الأول: يجب أن يعلم الموظف أن غيبته للمسؤول لا تخدمه ، بل قد تضرُّه ببلوغ هذه الغيبة للمسؤول ، أو إضرار أحد من الناس به برفع قضية تشهير ضدَّه ، مع العلم أنه لن يستفيد شيئاً من هذه الغيبة – إن كانت غيبة فعلاً – لأن من يسمعها لن يقف معه في حقِّه غالباً خوفاً على مصلحته .
الثاني: أن أخذ الحق له طرق شرعية ونظامية معروفة ، وليس منها التشهير والغيبة.
الثالث: أن الناس مفطورون على حبّ من أحسن إليهم وعاملهم بالحسنى ، فخير مواجهة لهذا الظلم – إن وُجِد – هو حسن التعامل الذي يغيِّر نظرة المقابل وموقفه، كما قال سبحانه ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ( فصلت:34 )
الرابع: أن المكاشفة والمصارحة والنصيحة الخالصة خير سبيل لصفاء القلوب وتقويم السلوك ، فقدِّم نصيحتك بالشكل المناسب الخالي من الفضيحة ، وصارح المسؤول بملاحظتك ، فكثيراً ما يكون المسؤول غير قاصد أو غير منتبه لعواقب ما يفعل على بعض الأفراد ، نظراً لانشغال ذهنه بأمورٍ أكبر ، فإذا ذُكِّر انتبه واعتذر وصحَّح.
* والزملاء في العمل لهم حق المعاملة الحسنة ؛ لأنهم شركاء في المصلحة ، ونصحاء في العمل ، فيرشد الواحد منهم أخاه ، ويسهِّل له مهمته ، ويكون مرآةً له ، لذا فإن التعامل الحسن واجبٌ من كلٍّ منهم لزملائه ، لما يعود على الموظف بالراحة النفسية ، وعلى العمل بالأداء الجيد.
وحسن التعامل معهم يظهر في التحية والابتسامة والملاطفة ، والتعاون وخدمة بعضهم البعض ، والنصح والتسديد ، والتغاضي عن العيوب والأخطاء غير المقصودة.
وهذا لا يمنع من التنافس الشريف ، ودخول المسابقات الوظيفية لا يؤثر على المعاملة الحسنة مع الزملاء ؛ لأن هذا من فعل الأسباب المشروعة في الوظيفة ، وهو حق لكل موظف كحقه في الراتب والترقية ، فلا تأثير لها في المعاملة ، وأيضاً فإن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يتنافسون في أمور الخير والطاعات ويحسنون التعامل مع بعضهم البعض ، بل يحب بعضهم بعضاً.
فالواجب أن يسعى كل موظف لما يفيد أخاه الموظف ، ويدعو له بالتوفيق دائماً.
* والمرءوسون لهم حق المعاملة الحسنة ؛ لأنهم مساعدون للرئيس والمدير في عمله ، فلولاهم ما استطاع الرئيس أن ينجز مهامه ، إضافةً إلى أن المنطقي أن يكون الرئيس والمدير قدوةً لهم في التعامل الحسن ، فإذا كان يتعامل معهم بالملاطفة والتبسم وترك التكلُّف ، وتسهيل المهمات ، والتغاضي عن الهفوات ، والصدق والعدل ، فإنهم سيكونون كذلك مع بعضهم ، ومع غيرهم ، بل وسيظهر مردود ذلك في عملهم وإنتاجهم.
وإذا كان بعكس ذلك متعالٍ عليهم ، شديداً في محاسبتهم ، جامداً في استخدام الأنظمة ، فإن عطاءهم سيضعف ، وستتوتَّر نفسياتهم معه ومع الآخرين!
ولا يعني ذلك أن يكون المدير متساهلاً في تطبيق النظام ، كثير الخرق له ، لا يحسن ضبط العمل والموظفين ، فإن هذا علامة على ضعف الإدارة ، ولكن الأمر يحتاج إلى حكمة وسياسة ، فالأصل الانضباط الوظيفي ، وإتقان الأداء من الجميع ، إلا أن هناك حالات خاصَّة تستدعي المراعاة والتجاوز ، إضافةً إلى أن تطبيق النظام لا يعني العبوس والجفاف في المعاملة ، بل يمكن تطبيق النظام بحذافيره مع اللطف والبشاشة وحسن التعامل.
* والمراجعون لهم حق المعاملة الحسنة ؛ لأنهم المقياس الذي يقاس به نجاح المؤسسة ، فانطباعهم عن المؤسسة أو المصلحة يعكس رأيهم في تعامل موظفيها ، ولأنهم أصحاب حاجة ، فإن لم تستطع أن تقضي لهم حاجتهم فلا أقلّ من أن ينصرفوا مسرورين بما وجدوه من حسن التعامل.
إن حسن التعامل هو الإكسير الذي تكسب به القلوب ، مع أنه لا يكلِّف شيئاً كثيراً ، ولكن آثاره عظيمة جداً على مستوى النفس والمؤسسة والمجتمع.
وقد تطورت علوم الاتصال الإنساني ، وأصبحت تقدم للموظفين على شكل دورات إدارية مفيدة في كيفية التعامل مع المراجعين ، وعلى سبيل المثال ذكر الدكتور ألبرت مهرابيان أننا أثناء اتصالنا بالآخرين نرسل ما نسبته 7% عن طريق الصوت ، بينما نرسل ما نسبته 55% من رسائلنا للمقابل عبر الاتصال غير اللفظي ، كالإيماءات والحركات والإشارات .
فالموظف بحاجة إلى أن يتعرف على هذه المهارات التي تحقق هدف حسن المعاملة مع الناس .
Post a Comment