إن أهم المركبات التي تساهم في اضمحلال طبقة الأوزون هي مركبات الكلوروفلوروكربون الصلبة CFCs بصورة أساسية، كما تساهم هذه المركبات في امتصاص الأشعة تحت الحمراء الصادرة عن الشمس وصدها؛ فترفع درجة حرارة الأرض لتتفاقم ظاهرة الانحباس الحراري، إلى جانب تزايد نسبة ثاني أكسيد الكربون وغاز الميثان وغيره من الغازات الدفيئة في الجو.
وتوجد مركبات الكلوروفلوروكربون في المذيبات المستخدمة لتنظيف الدوائر الإلكترونية، وفي المواد الدافعة لمحتوى عبوات الرذاذ (أيروسولات) وفي صناعة الإسفنج الرخو والصلب المستخدم في الأثاث والعوازل الحرارية، فضلاً عن استخدامه في الإطفاء كمادة الهالون، واستخدامه للتبريد عند صناعة الثلاجات وأجهزة التكييف في الأبنية والمركبات المختلفة.
ويعود الفضل إلى العالمين الفرنسيين Charles Fabry و Henri Buisson باكتشاف طبقة الأوزون عام 1913، ثم قام العالم الإنجليزي G. Dobson بعد ذلك بإنشاء مراكز للرصد بين عام 1928 – 1958 لدراسة ومراقبة هذه الظاهرة. وفي عام 1974 ابتكر العالمان دولاند ومولينا في جامعة كاليفورنيا ظروفاً مختبرية مشابهة للحالة الطبيعية وافترضا أن الدرع الأوزوني ربما يتضرر بمقدار يتراوح ما بين 20 – 30 %.
وتتباين سماكة طبقة الأوزون، حيث تكون أقل سمكاً فوق خط الاستواء فيما تتعاظم كلما اقتربنا من القطبين. كذلك تتباين حسب فصول السنة، ففيما تكون أكثر سمكاً في فصل الربيع، تصبح أقل سمكاً خلال فصل الخريف، كذلك تتموضع طبقة الأوزون على مسافة أعلى فوق خط الاستواء، وتنخفض باقترابنا من القطبين. وقد أثبتت الدراسات أن بعض مناطق القطب الجنوبي تخلو من طبقة الأوزون في بعض المواسم.
وتكون الأشعة فوق البنفسجية أكثر تأثيراً في المناطق المرتفعة في فصلي الربيع والصيف وفي الأماكن التي تعكس الأشعة، كالبحار والمناطق الثلجية والصحاري. لذلك ينصح باستخدام النظارات الشمسية الواقية واللجوء إلى المناطق المظللة واستخدام الملابس الواقية وقبعة عريضة.
أول أكسيد النيتروجين وثاني أكسيد النيتروجين ينطلقان من عوادم الطائرات النفاثة التي تحلق قريبة من مستوى طبقة الأوزون فيما تخترقها بعض الطائرات السريعة، الأمر الذي يؤدي إلى تحفيز تحلل الأوزون بواسطة التفاعلات الكيميائية.
ففي السبعينيات من القرن العشرين، وخلال تصنيع طائرة الكونكورد بالاشتراك بين بريطانيا وفرنسا، احتج العلماء على التلوث المتوقع من أكاسيد النيتروجين وأكاسيد الهيدروجين في الطبقات العليا من الجو، حيث تطير الطائرة على ارتفاع شاهق يناهز 15 كيلومتر، كما احتجوا على التلوث الصوتي عند إقلاع الطائرات أو هبوطها، وانتهت هذه الحملة بإغلاق المشروع عام 2003.
وأثار مكوك الفضاء في السبعينيات أيضاً حفيظة العلماء الذي أشاروا إلى ضرر غاز الكلور المنبعث من وقود صواريخ المكوك الفضائي، وتزامن ذلك مع اكتشاف أثر الكلوروفلوروكربون على تفكيك الأوزون، فانشغل العالم بالمخاطر الأخيرة وتناسى ضرر الرحلات المكوكية والتلوث الذي يحدثه الطيران الحربي الذي يحلق عند ارتفاعات شاهقة.
وتزداد نسبة اضمحلال طبقة الأوزون فوق القطبين، وفي مناطق مبعثرة فوق الأرض، وبخاصة في فصول معينة، ويطلق العلماء على هذا الاضمحلال الذي يتركز في مناطق معينة ثقوب الأوزون.
في عام 1992 أفاد تقرير لمنظمة الأرصاد العالمية أن بعض المناطق فوق القطب الجنوبي خالية من الأوزون كلياً، وخلص التقرير إلى نتيجة مفادها أن ثقب الأوزون فوق هذه المنطقة، قد اتسع إلى رقم قياسي، يصل إلى بضع ملايين ميل مربع، أي بزيادة أعظم مما كان متوقعاً.
أما فيما يتعلق بالقطب الشمالي من الكرة الأرضية، والتي تشتمل على دول مكتظة بالسكان في كل من أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا، فإنها تعاني هي الأخرى من التأثير ذاته ولكن على نحو أقل مقارنة بالقطب الجنوبي، فقد وجد أن طبقة الأوزون في المنطقة الشمالية تتلاشى بمعدل 4 % إلى 5 % لكل عقد من الزمن، وهو ضعف ما كان متوقعاً أصلاً.
يتم تفكيك الأوزون من قبل مركبات أوكسيد النيتروجين (NO) والهيدروأكسيدات (OH) والكلور (CL) والبروم (Br)، وهي موجودة في المركبات التي يطلقها الإنسان، مثل الكلوروفلوروكربون (CFCs) والبروموفلوروكربون (BFCs) التي تصعد إلى طبقات الجو العليا، وبعضها يستغرق عدة أشهر ليصل إلى هناك، ثم يبدأ في التفكك بفعل الأشعة فوق البنفسجية، فيتحلل ليطلق الكلور والبروم الذي بدوره يفكك الأوزون بقدرة هائلة.
