي،
______________________________________________________________________
*
للمزيد راجع مؤلف جوزيف ستكلتز "العولمه ومساوءها – الحاز على جائزة نوبل في
الأقتصاد عام 2001 – عضو مجلس المستشاريين الأقتصاديين في الرئيس هنري كلنتون،
وكبير الأقتصاديين في البنك الدولي حتى عام
2000
على
ان انشاءه لتثبيت اسعار الصرف... وأهتمت خطته "هوايت" بضرورة حماية
اسعار الصرف والعمل على
تثبيتها.
كما ويضع بعض الأقتصاديين عدد من الأهداف لصندوق النقد الدولي، يمكن تلخيصها بما
يلي:
1. تقوية التعاون النقدي
الدولي، اي التعاون بين الدول لحل مشاكل النقد الدولي عن طريق الحوار وتبادل
الرأي.
2. أقامة نظام صرف ثابت،
مع توفير مرونه محدده في اطار هذا الثبات لأسعار الصرف، والعمل على استقرار اسعار
الصرف وتجنيب المنافسه في عمليات تخفيض العملات
3. تقديم المشوره من قبل
الصندوق للدول للأعضاء، وان تقدم الأعانه في وقت حاجتها وبشكل مستمر وتوفير
التمويل اللازم، من اجل معالجة حالات الأختلال في ميزان المدفوعات.
4. تسهيل التوسع والنمو
المتوازن في التجاره الدوليه، وتخفيف القيود على عمليات التحويل الخارجي.
5. تبني الصندوق سياسات
التحرر المالي وعمل على تنفيذها.
6. العمل على توازن
واستقرار الحسابات الدوليه، وتقديم القروض قصيرة الأجل للدول ذات العجز في موازين
مدفوعاتها.
وعلى مايبدو، ان الصندوق النقد الدولي،
اسندت إليه مهمة الحيلوله دون حدوث كساد عالمي آخر او ازمه اقتصاديه، كما حصلت
ازمة عام 1929، وان يضغط دوليا، للحفاظ على الطلب الكلي العالمي، وفي مفهومه
الأصلي كما يشير "ستكلتز"، استند " الصندوق" الى الأعتراف بأن
الأسواق غالبا ما لاتعمل بشكل جيد – يمكن ان ينجم عنها بطاله هائله وربما تفشل في
تسيير الأموال المطلوبه للبلدان لمساعدتها في استعادة اقتصاداتها وبناء على ذلك
اسس "الصندوق" على الأعتقاد بوجود حاجة الى عمل جماعي على المستوى
العالمي من اجل الأستقرار الأقتصادي... وهكذا جرت تثبت اهدافه... وعلى مر السنين
منذ انبثاقه، تغير الصندوق كما يقول "البروفسور جوزيف كلينز" بشكل
ملحوظ، فهو اسس بناء على اعتقاد بأن السوق غالبا، ماتعمل بشكل ردئ واما الأن فهو
يتربع على هيمنة السوق بحماسه عقائديه ويكمل ايضا بأن اسس على الأعتقاد بوجود حاجه
لممارسة ضغط دولي على البلدان من اجل اعتماد المزيد من السياسات الأقتصاديه
التوسعيه – كزيادة الأتفاق وتقليل الضرائب او خفض معدلات الفائده لتحفيز
الأقتصاد... واليوم يقول ستكلنز Joseph E. Stigltiz، لايمنح الصندوق اموالا الا اذا
اعتمدت البلدان سياسات كخفض العجوزات وزيادة الضرائب او زيادة معدلات الفائده مما
يؤدي الى انكماش الأقتصاد... وتأسسا على هذه الأفكار، فأن الصندوق النقد الدولي،
لم يعد حاجة عمل جماعي على المستوى العالمي من اجل الأستقرار الأقتصادي، وبات
يتعارض مع الأهداف التي وضعت منذ نشوءه، مالم تخضع هذه الدول لفلسفته العقائديه،
كما يشير الى ذلك جوزيف ستكلتز.
2. البنك الدولي للأعمار والتنميه The International Bank for
reconstruction & Development (IBRD)
يعد هذا البنك (المصرف) مؤسسه ماليه دوليه،
ويختصر عادة بأسم البنك الدولي (WB)، وله رأسمال ساهمت به الدول
المشتركه في تأسيسه، ويفترض ان وظيفته هو مساعدة الدول الأعضاء على اعادة البناء
والتنميه، من خلال تقديم القروض الدوليه الطويلة الأجل وتشجيع حركة الأستثمارات
الدوليه، لتنمية وسائل انتاجها وتحسين قدرتها وتطويرها، وان عمليات التمويل التي
يقوم بها، تتم من خلال الأدوات التمويليه ومنها السندات، وتوفير الضمانات الكافيه
للمقترضين، ويوفر الخبرات العلميه والمهنيه في تقييم المشاريع، وخاصة بالنسبه
للدول الناميه، كما يفهم من اهداف تأسسيه، بالأضافه الى تحقيق النمو المتوازن
للتجاره الدوليه.
