الصلاة أعظم فرائض الإسلام قدراً وفضلا وهي الركن الأول من أركان  الإسلام الخمسة بعد الشهادتين ، وهي أول ما ينبغي أ ن يتعلمه الطفل المسلم في صغره قبل أن يبلغ الحلم ، يقول صلى الله عليه وسلم " مروا أبناءكم بالصلاة لسبع سنين واضربوهم عليها لعشر سنين " اخرجه أبو داود وهو حسن لغيره، ومن فرط أهميتها لم يفتأ صلى الله عليه وسلم يوصي بها طول حياته ، ولم ينس ذلك أبداً ، حتى وهو يجود بآخر أنفاسه الطاهرة، فكان يردد " الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم " .
وكان يقول عنها أنها الفارق بين الكفر والإيمان ، وما ورد عنه في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر " أخرجه الترمذي والنسائي وان ماجه وأحمد وهو حسن.
أما في عظم فضلها ، فيقول فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي من خواطره الإيمانية ، إن الصلاة تجتمع عليها كل فرائض الإسلام في رمزية واضحة ظاهرة، وهذا ما لا يجتمع لغيرها من الفرائض ، ويبدأ المصلي بالشهادتين وهو يستعد للدخول في الصلاة بألفاظ الإقامة فإذا اتجه إلى الكعبة فهذه رمزية لحج بيت الله الحرام ، فإذا كبر تكبيرة الإحرام ،فقد صام عن الكلام والطعام وكل ما أحله الله ،إنه الصوم في صدق معناه ، أما رمزية الزكاة ، فتتجلى واضحة فيما تستغرقه الصلاة من وقت ، فالوقت الذي ينفقه المصلي حتى يفرغ من صلاته ، هو أعظم زكاة ، فنحن لا نجني ثمرة العمل إلا من خلال الوقت، وعلىقدر ما نبذل من جهد ووقت يكون العطاء ، نحن نزكي ونتصدق ونفعل الخير كله من فضل هذا العطاء ، وبهذا تتحقق رمزية الزكاة في الصلاة ، ثم هي بعد ذلك كله صلاة ، فريضة موقوتة ، يقول الحق سبحانه : (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتا ) ( النساء : 103)
وعلة الصلاة إقامتها ، سواء عرفنا أسرارها أو لم نعرفها وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أي الأعمال أفضل – فقال : " الصلاة لوقتها " فلا تهاون في حقها ، ولا عذر في تركها ،تخفًف عن المسافر ولا  تسقط عن المريض ، يؤديها الإنسان في كل أحواله ، قائما أو قاعداً أو على جنبه ، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن عجز فبحركة أعضائه ، فإن لم يستطع فبقلبه، لا عذر لها أبداً ، إلا أن يفقد الإنسان وعيه أو يلقى ربه .
والصلاة فريضة متعددة الأركان، الوضوء يسبقها ، والتوبة تلاحقها ، وتآلف الحركة يميزها ، والتكبير والتسبيح والتحميد والدعاء يحتويها وتلاوة القرآن تجمّلها ، وقراءة أم الكتاب تكللها فلا صلاة لمن لم يقرأ بأم الكتاب ، ومن ترك قراءتها فصلاته خداج.
وكل ركن من أركان الصلاة له أسراره الجسمية والنفسية ، وأهم ما يميز الصلاة الحركة فيها والحركة في الصلاة ، مفهوم متعمق، يتميز بالاتساع والحكمة.
والحديث عن هذه الأسرار متجدد ، لا ينفد عطاؤه، ولا يمكن أن نسبر أغواره ، أو نحيط بأسراره، لأن الحركة هي الحياة نفسها ، فإذا توقفت الحركة ، توقفت معها معالم الحياة.
والحركة في الإنسان ، سر من أسرار وجوده، وأسرار الحياة فيه ، فكل ما في داخل الإنسان من حياة كله في حركة ، والحياة تبدأ من الخلية ، وحياة الخلية حركة دائمة إن لم تتحرك بنفسها كحركة الدماء ، ففي داخل مركباتها ومكوناتها حركة مستمرة وهذا من إعجاز الخالق سبحانه في خلقه ، بل هو من فيض حكمته وإحاطة علمه والأعضاء كلها في حركة فالقلب في انتظام دقاته، والتنفس في تتابع حركاته ، وكل ما في داخل الإنسان من أحشاء، ومافي خارجه من أعضاء لا تستقيم حياتها إلا بالحركة .
ومن اتساع حكمة أسرار الحركة ، أن يتحرك الإنسان أثناء نومه ، لا تتوقف حركته ، وتغير حركة الأعضاء، من أسرار استمرار صحتها وقوتها ، لأن الأعضاء لو سكنت على وضع واحد، ضعفت وتقرحت، ولهذا كانت حكمة الله أن يتحرك الإنسان  في نومه رغما عنه ، والمثل واضح في آيات الكتاب الكريم من قصة أهل الكهف ، هؤلاء الفتية الذين ناموا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعاً صان الله سبحانه أجسامهم بالحركة ، وهو وحده سبحانه القادر على أن يصون أجسامهم بغير حركة لقوله سبحانه :
( وتحسبهم أيقاظا وهم رقود ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد لو أطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا) ( الكهف : 18)
هذه ملامح عن بعض أسرار الحركة في صيانة الجسم والأعضاء والأحشاء.
هذه الحركة جعلها الله سبحانه ، مهراً لأهم العبادات في الإسلام، والحركة في الصلاة ، قيام وقعود ، وركوع وسجود، وخفض ورفع ،وقبض وبسط ، حركات تتابعت وتآلفت وانسجمت ، فلا تذهب بوقار المتعبد ولا تنال من هيبة العبادة .
وأسرار الحركة وفائدتها شاملة جامعة للإنسان في جسمه ونفسه وروحه ، وفي دينه ودنياه وآخرته فالحركة تصون الجسم وتصون النفس والروح، وبهذا تصل حكمتها إلى الدين والدنيا والآخرة .

Post a Comment

Previous Post Next Post