مزايا وعيوب نظام التمويل الكامل فإننا يمكن أن نوجزه فيما يلي:
1-      المزايا:
(‌أ)       تكوين الاحتياطات وتراكم الأموال المتاحة ليس فقط  للاستثمار قصير ومتوسط الأجل بل وبالدرجة الأولى للاستثمار طويل الأجل والذي يمكن أن نطلق عليه الاستثمارات الرأسمالية.
(‌ب)     زيادة أهمية الجانب الاستثماري وعائده في تمويل المزايا ليس فقط في الأجل القصير ولكن ـ وهذه هو الأهم ـ على المدى الطويل.
(‌ج)      الأثر الإيجابي الذي تحدثه هذه الاستثمارات في خدمة الاقتصاد الجزئي والكلي سواء من حيث المشروعات الاقتصادية ذات العائد المباشر أو المشروعات الخدمية ذات العائد غير المباشر، هذا بالطبع إلى جانب الأثر الايجابي على معدلات البطالة والتضخم.
(‌د)      تلافي أثر التغير في الهيكل السكاني خاصة إذا حدث تراجع في معدلات المواليد نتيجة سياسات تنظيم النسل أو ارتفاع توقع الحياة مما يؤدي إلى انخفاض عدد الداخلين الجدد (وبالتالي الاشتراكات). وزيادة النفقات من خلال زيادة أعداد المنتفعين وزيادة سنوات الانتفاع. 

2-      العيوب: يعاب على نظام التمويل الكامل ما يلي:    
(‌أ)       ارتفاع معدلات الاشتراك في النظام سواء ما يتحمله العامل أو صاحب العمل، وكلاهما له آثاره السلبية على كل من الفرد والمنشأة والاقتصاد القومي. ويرجع هذا الارتفاع إلى قيمة تحمل كل جيل نفقاته بدءاً من لحظة الاشتراك أخذاً في الاعتبار حتمية تزايد هذه النفقات في المستقبل بفعل العديد من العوامل على رأسها التضخم وليس آخرها دخول منتفعين جدد دون تمويل يقابلها.
(‌ب)     العجز الدائم و المتوالي في الاحتياطيات: يترتب على العيب الأول ما يليه، فمع تزايد النفقات بشكل يكاد يكون سنوياً للأسباب الواردة فيما سبق يكون طبيعياً أن تعاني صناديق المعاشات عجزاً مزمناً ومتزايداً بمرور عمر النظام مما يؤدي إلى تحمل الأجيال الجديدة عبء تمويل نفقات الأجيال القديمة الأمر الذي قد يترتب عليه في النهاية التحول تدريجياً إلى أسلوب التمويل الجزئي ثم إلى التمويل المرحلي Pay As You Go وهو أمر حتمي لم ينج منه نظام.
(‌ج)      صعوبة تمويل المزايا الاضافية: وهي نتيجة منطقية نظراً لارتفاع الاشتراكات يترتب عليه استبعاد التمويل عن طريق زيادة الاشتراكات في نفس الوقت الذي تتآكل فيه الاحتياطيات من جانب آخر لمقابلة زيادة النفقات مما يفرض اللجوء إلى الحل السريع والمباشر وهو تحمل الخزانة العامة لجزء من نفقات تمويل أعباء المزايا الإضافية كبديل لحل طويل الأجل يتمثل في رسم استراتيجية الاستثمار التي تعالج كافة هذه المشاكل وإن كان لها آثارها الأخرى غير المرغوبة من جانب السلطة التنفيذية المتمثلة في الحكومة.
ثانياً: نظام التمويل المرحلي أو السنوي المعرف اختصاراً PAYG 
ونقصد به أن يتم تقدير النفقات السنوية للنظام سواء ما يتعلق منها بالمعاشات العادية أم ما يرتبط منها بتمويل أعباء التغير في نفقات المعيشة والمنتفعين الجدد، على أن تستخدم الاشتراكات السنوية من العاملين الموجودين في سداد هذه النفقات. ونظراً لأن هذا النظام يعتمد على الاشتراكات السنوية المفروضة على العاملين لذلك ينظر إليها من قبل مستخدموها على أنها نوع من الضرائب Taxes على خلاف الحقيقة القائلة بأنها مقابل مزايا سوف يتم الحصول عليها في المستقبل.
وعلى وجه الشبه مع نظام التمويل الكامل نجد أن لنظام التمويل المرحلي مزاياه وعيوبه التي نبينها فيما يلي:
1-      المزايا:
(‌أ)       يوفر النظام التمويل الكامل والكافي لكافة النفقات السنوية سواء الأساسية أو الإضافية أو ما يرتبط منها بالتغير في نفقات المعيشة، وهو ما يجعل النظر إليها نوع من التغطية الشاملة دون النظر إلى اعتبارات العجز الذي يمكن أن يلحق بنظم التمويل الكامل.
(‌ب)     تحقيق التكافل الاجتماعي بمفهومه الواسع ليس بين أبناء الجيل الواحد فقط ولكن أيضاً بين أبناء الأجيال المتعاقبة، حيث يتحمل كل جيل تكاليف الأجيال السابقة على أن يتم تحميل الجيل التالي تكلفة الجيل الحالي وهكذا.
(‌ج)      يتجنب مشكلة العجز التي تعاني منها نظم التمويل الكامل وما يليها من مشاكل البحث عن مصادر التمويل لهذا العجز والذي يقع في الغالب على عاتق الخزانة العامة وهو ما يعني ببساطة تجنيب تحمل الدولة لأعباء المعاشات والمزايا التأمينية الأخرى.
(‌د)      يعتبر التمويل المرحلي حلاً لمشكلة تمويل زيادة النفقات والمزايا المقابلة للتغير في نفقات المعيشة الناتجة عن التضخم كما أنه في نفس الوقت يتجنب تماماً مشاكل استثمار الاحتياطيات لعدم وجود هذه الاحتياطيات من الأصل.
(‌ه)      نظراً لهذه المزايا فإنه غالباً ما يستخدم في تمويل النظم الأساسية Pillar I الموحدة معرفة المزايا والتي لا ترتبط بالدخل والتي تحقق الحد الأدنى لمستوى المعيشة.   
2-      العيوب:
(‌أ)       من أهم وأخطر عيوب نظام التمويل المرحلي هو التأثر الشديد بالتغير في الهيكل السكاني خاصة نحو انخفاض معدلات المواليد أو زيادة توقع الحياة أو كلاهما وهو ما يترتب عليه زيادة أعباء النظام نتيجة نقص الموارد من ناحية (لانخفاض عدد الداخلين الجدد) وزيادة النفقات نتيجة لزيادة توقع الحياة وبالتالي زيادة فترة الانتفاع.
(‌ب)     قد يترتب على هذا النظام عدم استقرار المستويات الجارية للمزايا خاصة إذا رأي القائمون على النظام تعديل المزايا بالشكل الذي يحقق استقرار معدلات الاشتراك وهو أمر لا يحمل معه أي تحقيق للرفاهية الاجتماعية بل قد يترتب عليه تراجع المستوى الاقتصادي والاجتماعي لأصحاب المعاشات.
(‌ج)      نظراً لأن النظم التي تعتمد على أسلوب الموازنة السنوية ليس لها هيكل تمويل ثابت No Underlying Fund فإنها تخضع لكثير من التغير في قواعدها المنظمة سواء من حيث الاشتراكات والمزايا وهو ما يخلق شعوراً بعدم الأمان والثقة، كما يخلق أيضاً حالة من عدم التأكد عن مدى دقة وكفاية المزايا في المستقبل.
(‌د)      نظراً لأن التنزيل يتم من خلال تحميل المجتمع بالكامل، لذلك فإنه من الممكن أن يحدث اختلال وعدم استقرار في سوق العمل مرجعه الاختلاف والتميز في الأعباء بين الوظائف المختلفة كما أنه لا يوجد مجال للمبادرات الفردية من الأفراد والهيئات في هذا الخصوص.

