صوت من حراء  إبراهيم فطاني
التعريف بالشاعر : ولد سنة 1321هـ في مكة المكرمة- بعد أن أتم تعليمه في المدرسة الراقية، وعلى يد علماء المسجد الحرام ، عمل مدرسا في المسجد الحرام ، ثم في دار العلوم الشرعية ، ثم المعهد العلمي السعودي ، ثم مدرسة تحضير البعثات ، كما عمل قاضيا بمكة المكرمة .
إنتاجه الشعري :
له شعر كثير منشور في الصحف والمجلات .
له قصائد في الابتهالات الدينية مسجلة في الإذاعة.
له ديوان شعر يسمي ( الهمزة ) وهو قصيدة طويلة في سيرة الرسول صلي الله عليه وسلم - من عدة فصول .
خصائصه الشخصية :
واسع الاطلاع
غزير المعرفة
شاعر عاطفي ، يمتاز بقوة البديهة وسرعة الخاطر .
المناسبة : من غار حراء حيث بدأ الوحي الإلهي على النبي صلي الله عليه وسلم - وما حدث من قيام دولة التوحيد ، وما تحقق للإسلام من مجد عظيم ، ... يري كيف حال المسلمين اليوم . وقد ضعفوا وتفرقوا ، واكتفوا بالكلام ولم يعملوا ..
الأفكار العامة للقصيدة : ظهور نور النبوة من حراء بمكة ، وعلو صوت الإسلام ، وانتهاء عهد الظلام والطغيان وبداية عصر الإيمان والحق والخير والمساواة.
المسلمون اليوم : متفرقون ، متأخرون ، حياري تائهون ، يقولون ولا يعملون منقسمون ، مختلفون .
دعوة المسلمين إلي اليقظة ، والعودة إلي وحدة الصف والكلمة ، والعمل بالعزم والصدق والقوة .
خصائص الشاعر : عاطفته عاطفة صادرة عن قلب ملئ .
العاطفة جاءت ممتزجة بالأفكار - في إخلاص وغيرة على أمته الإسلامية .
أسلوبه واضح الألفاظ - وكلماته مألوفه لا غرابة فيها .
متنوع أسلوبه بين الخبري والإنشائي - مع استخدام الصور الخيالية
النص
أي صوت عزة وجلال ؟
أي نور قد شع من ذي التلال ؟
أي صوت علا فهز البرايا
وتداعت له صروح الضلال ؟
من حراء الخلود أعظم بطود
يتحدي الحصون ذات الظلال
صوت طه يدعو إلي خير دين
فسما بالأنام نحو الكمال
ذاكم الصوت لا يزال يدوي
يتخطى مسامع الأجيال
سجلته في محكم من كتاب
قدرة الله ذي القوي والجلال
لم يزل داعياً إلي كل خير
وينادي بوحدة واعتدال
أيها المسلمون ما لي أراكم
قد صممتم عن صوته المتعالي ؟
فرقتنا مذاهب وحقود
أضرمتها أصابع الاحتلال
ثم نمنا وأدلج الغرب حتي
أيقظتنا الخطوب ( قبل الزوال )
وإذا نحن في الطريق حيارى
مثل جسم مفكك الأوصال
ليس يجدي الكلام عنا فتيلا
قد محا السيف شقشقات المقال
ما مضي فات فاربعوا لا توانوا
واجمعوا الشمل وانهضوا بالفعال
وكفانا تباطؤا وانقساماً
واختلافا قد جر شر الوبال
يا قومي أري المراجل غلي
وأري الكون حافزاً للقتال
يا لقومي وكل قومي أباة
كشر الشر عن نيوب طوال
فارفعوا راية الجهاد بعزم
لنذيق الأعداء كأس النكال
وحدوا الصف والقيادة وامضوا
إن في الاتحاد خير المآل
اللغويات :
شع : انتشر ، صممتم : سددتم آدانكم عن سماعه
التلال : جمع ( تل ) ارتفاع عن الأرض ، أضرمتها : أوقدها وأشعلها .
