صوت من حراء إبراهيم فطاني
التعريف بالشاعر : ولد سنة 1321هـ في مكة المكرمة- بعد أن أتم تعليمه في المدرسة الراقية، وعلى يد علماء المسجد الحرام ، عمل مدرسا في المسجد الحرام ، ثم في دار العلوم الشرعية ، ثم المعهد العلمي السعودي ، ثم مدرسة تحضير البعثات ، كما عمل قاضيا بمكة المكرمة .
إنتاجه الشعري :
له شعر كثير منشور في الصحف والمجلات .
له قصائد في الابتهالات الدينية مسجلة في الإذاعة.
له ديوان شعر يسمي ( الهمزة ) وهو قصيدة طويلة في سيرة الرسول صلي الله عليه وسلم - من عدة فصول .
خصائصه الشخصية :
واسع الاطلاع
غزير المعرفة
شاعر عاطفي ، يمتاز بقوة البديهة وسرعة الخاطر .
المناسبة : من غار حراء حيث بدأ الوحي الإلهي على النبي صلي الله عليه وسلم - وما حدث من قيام دولة التوحيد ، وما تحقق للإسلام من مجد عظيم ، ... يري كيف حال المسلمين اليوم . وقد ضعفوا وتفرقوا ، واكتفوا بالكلام ولم يعملوا ..
الأفكار العامة للقصيدة : ظهور نور النبوة من حراء بمكة ، وعلو صوت الإسلام ، وانتهاء عهد الظلام والطغيان وبداية عصر الإيمان والحق والخير والمساواة.
المسلمون اليوم : متفرقون ، متأخرون ، حياري تائهون ، يقولون ولا يعملون منقسمون ، مختلفون .
دعوة المسلمين إلي اليقظة ، والعودة إلي وحدة الصف والكلمة ، والعمل بالعزم والصدق والقوة .
خصائص الشاعر : عاطفته عاطفة صادرة عن قلب ملئ .
العاطفة جاءت ممتزجة بالأفكار - في إخلاص وغيرة على أمته الإسلامية .
أسلوبه واضح الألفاظ - وكلماته مألوفه لا غرابة فيها .
متنوع أسلوبه بين الخبري والإنشائي - مع استخدام الصور الخيالية
النص
التعريف بالشاعر : ولد سنة 1321هـ في مكة المكرمة- بعد أن أتم تعليمه في المدرسة الراقية، وعلى يد علماء المسجد الحرام ، عمل مدرسا في المسجد الحرام ، ثم في دار العلوم الشرعية ، ثم المعهد العلمي السعودي ، ثم مدرسة تحضير البعثات ، كما عمل قاضيا بمكة المكرمة .
إنتاجه الشعري :
له شعر كثير منشور في الصحف والمجلات .
له قصائد في الابتهالات الدينية مسجلة في الإذاعة.
له ديوان شعر يسمي ( الهمزة ) وهو قصيدة طويلة في سيرة الرسول صلي الله عليه وسلم - من عدة فصول .
خصائصه الشخصية :
واسع الاطلاع
غزير المعرفة
شاعر عاطفي ، يمتاز بقوة البديهة وسرعة الخاطر .
المناسبة : من غار حراء حيث بدأ الوحي الإلهي على النبي صلي الله عليه وسلم - وما حدث من قيام دولة التوحيد ، وما تحقق للإسلام من مجد عظيم ، ... يري كيف حال المسلمين اليوم . وقد ضعفوا وتفرقوا ، واكتفوا بالكلام ولم يعملوا ..
الأفكار العامة للقصيدة : ظهور نور النبوة من حراء بمكة ، وعلو صوت الإسلام ، وانتهاء عهد الظلام والطغيان وبداية عصر الإيمان والحق والخير والمساواة.
المسلمون اليوم : متفرقون ، متأخرون ، حياري تائهون ، يقولون ولا يعملون منقسمون ، مختلفون .
دعوة المسلمين إلي اليقظة ، والعودة إلي وحدة الصف والكلمة ، والعمل بالعزم والصدق والقوة .
خصائص الشاعر : عاطفته عاطفة صادرة عن قلب ملئ .
العاطفة جاءت ممتزجة بالأفكار - في إخلاص وغيرة على أمته الإسلامية .
أسلوبه واضح الألفاظ - وكلماته مألوفه لا غرابة فيها .
متنوع أسلوبه بين الخبري والإنشائي - مع استخدام الصور الخيالية
النص
أي صوت عزة وجلال ؟
|
أي نور قد
شع من ذي التلال ؟
|
أي صوت علا فهز البرايا
|
وتداعت له
صروح الضلال ؟
|
من حراء الخلود أعظم بطود
|
يتحدي
الحصون ذات الظلال
|
صوت طه يدعو إلي خير دين
|
فسما
بالأنام نحو الكمال
|
ذاكم الصوت لا يزال يدوي
|
يتخطى
مسامع الأجيال
|
سجلته في محكم من كتاب
|
قدرة الله
ذي القوي والجلال
|
لم يزل داعياً إلي كل خير
|
وينادي
بوحدة واعتدال
|
أيها المسلمون ما لي أراكم
|
قد صممتم
عن صوته المتعالي ؟
|
فرقتنا مذاهب وحقود
|
أضرمتها
أصابع الاحتلال
|
ثم نمنا وأدلج الغرب حتي
|
أيقظتنا
الخطوب ( قبل الزوال )
|
وإذا نحن في الطريق حيارى
|
مثل جسم
مفكك الأوصال
|
ليس يجدي الكلام عنا فتيلا
|
قد محا
السيف شقشقات المقال
|
ما مضي فات فاربعوا لا توانوا
|
واجمعوا
الشمل وانهضوا بالفعال
|
وكفانا تباطؤا وانقساماً
|
واختلافا
قد جر شر الوبال
|
يا قومي أري المراجل غلي
|
وأري
الكون حافزاً للقتال
|
يا لقومي وكل قومي أباة
|
كشر الشر
عن نيوب طوال
|
فارفعوا راية الجهاد بعزم
|
لنذيق
الأعداء كأس النكال
|
وحدوا الصف والقيادة وامضوا
|
إن في
الاتحاد خير المآل
|
اللغويات :
شع : انتشر ، صممتم : سددتم آدانكم عن سماعه
التلال : جمع ( تل ) ارتفاع عن الأرض ، أضرمتها : أوقدها وأشعلها .