ثالثاً: التمويل الجزئي Partial Funding  
         وبهذا الأسلوب يتم تقدير النفقات خلال فترة متوسطة الأجل قد تكون 5 سنوات أو 10 سنوات أو حتى 15 سنة ثم يتم توزيع هذه النفقات على الأجيال الموجودة خلال هذا المدى الزمني المحدود وبذلك يتم تلافي الاشتراكات المرتفعة والعجز التي يعاني منها نظام التمويل الكامل كما تسمح الفترة المحدودة بتلافي الآثار السلبية لتغير الهيكل السكاني للمجتمعات الهرمة أو الذاهبة إليه هذا كله إلى جانب إمكانية وجود احتياطيات مالية كافية لاستثمارات متوسطة وطويلة الأجل لأن الاحتياطيات المتراكمة وأن كانت في ظاهرها متوسطة الأجل إلا أنها في الحقيقة طويلة الأجل لأنها من المتوقع أن تتراكم مع إمتداد عمر النظام.


الخبرة الدولية في مجال تمويل نظم التأمينات الاجتماعية:
         قبل أن نستعرض الخبرة في مجال تمويل نظم التأمينات الاجتماعية نوضح أولاً أن معظم الدول المتقدمة وجانب كبير من الدول التي أجرت إصلاحات مؤخراً على نظم المعاشات بها قد أخذت بالبرنامج المعروف بالبرنامج متعدد المراحل أو المستويات Multipilllar ونخص بالذكر هنا دول الاتحاد الأوربي وبعض دول أمريكا اللاتينية. وهذا الهيكل على النحو الوارد بالشكل التالي:
ويتضح من الشكل السابق أن هيكل المعاشات يتكون من ثلاثة مستويات على النحو التالي:

المستوى الأول Pillar I:
         ويتكون هذا النظام من مجموعة من الأنظمة الفرعية المتمثلة في معاش موحد يمول بنظام الموازنة PAYG إلى جانب بعض النظم المرتبطة بالدخل أثناء العمل وبعض النظم المزايا Defined benefits يتم تمويلها بنظام الموازنة ومنها ما يتم تمويله بنظام التمويل الكامل. ويمثل هذا المستوى النظام الأساسي للدولة والاشتراك فيه إجباري على الجميع ولذلك فهو مضمون من الدولة ولذلك تتولى إدارته من خلال هيئة عامة. وتحسب المعاشات بناء على معادلة محددة من قبل تعتمد أساساً على مدة الخدمة. وعادة ما ترتبط المزايا وهي المعاشات بالمستوى العام للأسعار أو الأجور من خلال الربط بالرقم القياسي للأسعار أو الرقم القياسي للأجور. وعادة ما تختلف العلاقة بين الاشتراكات المدفوعة أثناء العمل والمعاشات التي يحصل عليها العامل بعد التقاعد من نظام إلى آخر.
         والي جانب نظم المعاشات التي لا ترتبط بالدخل عادة يوجد ضمن هذا المستوى بعض البرامج المرتبطة بالدخل Income Related Scheme حيث تتحدد الاشتراكات فيها علي الدخول التي يحصل عليها العامل أثناء الخدمة ومن ثم تتحدد علي أساسها المزايا أيضاً.

