- عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ بَايَعْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَ عَلَيْنَا أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَنَهَانَا عَنْ النِّيَاحَةِ فَقَبَضَتْ امْرَأَةٌ مِنَّا يَدَهَا فَقَالَتْ فُلانَةُ أَسْعَدَتْنِي وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَجْزِيَهَا فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا فَذَهَبَتْ ثُمَّ رَجَعَتْ فَمَا وَفَتْ امْرَأَةٌ إِلا أُمُّ سُلَيْمٍ وَأُمُّ الْعَلاءِ وَابْنَةُ أَبِي سَبْرَةَ امْرَأَةُ مُعَاذٍ أَوْ ابْنَةُ أَبِي سَبْرَةَ وَامْرَأَةُ مُعَاذٍ رواه البخاري 4/1856 برقم 4610 ورواه مسلم ولفظه عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ قَالَتْ كَانَ مِنْهُ النِّيَاحَةُ قَالَتْ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلا آلَ فُلانٍ فَإِنَّهُمْ كَانُوا أَسْعَدُونِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَلا بُدَّ لِي مِنْ أَنْ أُسْعِدَهُمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلا آلَ فُلانٍ
- قال الإمام أحمد حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّازَّقِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ أَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النِّسَاءِ حِينَ بَايَعَهُنَّ أَنْ لا يَنُحْنَ فَقُلْنَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ نِسَاءً أَسْعَدْنَنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَفَنُسْعِدُهُنَّ فِي الإِسْلامِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا إِسْعَادَ فِي الإِسْلامِ وَلا شِغَارَ وَلا عَقْرَ فِي الإِسْلامِ وَلا جَنَبَ وَمَنْ انْتَهَبَ فَلَيْسَ مِنَّا مسند أحمد 3/197 برقم 13055 ورواه ابن حبان 7/415 برقم 3146 ورواه الضياء في الأحاديث المختارة 5/165 برقم 1785 ورواه الترمذي بغير الكلام على البيعة ونصه : عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لا جَلَبَ وَلا جَنَبَ وَلا شِغَارَ فِي الإِسْلامِ وَمَنْ انْتَهَبَ نُهْبَةً فَلَيْسَ مِنَّا قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ قَالَ وَفِي الْبَاب عَنْ أَنَسٍ وَأَبِي رَيْحَانَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَجَابِرٍ وَمُعَاوِيَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَوَائِلِ بْنِ حُجْرٍ سنن الترمذي 3/431 برقم 1124
هذا الحديث كما نرى يحكي لنا قصة بيعة النبي صلى الله عليه وسلم للنساء ومن شدة أهمية مسألة تحريم النياحة ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في بنود البيعة ولأن هذا الفعل في النساء مشهور وقليل منهن من أمسكت نفسها عند المصيبة لذلك اهتم به النبي صلى الله عليه وسلم وفيه أهمية وضع الأمور في نصابها وعدم تأخير البيان عن وقت الحاجة وجاء أن البيعة كانت على ألا يعصين في معروف ومن ذلك النياحة كما في هذا الحديث أنه قال على أن لا ينحن. وفي رواية أم عطية فقبضت امرأة يدها – وهي أم عطية – كما بينت ذلك الروايات ففي رواية البخاري أنها ذهبت ثم عادت فبايعت وفي رواية مسلم أنه وقع لها الاستثناء وحمله على رواية البخاري أولى أي أنها تركت قدر ما ترد هذا الدين وقد وقع لأم سلمة رضي الله تعالى عنها مثل ذلك كما عند الترمذي : عن أُمُّ سَلَمَةَ الأَنْصَارِيَّةُ قَالَتْ قَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْ النِّسْوَةِ مَا هَذَا الْمَعْرُوفُ الَّذِي لا يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَعْصِيَكَ فِيهِ قَالَ لا تَنُحْنَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ بَنِي فُلانٍ قَدْ أَسْعَدُونِي عَلَى عَمِّي وَلا بُدَّ لِي مِنْ قَضَائِهِنَّ فَأَبَى عَلَيَّ فَأَتَيْتُهُ مِرَارًا فَأَذِنَ لِي فِي قَضَائِهِنَّ فَلَمْ أَنُحْ بَعْدَ قَضَائِهِنَّ وَلا عَلَى غَيْرِهِ حَتَّى السَّاعَةَ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ النِّسْوَةِ امْرَأَةٌ إِلا وَقَدْ نَاحَتْ غَيْرِي قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ سنن الترمذي 5/411 برقم 3307
ومن تلك اللحظة كان التحريم ساريا على كل النساء ولا يشك شاك في حرمة النياحة.