إن طبقة الأوزون تتحرك باستمرار، تتسع وتضيق، ففي استراليا، مثلاً، وعندما تنفتح هذه الطبقة فوق استراليا يتم رصدها بالأقمار الصناعية ويتم تبليغ المدارس تحديداً، فيمنع الطلبة من الخروج إلى العراء خلال الاستراحات. هذه حلول مؤقتة ولكن الحلول الدائمة التي نطمح إليها هي الحد من إطلاق الغازات التي تسبب هذه الظاهرة، وهي في طريقها إلى العلاج.
شرعت السويد عام 1978 في منع إنتاج مركبات CFCs التي كانت تنتج في الأوعية المضغوطة، ثم تبعتها الولايات المتحدة وكندا والنرويج في العام ذاته، ولكن هذه المركبات ما زالت تنتج في صناعات أخرى، كالثلاجات وأجهزة التبريد وفي مركبات التنظيف الصناعي، ولكن الوضع تغير فجأة عندما تم اكتشاف ثقب الأوزون في عام 1985 فوق القطب الجنوبي، وعلى إثر ذلك دب الرعب في النفوس.
وقد هرع العالم في العام ذاته لصياغة اتفاقية فيينا بهذا الصدد، وتم في بروتوكول مونتريال توقيع اتفاقية عالمية بتاريخ 15/9/1987 للحد من إنتاج تلك المركبات شاركت فيه نحو 91 دولة، وأكثر من مئة عالِم، فبدأ إنتاجها يتضاءَل منذ عام 1987، فيما تم تعديل البروتوكول عام 1990 في لندن وكوبنهاجن بحيث أصبح إنتاج المواد الضارة بالأوزون ممنوعاً عام 2000. وهذا يجعلنا نتساءَل، لماذا خاف العالم من اضمحلال طبقة الأوزون إلى هذا الحد، فتصرف بعقلانية وبسرعة، بينما ما زالت الدول الكبرى المنتجة للغازات الدفيئة لا تلتزم باتفاقية كيوتو؟
من اللافت أن وقع ظاهرة "طبقة الأوزون" على الشعوب والثقافات المختلفة كان أعظم من وقع ظاهرة "الانحباس الحراري"، وتؤكد دراسة قمت بها على طلاب جامعيين، كانوا جميعهم قد سمعوا بظاهرة اضمحلال طبقة الأوزون، أما ظاهرة "الانحباس الحراري" فكانت حاضرة في ذهن بعضهم فقط، ولكن أياً من الطلبة أجاب بلا عندما وجهت إليهم سؤالاً: هل تكترث إذا العالم تلوث أم لا؟
        ويبدو لنا أن معرفة الطلبة بطبقة الأوزون كانت أكبر، لأن ضررها مباشر على الإنسان، بفعل الأشعة فوق بنفسجية، أما ظاهرة "الانحباس الحراري" فضررها طويل الأمد، وهم لديهم من المشكلات الحاضرة التي تغنيهم عن التطلع إلى هموم المستقبل! ولكننا نتساءَل من جديد: إذا كان منع اضمحلال طبقة الأوزون سوف يؤدي إلى زيادة عدد جزيئات الأوزون في الجو، وبما أن الأوزون يساهم في الانحباس الحراري، وعليه، ألن نساهم أيضاً في استفحال ظاهرة الانحباس الحراري؟
        من اللافت أيضاً أن زيادة التآكل في طبقة الأوزون سوف يؤدي إلى خفض درجة حرارة طبقة الستراتوسفير، فينفتح المجال أمام حدوث اضطرابات جوية في الطبقات الأدنى القريبة من الأرض.
        لاحظ العلماء عام 2003 أن اضمحلال طبقة الأوزون أخذ يتراجع بعد نحو عقد واحد من اتخاذ إجراءَات حاسمة بشأن مركبات CFCs، ولكن المسألة تحتاج إلى وقت أكثر، لأن المركبات المذكورة تبقى في الغلاف الجوي لعقود طويلة، ربما نحو مئة عام، لذلك فإن ضررها سيستمر طوال القرن الحادي والعشرين، على أقل تقدير.
        لقد اخترع العلماء مواد بديلة لمركبات CFCs، مثل مركبات HCFC التي تتفكك بسرعة أكبر فلا تستطيع بلوغ ارتفاع طبقة الأوزون لتفكك الأوزون. كما شرع العلماء في إنتاج ثلاجات تعمل على دورة غاز الهيدروجين أو الهيليوم أو الطاقة الشمسية أو الأمواج الصوتية. فلماذا لا يبحث العالم عن بدائل لمصادر الطاقة التقليدية، كما فعل العلماء في حالة طبقة الأوزون؟ بهذا نستطيع مواجهة ظاهرة الانحباس الحراري بسرعة أكبر.
الأمر ليس بحاجة إلى طول عناء للبحث عن إجابة، فمصادر الطاقة المتجددة والنظيفة موجودة ومتوافرة ومستدامة، وهي في الوقت نفسه الدواء الشافي لظاهرة الانحباس الحراري، من حيث قدرتها على توليد الطاقة النظيفة لسكان الأرض، والتي سوف تقلل من انبعاثات الغازات وتحافظ على "أمنا الأرض" أم الجميع. ولكن تكنولوجيا مصادر الطاقة المتجددة تخضع لقانون احتكار التكنولوجيا الذي تسيطر عليه الدول الغنية في الشمال، لذلك فإن انتقالها إلى دول الجنوب الفقيرة غدت مسألة في غاية الصعوبة.

Post a Comment

Previous Post Next Post