البرايا : جمع ( برية ) الخلق ، أدلج : ساروا من أول الليل
تداعت : تهدمت وانهارات ، الخطوب : الأمور الشديدة مفردها ( خطب )
طود : الجيل العظيم الصاعد في الجو علوا
الأوصال : جمع ( وصل ) مجتمع العظام .
طه : نداء خاص بالنبي صلي الله عليه وسلم ، يجدي : يفيد .
الأنام : جميع ما على الأرض من خلق .
فتيلا : الخيط الذي في شق النواة ، شيئا قليلا ، اعتدال : التوسط بين الأمرين
شقشقات : جمع شقشقة = فصاحة الكلام ، حصون : جمع حصن بناء قوي
أربعوا : امتحنوا قوتكم - ارفعوا أيدكم إعلانا للقوة .
محكم : ( متقن ) ، ومن القرآن = الظاهر الجلال : العلو والرفعة
الذي لا شبهة فيه ولا يحتاج إلي تأويل .
الشمل : مجتمع ما تفرق وتشتت من الأمر ، النكال : العقاب أو النازلة .
الوبال : سوء العاقبة ، المآل : رجوع ونهاية
المراجل : القدور من الطين أو النحاس ، توانوا : ضعفوا ولم يهتموا .
شرح الأبيات :
ما أروع ذلك الصوت الذي علا في غار حراء ، وما أعظم ذلك النور الذي انتشر على كل الدنيا من جبال مكة .
لقد هز صوت الإسلام كل المخلوقات ، فاندكت قلاع الكفر ، وهوت صروح الظلم والظلام .
ما أعظمك يا جبل حراء ..... أنت أعظم الأطواد الراسبة ، فأنت أسمي قدرا من كل الحصون والجبال الشامخة .
من حراء كانت دعوة طه - صلي الله عليه وسلم - إلي دين الحق وطريق الخير ، الذي رفع الإنسانية من قاع الضياع إلي قمة السمو والكمال .
إن صوت الإسلام سوف يبقي على مدي الأزمان ، لن تعوقه عوائق ، ولن تسكته موانع أبدا .
لقد جاءت آيات القرآن الكريم سجلا خالد لدين الله ، قدرة الله وعزته وجلاله أن يبقي خالدا حتي يرث الله الأرض ومن عليها .
سوف يبقي صوت التوحيد دعوة أبدية إلي الحق والخير ، والاعتدال ، فلا تدني في الآمر ، ولا شطط ولا مغالاة في شئ .
مالي أري المسلمين قد ابتعدوا عن هذا المنهج الإلهي السامي ، وكأنهم سدوا آذانهم عن سماع هذه الدعوة الخالدة ، وذلك النداء العالي قدرا واقتدارا .
لقد تفرقت كلمة المسلمين ، وصاروا شيعا ومذاهب متناحرة - توغر صدورهم الأحقاد ، ويشعل الاستعمار نار الفتنة بينهم في كل مكان .
لقد نام المسلمون ، ونسوا عزهم ، وتهاونوا في إسلامهم .. في حين أن الغرب اللئيم قد صحا ونهض .. ولم يفق المسلمون إلا على الخطر الداهم .
ما نحن متفرقون في كل مكان - كالحياري في الطريق ، ممزقون كجسم تمزقت أوصاله . لاشمل يجمعنا ، ولا أمر يوحد كلمتنا .
تكلمنا كثيرا ، ولكن لا فائدة من الكلام ، فالقوة تلغي كل فصاحة ، وتهزم كل مقال .
ما فات ... فات ... فليكن لنا في الحاضر عودة للقوة ، ولنرفع ايدينا للجهاد - عملا لا قولا .
ويكفي ما عشناه من الانقسام والتخاذل والانهزامية التي جلبت لنا وخيم العواقب.
فإن الكون مشتعل بنار الحرب ، وكل متحفز للقتال - ونحن قوم أعزة أباة .
نرفض الذل ، فلنظهر للدنيا قوتنا واستعدادنا للحرب والجهاد .