قوله : " أَنْ لا يَنُحْنَ " قال صاحب عون المعبود : من النوح وهو البكاء عن الميت وتعديد محاسنه , وقيل النوح بكاء مع الصوت ومنه ناح الحمام نوحا
قوله : " إِنَّ نِسَاءً أَسْعَدْنَنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ " من الإسعاد وهو إسعاد النساء في المناحاة تقوم المرأة فتقوم معها أخرى من جاراتها فتساعدها على النياحة , قال الخطابي الإسعاد خاص في هذا المعنى , وأما المساعدة فعامة في كل معونة ويقال إنها مأخوذة من وضع الرجل يده على ساعد صاحبه إذا تماشيا في حاجة الغريب للخطابي ج: 1 ص: 369
قوله : " فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا إِسْعَادَ فِي الإِسْلامِ " هذا نص واضح قطعي الدلالة على تحريم النياحة وهي كما قلنا البكاء بصوت عال وتعديد مناقب الميت أو هي الصراخ والعويل وغير ذلك مما نرى ونشاهد في دنيا الناس ، وأن ما كان من إسعاد قبل الإسلام لا عبرة به ولا يرد بعد العلم بتحريم النياحة وكذا كل أمر غير مشروع في الجاهلية لا يفعل في الإسلام أما من نوى فعل خير في الجاهلية ثم أسلم فله أن يتم ذلك وبذلك جاءت النصوص.
قوله : " وَلا شِغَارَ " الشغار من أنواع الزواج التي كانت مشهورة عند العرب جاء في كتاب الغريب لابن قتيبة الشغار والشِّغار المنْهِي عنه أن يُزوِّج الرجُل امرأة هو وليُّها رجلاً على أنْ يزوِّجه الآخر ويَعْقِد بينهما النكاح على ذلك من غير مَهْر وكان الرجل يقول للرجل في الجاهلية شاغِرْني أي زوّجْني أخْتَك على أن أزوِّجك ابْنتي وقيل لذلك شِغار لأنَّ كل واحد منهما يشْغر إذا نكح وأصْلُ الشَّغْر للكلب وهو أنْ يرفع إحدَى رِجلَيْه ويبول فكُنيَ بذلك عن النكاح إذا كان على هذا الوجه وجعل له علما كما قيل للزنا سفاح لأنَّ الزَّانِيَيْن يتسافحان يسفح هذا الماء أي يصبُّه ويسفح هذا أما النُّطْفة وأما الماء الذي يغتسلان به فكني بذلك عن الزِّنا وجُعِلَ له علَماً. الغريب لابن قتيبة ج: 1 ص: 207
وهو مذكور في حديث : قال البخاري رحمه الله تعالى حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الشِّغَارِ قُلْتُ لِنَافِعٍ مَا الشِّغَارُ قَالَ يَنْكِحُ ابْنَةَ الرَّجُلِ وَيُنْكِحُهُ ابْنَتَهُ بِغَيْرِ صَدَاقٍ وَيَنْكِحُ أُخْتَ الرَّجُلِ وَيُنْكِحُهُ أُخْتَهُ بِغَيْرِ صَدَاقٍ وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ إِنْ احْتَالَ حَتَّى تَزَوَّجَ عَلَى الشِّغَارِ فَهُوَ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَقَالَ فِي الْمُتْعَةِ النِّكَاحُ فَاسِدٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْمُتْعَةُ وَالشِّغَارُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ صحيح البخاري 6/2553 في باب الحيلة في النكاح برقم 6559
