العادة والغريزة ؟
مقال حول شروط الإبداع :                             
الأسئلة الاحتمالية :هل يرتبط الإبداع بالعوامل الذاتية أم بالعوامل الموضوعية ؟
                 هل نعتبر الإبداع ظاهرة فردية أم ظاهرة اجتماعية ؟
                 هل للقرارات الفردية دخل في الإبداع ؟
طرح المشكلة : المقدمة:تتألف الذات الإنسانية من بعدين أساسييناحدهما يرتبط بنوع وطبيعة الاستجابة والأخر يرتبط بالبعد الاجتماعي، فالإنسان كائن مدني بطبعه لكن حقيقة الشخصية لا تقتصر على فهم الواقع والتكيف معه ، بل في القدرة على تجاوزه،وهذا ما يعرف في الفلسفة وعلم النفس بظاهرة الإبداع والاختراع ،فالذكاء والتخيل والإدراك والتذكر وظائف عقلية يلجا إليهاالإنسانمن اجل حل مختلف المشاكل التي تصادفه ،فإذا كان التخيل هو قدرة العقل على التصور والتركيب والتحليل بحسب ابن سينا ،فان لا لاند عرفه بأنه ملكة تركيب شيء لا واقعي ولا موجود، وهوما جعل الفلاسفة يختلفون ، حول ما إذا كانت عملية الإبداع تعود إلى عوامل ذاتية أم موضوعية .وهذا ما يفرض عنا التساؤل التالي:هل تتحكم في الإبداع   العوامل النفسية أم الموضوعية ؟بعبارة أخرى هل تتحكم في الإبداع الظروف الاجتماعية أم الشروط النفسية ؟
محاولة حل المشكلة:
الموقف الأول :" الابداع من طبيعة فردية"يرى أنصار هذه الأطروحة أن عوامل الإبداع ذاتية فردية .إذالإبداع تتحكم فيه العوامل الشعورية واللاشعورية وكذا عامل الانفعالات .وهنا يتساءل رينيهبورال: عن مدى ارتباط ظاهرة الإبداع بالحياة العاطفية للإنسان قائلا :"مما يستمد المبدع الطاقة الضرورية للإبداع انه يستمدها من حياته العاطفية ".كما أن الإبداع يقتصر على أناس معينين يمتازون بالذكاء الحاد والذاكرة القوية بالإضافة إلى عامل الوراثة ، ثم إن الإبداع  قد يكون على شكل حدسي وهو ما كان يحصل لابن سينا في أثناء النوم إذ يقوم بجميع الحلول المستعصية والتي لم يجد لها حلا في اليقظة .كما يذهب سيغموند فرويدبرأيه أن الإبداع يعبر عن رغبات مكبوتة وعن إشباع خيالي فالمبدع يستمد مادة إبداعه من الأحلام "أحلام الطفولة أوأحلام اليقظة "وفي هذا المعنى قال :"إن المبدع يطلق تخيلاتهكي تنسج حول رغباته التي تعود على مرحلة الطفولة " وهذا ما حصلل:بوانكاريهحينما تحدث عن حل مشكلاته الرياضية، حيث برزت فجأة وبعيدا عن ميدان عمله ،ثم إن الأديب أو الشاعر مثلا يُسقط تجربته الشخصية على البطل الذي يستخدمه في قصته أو قصيدته.كما ربطبراغسونالإبداع بالانفعال .حيث قال:"أن الأبطال والقدسين لا يبدعون ولا يجددون المفاهيم الأخلاقية  في حالة جمود الدم وإنما يبدعون في جو ديناميكي تتلاطم فيه الأفكار".وما حصلللخنساء دليل واضح على ذلك حيث دفعها حزنها إلى أن تبدع شعرا ، للتعبير عن رثاء أخيها صخرا.فالاستعدادات النفسية هي ما تجعلنا نبدع  ، ولا أدل من ذلك ما حصللنيوتن فلولا قوة حدسه ما اكتشف الجاذبية .لذا قيل :"الحظ يحالف النفس المهيأة ".كما يذهب الفردديمو سييهبقوله:"لا شيء كالألم العظيم يجعلنا عظماء ونحن مدينون إلى الألم بأحسن آثار الفن والإبداع "
النقد "المناقشة " من الملاحظ أن ما يعاب على أنصار هذه النظرية ،إهمالهم لدور العوامل الاجتماعية وتأثيرها . فلا يمكن إنكار دور المجتمع في أحداث العملية الإبداعية ،فالشروط النفسية لا يمكن لها منفردة أن تحقق مناخ اجتماعي وحضاري يوفر للمبدع الشروط الموضوعية التي تجعل من الإبداع حقيقة وإمكانا فالفاعلية الإبداعية ما هي إلا تراثا اجتماعيا متناقلا عبر الأجيال ،فليس من الممكن اختراع القنبلة الذرية خلال العصور الوسطى .ذلك لان تطور الفيزياء لم يحصل بعد وهذا اثر اجتماعي .