يجب أن نرفع راية الجهاد ، وأن توحد صفوفنا متحدين ، نذيق أعداءنا سوء العقاب .
التحليل والتذوق :
أي صوت ، وعزة ، وجلال ، أي نور :
أربعة أشياء في البيت الأول : عطف كل منها على ما قبله ، لترابطها كلها بالصوت الذي انطلق نوره من حراء ، فهذا الصوت ( نداء الإسلام ) حمل معه العزة ، وحقق المسلمين الرفعة والعلو ، وبه عم نور الهداية . وقد ذكر كل ذلك في أول بيت ليشير مقدماً إلي عظمة ما جاء مع صوت الإسلام من أمور كثيرة .
بدأ ب ( صوت ) لأنه الأصل ما تحقق بعده من عزة ، وجلال .
قدم ( عزة ) على جلال لأن العزة تعني القوة ، ولا جلال ولا علو إلا اذا وجدت القوة . العزيزة التي تجعل صاحبها عزيزا ، فالجلال يجئ بعد العزة .
أي صوت ؟ أي نور ؟ أسلوب إنشائي استفهام للتفخيم والتعظيم .
( نور ) استعارة تصريحية شبه الإسلام وما جاء به من هداية بالنور يهدي في الظلمات .
من ذي : من لابتداء المكان - و( ذي ) توحي بقرب المكان من الشاعر ومنا جميعا روحياً ومكانياً .
علا : علواً صوتياً ، وعلا فوق كل صوت آخر من أصوات الكفر والجاهلية .
صم البرايا : كناية عن قوة أثر صوت الدعوة المحمدية في كل المخلوقات .
أي صوت : أسلوب إنشائي استفهام ( طلبي ) للتعجب من عظمة آثار هذا الصوت - ( أي صوت ) تكراره لزيادة التعجب والتعظيم .
له : تقديم للتخصيص والتعظيم ، فالهاء ضمير يعود على الصوت ، وهو مقدم على صروح الضلال .
صروح الضلال : تشبيه بليغ - شبه الضلال والكفر بصروح كانت قوية - لكنها انهارات مع دعوة التوحيد - ( صروح ) جمع موفق ليدل على مدي طغيان وجبروت الكفر والكفار قبل الإسلام ، ولكنها مع كثرتها دالت وانتهت .
حراء الخلود : إضافة حراء إلي الخلود بيان لما آلت إليه دعوة الوحيد التي انطلقت من غار حراء من خلود يبقي ما بقيت الحياة.
أعظم بطود : أسلوب تعجب على وزن ( أفعل ب ) يشبه دعوة التوحيد بالطود الشامخ العظيم ... فهو استعارة تصريحية - شبه دعوة التوحيد بالطود وحذف المشبه وصرح بالمشبه به - وهي صورة خيالية رائعة التصوير في الثبوت ورسوخ دعوة الإسلام أمام كل التحديات على مر العصور .
الضلال ، الظلال : جناس ناقص .... وبينهما تناسق لفظي - مع بعدهما .
يدعو إلي خير دين : ( 1 ) استعمال المضارع ( يدعو) للاستمرار والدوام في دعوة التوحيد التي نادي بها النبي صلي الله عليه وسلم ( 2 ) ( خير ) اسم تفضيل على وزن أفعل ، فالأصل ( أخير ) حذفت الهمزة لتسهيل الاستعمال لكثرته .
الأنام - الناس - المسلمين : ( الأنام ) جميع ما على الأرض من خلق . واستعمالها يوحي بأن الإسلام
لم يرتق بالإنسان فقط ، بل سما بكل المخلوقات . وارتقي بكل مظاهر الوجود .
ذاكم : إشارة للبعيد - إيحاء باتساع المدي الذي وصل إليه صوت دعوة التوحيد .
لا يزال ، ما زال : استخدام لا يزال أفضل للتجدد والاستمرار الدائم لدعوة الإسلام
يتخطى مسامع الأجيال : ( 1 ) كناية عن البقاء والانتشار في كل زمان ومكان . ( 2 ) ( مسامع الأجيال ) استعارة مكنية جعل للأجيال مسامعاً - لكن دعوة الإسلام لم تقف عندها بل تخطتها جيلا بعد جيل .
