البعد
الاجتماعي والنفسي في رواية اللص و الكلاب
|
|
البعد
النفسي في رواية اللص والكلاب
يحضر
البعد النفسي في المؤلف بشكل كبير حيث نجد تداخل مجموعة من الأحاسيس والانفعالات
المتناقضة والتي تشمل جانب الحب، الكره، الخوف، الأمان...
وهذا التداخل للعناصر هو
الذي تسبب في عدة معاناة نفسية لكل عنصر وخاصة البطل سعيد مهران الذي كان يعيش صراعا
داخليا متناقضا ومتعدد الأوجه. فمن جهة كان محبا : يحب من جهة نبوية التي كانت بينهما
علاقة حب في الماضي انتهت بالزواج، وأحب نور أو شلبية التي كانت تحبه قبل دخوله إلى
السجن وحافظت على ذلك الحب رغم ما عرفت عنه ورغم رفضه لها حيث استقبلته في بيتها
واحتضنته وأعطته ذلك الحب الذي حرم منه من جهة نبوية المخادعة وابنته التي كانت تصده
بقوة وتصرخ عند اقترابه منها، غير أنه كان يحبها ويعشقها وحاول محاربة الكل لاسترجاعها
ومن أجلها قرر ترك نبوية على قيد الحياة.
ومن
جهة أخرى نجد سمة الخوف وهي الطاغية في المؤلف، والجهات المعنية به تقريبا أغلبية
شخصيات القصة وخصوصا نبوية وعليش اللذان يخافان سعيد وغضبه لذلك قاموا بتغيير المسكن.
ثم خوف سعيد من مطارديه ومن المخبرين. كما أن نور أظهرت خوفا كبيرا من ضياع سعيد
منها مرة أخرى وخصوصا عندما علمت بمغامراته، ثم خوف الابنة سناء من أبيها سعيد عندما
رأته وكان هو يجري إلى جهتها ليضمها
كما
نجد كذلك الأمان، وهو شعور خاص افتقده سعيد مهران منذ الوهلة التي خرج فيها من السجن،
فرغبته في الانتقام ومطاردته من طرف الشرطة والمخبرين حجبت عنه الأمان، ولذلك بحث
عنه طويلا حيث كان يجده في بيت الشيخ الجنيدي الذي يلتجئ إليه عند الإحساس بأي خطر،
بالإضافة إلى الأمان الذي يشعر به في بيت نور لأنها وفرت له الحماية من المطاردين
وكان يختبئ هناك طويلا ليهنأ ببعض لحظات الهدوء والراحة، كما نجد الأمان الذي هرب
إليه كل من عليش سدرة ونبوية.
كما
سنتحدث عن سمة أخرى وهي الكره وهنا شكل رغبة شديدة لدى سعيد في الانتقام وذلك بسبب
الخيانة التي تعرض لها لذلك أصبح يكره كل من ساهم في تلك الخيانة بمن فيهم عليش سدرة
ونبوية التي تخلت عنه وبلغت عنه وتزوجت بعليش وكذا رؤوف علوان الذي تخلى عن مجموعة
من المبادئ التي كان يحرص عليها ويزرعها في عقل سعيد.
وكره رؤوف لسعيد ومهاجمته عن
طريق الصحافة والتشهير به بالإضافة إلى رفضه لمساعدة سعيد بعد الخروج من السجن والتشهير
به وبالإضافة إلى الكره نجد الحنان والشوق ويشعر بهما سعيد حيال ابنته التي تصده
ولا تريد ربط أية صلة به في سجنه وبعد خروجه من السجن أيضا لأنه لم يستطع أن يرغمها
على العيش معه والإحباط هو أيضا شعور ساهم في التأثير على شخصية سعيد بالإحباط عند
إخفاقه في إصابة أهدافه التي تتجلى في الانتقام من عليش ونبوية ثم رؤوف علوان، وشعر
به أيضا عند اختفاء نور التي تشكل نقطة نور وحيدة في حياته.
ثم
نجد أيضا حضور الإحساس بالوحدة أثناء مكوثه في بيت نور وحده وعند اختفاء نور لأنها
بمثابة المؤنس الوحيد له.
وهناك
أيضا شعور سعيد بالضياع الكبير عند رفض ابنته له وخصوصا وأنها هي وحدها التي كان
يطمح في حبها وعطفها لتعوضه عن ما مضى وتكرر نفس الشعور عند اختفاء نور التي لم يجد
لها أثرا.