البرايا : جمع ( برية ) الخلق ، أدلج : ساروا من أول الليل
تداعت : تهدمت وانهارات ، الخطوب : الأمور الشديدة مفردها ( خطب )
طود : الجيل العظيم الصاعد في الجو علوا
الأوصال : جمع ( وصل ) مجتمع العظام .
طه : نداء خاص بالنبي صلي الله عليه وسلم ، يجدي : يفيد .
الأنام : جميع ما على الأرض من خلق .
فتيلا : الخيط الذي في شق النواة ، شيئا قليلا ، اعتدال : التوسط بين الأمرين
شقشقات : جمع شقشقة = فصاحة الكلام ، حصون : جمع حصن بناء قوي
أربعوا : امتحنوا قوتكم - ارفعوا أيدكم إعلانا للقوة .
محكم : ( متقن ) ، ومن القرآن = الظاهر الجلال : العلو والرفعة
الذي لا شبهة فيه ولا يحتاج إلي تأويل .
الشمل : مجتمع ما تفرق وتشتت من الأمر ، النكال : العقاب أو النازلة .
الوبال : سوء العاقبة ، المآل : رجوع ونهاية
المراجل : القدور من الطين أو النحاس ، توانوا : ضعفوا ولم يهتموا .
شرح الأبيات :
ما أروع ذلك الصوت الذي علا في غار حراء ، وما أعظم ذلك النور الذي انتشر على كل الدنيا من جبال مكة .
لقد هز صوت الإسلام كل المخلوقات ، فاندكت قلاع الكفر ، وهوت صروح الظلم والظلام .
ما أعظمك يا جبل حراء ..... أنت أعظم الأطواد الراسبة ، فأنت أسمي قدرا من كل الحصون والجبال الشامخة .
من حراء كانت دعوة طه - صلي الله عليه وسلم - إلي دين الحق وطريق الخير ، الذي رفع الإنسانية من قاع الضياع إلي قمة السمو والكمال .
إن صوت الإسلام سوف يبقي على مدي الأزمان ، لن تعوقه عوائق ، ولن تسكته موانع أبدا .
لقد جاءت آيات القرآن الكريم سجلا خالد لدين الله ، قدرة الله وعزته وجلاله أن يبقي خالدا حتي يرث الله الأرض ومن عليها .
سوف يبقي صوت التوحيد دعوة أبدية إلي الحق والخير ، والاعتدال ، فلا تدني في الآمر ، ولا شطط ولا مغالاة في شئ .
مالي أري المسلمين قد ابتعدوا عن هذا المنهج الإلهي السامي ، وكأنهم سدوا آذانهم عن سماع هذه الدعوة الخالدة ، وذلك النداء العالي قدرا واقتدارا .
لقد تفرقت كلمة المسلمين ، وصاروا شيعا ومذاهب متناحرة - توغر صدورهم الأحقاد ، ويشعل الاستعمار نار الفتنة بينهم في كل مكان .
لقد نام المسلمون ، ونسوا عزهم ، وتهاونوا في إسلامهم .. في حين أن الغرب اللئيم قد صحا ونهض .. ولم يفق المسلمون إلا على الخطر الداهم .
ما نحن متفرقون في كل مكان - كالحياري في الطريق ، ممزقون كجسم تمزقت أوصاله . لاشمل يجمعنا ، ولا أمر يوحد كلمتنا .
تكلمنا كثيرا ، ولكن لا فائدة من الكلام ، فالقوة تلغي كل فصاحة ، وتهزم كل مقال .
ما فات ... فات ... فليكن لنا في الحاضر عودة للقوة ، ولنرفع ايدينا للجهاد - عملا لا قولا .
ويكفي ما عشناه من الانقسام والتخاذل والانهزامية التي جلبت لنا وخيم العواقب.
فإن الكون مشتعل بنار الحرب ، وكل متحفز للقتال - ونحن قوم أعزة أباة .
نرفض الذل ، فلنظهر للدنيا قوتنا واستعدادنا للحرب والجهاد .
يجب أن نرفع راية الجهاد ، وأن توحد صفوفنا متحدين ، نذيق أعداءنا سوء العقاب .
التحليل والتذوق :
أي صوت ، وعزة ، وجلال ، أي نور :
أربعة أشياء في البيت الأول : عطف كل منها على ما قبله ، لترابطها كلها بالصوت الذي انطلق نوره من حراء ، فهذا الصوت ( نداء الإسلام ) حمل معه العزة ، وحقق المسلمين الرفعة والعلو ، وبه عم نور الهداية . وقد ذكر كل ذلك في أول بيت ليشير مقدماً إلي عظمة ما جاء مع صوت الإسلام من أمور كثيرة .
بدأ ب ( صوت ) لأنه الأصل ما تحقق بعده من عزة ، وجلال .
قدم ( عزة ) على جلال لأن العزة تعني القوة ، ولا جلال ولا علو إلا اذا وجدت القوة . العزيزة التي تجعل صاحبها عزيزا ، فالجلال يجئ بعد العزة .
أي صوت ؟ أي نور ؟ أسلوب إنشائي استفهام للتفخيم والتعظيم .
( نور ) استعارة تصريحية شبه الإسلام وما جاء به من هداية بالنور يهدي في الظلمات .
