نمو التعلق النفسي والاجتماعي وتطوره من الولادة وحتى الشهر 18 عند الطفل
لقد نشط البحث العلمي في مجال الطفولة فكشف لنا عن جوانب كثيرة في حياة الأطفال ومشكلات نموهم في السنوات الأولى من عمرهم . كما أوضح لنا أن حاجة الطفل إلى الحب والعطف والطمأنينة من الحاجات الأساسية له منذ يومه الأول، ويزداد هذا الاحتياج ويقوى يوما بعد يوم .ويعد الوالدين المصدر الأساسي والأول لإشباع مثل هذه الحاجات النفسية ، وهما المصدر الأول المبكر والمساند لعملية التعلق الاجتماعي للطفل.
يلعب تطور التعلق الاجتماعي،والخبرات المرافقة للتفاعل مع الشخص الراشد الذي يزود الطفل بالراحة والعناية، الدور الأساسي في تكوين شخصية الطفل في الأشهر الثمانية عشر الأولى من العمر .
وخبرة التعلق بشخص ما تشعر الطفل بالسرور عندما يكون معه. وبالراحة إذا وجد هذا الشخص، وعندما يشعر الطفل بالقلق أو الحاجة إليه . وطبيعة تعلق الطفل خلال فترة الرضاعة تؤثر بعلاقته مع الآخرين في المستقبل .
إن المفاهيم الأساسية لتطور التعلق الاجتماعي جاءت في الأصل من دراسات هاري هارلو على القردة. أخذ هارلو مجموعة من صغار القردة ودرس سلوكها عند وضعها مع أمهات بديلة مصنوعة من السلك, بعض هذه الأمهات كانت من السلك الخالص ومزودة بإناء تمتص منه القردة الحليب اللازم لها وبعضها الآخر من السلك المغطى بفراء يشبه إلى حد ما جلد القردة الأصلي , ولكنها لا تزود بالحليب.
وعندما تركت القردة الصغيرة مع هذه الأمهات البديلة أظهرت تعلقاً بالأمهات البديلة ذات الفراء, وكانت القردة تتعلق بها حتى عندما تمتص الحليب من الأم السلكية , ومن الواضح أن القردة كانت تستشعر الأمان والراحة , والحماية من الأم ذات الفراء , كما أن هذه المشاعر كانت تمهد السبيل لظهور سلوك اكتشاف البيئة عند هذه القردة الصغيرة .
تشير الملاحظة إلى أن أطفال البشر كالقردة مفطورين على التعلق بالراشد الذي يعتني بهم وتبدو هذه النزعة الفطرية واضحة في أوقات الملل والخوف , وعدم الشعور بالراحة , والطمأنينة.
ومن البديهي أن الأم أكثر شخص يزود الطفل بالراحة, والعناية, والطمأنينة, وبالتالي تصبح الأم موضع التعلق الأهم.
فحساسيةالأم لحاجات طفلها ورغباته هي سمة مميزة لتعلق الطفل الآمن مع الأم ، مثل هذه الأم تصبح أكثر وعيا بمزاج ابنها  وتتفهم مشاعره ، وهي أيضا  تستجيب وجها لوجه عند تفاعلها معه ، تزود طفلها بالطعام ( عند الحاجة ) والدفئ وهي محبه لرضيعها .
أظهرت الدراسات أن هناك توافق بين حساسية الأم لرضيعها  والتعلق الآمن.
وقد أشارت الدراسات إلى أن الأم في التعلق الآمن تستجيب بسرعة وايجابية لرضيعها.
أما تعلق الطفل تجاه أبيه نجد اهتمام قليل بالأب وقدرته على المساهمة في حياة الرضيع وهذا يعود على الأقل لسببين :
الأول: أن هناك شيء فريد في علاقة الطفل بالأم . فهو يعتقد أن الأم مجهزة بيولوجيا لتزويد الطفل بالعون والمساندة .
الثاني: العمل المبكر في التعلق تأثر بوجهة النظر الاجتماعية التقليدية والتي تشير أن من الطبيعي أن تكون الأم مصدر الرعاية الأولى للطفل.

ويجب التفريق بين التعلق الذي هو نمط من الاستجابة الفطرية , وحب الأطفال الأكبر عمراً لوالديهم.
إن نمط التعلق لا يمكن من التنبؤ عن نوع العلاقة العاطفية التي يمكن أن تنشأ بين الطفل وأبويه في السنوات اللاحقة من الطفولة والرشد . إن حب الأطفال لأبويهم قد ظهر بشكل واضح عل الرغم من عدم وجود التعلق بهم في مرحلة سابقة نظراًلغياب الأب عن البيت في سنوات الطفولة الباكرة .

Post a Comment

Previous Post Next Post