المستوى الثاني Pillar II :
         إلى جانب النظام الأساسي للدولة موحد المزايا الذي لايعتمد في كثير منه على الدخل ويمول من خلال أسلوب الموازنة السنوية يوجد المستوى الثاني من برنامج المعاشات القومي وهو مكمل للنظام الأساسي ولذلك فهو يرتبط بالدخل الذي يحصل عليه العامل أثناء الخدمة.
         ويتكون هذا النظام كما هو مطبق في النظام الأوربي من مجموعة من النظم المهنية أو حسب الصناعة أو حسب القطاع لتغطية فئة العاملين الذين ينطبق عليهم شروط التغطية والشكل الغالب على هذه الأنظمة انه يتم تمويلها بنظام التمويل الكامل أو الجزئي وإن كان البعض منها لا يزال يستخدم أسلوب الموازنة.

المستوى الثالث Pillar III :
         ويعتمد هذا المستوى من التأمين على المبادرات الخاصة الفردية التي يقوم بها الأشخاص اختيارياً لتكوين مدخرات خاصة تسمح بشراء معاش تكميلي من شركات التأمين على الحياة، وبالتالي يعتمد هذا المستوى على الحساب الشخصي لكل فرد وقدرته على شراء معاش مناسب يكفي إلى جانب معاشات المستويين الأول والثاني في توفير مستوى المعيشة الملائم للفرد إن لم يصل إلى حد الرفاهية. ومن الطبيعي والأمر كذلك أن يكون أسلوب التمويل الكامل هو الأسلوب المستخدم في تمويل المزايا التي تمنحها الوثيقة ليس على مستوى مجموع المؤمن عليهم جميعهم ولكن على مستوى كل فرد.
         أما عن الخبرة الدولية للنظم المبينة فقد ورد عند (Brussels, …) ما يوضح أنصبة النظم المختلفة من المعاشات المدفوعة في دول الاتحاد الأوربي في سنة … على النحو الموضح في الجدول التالي:
نوع النظام        النسبة %
المستوى الأول: أسلوب الموازنة   88
المستوى الثاني: نظم ممولة، احتياطيات، برامج تأمين خاصة   7
المستوى الثالث: المعاشات الفردية الخاصة  0.9
نظم أخـــرى: معاشات استثنائية، برامج الدخل المضمون، برامج محاربة الفقر.        3.30
غير مبين         0.8
         هذا الجدول يوضح تماماً أهمية المعاشات التي توفرها الدولة State Pension والدور الذي تلعبه في توفير الدخل بعد التقاعد ونصيبها الهائل من حجم المعاشات المنصرفة في تلك السنة، في حين يبدو أيضاً التراجع الهائل لأنصبة الأنظمة الأخرى في المستوى الثاني والثالث.
         أما في النظام المصري فيكاد يكون نظام المعاشات معتمداً على البرنامج القومي للتأمين الاجتماعي من خلال القانون 79 لسنة 75 لعدم وجود صناديق التأمين الخاصة التي توفر معاش باستثناء ستة صناديق وتعاني من مشاكل مالية، كما يخلو سوق التأمين على الحياة الخاصة من برامج المعاشات الخاصة. ويقوم النظام على التمويل الكامل منذ بداية إنشائه وذلك بهدف تكوين الاحتياطيات بغرض تمويل خطط التنمية الاقتصادية المتعاقبة، ولكن هذا الأسلوب وكما سبق أن ذكرنا انعكست آثاره الإيجابية والسلبية على أموال نظم التأمين الاجتماعي في مصر على النحو الذي نبينه فيما يلي:
1-      تراكم الاحتياطيات بشكل متزايد منذ إنشاء النظام:
تزايدت احتياطيات أموال التأمين الاجتماعية في مصر ـ خاصة نظام المعاشات المتمثل في الشيخوخة والعجز والوفاة منذ بدء تطبيق النظم وفقاً للقانون 79 لسنة 75 على النحو المبين في الجدول التالي:

السنة    حجم الاحتياطيات بالمليون  معدل التغير %
1975  2557  -
80/81 5576.7         218
85/86 16242.9       291
90/91 35429.9       218
95/96 80348.6       227
1999/2000   150217.1     187

         يبين الجدول أن أموال الاحتياطيات تتزايد بمقدار يجاوز الضعف كل 5 سنوات، بل إن هذه الزيادة قاربت على الضعفين خلال الفترة من عام 80/81 إلى 85/86 وهو ما يوضح أثر اتباع أسلوب التمويل الكامل على النظام المصري.   
2-      زيادة حجم الأموال المستثمرة:
         وهي نتيجة طبيعية ومنطقية لزيادة الاحتياطيات ويتبين ذلك من خلال الجدول التالي:
السنة    حجم الأموال المستثمرة بالمليون    معدل التغير %
1975  2261.5         -
80/81 5316.9         235
85/86 15369 289
90/91 33208.4       216
95/96 74906.7       226
1999/2000   129950.8     173.5
         حيث يبين الجدول نفس الحقيقة التي سبق الإشارة إليها عند تحليل اتجاه الاحتياطيات بل أن معدل التغير في حجم الأموال المستثمرة يعتبر قريباً جداً من قيمته في معدل التغير في المال الاحتياطي باستثناء الفئة الزمنية الأولى بين عامي 1975، 80/1981 وهو ما يتضح عند مقارنة معدلي التغير في كل من المال الاحتياطي والأموال المستثمرة.
السنة    معدل التغير في المال الاحتياطي     معدل التغير في المال المستثمر     الفرق
1975  -        -        -
80/81 218    235    (17)
85/86 291    289    2
90/91 218    216    2
95/96 227    226    1
99/2000       187    173.5 13.5
         الجدول يبين بوضوح نفس الاتجاه في التزايد ومدى القرب في القيمة فيما عدا فترتين زمنيتين هما الأولى، والأخيرة ما بين عام 75 و 80 ثم ما بين عامي 95، 99، إلا أن الأولى كانت في صالح الأموال المستثمرة في حين كانت الأخيرة لصالح المال الاحتياطي.   