من ذي : من لابتداء المكان - و( ذي ) توحي بقرب المكان من الشاعر ومنا جميعا روحياً ومكانياً .
علا : علواً صوتياً ، وعلا فوق كل صوت آخر من أصوات الكفر والجاهلية .
صم البرايا : كناية عن قوة أثر صوت الدعوة المحمدية في كل المخلوقات .
أي صوت : أسلوب إنشائي استفهام ( طلبي ) للتعجب من عظمة آثار هذا الصوت - ( أي صوت ) تكراره لزيادة التعجب والتعظيم .
له : تقديم للتخصيص والتعظيم ، فالهاء ضمير يعود على الصوت ، وهو مقدم على صروح الضلال .
صروح الضلال : تشبيه بليغ - شبه الضلال والكفر بصروح كانت قوية - لكنها انهارات مع دعوة التوحيد - ( صروح ) جمع موفق ليدل على مدي طغيان وجبروت الكفر والكفار قبل الإسلام ، ولكنها مع كثرتها دالت وانتهت .
حراء الخلود : إضافة حراء إلي الخلود بيان لما آلت إليه دعوة الوحيد التي انطلقت من غار حراء من خلود يبقي ما بقيت الحياة.
أعظم بطود : أسلوب تعجب على وزن ( أفعل ب ) يشبه دعوة التوحيد بالطود الشامخ العظيم ... فهو استعارة تصريحية - شبه دعوة التوحيد بالطود وحذف المشبه وصرح بالمشبه به - وهي صورة خيالية رائعة التصوير في الثبوت ورسوخ دعوة الإسلام أمام كل التحديات على مر العصور .
الضلال ، الظلال : جناس ناقص .... وبينهما تناسق لفظي - مع بعدهما .
يدعو إلي خير دين : ( 1 ) استعمال المضارع ( يدعو) للاستمرار والدوام في دعوة التوحيد التي نادي بها النبي صلي الله عليه وسلم ( 2 ) ( خير ) اسم تفضيل على وزن أفعل ، فالأصل ( أخير ) حذفت الهمزة لتسهيل الاستعمال لكثرته .
الأنام - الناس - المسلمين : ( الأنام ) جميع ما على الأرض من خلق . واستعمالها يوحي بأن الإسلام
لم يرتق بالإنسان فقط ، بل سما بكل المخلوقات . وارتقي بكل مظاهر الوجود .
ذاكم : إشارة للبعيد - إيحاء باتساع المدي الذي وصل إليه صوت دعوة التوحيد .
لا يزال ، ما زال : استخدام لا يزال أفضل للتجدد والاستمرار الدائم لدعوة الإسلام
يتخطى مسامع الأجيال : ( 1 ) كناية عن البقاء والانتشار في كل زمان ومكان . ( 2 ) ( مسامع الأجيال ) استعارة مكنية جعل للأجيال مسامعاً - لكن دعوة الإسلام لم تقف عندها بل تخطتها جيلا بعد جيل .
( الأجيال ) مجاز مرسل علاقته الزمنية ، ذكر الزمن ( الأجيال ) وهو يريد ( أهل الأجيال )
سجلته : إيحاء بالثبوت والتوكيد .
محكم : توكيد للصحة والتدقيق ، فالقرآن منزه عن كل ما يصيب الكلام الآخر من خطأ أو تأويل .. قال تعالي (( كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير )) ( 1-هود ) . قال تعالي (( هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آياته محكمات هن أم الكتاب ... )) .
القوي : جمع قوة - إشارة إلي ما يتصف به سبحانه وتعالي من قدرات في كل صفاته ومنه قوله تعالي ( إن هو إلا وحي يوحي - علمه شديد القوي ) ( 5-النجم )
لم يزل داعيا إلي كل خير : إشارة إلي ما يدعو إليه الإسلام من خير الدين والدنيا والآخرة
ينادي بوحدة واعتدال : ( 1 ) المضارع ( ينادي ) للاستمرار والتجدد لدعوة الإسلام الخالدة ( 2 ) ( وحدة ) وحدة ( بفتح الواو ) من التوحد - وحدة الكلمة بين المسلمين في رأيهم ومواقفهم ، وحدة الصف الإسلامي بين المسلمين في جهادهم وعملهم .
اعتدال : الاعتدال هو سمة الإسلام - فلا إفراط ولا تفريط ، لا شطط ولا مغالاة في أمور الدين ، وقضايا الحياة والمسلم.
أيها المسلمون : أسلوب إنشائي نداء لإظهار الأسي والتحسر .
مالي أراكم : أسلوب إنشائي استفهام للتعجب والإنكار .
صممتم عن صوته المتعالي : إيجاز بحذف مفرد - المفعول به فالأصل - صممتم الآذان - الأسماع )) .وكأنه يريد بحذفها أن يقول للمسلمين : كأنكم لشدة صممكم عن دعوة الوحدة والاعتدال ليس لكم آذان .
فرقتنا مذاهب وحقود : ( 1 ) إشارة إلي أسباب تفرق المسلمين ، وهي كثرة الاتجاهات والمذاهب السياسية والفكرية ، والأحقاد التي يكنها أعداء المسلمين من الغرب والشرق الكافر . ( 2 ) ( حقود ) استعمال جمع الكثرة ( حقود ) ليدل على كثرة ذلك ، وشدة آثاره على المسلمين ( 3 ) وعطف حقود على مذاهب ليبين تعدد أسباب تفرقة المسلمين .
أضرمتها - أشعلتها : الإضرام هو إذكاء النار بعد إشعالها - إشارة إلي ان هذه الأحقاد أشعلت نيران الفرقة بين المسلمين ، ثم لا تزال تغذيها وتزيدها اشتعالاً .