( الأجيال ) مجاز مرسل علاقته الزمنية ، ذكر الزمن ( الأجيال ) وهو يريد ( أهل الأجيال )
سجلته : إيحاء بالثبوت والتوكيد .
محكم : توكيد للصحة والتدقيق ، فالقرآن منزه عن كل ما يصيب الكلام الآخر من خطأ أو تأويل .. قال تعالي (( كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير )) ( 1-هود ) . قال تعالي (( هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آياته محكمات هن أم الكتاب ... )) .
القوي : جمع قوة - إشارة إلي ما يتصف به سبحانه وتعالي من قدرات في كل صفاته ومنه قوله تعالي ( إن هو إلا وحي يوحي - علمه شديد القوي ) ( 5-النجم )
لم يزل داعيا إلي كل خير : إشارة إلي ما يدعو إليه الإسلام من خير الدين والدنيا والآخرة
ينادي بوحدة واعتدال : ( 1 ) المضارع ( ينادي ) للاستمرار والتجدد لدعوة الإسلام الخالدة ( 2 ) ( وحدة ) وحدة ( بفتح الواو ) من التوحد - وحدة الكلمة بين المسلمين في رأيهم ومواقفهم ، وحدة الصف الإسلامي بين المسلمين في جهادهم وعملهم .
اعتدال : الاعتدال هو سمة الإسلام - فلا إفراط ولا تفريط ، لا شطط ولا مغالاة في أمور الدين ، وقضايا الحياة والمسلم.
أيها المسلمون : أسلوب إنشائي نداء لإظهار الأسي والتحسر .
مالي أراكم : أسلوب إنشائي استفهام للتعجب والإنكار .
صممتم عن صوته المتعالي : إيجاز بحذف مفرد - المفعول به فالأصل - صممتم الآذان - الأسماع )) .وكأنه يريد بحذفها أن يقول للمسلمين : كأنكم لشدة صممكم عن دعوة الوحدة والاعتدال ليس لكم آذان .
فرقتنا مذاهب وحقود : ( 1 ) إشارة إلي أسباب تفرق المسلمين ، وهي كثرة الاتجاهات والمذاهب السياسية والفكرية ، والأحقاد التي يكنها أعداء المسلمين من الغرب والشرق الكافر . ( 2 ) ( حقود ) استعمال جمع الكثرة ( حقود ) ليدل على كثرة ذلك ، وشدة آثاره على المسلمين ( 3 ) وعطف حقود على مذاهب ليبين تعدد أسباب تفرقة المسلمين .
أضرمتها - أشعلتها : الإضرام هو إذكاء النار بعد إشعالها - إشارة إلي ان هذه الأحقاد أشعلت نيران الفرقة بين المسلمين ، ثم لا تزال تغذيها وتزيدها اشتعالاً .
أصابع الاحتلال : ( 1) أصابع مجاز مرسل علاقته الآلية . وذكر آلة إشعال الحرب والفرقة وهو يريد نارها ( 2 ) ( الاحتلال ) همزة وصل ، لأنه مصدر لفعل خماسي ، ولكن الشاعر كتبها همزة قطع لاستكمال الوزن .
ثم نمنا × أدلج الغرب : مقابلة للموازنة بين حالنا - نحن العرب - ( نمنا ) وحال الغرب ( أدلج ) وسار ) وهي توحي بمدي ما حدث لنا من جراء الفرقة والأحقاد من تخاذل .
أيقظتنا الخطوب : استعارة مكنية ، جعل الخطوب شخصا أيقظ المسلمين من نومهم .
قبل الزوال : ربما أراد أن الخطوب والآلام أيقظتنا في وضح النهار ، على مسمع من الدنيا . وربما أراد أن هذه الخطوب أيقظتنا - لكن بحمد الله - قبل فوات الأوان ، مما يعطينا الفرصة على استعادة مجدنا ووحدتنا . ولكن الأول هو الأقرب . لأن البيت التالي يوضح أننا همنا في الدنيا حياري ممزقين .