3-      الأثر الإيجابي للأموال المستثمرة في خدمة الاقتصاد القومي من جانبيه الجزئي والكلي.
         هذا الأمر غير واضح على الإطلاق فلم يتوفر لدينا ـ على الأقل ـ تقسيم الأصول المقابلة للأموال المستثمرة المملوكة لنظام التأمين الاجتماعي. وهذا يرجع إلى السياسة الاستثمارية المتبعة لتلك الأموال من حيث أيلولة غالبيتها إلى الدولة سواء ما يذهب منها إلى بنك الاستثمار القومي أم ما تحصل عليه وزارة المالية من قروض، وسوف يتم تناول ذلك بشئ من التفصيل فيما بعد.
الجوانب السلبية:
1-      ارتفاع معدلات الاشتراك وهذه حقيقة أشار إليها الباحثون منذ عام 1976 ويكفي أن نشير إلى ذلك فيما يتضمنه الجدول التالي:

جهة العمل        العامل %         صاحب العمل %  الدولة %         المجموع %
         الأجر الأساسي   الأجر المتغير     الأجر الأساسي   الأجر المتغير     الأجر الأساسي   الأجر المتغير     الأجر الأساسي   الأجر المتغير
العاملون بالجهاز الإداري للدولة    14      11      21      19      1        1        36      31
العاملون بالقطاع العام     14      11      24      22      1        1        39      34
العاملون بالقطاع الخاص  14      11      26      24      1        1        41      36
من الجدول يتضح أن نسبة الاشتراكات الممولة للمزايا تبلغ في المتوسط ثلثي الأجر الشهري للعامل يتم تحصيلها من كل من العامل وصاحب العمل وهي تكلفة مرتفعة على كل منهما. فهي وإن كانت ادخار وثمناً للتأمين من العامل إلا أنها في نفس استقطاع من الدخل المتاح للادخار أو الاستهلاك وهي حجب لجزء من الدخل من الدخول في دورة الاستهلاك والاستثمار وهما الأمران اللازمان لانتعاش السوق والنمو الاقتصادي ومن ثم الرفاهية كما انها تكلفة على صاحب العمل لأنها ارتفاع في الأجور بشكل غير مباشر مما يترتب عليه زيادة تكاليف الإنتاج ومن ثم زيادة الأسعار وبالتالي انخفاض الطلب مما يؤثر على حركة السوق وحدوث الانكماش.  
2-      العجز الاكتواري في احتياطيات النظام عن مقابلة التزاماته: يتم التقييم الدوري لنظام التأمين الاجتماعي المصري كل 5 سنوات حيث يتم حساب الاحتياطيات الواجب احتجازها لمقابلة الالتزامات المتوقعة أخذاً في الاعتبار كافة العوامل المؤثرة من معدلات الاستحقاق وتزايد النفقات والتغير في مستويات المعيشة وغيرها ومقارنة هذه الاحتياطيات بما يمتلكه النظام من أصول مستثمرة والتي تمثل استخدامات هذا الالتزام، وبناء على ذلك يقرر القائمون على التقييم مدى وجود فائض أو عجز. ولقد سبق أن أشرنا أن من عيوب أسلوب التمويل الكامل إمكانية حدوث عجز في الأموال لمقابلة التزاماته نتيجة لزيادة النفقات الدورية بفعل دخول العديد من الاعتبارات منها زيادة المعاشات دورياً لمقابلة الزيادة في الأسعار، ومنها زيادة النفقات نتيجة لدخول منتفعين جدد دون ايجاد مصادر تمويل لهذه المزايا وغيرها من الأسباب التي سنعرضها في موضع آخر من هذا البحث. وحتى يتبين ذلك نعرض فيما يلي نتائج تقييم صندوق التأمين على العاملين بالقطاعين العام والخاص منذ إنشائه وحتى 30/6/92 وذلك لعدم توافر البيانات بعد ذلك كما لم يتوافر بيانات عن نتائج تقييم صندوق التأمين على العاملين بالحكومة:

ترتيب التقييم      التاريخ  القيمة   القيمة بالمليون
الأول
الثاني
الثالث
الرابع
الخامس
السادس
السابع
الثامن   30/6/1963
30/6/1968
30/6/1972
30/6/1977
30/6/1982
30/6/1987
30/6/1992
غير متاح         فائض
عجز
عجز
عجز
عجز
عجز
فائض
غير متاح         7.4
8.0
174.6
864.8
1022.4
114.0
5.6
غير متاح
TAPR, The Social Insurance System in Egypt.