أصابع الاحتلال : ( 1) أصابع مجاز مرسل علاقته الآلية . وذكر آلة إشعال الحرب والفرقة وهو يريد نارها ( 2 ) ( الاحتلال ) همزة وصل ، لأنه مصدر لفعل خماسي ، ولكن الشاعر كتبها همزة قطع لاستكمال الوزن .
ثم نمنا × أدلج الغرب : مقابلة للموازنة بين حالنا - نحن العرب - ( نمنا ) وحال الغرب ( أدلج ) وسار ) وهي توحي بمدي ما حدث لنا من جراء الفرقة والأحقاد من تخاذل .
أيقظتنا الخطوب : استعارة مكنية ، جعل الخطوب شخصا أيقظ المسلمين من نومهم .
قبل الزوال : ربما أراد أن الخطوب والآلام أيقظتنا في وضح النهار ، على مسمع من الدنيا . وربما أراد أن هذه الخطوب أيقظتنا - لكن بحمد الله - قبل فوات الأوان ، مما يعطينا الفرصة على استعادة مجدنا ووحدتنا . ولكن الأول هو الأقرب . لأن البيت التالي يوضح أننا همنا في الدنيا حياري ممزقين .
نحن في الطريق حياري : تشبيه بليغ - يشبه المسلمون وقد تفرقوا وتوزعوا بالطفل الشريد الحائر في الطريق - والتشبيه يوحي بمدي ما آل إليه حال المسلمين في العصر الحديث من ذل وضياع وتشرد .
مثل جسم مفكك الأوصال : تشبيه آخر لتمزق حال المسلمين بجسم تفككت روابط فقراته ، وانحلت مجامع عظامه ، وهو يشير إلي أن حالنا صار عكس ما نادي به النبي صلي الله عليه وسلم حين قال ( مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد ..) .
ليس يجدي الكلام : هذا البيت هو نفس ما دعي إليه أبو تمام في فتح عمورية ( السيف أصدق أنباء من الكتب ) ونفس قول أبن عثيمين في مدح الملك عبد العزيز :-
العز والمجد في الهندية القضب
لا في الرسائل والتنميق والخطب
يؤكد أن الكلام والكتابة لن تحقق نصرا ، ولن تهزم عدوا ، إنما القوة هي الطريق الوحيد لاستعادة العزة والكرامة .
قد محا السيف شقشقات المقال : كناية عن أن الغلبة والنصر للسلاح والقوة .لأنه أقوي من كل فصاحة وبلاغة ومقال .
البيت : دعوة تصريحية يؤكد ما قاله السابقون من أننا يجب أن نترك الكلام ، والخطب والشجب والاستنكار إلي العمل الحقيقي ، وقوة السلاح .
فاربعوا : أسلوب إنشائي أمر للحث واستنهاض الهمم والعزائم .
لا توانوا : أسلوب إنشائي نهي لتوكيد الحث على النهضة وترك التواني .
واجمعوا الشمل : كناية عن الوحدة - وهو أسلوب إنشائي طلبي ( أمر ) للحث .
وأنهضوا بالفعال : توكيد لترك الكلام إلي العمل .. وهو أمر للحث على العمل .
في البيت : تحديد لما يجب على المسلمين سرعة اتخاذه وهو أربعة أمور : إعداد القوة ، ترك التواني ، الوحدة ، العمل لا الكلام .
كفانا : إيحاء بكثرة ما لحق بنا .... وليس هناك إمكان لمزيد من ذلك .
تباطؤا ، انقساما ، اختلافا : ثلاثة حدثت لنا بكل شرورها - فكفانا ذلك - الانقسام : تمزق حال المسلمين وتشتت قوتهم ، وتمزق وحدتهم . اختلافا : اختلاف في الآراء ، واختلاف في المواقف تجاه العدو المستعمر .
قد جر شر الوبال : نتيجة سيئة للتباطؤ والانقسام والاختلاف .
يا لقومي : أسلوب استغاثة - يستغيث بقومه ، لأنهم صامتون والعالم مضطرب من حولهم .
المراجل : استعارة تصريحية - شبه حال الأمة واضطراب أحوال الدنيا بالقدور التي تغلي وتوشك على الانفجار ، إيحاء إلي شدة ما يحيط بالإسلام من خطر.
الكون : مجاز مرسل علاقته المحلية ، ذكر المحل ( الكون ) وهو يرد أحداث الكون .
يا لقومي : تكرار للاستغاثة لعل في ذلك تغييراً للحال .
وكل قومي أباة : جملة اعتراضيه للاحتراس . إشارة إلي حقيقة أن المسلمين أباة حقا .
كشر الشر : استعارة مكنية ، جعل الشر وحشا كشر عن أنيابه ، استعداداً للانقضاض على فريسته ، إيحاء بقرب اندلاع الحرب .
نيوب طوال : إيحاء لشدة الخطر المحدق ، فالنيوب الطوال أشد فتكاً .
فارفعوا راية الجهاد : أسلوب إنشائي أمر للحث وشد العزائم والاستنهاض .
بعزم : إيحاء إلي ما يجب أن يكون في الجهاد من صدق العزم وقوة الإرادة .
لنذيق الأعداء : تعليل لقوله : ارفعوا راية الجهاد ، أو نتيجة لها .
كأس النكال : تشبيه بليغ ، شبه شدة ما ينزل بالعدو من انتقام وسوء عاقبة بكأس مليئة بالانتقام .
وحدوا الصف ، والقيادة ، وامضوا : ترتيب لما يجب اتخاذه قبل بدء الجهاد : فالوحدة في الصف والعمل ، ثم وحدة القيادة ثم المضي إلي ساحة الجهاد ...
- إن في الاتحاد خير المآل : تعليل لضرورة تحقيق لوحدة الشاملة للأمة الإسلامية ونتيجة ترتيب على تحقيقها . والجملة إطناب بالتذييل لتوكيد أهمية الوحدة.
