الاقتصاد السعودي من نمو من خلال عرض لمكوناته ومقارنته بالاقتصاديات المجاورة، بحيث أصبح الاقتصاد العربي الأول. ومع ذلك فإن هناك حاجة للمرجعة تبعاً للتوجهات العالمية والتي تأثرت بالنمو السريع لصناعة الاتصالات وتقنية المعلومات، مما أوجد ما يعرف بالاقتصاد الجديد، وأثر ذلك على الاقتصاد التقليدي.
    إن الانسجام مع هذه التوجهات يتطلب توفير مناخ استثماري خاص يتلاءم مع عصر التجارة الإلكترونية، وإيجاد منظومة متكاملة تعمل لتحقيق مكاسب حضارية واقتصادية وثقافية نتيجة لتوظيف تقنية المعلومات والاتصالات، وتوفير بيئة منافسة والتوسع في استخدام الإنترنت.
ظاهرة تسمى الطبقية الرقمية والتي تعني وجود تفاوت أو فجوة في الاستفادة من تقنية المعلومات والاتصالات واستخدام الانترنت بين الأفراد والأسر أو المجتمعات.. وهي ظاهرة آخذة في التفاقم، مما يتطلب جهوداً متواصلة وتعاوناً مستمراً لردم هذه الفجوة. بينما تواجه الدول العربية عائق انتشار استخدام اللغة العربية في الانترنت مقارنة باللغات الأخرى مما يتطلب جهوداً مكثفة في هذا المجال.
      وتشير الورقة كذلك إلى أن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لا تمتلك رؤية مشتركة للتعامل مع "الحضارة الرقمية"، مع التوجه نحو العمل الانفرادي، مما يتطلب وضع منظور شامل وتعزيز للجهود المشتركة.
      وعلى المستوى الإطار المحلي تستعرض الورقة جهود المملكة والتي تشير إلى التحرك بخطوات ثابتة للانتقال بقطاع الاتصالات بما يمكنه من إيجاد مجتمع معلوماتي يساهم اقتصاديا في نمو البلاد. وتوضح الورقة أن التعامل الإلكتروني لا يقتصر فقط على قطاع الكمبيوتر والاتصالات وإنما يشمل جميع القطاعات مما يتطلب تعزيز الصلة الرقمية ضمن المملكة ومع دول العالم.
أهم معوقات انتشار التجارة الإلكترونية ومنها: عنصر الثقة والأمان والخصوصية وسرعة التعامل بين أطراف التعامل، مما يتطلب العمل من قبل الجهات الحكومية على توفير البيئة التنظيمية اللازمة. كذلك تستعرض الورقة حجم السوق السعودية ومدى توسعها في جميع القطاعات. وهذا العامل بالإضافة إلى تباعد المسافات بين المراكز الحضرية والتجمعات السكانية، يمثل بيئة مناسبة لاستخدام التجارة الإلكترونية ولكنها غير متكاملة العناصر.
المعوقات أهمية دور الحكومة في إزالة هذه المعوقات وتوفير الأسباب من اجل تحقيق طفرة إلكترونية، واتخاذ مبادرة تحقق جملة من الأهداف تتلخص في: الرفع من انتشار تقنيات المعلومات والاتصالات واستخدامها، وتحسين فرص التكامل بين القطاعين الحكومي والخاص، وإيجاد أرضية صلبة لانطلاق التجارة الإلكترونية، وتهيئة فرصة حقيقية للمملكة لتكون منصة رئيسية في هذا المجال عالمياً. ويمكن أن تأتى المبادرة الحكومية من خلال إنجاز جميع المشتريات الحكومية إلكترونياً، وتوسعتها لتشمل جميع الخدمات. وتقترح الورقة من أجل دعم هذه المبادرة تهيئة التمويل الميسر في مجال تقنية المعلومات والاتصالات من خلال صندوق التنمية الصناعية السعودية، مع تكليف جهة حكومية بوضع استراتيجية وسياسات مناسبة. وتخلص الورقة إلى النقاط التالية :
أولاً:  يضع المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية هدف استراتيجي محكوم بإطار زمني محدد لتصبح دول المجلس متمكنة رقمياً، وإطلاق مبادرة رقمية على مستوى دول المجلس.
ثانياً: التعجيل بسياسات فتح السوق في القطاعات التي تتطلب تكاملاً إقليمياً مثل الاتصالات، والاستثمار والخدمات التمويلية وتهيئة الموارد البشرية وصياغة نظم خليجية للاتصالات والتجارة الإلكترونية، ووضع معايير للمقارنة وقياس الأداء والانتشار.. وتوفير التمويل الحكومي لاحتضان أنشطة الاقتصاد الجديد في دول المجلس وتهيئة السبل للمستثمرين.
ثالثاً:  تكوين فريق لوضع خطة عمل في مجال قضايا تقنية المعلومات والاتصالات في دول المجلس والتي من أهمها: الاتصال بالشبكة، والإتاحة الكاملة للشبكة، والبيئة التنظيمية لتشجيع المنافسة، والسوق الافتراضية فيما بين دول المجلس، والموارد البشرية، والميزة التنافسية للقطاعين الحكومي والخاص.
رابعاً: توفير بيئة متماسكة العناصر ومتفتحة وآمنة من أجل ازدهار الأعمال الإلكترونية.
خامساً:      توفير "مأوى إلكتروني" شرعي ومقنن لممارسة التجارة الإلكترونية.
سادساً:      اقتراح مبادرة لإنجاز المشتريات والخدمات الحكومية إلكترونياً مما يحفز لإيجاد الحكومة الإلكترونية بتدرج وكفاءة ومنطلقات علمية.

ــــ
إحسان علي بوحليقه. حاصل على دكتوراه الفلسفة في إدارة الأعمال من جامعة وسكنسون – الولايات المتحدة الأمريكية. شغل عدة مناصب في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، منها : مديراً لبنك المعلومات الصناعية في منظمة الخليج للاستشارات الصناعية، معاراً من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن. عضو هيئة التدريس في كلية الإدارة الصناعية، جامعة الملك فهد للبترول والمعادن. نائب مدير مركز تقنية المعلومات، أمين عام منظمة الخليج للاستشارات الصناعية، وهو عضو في العديد من مجالس إدارة الشركات والهيئات المحلية والجمعيات العلمية، ألّف أكثر من 24 بحثاً حول المعلوماتية محكماً نشرت في دوريات، كما ألّف كتابي: (الباحثون عن السعودة) و(الاقتصاد الجديد والمعلوماتية والعولمة والخصخصة) والتي ستنشر قريباً.

Post a Comment

Previous Post Next Post