         وعلى الرغم من عدم توافر البيانات الخاصة بنتائج تقييم صندوق التأمين على العاملين بالحكومة إلا إننا نتوقع ألا يكون بعيداً عما آلت إليه النتائج الموضحة بالجدول السابق من حيث وجود عجز في أموال النظام في 5 عمليات للتقييم من أصل 7 عمليات تمت على النظام منذ نشأته حيث بلغ العجز أقصاه في التقييم الخامس الذي تم في عام 1982 بقيمة تجاوزت المليار جنيه بأسعار عام 1982 ثم تراجعت قيمة العجز بعد ذلك ليتحول إلى فائض مع الفحص أو التقييم السابع الذي تم عام 1992. وكنت أتمنى أن أحصل على نتائج الفحص الذي تم في عام 1997 لبيان استمرار حالة الانتعاش التي تحققت في التقييم السابق للأخير مباشرة أو حدوث ارتداد عن هذا الفائض نحو عجز مزمن خاصة مع التزام الحكومة برفع قيمة المعاشات بصفة سنوية بدأت منذ عام 1987 بنسبة 20% ثم بنسبة 15% سنوياً في الأعوام 1988، 1989، 1990، 1991 ثم بنسبة 20% في عام 92 وثم بنسبة 10% سنوياً ابتداء من عام 1993 وحتى الآن. بالإضافة إلى ما يرسل هنا وهناك حول وجود عجز في أموال صناديق المعاشات يتطلب سرعة التحرك نحو تمويله حتى لو تطلب الأمر رفع نسب الاشتراكات أصلاً!
3-      صعوبة تمويل المزايا الإضافية: كان من الطبيعي بعد أن تزايدت أعباء النظام نتيجة لزيادة المعاشات وإضافة فئات جديدة من المستحقين لم تكن واردة وقت استحداث النظام وظهور العجز وتتابعه في نفس الوقت الذي لم تؤت فيه السياسة الاستثمارية ثمارها المرجوه أن يتم البحث عن مصادر لتمويل هذا العجز الأمر الذي تم من خلال التزام الخزانة العامة بالتمويل فبدا الأمر على نحو التنازل التدرجي عن التمويل الكامل والاتجاه نحو التمويل المرحلي نظراً لأن الواقع والمشاهد الفعلية تؤكد عدم سداد الحكومة لأي من ديونها وأن التمويل يتم بالفعل من خلال التدفقات النقدية الداخلة للنظام.

الخلاصة:
         نستخلص من كل ما سبق حقيقة مؤداها أنه رغم الجوانب السلبية في نظام التمويل الكامل الذي أخذ به النظام المصري شرعه ومنهاجاً إلا أنه يظل الخيار المتاح والمستمر خاصة بعد أن ظهرت مساوئ نظام التمويل المرحلي في تمويل النظم في الدول الهرمة التي أخذت به وهي دول أوروبا بالإضافة إلى الولايات المتحدة واليابان حيث بدأت هذه الدول تحيد مرة أخرى عن هذا النظام والعودة إلى نظام التمويل الجزئي على الأقل مع تكوين احتياطيات يمكن استثمارها بشكل أكثر كفاءة لتحقيق عائد مقبول يسهم بشكل فعال في تمويل العجز أياً كانت مصادره وأسبابه.
         الأمر إذن يتوقف وفقط على السياسة الاستثمارية للأموال المتراكمة في صورة احتياطيات، فإذا أمكن استخدامها بشكل جيد وحققت العائد المرجو منها كان ذلك خلاصاً من العديد من مشاكل التمويل وتحويلاً لأعباء قد تقع على عاتق المؤمن عليهم أو الحكومة أو كلاهما. فإذا كان الأمر على هذا النحو "فما هي السياسة المثلى لأموال نظم التأمين الاجتماعي؟"