التعليق العام
النص من أدب الدعوة الإسلامية في العصر الحديث ، فهو يتناول حال المسلمين في هذا العصر ، وكيف تغير موقعهم على خريطة الحياة كثيرا عن قبل .
العاطفة في النص عاطفة جماعية ، فهو وإن تكلم بلسان نفسه إلا أن شعوره هو شعور كل المسلمين في هذا العصر . وهي عاطفة صادقة .
امتزجت العاطفة بالأفكار التي ساقها - مما جعل النص قوي التأثير في نفوسنا ففي المقطع الأول ( الأبيات 1-7 ) يصور ذلك النور الذي انطلق من غار حراء فأضاء جنبات الدنيا ، وغير مجري البشرية كلها ، - فسادته عاطفة قوية من الفخر والاعتزاز بهذا الماضي العظيم .
وتري صدق هذه العاطفة ظاهرا في أسلوبه وخيالية [ عزة ، جلال ، نور شع ، هز البرايا - علا - الخلود ، يتحدي - صوت طه - خير دين سما - الكمال . صوت يدوي - محكم من كتاب - الله ذي القوي والجلال خير - وحدة - اعتدال ] .
* وفي المقطع الثاني الذي يتحدث فيه ( الأبيات 8-14 ) عن حال المسلمين في العصر الحاضر ، وكيف أعرضوا عن دعوة الحق فهانوا وتفرقوا وذلوا تري في هذه الأبيات عاطفة قوية من شعوره بالحزن والأسي وعلى ما صاروا إليه .
وتري قوة هذا الحزن والأسي من خلال قوله [ مالي أراكم - صممتم - فرقتنا مذاهب - حقود - أضرمتها - ، الاحتلال ، نمنا ، الخطوب ، حياري ، مفكك ، لا يجدي فيتيلا ، ما مضي فات ، كفانا ، اختلاف ، شر الوبال ] .
* وفي آخر النص [ الأبيات - 18-5 ] يستحث قومه المسلمين لعلهم يخرجوا من هذا الصمت والنوم ، تري عاطفة قوية من الأمل الكبير [ كل قومي أباة ، أرفعوا راية الجهاد ، نذيق الأعداء. وحدوا الصف ، القيادة ، امضوا . الاتحاد - خير المآل ] .
من خصائص أسلوب الشاعر :
وضح الأسلوب مع عمق المعاني التي يعبر عنها .
انتقاء الألفاظ ، ودقة اختيار الكلمات .
الألفاظ مألوفة خالية من الغرابة والابتذال .
ترابط التراكيب كالبنيان المتين .
تنوع الأسلوب بين الخبري والإنشائي .
استخدام الشاعر أسلوب الوصف - مستعملاً طريقة الجد .
خيال الشاعر قليل - وما جاء فهو خيال خصب معروف - لكنه يخلو من الإيغال والسطحية ، ومعظمها مقتبس من التراث القديم .
استطاع بصورة الخيالية إبراز أفكاره وتصوير عاطفته .
النص من الاتجاه التجديدى على طريقة مدرسة الإحياء .
شع : انتشر ، صممتم : سددتم آدانكم عن سماعه
التلال : جمع ( تل ) ارتفاع عن الأرض ، أضرمتها : أوقدها وأشعلها .
البرايا : جمع ( برية ) الخلق ، أدلج : ساروا من أول الليل
تداعت : تهدمت وانهارات ، الخطوب : الأمور الشديدة مفردها ( خطب )
طود : الجيل العظيم الصاعد في الجو علوا
الأوصال : جمع ( وصل ) مجتمع العظام .
طه : نداء خاص بالنبي صلي الله عليه وسلم ، يجدي : يفيد .
الأنام : جميع ما على الأرض من خلق .
فتيلا : الخيط الذي في شق النواة ، شيئا قليلا ، اعتدال : التوسط بين الأمرين
شقشقات : جمع شقشقة = فصاحة الكلام ، حصون : جمع حصن بناء قوي
أربعوا : امتحنوا قوتكم - ارفعوا أيدكم إعلانا للقوة .
محكم : ( متقن ) ، ومن القرآن = الظاهر الجلال : العلو والرفعة
الذي لا شبهة فيه ولا يحتاج إلي تأويل .
الشمل : مجتمع ما تفرق وتشتت من الأمر ، النكال : العقاب أو النازلة .
الوبال : سوء العاقبة ، المآل : رجوع ونهاية
المراجل : القدور من الطين أو النحاس ، توانوا : ضعفوا ولم يهتموا .
شرح الأبيات :
ما أروع ذلك الصوت الذي علا في غار حراء ، وما أعظم ذلك النور الذي انتشر على كل الدنيا من جبال مكة .
لقد هز صوت الإسلام كل المخلوقات ، فاندكت قلاع الكفر ، وهوت صروح الظلم والظلام .
ما أعظمك يا جبل حراء ..... أنت أعظم الأطواد الراسبة ، فأنت أسمي قدرا من كل الحصون والجبال الشامخة .
من حراء كانت دعوة طه - صلي الله عليه وسلم - إلي دين الحق وطريق الخير ، الذي رفع الإنسانية من قاع الضياع إلي قمة السمو والكمال .
إن صوت الإسلام سوف يبقي على مدي الأزمان ، لن تعوقه عوائق ، ولن تسكته موانع أبدا .
لقد جاءت آيات القرآن الكريم سجلا خالد لدين الله ، قدرة الله وعزته وجلاله أن يبقي خالدا حتي يرث الله الأرض ومن عليها .
سوف يبقي صوت التوحيد دعوة أبدية إلي الحق والخير ، والاعتدال ، فلا تدني في الآمر ، ولا شطط ولا مغالاة في شئ .