نحن في الطريق حياري : تشبيه بليغ - يشبه المسلمون وقد تفرقوا وتوزعوا بالطفل الشريد الحائر في الطريق - والتشبيه يوحي بمدي ما آل إليه حال المسلمين في العصر الحديث من ذل وضياع وتشرد .
مثل جسم مفكك الأوصال : تشبيه آخر لتمزق حال المسلمين بجسم تفككت روابط فقراته ، وانحلت مجامع عظامه ، وهو يشير إلي أن حالنا صار عكس ما نادي به النبي صلي الله عليه وسلم حين قال ( مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد ..) .
ليس يجدي الكلام : هذا البيت هو نفس ما دعي إليه أبو تمام في فتح عمورية ( السيف أصدق أنباء من الكتب ) ونفس قول أبن عثيمين في مدح الملك عبد العزيز :-
العز والمجد في الهندية القضب
لا في الرسائل والتنميق والخطب
يؤكد أن الكلام والكتابة لن تحقق نصرا ، ولن تهزم عدوا ، إنما القوة هي الطريق الوحيد لاستعادة العزة والكرامة .
قد محا السيف شقشقات المقال : كناية عن أن الغلبة والنصر للسلاح والقوة .لأنه أقوي من كل فصاحة وبلاغة ومقال .
البيت : دعوة تصريحية يؤكد ما قاله السابقون من أننا يجب أن نترك الكلام ، والخطب والشجب والاستنكار إلي العمل الحقيقي ، وقوة السلاح .
فاربعوا : أسلوب إنشائي أمر للحث واستنهاض الهمم والعزائم .
لا توانوا : أسلوب إنشائي نهي لتوكيد الحث على النهضة وترك التواني .
واجمعوا الشمل : كناية عن الوحدة - وهو أسلوب إنشائي طلبي ( أمر ) للحث .
وأنهضوا بالفعال : توكيد لترك الكلام إلي العمل .. وهو أمر للحث على العمل .
في البيت : تحديد لما يجب على المسلمين سرعة اتخاذه وهو أربعة أمور : إعداد القوة ، ترك التواني ، الوحدة ، العمل لا الكلام .
كفانا : إيحاء بكثرة ما لحق بنا .... وليس هناك إمكان لمزيد من ذلك .
تباطؤا ، انقساما ، اختلافا : ثلاثة حدثت لنا بكل شرورها - فكفانا ذلك - الانقسام : تمزق حال المسلمين وتشتت قوتهم ، وتمزق وحدتهم . اختلافا : اختلاف في الآراء ، واختلاف في المواقف تجاه العدو المستعمر .
قد جر شر الوبال : نتيجة سيئة للتباطؤ والانقسام والاختلاف .
يا لقومي : أسلوب استغاثة - يستغيث بقومه ، لأنهم صامتون والعالم مضطرب من حولهم .
المراجل : استعارة تصريحية - شبه حال الأمة واضطراب أحوال الدنيا بالقدور التي تغلي وتوشك على الانفجار ، إيحاء إلي شدة ما يحيط بالإسلام من خطر.
الكون : مجاز مرسل علاقته المحلية ، ذكر المحل ( الكون ) وهو يرد أحداث الكون .
يا لقومي : تكرار للاستغاثة لعل في ذلك تغييراً للحال .
وكل قومي أباة : جملة اعتراضيه للاحتراس . إشارة إلي حقيقة أن المسلمين أباة حقا .
كشر الشر : استعارة مكنية ، جعل الشر وحشا كشر عن أنيابه ، استعداداً للانقضاض على فريسته ، إيحاء بقرب اندلاع الحرب .
نيوب طوال : إيحاء لشدة الخطر المحدق ، فالنيوب الطوال أشد فتكاً .
فارفعوا راية الجهاد : أسلوب إنشائي أمر للحث وشد العزائم والاستنهاض .