وقبل أن نستعرض هذا الأمر يجب أن نناقش أولاً جانبين في غاية الأهمية هما:
1-      الخبرة الدولية في مجال استثمار أموال صناديق المعاشات.
2-      التجربة المصرية في الاستثمار سواء ما نهجت عليه منذ فترة طويلة أم ما حدث فيها من تغيير في الأجل القصير الماضي وأثر ذلك التغيير.
أولاً: الخبرة الدولية
         في مجال الخبرة الدولية تبرز على السطح مشكلة غاية في التعقيد وهي مشكلة التصنيف، أي تصنيف النظم المختلفة المتشابهة، وقد يكون ذلك سهلاً في الدول التي أخذت منذ البداية بالنظام متعدد المراحل والمستويات Multipillar  أو التي اتجهت إليه مؤخراً بعد فترة إصلاح، ولكن الصعوبة في تصنيف الدول التي يوجد بها البرنامج المشار إليه ومنها مصر … فيكون السؤال أين يوضع نظام المعاشات المصري ضمن النظم المقابلة له في الدول المختلفة؟ والأمر لا يحتاج إلى تفكير عميق فحيث لا يوجد معاش قومي موحد بحد أدنى فإن النظام المصري يمكن وصفه ضمن نظم المستوى الأول Pillar 1 ولكن بطبيعة خاصة حيث أنه نظام ممول Funded يتحمله مصدري التمويل العامل وصاحب العمل على خلاف النظم المقابلة له في الدول الأخرى. وكانت هذه هي النتيجة التي سبق أن توصل إليها Igelsias & Palacios (2000) في بحثهما القيم عن كيفية إدارة احتياطيات النظم القومية استرشاداً بالخبرة الدولية. وفي هذا البحث استعرض الباحثان جدولاً يشتمل على دراسة للمحافظ الاستثمارية للنظم القومية للمعاشات خلال عقدي الثماينينات والتسعينات أعرض لنتائجه على النحو التالي:
1-      كانت عناصر المحفظة مقسمة إلى أربعة بنود هي على الترتيب
(‌أ)       سندات حكومية وودائع ثابتة.
(‌ب)     قروض ورهون عقارية وسندات اسكان.
(‌ج)      أسهم وصكوك ملكية.
(‌د)      عقارات مبنية واستثمارات أخرى.
2-      بلغ عدد العينة مجال البحث 34 دولة منها من الدول المتقدمة كندا، سويسرا، الولايات المتحدة، اليابان، السويد، والباقي من الدول المسماه تجاوزاً بالنامية.
3-      وضع الباحثان مصر ضمن 10 دول تستثمر اموالها بالكامل 100% في السندات الحكومية والودائع الثابتة ومعها كل من الولايات المتحدة وكندا وسويسرا والهند وفنزويلا وباكستان، سريلانكا واليمن وكولومبيا.
4-      4 دول هي النيجر والسنغال وجامايكا وتنزانيا تستثمر 90% إلى 96% من أموالها في نفس البند السابق والنسبة المكملة موزعة على بقية البنود بنسب متفاوتة.
5-      ثلاث دول هي أثيوبيا ورواندا وكوريا تستثمر 80% إلى أقل من 90% في البند الأول والباقي بنسب مختلفة في البنود الثلاثة الأخرى.
6-      أربعة دول هي كوستاريكا وبيرو وكينيا تستثمر من 70 إلى أقل من 80% في سندات حكومية وودائع ثابتة والباقي موزع على البنود الأخرى بما فيها الأسهم وصكوك الملكية.

7-      تقع اليابان ضمن ثلاث دول هي أوغندا وماليزيا بالإضافة إليها والتي تستثمر نسبة تتراوح بين 60% إلى أقل من 70% لتبلغ نسبة المستثمر في أسهم وصكوك ملكية 19% أي خمس المحفظة تقريباً والباقي قروض في صورها المختلفة.
8-      أقل الدول استثماراً في السندات الحكومية والودائع الثابتة هي إكوادور والسودان حيث تبلغ نسبة الاستثمار فيها 10%، 26% على الترتيب في حين تتركز الاستثمارات في قروض عادية وقروض بضمان رهون عقارية ونسبة الاستثمار فيها 83%، 58% على الترتيب وتزيد نسبة الاستثمار في العقارات لتصل إلى 8%، 16% على الترتيب.
9-      عموماً هناك تركيز من معظم الدول في الاستثمار في سندات حكومية وودائع البنوك ويتضح ذلك من خلال متوسط نسبة المستثمر في هذا البند على مستوى العينة بالكامل والذي يبلغ 75%.
وإذا انتقلنا إلى بحث آخر عن استثمارات صناديق المعاشات التي تقع ضمن المستوى الثاني Pillar 2 والذي تنطبق شروطه في رأي الباحث على النظام المصري والتي تمت في دول الاتحاد الأوربي بالإضافة إلى الولايات المتحدة واليابان لوجدنا أن المحفظة الاستثمارية تتضمن العناصر التالية:
(‌أ)       صكوك ملكية أي أسهم.
(‌ب)     استثمارات ذات دخول ثابتة.
(‌ج)      عقارات مبنية.
(‌د)      استثمارات قصيرة الأجل.

ومن هذا الجدول يتضح ما يلي:
1-      يتركز استثمار هذه الصناديق في كل من البندين أ، ب أي ببساطة في أوراق مالية متداولة أي في البورصة وبنسب مرتفعة تجاوزت في معظم الدول نسبة 80% (بلغاريا، الدنمارك، ألمانيا، أسبانيا، أيرلندا، ايطاليا، هولندا، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة، اليابان) (10 دول من أصل 13 دولة) ولم يستثنى من هذه الملاحظة سوى فرنسا، البرتغال، السويد فقط.
         وقد يقول قائل لسنا مثل دول الاتحاد الأوروبي وأمريكا واليابان فهذه الدول تملك سوقاً قوية وراسخة للأوراق المالية وتملك التنوع والتعدد في أوجه الاستثمار المختلفة بعكس البورصة المصرية الناشئة ولكن الأمر علي هذا النحو ليس إطلاقاً فكل ما ننادي به إدارة جيدة وأيد أمينة.
         وخلاصة ما أشير إليه في هذه الجزئية أنه وإن كنا لسنا بعاداً عن غيرنا في التركيز علي الاستثمار لدى الحكومة أو بضمان منها إلا أننا ـ إذا أردنا ـ نستطيع أن ندير أموالنا بشئ من المرونة المقيدة التي تخضع لإشراف وتوجيه.
         وننتقل إلى الجزء التالي من هذه الورقة والخاصة بالتجربة المصرية في استثمار أموال صناديق التأمين الاجتماعي في مصر وهو ما يمكن تبينه من الجدول التالي :