قوله : " وَلا عَقْرَ فِي الإِسْلامِ " قال الخطابي رحمه الله : هو ما كان عليه أهل الجاهلية من عقر الإبل على قبور الموتى كانوا إذا مات الرجل الشريف الجواد عقروا عند قبره وكانوا يقولون إن صاحب القبر كان يعقرها للأضياف يقريهم أيام حياته فيكافأ عليه بمثل صنيعه ويقال إنما كانوا يعقرونها لتطعمها السباع والطير عند قبره فيدعى مطعما حيا وميتا ويقال بل كان من مذهبهم أن صدى الميت يصيب من ذلك الطعام وذلك من ترهات الجاهلية الغريب للخطابي 1/369
قوله : " وَلا جَلَبَ فِي الإِسْلامِ " وفي رواية الترمذي " لا جَلَبَ وَلا جَنَبَ وَلا شِغَارَ فِي الإِسْلامِ " قال صاحب عون المعبود : والجلب والجنب يكونان في السباق وفي الزكاة فالجلب في السباق أن يتبع فرسه رجلا يجلب عليه ويصيح ويزجره حثا له على الجري . والجنب أن يجنب إلى فرسه فرسا عريانا فماذا فتر المركوب تحول إليه . والجلب في الزكاة أن لا يقرب العامل أموال الناس بل ينزل موضعا ثم يرسل من يجلب إليه الأموال من أماكنها ليأخذ صدقتها . فنهى عنه وأمر أن تؤخذ صدقاتهم على مياههم وأماكنهم . والجنب أن يجنب رب المال بماله أي يبعده عن مواضعه حتى يحتاج العامل إلى الإبعاد في أتباعه وطلبه .
قوله : " وَمَنْ انْتَهَبَ فَلَيْسَ مِنَّا " قال في تحفة الأحوذي : ( ومن انتهب نهبة ) بفتح النون وسكون الهاء مصدر , وأما بالضم فالمال المنهوب , أي من أخذ ما لا يجوز أخذه قهرا جهرا ( فليس منا ) أي ليس من المطيعين لأمرنا أو ليس من جماعتنا وعلى طريقتنا تحفة الأحوذي 4/227
- عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ لَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ قُلْتُ غَرِيبٌ وَفِي أَرْضِ غُرْبَةٍ لأَبْكِيَنَّهُ بُكَاءً يُتَحَدَّثُ عَنْهُ فَكُنْتُ قَدْ تَهَيَّأْتُ لِلْبُكَاءِ عَلَيْهِ إِذْ أَقَبَلَتْ امْرَأَةٌ مِنْ الصَّعِيدِ تُرِيدُ أَنْ تُسْعِدَنِي فَاسْتَقْبَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ أَتُرِيدِينَ أَنْ تُدْخِلِي الشَّيْطَانَ بَيْتًا أَخْرَجَهُ اللَّهُ مِنْهُ مَرَّتَيْنِ فَكَفَفْتُ عَنْ الْبُكَاءِ فَلَمْ أَبْكِ رواه مسلم 2/635 برقم 922 ورواه ابن حبان 7/413 برقم 3144 ورواه البيهقي برقم 6901 ثم قال : وهذا في بكاء يكون معه ندب أو نياحة وهكذا ما روينا فيما مضى عن عائشة من بكاء نساء جعفر عليه ونهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك سنن البيهقي الكبرى 4/63
- عَنْ أَبِي حَرِيزٍ مَوْلَى مُعَاوِيَةَ قَالَ خَطَبَ النَّاسَ مُعَاوِيَةُ بِحِمْصَ فَذَكَرَ فِي خُطْبَتِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ سَبْعَةَ أَشْيَاءَ وَإِنِّي أُبْلِغُكُمْ ذَلِكَ وَأَنْهَاكُمْ عَنْهُ مِنْهُنَّ النَّوْحُ وَالشِّعْرُ وَالتَّصَاوِيرُ وَالتَّبَرُّجُ وَجُلُودُ السِّبَاعِ وَالذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ رواه أحمد في مسنده 4/101
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
إرسال تعليق