بعزم : إيحاء إلي ما يجب أن يكون في الجهاد من صدق العزم وقوة الإرادة .
لنذيق الأعداء : تعليل لقوله : ارفعوا راية الجهاد ، أو نتيجة لها .
كأس النكال : تشبيه بليغ ، شبه شدة ما ينزل بالعدو من انتقام وسوء عاقبة بكأس مليئة بالانتقام .
وحدوا الصف ، والقيادة ، وامضوا : ترتيب لما يجب اتخاذه قبل بدء الجهاد : فالوحدة في الصف والعمل ، ثم وحدة القيادة ثم المضي إلي ساحة الجهاد ...
- إن في الاتحاد خير المآل : تعليل لضرورة تحقيق لوحدة الشاملة للأمة الإسلامية ونتيجة ترتيب على تحقيقها . والجملة إطناب بالتذييل لتوكيد أهمية الوحدة.
التعليق العام
النص من أدب الدعوة الإسلامية في العصر الحديث ، فهو يتناول حال المسلمين في هذا العصر ، وكيف تغير موقعهم على خريطة الحياة كثيرا عن قبل .
العاطفة في النص عاطفة جماعية ، فهو وإن تكلم بلسان نفسه إلا أن شعوره هو شعور كل المسلمين في هذا العصر . وهي عاطفة صادقة .
امتزجت العاطفة بالأفكار التي ساقها - مما جعل النص قوي التأثير في نفوسنا ففي المقطع الأول ( الأبيات 1-7 ) يصور ذلك النور الذي انطلق من غار حراء فأضاء جنبات الدنيا ، وغير مجري البشرية كلها ، - فسادته عاطفة قوية من الفخر والاعتزاز بهذا الماضي العظيم .
وتري صدق هذه العاطفة ظاهرا في أسلوبه وخيالية [ عزة ، جلال ، نور شع ، هز البرايا - علا - الخلود ، يتحدي - صوت طه - خير دين سما - الكمال . صوت يدوي - محكم من كتاب - الله ذي القوي والجلال خير - وحدة - اعتدال ] .
* وفي المقطع الثاني الذي يتحدث فيه ( الأبيات 8-14 ) عن حال المسلمين في العصر الحاضر ، وكيف أعرضوا عن دعوة الحق فهانوا وتفرقوا وذلوا تري في هذه الأبيات عاطفة قوية من شعوره بالحزن والأسي وعلى ما صاروا إليه .
وتري قوة هذا الحزن والأسي من خلال قوله [ مالي أراكم - صممتم - فرقتنا مذاهب - حقود - أضرمتها - ، الاحتلال ، نمنا ، الخطوب ، حياري ، مفكك ، لا يجدي فيتيلا ، ما مضي فات ، كفانا ، اختلاف ، شر الوبال ] .
* وفي آخر النص [ الأبيات - 18-5 ] يستحث قومه المسلمين لعلهم يخرجوا من هذا الصمت والنوم ، تري عاطفة قوية من الأمل الكبير [ كل قومي أباة ، أرفعوا راية الجهاد ، نذيق الأعداء. وحدوا الصف ، القيادة ، امضوا . الاتحاد - خير المآل ] .
من خصائص أسلوب الشاعر :
وضح الأسلوب مع عمق المعاني التي يعبر عنها .
انتقاء الألفاظ ، ودقة اختيار الكلمات .
الألفاظ مألوفة خالية من الغرابة والابتذال .
ترابط التراكيب كالبنيان المتين .
تنوع الأسلوب بين الخبري والإنشائي .
استخدام الشاعر أسلوب الوصف - مستعملاً طريقة الجد .
خيال الشاعر قليل - وما جاء فهو خيال خصب معروف - لكنه يخلو من الإيغال والسطحية ، ومعظمها مقتبس من التراث القديم .
استطاع بصورة الخيالية إبراز أفكاره وتصوير عاطفته .
النص من الاتجاه التجديدى على طريقة مدرسة الإحياء .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

Post a Comment

Previous Post Next Post