توزيع محفظة استثمار صناديق المعاشات في مصر
السنة    بنك الاستثمار
 القومي %       قروض لوزارة
المالية %        ودائع ثابتة
بالبنوك %        أ.مالية
ومشروعات %   قروض
استبدال %       المجموع
75
80/81
85/86
90/91
95/96
96/97
97/98
98/99
99/2000       60
69.9
71.7
87.7
90.3
90.9
91.4
92.1
92.2   38.1
27.8
25
9.2
4.2
3.8
3.3
2.8
2.5     0.1
0.9
2.2
2.2
5.2
5.0
4.4
3.7
4.1     0.2
0.3
0.1
0.1
0.1
0.1
0.7
1.3
1.1     1.6
1.1
1.0
0.8
0.2
0.1
0.2
0.1
0.1     100
100
100
100
100
100
100
100
100
         يتضح من الجدول السابق أنه علي مدار الربع الأخير من القرن العشرين تزايدت نسبة الأموال المحولة إلى بنك الاستثمار القومي والذي كان معروفاً قبل عام 80 بصندوق استثمار أموال الودائع والتأمينات من 60% من إجمالي الأموال المستثمرة إلى 92.2% في عام 99/2000، وتراجعت في المقابل نسبة الأموال الممنوحة كقروض إلى وزارة المالية من 38.1% إلى 2.5% فقط خلال نفس الفترة إلا أن الملاحظ أن مجموعة العنصرين ظل في توازن تقريباً أو تراجع بنسبة محدودة من 98.1% في عام 1975 إلى 94.7% في عام 99/2000. فإذا أضفنا إلى البندين المذكورين النسبة المودعة كودائع ثابتة لدى بنوك قطاع عام لكانت النسبة المجمعة علي النحو الوارد بالجدول التالي :






