تأثير الإنسان في الطبيعة
الطبيعة بعناصرها المختلفة تؤثر في الإنسان، ولكن الإنسان بدوره يؤثر في البيئة، وبشكل مختلف من بيئة لأخرى باختلاف المستوى الحضاري والعلمي والتقني والاقتصادي والاجتماعي بما في ذلك العادات والتقاليد وغير ذلك، وتأثير الإنسان في البيئة المحيطة به لم يتوقف منذ خلق الله الإنسان وحتى أيامنا هذه، وخلال هذه الفترة التي استمرت من 1.5 - 2.5 مليون سنة، وهذا ما يعبر عنه بمفهوم (الانتروبوكنك)(§).
ولم يكن تأثير الإنسان في البيئة واحداً أو متشابهاً بدرجة كبيرة في كل زمان ومكان، بل كان أحياناً محدوداً، والمشكلات الإيكولوجية (البيئية) الناجمة عنه محدودة أيضاً، ومع الزمن تزايدت حدة هذا التأثير وحدة المشكلات الناجمة عنه، وشكّل اكتشاف النار ثورة حقيقية في هذا المجال، ويعدها البعض أهم من الثورة الصناعية وأكثر تأثيراً، لأنه باكتشاف النار انتقل الإنسان شيئاً فشيئاً من عهد الطفولة البشري والمجتمع البدائي، إلى عهد آخر مختلف تغيرت معه أساليب حياة الإنسان، حيث استخدم النار (الطاقة) لأغراض متنوعة، في إنتاج الغذاء وطهي الطعام، وفي الزراعة وحرق الغابات، وتأهيل الحيوان، وجميع هذه التطورات أدت إلى زيادة تأثير الإنسان في البيئة.
ويمكن التمييز بين عدة أشكال لتأثير الإنسان في البيئة ومن هذه الأشكال:
1- تغيير بنية سطح الأرض وشكله.
2- التأثير في الدورات البيوجيوكيميائية في الغلاف الحيوي (البيوسفير)، وتغيير بعض مكوناته.
3- تغيير الاحتياطي الإشعاعي (الطاقة والحرارة) لكل أو لبعض مناطق الكرة الأرضية.
4- التأثير في حياة الكائنات الحية، النباتية والحيوانية والدقيقة، (إبادة - تهديد بالانقراض -  نقل - تكييف - تهجين الخ...)
وبالطبع ليست جميع تأثيرات الإنسان في البيئة، تأثيرات سلبية، وإنما الكثير منها إيجابية وضرورية مثل العمران، وبناء الجسور والسدود، وشق الطرق والأنفاق والقنوات، واستصلاح الأراضي، واستغلال الموارد والثروات المعدنية والباطنية، وهذه التأثيرات البشرية المصطنعة التي تتعرض لها البيئة ومكوناتها، إما أن تكون تأثيرات مقصودة وعن عمد، وتأتي في إطار إعمار الكون، وتحسين مستوى حياة الإنسان، أو تكون غير مقصودة، وهي غالباً نتيجة للتأثيرات الأولى المقصودة، وهذه الأخيرة تعد تأثيرات حتمية إلى حدٍ كبير، ولكن من المهم جداً العمل والسعي بكل السبل  للتخفيف من نتائجها السلبية، وتأثيراتها غير المقصودة، وربما غير المتوقعة، وغير المعروفة.


(§)(الانتروبوكنك ) Antropogenic- مصطلح وضعه بافلوف . أ . ب . عام 1922 م، وهو مأخوذ من كلمتين يونانيتين هما (Anthropos) بمعنى إنسان، و (Gen) وتعني الزمن الرابع من العصر الجيولوجي الأخير، أي منذ ظهور الإنسان حتى الوقت الحاضر.

Post a Comment

Previous Post Next Post