مالي أري المسلمين قد ابتعدوا عن هذا المنهج الإلهي السامي ، وكأنهم سدوا آذانهم عن سماع هذه الدعوة الخالدة ، وذلك النداء العالي قدرا واقتدارا .
لقد تفرقت كلمة المسلمين ، وصاروا شيعا ومذاهب متناحرة - توغر صدورهم الأحقاد ، ويشعل الاستعمار نار الفتنة بينهم في كل مكان .
لقد نام المسلمون ، ونسوا عزهم ، وتهاونوا في إسلامهم .. في حين أن الغرب اللئيم قد صحا ونهض .. ولم يفق المسلمون إلا على الخطر الداهم .
ما نحن متفرقون في كل مكان - كالحياري في الطريق ، ممزقون كجسم تمزقت أوصاله . لاشمل يجمعنا ، ولا أمر يوحد كلمتنا .
تكلمنا كثيرا ، ولكن لا فائدة من الكلام ، فالقوة تلغي كل فصاحة ، وتهزم كل مقال .
ما فات ... فات ... فليكن لنا في الحاضر عودة للقوة ، ولنرفع ايدينا للجهاد - عملا لا قولا .
ويكفي ما عشناه من الانقسام والتخاذل والانهزامية التي جلبت لنا وخيم العواقب.
فإن الكون مشتعل بنار الحرب ، وكل متحفز للقتال - ونحن قوم أعزة أباة .
نرفض الذل ، فلنظهر للدنيا قوتنا واستعدادنا للحرب والجهاد .
يجب أن نرفع راية الجهاد ، وأن توحد صفوفنا متحدين ، نذيق أعداءنا سوء العقاب .
التحليل والتذوق :
أي صوت ، وعزة ، وجلال ، أي نور :
أربعة أشياء في البيت الأول : عطف كل منها على ما قبله ، لترابطها كلها بالصوت الذي انطلق نوره من حراء ، فهذا الصوت ( نداء الإسلام ) حمل معه العزة ، وحقق المسلمين الرفعة والعلو ، وبه عم نور الهداية . وقد ذكر كل ذلك في أول بيت ليشير مقدماً إلي عظمة ما جاء مع صوت الإسلام من أمور كثيرة .
بدأ ب ( صوت ) لأنه الأصل ما تحقق بعده من عزة ، وجلال .
قدم ( عزة ) على جلال لأن العزة تعني القوة ، ولا جلال ولا علو إلا اذا وجدت القوة . العزيزة التي تجعل صاحبها عزيزا ، فالجلال يجئ بعد العزة .
أي صوت ؟ أي نور ؟ أسلوب إنشائي استفهام للتفخيم والتعظيم .
( نور ) استعارة تصريحية شبه الإسلام وما جاء به من هداية بالنور يهدي في الظلمات .
من ذي : من لابتداء المكان - و( ذي ) توحي بقرب المكان من الشاعر ومنا جميعا روحياً ومكانياً .
علا : علواً صوتياً ، وعلا فوق كل صوت آخر من أصوات الكفر والجاهلية .
صم البرايا : كناية عن قوة أثر صوت الدعوة المحمدية في كل المخلوقات .
أي صوت : أسلوب إنشائي استفهام ( طلبي ) للتعجب من عظمة آثار هذا الصوت - ( أي صوت ) تكراره لزيادة التعجب والتعظيم .
له : تقديم للتخصيص والتعظيم ، فالهاء ضمير يعود على الصوت ، وهو مقدم على صروح الضلال .
صروح الضلال : تشبيه بليغ - شبه الضلال والكفر بصروح كانت قوية - لكنها انهارات مع دعوة التوحيد - ( صروح ) جمع موفق ليدل على مدي طغيان وجبروت الكفر والكفار قبل الإسلام ، ولكنها مع كثرتها دالت وانتهت .
حراء الخلود : إضافة حراء إلي الخلود بيان لما آلت إليه دعوة الوحيد التي انطلقت من غار حراء من خلود يبقي ما بقيت الحياة.
أعظم بطود : أسلوب تعجب على وزن ( أفعل ب ) يشبه دعوة التوحيد بالطود الشامخ العظيم ... فهو استعارة تصريحية - شبه دعوة التوحيد بالطود وحذف المشبه وصرح بالمشبه به - وهي صورة خيالية رائعة التصوير في الثبوت ورسوخ دعوة الإسلام أمام كل التحديات على مر العصور .
الضلال ، الظلال : جناس ناقص .... وبينهما تناسق لفظي - مع بعدهما .
يدعو إلي خير دين : ( 1 ) استعمال المضارع ( يدعو) للاستمرار والدوام في دعوة التوحيد التي نادي بها النبي صلي الله عليه وسلم ( 2 ) ( خير ) اسم تفضيل على وزن أفعل ، فالأصل ( أخير ) حذفت الهمزة لتسهيل الاستعمال لكثرته .
الأنام - الناس - المسلمين : ( الأنام ) جميع ما على الأرض من خلق . واستعمالها يوحي بأن الإسلام
لم يرتق بالإنسان فقط ، بل سما بكل المخلوقات . وارتقي بكل مظاهر الوجود .
ذاكم : إشارة للبعيد - إيحاء باتساع المدي الذي وصل إليه صوت دعوة التوحيد .
لا يزال ، ما زال : استخدام لا يزال أفضل للتجدد والاستمرار الدائم لدعوة الإسلام
يتخطى مسامع الأجيال : ( 1 ) كناية عن البقاء والانتشار في كل زمان ومكان . ( 2 ) ( مسامع الأجيال ) استعارة مكنية جعل للأجيال مسامعاً - لكن دعوة الإسلام لم تقف عندها بل تخطتها جيلا بعد جيل .
( الأجيال ) مجاز مرسل علاقته الزمنية ، ذكر الزمن ( الأجيال ) وهو يريد ( أهل الأجيال )
سجلته : إيحاء بالثبوت والتوكيد .