إلى
جانب الإحساس بالحسرة والأسف عند اكتشافه قتل بعض الأبرياء عن طريق الخطأ.
ثم
نجد كثيرا من العناصر الأخرى التي ساهمت في بناء البعد النفسي للمؤلف مثل فقدان الأمل
عند محاصرة سعيد مما أدى به إلى الاستسلام.
|
|
ا- التفاوت الاجتماعي:
تقدم لنا الرواية كوثيقة نفسية لشخصية بطلها المحوري , وهي بذلك ايضا تقدم لنا صورة دقيقة عن المجتمع المصري بعد حوالي تسع سنوات من قيام ثورة الضباط الاحرار بزعامة جمال عبد الناصر سنة 1952 ويظهر للناس خلال مجتمع الرواية ان التفاوت الاجتماعي مهيمن الى حد كبير.وان اصطفاف هذه الشخصيات مع او ضد سعيد مهران انما يتم وفق هذا الموقع الاجتماعي. هناك من جهة الاغنياء الذين اعتاد مهران سرقتهم قبل دخول السجن لانه يرى ان سبب ثراتهم يعد الى سرقتهم مجهودات الاخرين مبررا انذاك عمله. وهناك من جهةاخرى فئة كسبت الثروة بواسطة الخيانة والانتهازية (عليش وعلوان) وصارت في مكانة اجتماعية.وهناك ثالثا فئات شعبية هامشية تعيش على الهامش حياة بسيطة ومتواضعة ويمثلها الجنيدي ونور. ب-التراتبية الاجتماعية: امام هذاالوضع الذي تستفيد منه طبقة من الخونة والانتهازيين نجد التراتبية الاجتماعية تسود فيه وهي مظهر من مظاهر ذلك التفاوت الاجتماعي حيث تسعى في ظله كل فئة او طبقة اجتماعية الى تنظيم حياتها وتامينها بكيفية اجتماعية تقوم على التراتبية داخلها.وتبدو لنا هذه التراتبية على النحو التالي : -المؤسسة الرسمية : الاعلام -الامن.فالمثقف والصحافي علوان والمخبرون ورجال الامن والبوليس عسشون في اطا مؤسساترسمية للاعلام والامن.وهم يطبقون التعليمات كل بطريقته الخاصة وتتمثل في تبرير النظام او مطاردة معارضيه. -الشيخ و المريدون: لقد اختار المريديون حياة خاصة تقوم على ممارسة الذكر وخلق فرص التعاون والتازر فيما بينهم لمواجهة مصاعب الحياة المادية,مادامت الدولة لا توفر لهم مستلزمات الحياة. -المعلم ورجاله: تبرز في هذه الفئة علاقة المعلم برجاله ويمثل سعيد مهران قبل دخوله السجن نمودجا لذلك وعليش سدرة بعد ذلك عندما انقلب عليه واحتل مكانه. وحين يخرج مهران من السجن سيجد نفسه امام العالم كما ترك لكن الجديد الذي طرا هو ظهور هذه الفئة من الخونة والانتهازيين الذن تغيروا بسرعة نتيجة لذلك واخلوا موقعا في المجتمع. ج- الخلفية الاجتماعية وابعادها التاريخية: لقد استوحى نجيب محفوظ مادته الحكائية كما يؤكد العديد من دارسي هذه الرواية من واقعة حقيقية للسفاح محمود امين سليمان الذي روع القاهرة في اواخر الخمسينات والذي اصبح بطلا في اعين كثير من المصريين لانه دوخ البوليس حتى تم قتله اثناء المطاردة .شكلت هذه الواقعة الحقيقية خلفية اجتماعية لرواية اللص والكلاب واستمد منها الروائي ما يمكن من التعبير عن رؤيته لمجتمع المصري في حقبة تاريخية محددة : بعد الثورة. لكن نجيب محفوظ احسن استثمار هذه المادة ليقدم في ان واحد , انتقاذا للنظام وللحركة المناهضة في الوقت نفسه ,وكان ان قدم لنا ذالك من خلال رؤية فتية متميزة تعبر عن قدرة فائقة في التقاط تناقضات المجتمع المصري في خلال فترة ما بعد ثورة يوليوز 1952 . |
Post a Comment