البحث الوصفي في التربية وفقًا الرؤية الإسلامية
وفقًا لتوجيهات المنهج القرآني والنبوي
فيما يتعلق بالأسلوب الوصفي يتضح أن القرآن
والسنة حين يتحدثان عن ظاهرةٍ ما فإنه يتم
تناولها من
والوجهتين
الوصفية والمعيارية معًا، وهما أسلوبان متلازمان على الدوام لا ينفصل أحدهما عن الآخر.
ومن ثم يمكن القول بأن المنهج الإسلامي
قرآنًا وسنة يعد منهجًا هادفًا حين يتصدى
لوصف الظواهر الاجتماعية، فهو إلى جانب موضوعيًّا يعبر عن
الحقائق
الاجتماعية كما هي في الواقع، ويبرز الأسباب والمؤثرات الفاعلية، فإنه أيضًا لا يسقط من حسابه النظرة المعيارية التي تبرز العناصر
الإيجابية أو السلبية في الظاهرة.
ولا شك أن الإخلال بأحد الجانبين هو
إخلال للمنهج العلمي ككل، فالاكتفاء بتحديد المثل
والغايات تجاهل للواقع، بحيث يتيه الباحث في المثاليات دون
أن يكتسب
أرضية صلبة يقيم عليها بناءه، كما أن الاكتفاء بالوصف والتقرير يفقد العلم رسالته في الحياة، ويجعله مجردًا من أهدافه المرجوة.
ومن ثم ينبغي للباحث التربوي المسلم أن
يمر بمرحلتين متتابعتين في عملية البحث
في المرحلة الأولى: يجتهد الباحث في فهم الواقع التربوي
المدروس،
ويتعرف أسباب الظاهرة ونتائجها والعوامل الفاعلة فيها. وفي أثناء هذه المرحلة لا يكون لديه أي التزامٍ أو تعصبٍ ما.
ثم تأتي المرحلة الثانية وهي المرحلة التي يحدد فيها
أهدافه وغايته، ويعطي فيها تقويمه ويحدد موقفه من الظاهرة
محل الدراسة
والبحث، ولكي يتمكن الباحث من القيام بهذه المهمة لا بد أن تحل قضايا الإسلام الأساسية من وحدة الخلق ووحدة الحقيقة، ووحدة المعرفة،
ووحدة الحياة والإيمان بوجود هدف من وراء
خلق الكون للإنسان، وعبودية
الإنسان لله، لا بد أن تحل
هذه القضايا
كلها محل التصورات الغربية، وأن يتحدد على أساسها كيفية إدراك الحقيقة، وكيفية تفسير الظواهر، ثم إصدار الحكم عليها.
وبناء على ما تقدم : فإن اقتصار الباحث
التربوي المسلم على الدراسة الوصفية يجعل من
العلم أداةً عقيمة يفقد معها دلالته ووظيفته ؛
فالباحث
التربوي لا بد
أن يتخذ موقفًا تجاه ما يدرسه من ظواهر، وما يثبت له من حقائق، وهذا الموقف تستقى معاييره من نصوص الوحي والسنة النبوية وبذلك تصبح
مهمة الباحث التربوي المسلم إلى جانب كونها مهمة
وصفية، هي كذلك مهمة تقويمية إصلاحية نقدية.
وهذه المهمة البحثية وفقًا لهذا المعنى
تجسد نظرة الإسلام للعلم على أنه ملتزم
أخلاقيًّا وليس حياديًّا، وذلك في مقابل النظرة العلمانية التي تستبعد الحكم القيمي على الظاهرة بدعوة الحيادية العلمية.
وبناء على ما تقدم يتميز البحث الوصفي
في التربية وفقًا الرؤية الإسلامية بخصوصية
تجعل مسار البحث يختلف عن مسارات البحوث الأخرى التي لا
تستند إلى
الإطار الفكري الإسلامي، ذلك أن هذا الإطار بأهدافه ونظامه ونسقه المستمد من الوحي هو الذي يوجه منهج البحث الوصفي، وفي ضوئه يتم تحليل
البيانات وتفسير النتائج فهو مع اعتماده على
البيانات الإحصائية إلا أنه لا يستخدمها استخدامًا
مضللًا ينحرف
بالظاهرة عن نساقها الثقافي والاجتماعي الإسلامي، بل إن التفسير واستخلاص النتائج هو الذي يخضع لمنطلقات البحث المستمدة من
النسق الإسلامي، وأهداف الإسلام وغاياته من العلم،
ومن الحياة البشرية بأكملها.
وبهذا نكون قد انتهينا من توضيح مناهج
وطرق البحث في مجال التربية الإسلامية، والتي
عرضنا لبعض منها بالتفصيل، وهي المنهج الأصولي والمنهج
التاريخي
والمنهج الوصفي، هذا وبالله التوفيق.
Post a Comment