محكم : توكيد للصحة والتدقيق ، فالقرآن منزه عن كل ما يصيب الكلام الآخر من خطأ أو تأويل .. قال تعالي (( كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير )) ( 1-هود ) . قال تعالي (( هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آياته محكمات هن أم الكتاب ... )) .
القوي : جمع قوة - إشارة إلي ما يتصف به سبحانه وتعالي من قدرات في كل صفاته ومنه قوله تعالي ( إن هو إلا وحي يوحي - علمه شديد القوي ) ( 5-النجم )
لم يزل داعيا إلي كل خير : إشارة إلي ما يدعو إليه الإسلام من خير الدين والدنيا والآخرة
ينادي بوحدة واعتدال : ( 1 ) المضارع ( ينادي ) للاستمرار والتجدد لدعوة الإسلام الخالدة ( 2 ) ( وحدة ) وحدة ( بفتح الواو ) من التوحد - وحدة الكلمة بين المسلمين في رأيهم ومواقفهم ، وحدة الصف الإسلامي بين المسلمين في جهادهم وعملهم .
اعتدال : الاعتدال هو سمة الإسلام - فلا إفراط ولا تفريط ، لا شطط ولا مغالاة في أمور الدين ، وقضايا الحياة والمسلم.
أيها المسلمون : أسلوب إنشائي نداء لإظهار الأسي والتحسر .
مالي أراكم : أسلوب إنشائي استفهام للتعجب والإنكار .
صممتم عن صوته المتعالي : إيجاز بحذف مفرد - المفعول به فالأصل - صممتم الآذان - الأسماع )) .وكأنه يريد بحذفها أن يقول للمسلمين : كأنكم لشدة صممكم عن دعوة الوحدة والاعتدال ليس لكم آذان .
فرقتنا مذاهب وحقود : ( 1 ) إشارة إلي أسباب تفرق المسلمين ، وهي كثرة الاتجاهات والمذاهب السياسية والفكرية ، والأحقاد التي يكنها أعداء المسلمين من الغرب والشرق الكافر . ( 2 ) ( حقود ) استعمال جمع الكثرة ( حقود ) ليدل على كثرة ذلك ، وشدة آثاره على المسلمين ( 3 ) وعطف حقود على مذاهب ليبين تعدد أسباب تفرقة المسلمين .
أضرمتها - أشعلتها : الإضرام هو إذكاء النار بعد إشعالها - إشارة إلي ان هذه الأحقاد أشعلت نيران الفرقة بين المسلمين ، ثم لا تزال تغذيها وتزيدها اشتعالاً .
أصابع الاحتلال : ( 1) أصابع مجاز مرسل علاقته الآلية . وذكر آلة إشعال الحرب والفرقة وهو يريد نارها ( 2 ) ( الاحتلال ) همزة وصل ، لأنه مصدر لفعل خماسي ، ولكن الشاعر كتبها همزة قطع لاستكمال الوزن .
ثم نمنا × أدلج الغرب : مقابلة للموازنة بين حالنا - نحن العرب - ( نمنا ) وحال الغرب ( أدلج ) وسار ) وهي توحي بمدي ما حدث لنا من جراء الفرقة والأحقاد من تخاذل .
أيقظتنا الخطوب : استعارة مكنية ، جعل الخطوب شخصا أيقظ المسلمين من نومهم .
قبل الزوال : ربما أراد أن الخطوب والآلام أيقظتنا في وضح النهار ، على مسمع من الدنيا . وربما أراد أن هذه الخطوب أيقظتنا - لكن بحمد الله - قبل فوات الأوان ، مما يعطينا الفرصة على استعادة مجدنا ووحدتنا . ولكن الأول هو الأقرب . لأن البيت التالي يوضح أننا همنا في الدنيا حياري ممزقين .
نحن في الطريق حياري : تشبيه بليغ - يشبه المسلمون وقد تفرقوا وتوزعوا بالطفل الشريد الحائر في الطريق - والتشبيه يوحي بمدي ما آل إليه حال المسلمين في العصر الحديث من ذل وضياع وتشرد .
مثل جسم مفكك الأوصال : تشبيه آخر لتمزق حال المسلمين بجسم تفككت روابط فقراته ، وانحلت مجامع عظامه ، وهو يشير إلي أن حالنا صار عكس ما نادي به النبي صلي الله عليه وسلم حين قال ( مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد ..) .
ليس يجدي الكلام : هذا البيت هو نفس ما دعي إليه أبو تمام في فتح عمورية ( السيف أصدق أنباء من الكتب ) ونفس قول أبن عثيمين في مدح الملك عبد العزيز :-
العز والمجد في الهندية القضب
لا في الرسائل والتنميق والخطب
يؤكد أن الكلام والكتابة لن تحقق نصرا ، ولن تهزم عدوا ، إنما القوة هي الطريق الوحيد لاستعادة العزة والكرامة .
قد محا السيف شقشقات المقال : كناية عن أن الغلبة والنصر للسلاح والقوة .لأنه أقوي من كل فصاحة وبلاغة ومقال .
البيت : دعوة تصريحية يؤكد ما قاله السابقون من أننا يجب أن نترك الكلام ، والخطب والشجب والاستنكار إلي العمل الحقيقي ، وقوة السلاح .
فاربعوا : أسلوب إنشائي أمر للحث واستنهاض الهمم والعزائم .
لا توانوا : أسلوب إنشائي نهي لتوكيد الحث على النهضة وترك التواني .
واجمعوا الشمل : كناية عن الوحدة - وهو أسلوب إنشائي طلبي ( أمر ) للحث .
وأنهضوا بالفعال : توكيد لترك الكلام إلي العمل .. وهو أمر للحث على العمل .