السنة    مجموع البندين الأول والثاني        مجموع البنود الأول والثاني والثالث
75
80/81
85/86
90/91
95/96
96/97
97/98
98/99
99/2000       98.1
96.7
96.7
96.9
94.5
94.7
94.7
94.9
94.7   98.2
97.6
98.9
99.1
99.7
99.7
99.1
98.6
98.8
         ومعنى ذلك أن في يد الحكومة ممثلة في أدواتها المختلفة وهي بنك الاستثمار القومي ووزارة المالية وبنوك القطاع العام ما يقرب من 99% من الأموال في المتوسط لا تعلم عنه إدارة النظام شيئاً سواء ما تعلق بالبنود المستثمرة فيها أو عائدها الحقيقي أو حتى إن كان هناك أصولاً مقابلة لهذه الأموال أم لا ؟!
         أما عن معدل العائد علي استثمار هذه الأموال فيمكن التحقق منه من خلال ما يعرضه الجدول التالي :
السنة    1975  80/81 85/86 90/91 95/96 96/97 97/98 98/99 99/2000
معدل الفائدة %  4.6     5.2     5.1     6.4     9.4     9.8     9.5     9.6     9.6
         ويرى الباحث أن معدل العائد علي استثمار أموال التأمين الاجتماعي يعد مقبولاً خلال الفترة الأخيرة ابتداءً من منتصف عام 1994 علي وجه التحديد بعد زيادة معدل الفائدة علي الأموال المحولة إلى بنك الاستثمار القومي خلال تلك الفترة إلا أنه قبل ذلك التاريخ لم يكن مجدياً علي وجه الإطلاق عند مقارنته بمعدلات الفائدة علي البنوك وشهادات الاستثمار التي كانت سائدة وقتئذ.
ملاحظات علي التجربة المصرية في مجال استثمار أموال صناديق المعاشات :
1-      الجانب الإيجابي الوحيد الذي يراه الباحث حقيقة هو تراكم تلك الأموال بشكل يعطى الأمل في إمكانية الاستفادة منها بشكل جيد في خدمة مشروعات التنمية الاقتصادية.
2-      إن أيلولة الأموال بالكامل ـ تقريباً ـ إلى الدولة ممثلة في بنك الاستثمار القومي والخزانة العامة وودائع بنوك القطاع العام أمر يحمل في طياته خطراً بالغاً إذا ما قررت الحكومة في يوم ما ـ ليس ببعيد ـ التنصل من هذا الدين مال للشعب وذهب إلى الشعب (وهو أمر ذكره بالفعل أحد كبار المسئولين في الدولة)، ولنا في تجربة الكاميرون عظة وعبرة.
3-      باستثناء البنود الواردة في ميزانية هيئة التأمين الاجتماعي عند الأصول المقابلة لأموال الاحتياطيات لا يوجد في الحقيقة أصول فعلية أخرى فهي مجرد ودائع لدى بنك الاستثمار القومي وقروض للخزانة العامة والمتتبع لهذين البندين لا يجد أصولاً فعلية مقابلة لهما.
4-      قامت هيئة التأمين الاجتماعي بتجربة مستحدثة في العامين الماضيين حيث دفعت بعدد من المبالغ للاستثمار بالبورصة وصلت قيمتها إلى ما يقرب من المليار جنيه. ورغم افتقاد الباحث للبيانات الفعلية حولها إلا أن ما أثير ـ ولا يزال ـ يدور حول فشل التجربة والخسائر التي تلحقت بهذه المبالغ إلى درجة أفقدتها ما يقرب من 40% من قيمتها علي الأقل مما أدى إلى الرجوع عن هذا الاتجاه. ومعلوماتي الشخصية من أحد الزملاء الذين يعملون بسوق الأوراق المالية تؤكد أن هذه الأموال لم تكن في أيد أمينة وأنها استثمرت من خلال أفراد تنقصهم أخلاقيات المهنة.
5-      كان النص الأصلي للمادة 10 من القانون 79 لسنة 75 يتضمن تمثيل العمال في مجلس إدارة الهيئة بأربعة أعضاء يتم ترشيحهم من الاتحاد العام للعمال كما يمثل أصحاب الأعمال كل من رئيس اتحاد الغرف التجارية ورئيس اتحاد الصناعات المصرية، وبعد التعديل الذي تم بالقانون 207 لسنة 1994، أصبح النص هو أن يكون لهيئة التامين الاجتماعي مجلس إدارة برئاسة وزير التأمينات ويصدر بتشكيله وطرق اختيار أعضائه وتحديد مكافأتهم قرار من رئيس الجمهورية علي أن يتضمن التشكيل نائباً أو أكثر لرئيس مجلس الإدارة.       ولقد كان الهدف من النص الأصلي قبل التعديل هو إشراك أصحاب الأموال ومموله في إدارة أموالهم ووضع السياسات واتخاذ القرارات التي تكفل الأداء الفعال لإدارة هذه الأموال والإشراف عليها ومتابعتها، إلا أن التعديل الذي تم بعد نفي هذا الهدف بحيث أصبح من الناحية النظرية علي الأقل عدم وجود ممثلين للعمال وأصحاب الأعمال داخل مجلس الإدارة مما قد يبعد هؤلاء عن أموالهم خاصة مع عدم وجود جهة رقابية وإشرافية علي أعمال الهيئة بعد أن أصبح رئيسها هو الوزير فأصبح المشرف هو المنفذ واختلطت الوظيفتان فتداخل التنفيذ وانتفي الإشراف.
6-      كان من الطبيعي والأمر كذلك أن تخلو محفظة استثمار أموال التأمين من أي بنود الاستثمارات حقيقية تحقق ليس فقط الضمان الأسمي الذي تسعى إليه كافة الأنظمة ولكن أيضاً الضمان الحقيقي الذي يحفظ للأموال قيمتها الشرائية وبالتالي يمكن من خلاله تحويل عبء زيادة المعاشات مع ارتفاع نفقة المعيشة.
التحديات المستقبلية لنظام التأمين الاجتماعي المصري :
         يذكر الباحث عدداً من التحديات التي يتوقع أن يواجههاً نظام التأمين الاجتماعي المصري وصناديق المعاشات علي النحو التالي :
1-      كيفية تحديد المديونيات لدى بنك الاستثمار القومي بعد ايولولته إلى البنك المركزي ليعمل ضمن فريق الجهاز المصرفي بعيداً عن وزارة المالية، ثم تحديد الأصول المقابلة لهذه المديونيات واسترجاعها وإداراتها.
2-      كيفية مواجهة العجز في أموال التأمينات الاجتماعية وتزايده من تقييم إلى آخر. ذلك العجز الناتج عن زيادة المزايا غير مقدرة من قبل نتيجة زيادة المنتفعين من ناحية وزيادة المعاشات لمواجهة التضخم من ناحية أخرى.
3-      كيفية مواجهة الزيادة في النفقات الناتجة عن المعاش المبكر وتراجع للإيرادات الناتج عن نفس السبب وهو ما يؤدي إلى إختلال العلاقة بين التدفقات الداخلة والتدفقات الخارجة.
4-      كيفية مواجهة الآثار السلبية للخلل في سوق العمل وارتفاع معدلات البطالة، وعدم إحلال داخلين جدد محل الخارجين الأمر الذي يحقق التوازن في أموال النظام.
5-      كيفية مواجهة الآثار السلبية للخصخصة وما يترتب عليها من زيادة لحجم التهرب الكلي والجزئي من دفع الاشتراكات مما يؤثر بالتالي علي إيرادات النظام.
6-      كيفية اختيار الكفاءات الفنية القادرة علي إدارة الأموال واستثمارها بالشكل الذي يحقق أقصى عائد ممكن لصالح المؤمن عليهم والمستحقين عنهم، وبحيث يتوافر في هذه الكفاءات العلم والخبرة والأخلاق.
خاتمة
         علي غير ما يتم من قبل هذه الأموال من أن يعرض الباحث لنتائج التوصيات، يعرض الباحث لمجموعة من الأسئلة يتطلب الأمر الإجابة عليها :
1-      كيف يمكن لنظام التأمين المصري مواجهة التحديات السابق الإشارة إليها ؟
2-      كيف يمكن رسم السياسة الاستثمارية لأموال النظام بالشكل الذي يحقق أقصى منفعة اقتصادية واجتماعية ؟
3-      هل يمكن إعتبار قضية استثمار أموال التأمين الاجتماعي (150 مليار جنيه) قضية أمن قومي في مثل هذه الظروف الاقتصادية والسياسية التي تمر بها مصر ؟

 مواضيع ذات صلة


تعريف التمويل طويل الاجل
انواع مصادر التمويل
مصادر التمويل قصيرة الاجل
مصادر التمويل الخارجي
التمويل الداخلي والخارجي
التمويل طويل الاجل
التمويل طويل الأجل
مصادر التمويل الخارجية
مزايا وعيوب انظمة التامينات
فوائد التامينات الاجتماعية
ايش هي التامينات الاجتماعيه
ماهي شروط التأمينات الاجتماعية
مزايا وعيوب نظام التأمينات الاجتماعية في السعودية
مميزات التامينات الاجتماعية فى مصر
كيف اخذ فلوسي من التامينات الاجتماعيه
مميزات موظفي التامينات الاجتماعية
ماهي التأمينات الاجتماعية في السعودية

Post a Comment

Previous Post Next Post