ابن تيمية
يعتبر ابن تيمية من العلماء الذين
شغلوا الناس في حياتهم وبعد مماتهم بفكره وأرائه التي خالفت المألوف في عصره .
وتمتاز كتابات ابن تيمية بالثقافة
الواسعة والتحليل الدقيق للأفكار وبخاصة أفكار المخالفين له ، ولم يمنعه الاختلاف
معهم أن يأخذ منهم ما رآه يتفق مع منهجه وأصوله ،وتلك سمة العقلية الناقدة الناضجة.
*
ابن تيمية مسيرة حياة : -
ابن تيمية : هو تقي الدين أحمد بن عبد
السلام بن تيمية الحرَّاني الدمشقي الحنبلي ، ولد بحران عام 161 هـ ، قدم به والده
وأهله إلى دمشق وهو في السادسة من عمره بعد ما أغار التتار على العراق ، وأستقر
المقام بأسرته في دمشق .
نشأ محبًا للعلم ، فحفظ القرآن الكريم
ودرس علوم الحديث والفقه والأصول وعلم الكلام ، وكان قوي الحفظ ذكيَّا، وقد استطاع
مناظرة العلماء وهو مازال في مقتبل الشباب حتى انبهر به أهل دمشق .
كان ابن تيمية حنبليًّا في الأصول
والفروع ؛ إذ كان أبوه وجده من علماء الحنابلة . ومع اعتزاز ابن تيمية بالمذهب
الحنبلي كانت له اختيارات في الفروع خرج فيها عن الحنابلة وغيرهم ، واعتمد فيها
على أدلته التي وصل إليها باجتهاده .
انقطع ابن تيمية منذ بواكير حياته
للعلم والجهاد في سبيل الله ، فلم يطلب الدنيا ، ولم يربط نفسه بأصحاب النفوذ ؛
كما لم يتزوج . توفي بسجن القلعة عام 728 هـ .
تهيأت لابن تيمية بيئة خاصة وعامة أثرت
على شخصيته وأكسبته ملامح متمايزة ، فكان أبوه وجده من علماء الحنابلة وكانت لأبيه
حلقات درس في مسجد دمشق ، كما تولى مشيخة الحديثة بدار السكرية التي كانت أولى
المدارس التي تلقى فيها ابن تيمية دروسه ، وكان تواقًا إلى المعرفة ؛ فدرس علوم الشريعة
وعلوم العربية ، وأخذ العلم العربية ، وأخذ العلم على أكثر من مائة شيخ كما درس
الفلسفة والتصوف والعقائد والنحل الي اختلف معها وحاربها بلا هوادة .
كان عصر ابن تيمية بطابعه السياسي
والاجتماعي والثقافي ذا تأثير كبير في شخصيته ؛ فقد تعرضت الشام والعراق لغزو
التتار أكثر من مره ، وارتبط ذلك الخطر بحياة ابن تيميه من سنواته الأولى .
وقد جاهد التتار كثيرًا تحت راية
المماليك الذين حكموا مصر والشام ، وكانوا عجمًا يغلب الجهل عليهم ؛ مما أتاح لبعض
مدعي التصوف أن يرجوا الخرفات مستظلين بالسلطة المملوكية التي كان جهلها وراء
الملاحقة الصارمة لكل من يخالف المألوف من التقاليد حتى ولو ثبت خطأ هذا المألوف ،
من هنا سجن ابن تيمية أكثر من مره ، وكان أشياع السلطة وراء سجنه الذي لم يجد فيه
غير خلوة العابد مع معبوده . وكان ابن تيمية ير أن الابتداع في الدين هو سبب
الاختلاف والفساد والضعف السائد في الحياة الإسلامية
والخلاصة : أن ابن تيمية خرج في بعض
أفكاره عن المألوف في عصره
فآثار عليه بعض أصحاب السلطان وبعض
العلماء ولم يأبه بذلك؛ لأنه كان يعتمد
على الدليل الشرعي الذي يأنس إليه دون أن يتقيد بالمألوف
في البيئات
العلمية؛ من هنا كان مصدر إثارة وقلق في أوساط العلماء، ومن الطبيعي أن يكون له في التربية والسلوك منهج واضح يكشف عن الجانب الإجرائي
في فكره.
إرسال تعليق