في البيت : تحديد لما يجب على المسلمين سرعة اتخاذه وهو أربعة أمور : إعداد القوة ، ترك التواني ، الوحدة ، العمل لا الكلام .
كفانا : إيحاء بكثرة ما لحق بنا .... وليس هناك إمكان لمزيد من ذلك .
تباطؤا ، انقساما ، اختلافا : ثلاثة حدثت لنا بكل شرورها - فكفانا ذلك - الانقسام : تمزق حال المسلمين وتشتت قوتهم ، وتمزق وحدتهم . اختلافا : اختلاف في الآراء ، واختلاف في المواقف تجاه العدو المستعمر .
قد جر شر الوبال : نتيجة سيئة للتباطؤ والانقسام والاختلاف .
يا لقومي : أسلوب استغاثة - يستغيث بقومه ، لأنهم صامتون والعالم مضطرب من حولهم .
المراجل : استعارة تصريحية - شبه حال الأمة واضطراب أحوال الدنيا بالقدور التي تغلي وتوشك على الانفجار ، إيحاء إلي شدة ما يحيط بالإسلام من خطر.
الكون : مجاز مرسل علاقته المحلية ، ذكر المحل ( الكون ) وهو يرد أحداث الكون .
يا لقومي : تكرار للاستغاثة لعل في ذلك تغييراً للحال .
وكل قومي أباة : جملة اعتراضيه للاحتراس . إشارة إلي حقيقة أن المسلمين أباة حقا .
كشر الشر : استعارة مكنية ، جعل الشر وحشا كشر عن أنيابه ، استعداداً للانقضاض على فريسته ، إيحاء بقرب اندلاع الحرب .
نيوب طوال : إيحاء لشدة الخطر المحدق ، فالنيوب الطوال أشد فتكاً .
فارفعوا راية الجهاد : أسلوب إنشائي أمر للحث وشد العزائم والاستنهاض .
بعزم : إيحاء إلي ما يجب أن يكون في الجهاد من صدق العزم وقوة الإرادة .
لنذيق الأعداء : تعليل لقوله : ارفعوا راية الجهاد ، أو نتيجة لها .
كأس النكال : تشبيه بليغ ، شبه شدة ما ينزل بالعدو من انتقام وسوء عاقبة بكأس مليئة بالانتقام .
وحدوا الصف ، والقيادة ، وامضوا : ترتيب لما يجب اتخاذه قبل بدء الجهاد : فالوحدة في الصف والعمل ، ثم وحدة القيادة ثم المضي إلي ساحة الجهاد ...
- إن في الاتحاد خير المآل : تعليل لضرورة تحقيق لوحدة الشاملة للأمة الإسلامية ونتيجة ترتيب على تحقيقها . والجملة إطناب بالتذييل لتوكيد أهمية الوحدة.
التعليق العام
النص من أدب الدعوة الإسلامية في العصر الحديث ، فهو يتناول حال المسلمين في هذا العصر ، وكيف تغير موقعهم على خريطة الحياة كثيرا عن قبل .
العاطفة في النص عاطفة جماعية ، فهو وإن تكلم بلسان نفسه إلا أن شعوره هو شعور كل المسلمين في هذا العصر . وهي عاطفة صادقة .
امتزجت العاطفة بالأفكار التي ساقها - مما جعل النص قوي التأثير في نفوسنا ففي المقطع الأول ( الأبيات 1-7 ) يصور ذلك النور الذي انطلق من غار حراء فأضاء جنبات الدنيا ، وغير مجري البشرية كلها ، - فسادته عاطفة قوية من الفخر والاعتزاز بهذا الماضي العظيم .
وتري صدق هذه العاطفة ظاهرا في أسلوبه وخيالية [ عزة ، جلال ، نور شع ، هز البرايا - علا - الخلود ، يتحدي - صوت طه - خير دين سما - الكمال . صوت يدوي - محكم من كتاب - الله ذي القوي والجلال خير - وحدة - اعتدال ] .
* وفي المقطع الثاني الذي يتحدث فيه ( الأبيات 8-14 ) عن حال المسلمين في العصر الحاضر ، وكيف أعرضوا عن دعوة الحق فهانوا وتفرقوا وذلوا تري في هذه الأبيات عاطفة قوية من شعوره بالحزن والأسي وعلى ما صاروا إليه .
وتري قوة هذا الحزن والأسي من خلال قوله [ مالي أراكم - صممتم - فرقتنا مذاهب - حقود - أضرمتها - ، الاحتلال ، نمنا ، الخطوب ، حياري ، مفكك ، لا يجدي فيتيلا ، ما مضي فات ، كفانا ، اختلاف ، شر الوبال ] .
* وفي آخر النص [ الأبيات - 18-5 ] يستحث قومه المسلمين لعلهم يخرجوا من هذا الصمت والنوم ، تري عاطفة قوية من الأمل الكبير [ كل قومي أباة ، أرفعوا راية الجهاد ، نذيق الأعداء. وحدوا الصف ، القيادة ، امضوا . الاتحاد - خير المآل ] .
من خصائص أسلوب الشاعر :
وضح الأسلوب مع عمق المعاني التي يعبر عنها .
انتقاء الألفاظ ، ودقة اختيار الكلمات .
الألفاظ مألوفة خالية من الغرابة والابتذال .
ترابط التراكيب كالبنيان المتين .
تنوع الأسلوب بين الخبري والإنشائي .
استخدام الشاعر أسلوب الوصف - مستعملاً طريقة الجد .
خيال الشاعر قليل - وما جاء فهو خيال خصب معروف - لكنه يخلو من الإيغال والسطحية ، ومعظمها مقتبس من التراث القديم .
استطاع بصورة الخيالية إبراز أفكاره وتصوير عاطفته .
النص من الاتجاه التجديدى على طريقة مدرسة الإحياء .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Post a Comment