3. منظمة التجاره العالميه World Trade Organization
وهي المنظمه المنبثقه عن مؤتمر "Bretton Woods"
بهدف تعزيز التعاون الدولي في التجاره، بيد ان هذه المنظمه، لم تدخل حيز التنفيذ،
وانما ابتدأت بمنظمة الأتفاقيه العامه للتعريفات والتجاره (General Agreement for Tariffs and
Trade: GATT) التي انشأت في عام 1948، وهكذا تشكل نظام النقد الدولي وامتد
للفتره (47-1971)، حيث اطلق عليه بنظام سعر الصرف الثابت القابله للتعديل (The Adjustable Peg)،
ومؤداه، يتوجب - على كل عضو في الصندوق – ان يحدد قيمة عملته اما بمقدار من الذهب
او بعدد من الدولارات الأمريكيه، وطبقا للماده الرابعه الفقرتين 4،3 من اتفاقية
بريتون وودز لعام 1945، التي تنص، لثبت القيمه السوقيه للعمله ضمن حدود 1% من القيمه المعادله Par Value، وكان الدولار انذاك يعادل 1/35
اونس ذهب (اي ان الأونس الواحد من الذهب يعادل 35 دولار امريكي "كما اشير الى
ذلك من قبل" ومنذ ذلك الوقت يقول "عرفان تقي الحسيني" تعززت قاعدة
الصرف بالدولار عالميا كبديل لقاعدة الصرف بالذهب التي تشكل الأساس النظري لنظام Bretton Woods،
وهكذا اصبحت العمله الأمريكيه، هي العمله الوحيده المعادله بالذهب وبه تقاس وتسوي
كافة المعاملات النقديه في السوق الرأسمالي العالمي...
بالأضافه الى ذلك ان "صندوق النقد
الدولي + البنك الدولي + منظمة التجاره العالميه، هناك عدد كبير من المؤسسات
الأخرى التي تلعب دورا في النظام الأقتصادي الدولي – عدد من البنوك الأقليميه +
شقيقات صغار للبنك الدولي، وعدد من منظمات الأمم المتحده، كبرنامج الأمم المتحده
الأنمائي (UNDP)
او مؤتمر الأمم المتحده للتجاره والتنميه (UNCTAD)... وغير ان هاتان المنظمتان،
لهما توجهات مختلفه احيانا عن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
وفي آب 1971، انهيار نظام (Bretton Woods)
للنقد الدولي، حيث اعلن الرئيس الأمريكي نيكسون Neckson في 15 آب 1971، بعدم التزام بلده
بشراء وبيع الذهب مقابل الدولار، وبذلك انهار نظام السعر الثابت "نظام بريتون
وودز" اي نظام: قابلية الأستبدال التلقائيه Automatic Tranferability للدولار الى الذهب ملغية معه
اتفاقية الصندوق (IMF) حتى دون الرجوع الى ادارة الصندوق في اتخاذ هذا القرار، منهية
بذلك مرحلة من مسيرة نظام النقد الدولي. وبدأت الدول تعوم (Floating) عملاتها مقابل الدولار، بمعنى،
ان تحدد القيمه الخارجيه لعملاتها مرفقا لتفاعل قوى السوق (الطلب والعرض)، ولكن
ليست بحريه تامه وانما كانت الحكومه تتدخل للحفاظ على مستوى معقول من سعر تعادل
عملتها، كما يشير الى ذلك "عرفان تقي الحسيني"... وتلخيصا لما يجري
الحديث عنه، فأن مشكلات النظام النقدي الدولي لايمكن تناولها دون تشخيص المشكلات
الأقتصاديه، ولكون النظام النقدي الدولي هو جزء من حركة النظام الأقتصادي الدولي
ككل، وقد اشار الباحث في دراسات اخرى "بحوث" لهذه المشكلات العديده...
ومعظم هذه المشكلات لازالت دون حلول وستبقى كذلك، طالما لاتوجد علاقات تكافؤ بين
الدول المتقدمه والدول الناميه او بين المركز والأطراف، كما يحلو لبعض الأقتصاديين
تسميتها.
____________________________________________________________________
* للتفاصيل اكثر
راجع (عرفان تقي الحسيني) "التمويل الدولي" ص215 ومايليها، وأيضا (فليح
حسن خلف) "العلاقات الأقتصاديه الدوليه" ص285 ومايليها... وايضا (د.
غازي صالح محمد الطائي) "الأقتصاد الدولي" ص210 ومايليها.
إرسال تعليق