لقد بدأت مجتمعات العالم الثالث تتفطن في السنوات
الأخيرة الى أهمية العقول المبتكرة في بناء الحضارة،وتقليص الهوة التي تفصلها عن
المجتمعات المتطورة،فخصصت لذلك الأموال الطائلة،وبدأت تغير أنظمتها التربوية
وتوجيهها وجهة تتوافق
مع أهدافها ومطامحها لتحقيق الغايات المنشودة،إيمانا منها
بأهمية عنصر التجديد في الحضارة،وهو ما يعني الإيمان بأهمية التربية في بناء
وتجديد الحضارة، حيث ان عنصر التجديد هو من أهم مقوماتها.
والحقيقة التي لا يمكن تجاهلها،ان الحضارة اذا
فقدت عنصر التجديد لسبب ما،فإنها تصبح مهددة بالركود،ثم الانحطاط..وإذا كان
للإصلاح عـدة أغراض،فان من أهمها،شحذ عبقرية الأمة ودفعها الى الإبداع والتجديد
انطلاقا من خدمة التراث الأصيل.فالاكتشاف لمجاهل الكون،هو إثراء للمعرفة وللمنظومة
التربوية بحكم موقعها كالعمود الفقري في كيان الأمة الحضاري الشامل
والمتكامل،والتي تحتاج
الى الإصلاح لتساهم بدورها في عملية التغيير
المنشود.فالتربية هي من أهم وسائل الرقي الحضاري والازدهار الثقافي(2).وبذلك يمكن
القول ان الحضارة اذا خلت من عنصر التجديد،فإنها تفقد حيويتها ونموها.
وإذا كانت المدرسة في مرحلتيها الأولى
والمتوسطة،تمثل حلا بديلا للمشكلة التربوية،فان السؤال الذي يطرح نفسه في هذا
الاتجاه هو، الى أي حـد تساهم المدرسة في تنمية قدرات ومواهب وآراء الأفراد
المتعلمين وخاصة فيما يتعلق بالقدرة على التفكير الابتكاري التي تعد من أهم
القدرات العقلية التي تجعل الفرد يساهم في عملية البناء الحضاري؟،ذلك باعتبار ان
الأمم اليوم ترقى وتزدهر بما لديها من عقول مبتكرة ومجددة.
والحقيقة أن الإجابة على هذا التساؤل
المطروح،تتطلب دراسة علمية،تكشف عن مدى العلاقة القائمة بين ما يحصله الفرد المتعلم
في هذا النظام التربوي وقدرته الابتكارية،فضلا عن تكوينه في الجوانب الأخرى من
شخصيته،ذلك ان شخصية الإنسان تبقى وحدة متكاملة غير قابلة للتجزئة.
إرسال تعليق