الموقف الثاني "نقيض القضية: "الابداع ناشئ من عوامل اجتماعية " يرى أنصار هذه الأطروحة أن العوامل الاجتماعية هي من تتحكم في الإبداع:"العامل الاجتماعي والسياسي والاقتصادي "فالعامل الاجتماعي يبين القدرة على الإبداع وهو ما جعل دوركايميربط بين حالة المجتمع وحالة الإبداعلان الإنسان يعيش في وسط اجتماعي"الإبداع ليس في جوهره أكثر من بناء جديد يستفيد من البيئة الثقافية المعطاة عند المنطلق " فالإبداع العلمي لا يحدث إلاإذا كانت حالة العلم تسمح بذلك واستقراء تاريخ الاكتشافات العلمية يبرهن على صحة هذه النظرية.فمثلا المجتمع الياباني نجد أفراده متفاوتين في الإبداع ،وهذا لما توفره اليابان من شروط اجتماعية وتقنيات تفرض على الإنسان الإبداع.ثم إن العالم ما كسوال لم يكن ليكتشف الأمواج الكهرومغناطيسية وسرعة انتشارها في القرون الأولى لان الجو لم يكن ملائما في تلك القرون .والهندسة التحليلية لم تظهر إلا بعد ظهور الجبر ،إن الاكتشاف صدى للمجتمع يقولدوركايم :"إذا تكلم الضمير فينا فان المجتمع هو الذي تكلم " كما أن اختراع التلغراف ارتبط بثلاثة علماء في آن واحد دون أن يكون بينهم أي اتصال وهذا لتشابه المجتمعات التي يعيشون فيها .لذا قيل :"الحاجة أم الاختراع "وعلى المستوى الاقتصادي تحدث كارل ماركس عن تأثير العوامل المادية فالإبداع في المجتمعات الزراعية يختلف عن الإبداع في المجتمعات الصناعية وهذا يعني انه :"ليس وعي الناس هو الذي يحدد وجودهم بل وجودهم هو الذي يحدد وعيهم " أما على المستوى السياسي .فان السياسة المرسومة هي من تساهم في إبداعهم منذ الطفولة وهو ما يؤكد دور المجتمع .
النقد "المناقشة:"لكن نلاحظ أنه لا يجب أن ننفي دور العوامل الاجتماعية وذلك لأنها  في غاية الأهمية ،إلا أنها وحدها لا تكفي .وإلا أصبح كل أفراد المجتمع مبدعين ،ثم أن تاريخ العلم اثبت أن المجتمع لا يبارك دائما الإبداعات الفردية .والدليل ما حدثلغاليلي .
التركيب :"الجمع بين الموقفين"وعموما يمكننا أن نقول إنالإبداع ظاهرة إنسانيةوالإنسان كائن متعدد الأبعاد، إذ لا يمكن الفصل بين العوامل الذاتية والعوامل الموضوعية .فعلى المستوى الذاتي لا بد للإرادةأن تتدخل والميول النفسية والموهبة كقوة محركة تدفع الإنسانإلى حب الوصول إلى الهدف .المرسوم لكن إذا لم تكن الظروف الاجتماعية ملائمة فان الابتداع يختفي ، ذلك لان الإلهام وحده يصبح مجرد تصور وأفكار خاوية والإمكانيات والوسائل دون حدوس تبغى فارغة وصدقريبو حين قال :" مهما كان الإبداع فرديا فانه يحتوي على نصيب اجتماعي".
الخاتمة :وصفوة القول ومجمله إن الإنسان هو من يصنع الإبداع ، والإبداع لا يحصل إلا في جو من الحرية ،لكن المسالة صعبة من حيث التساؤلعن العوامل التي تصنع ظاهرة الإبداع مسالة حاولنا تفكيك رموزها في هذه المقالة بداية منالكشف عن دور العوامل الذاتية وصولا إلى البيئةالاجتماعيةوتأسيسا على ما سبق نستنتجأنالإنسان مدني بطبعه و منه قد تتحكم في الإبداع العوامل الذاتية والموضوعية في الوقت نفسه .

انتهى.

في العادة والإرادة
الأسئلة الخاصة بدور العادة بين السلب والايجاب :"السلبيات والايجابيات في العادة "
الأسئلة : هل العادة تكيف أم انحراف ؟.هل العادة ميل أعمى؟
طرح المشكلة :  مقدمة :يعتبر السلوك من وجهة نظر علم النفس استجابة تكييفيه تهدف إلى تفاعل الكائن الحي مع المحيط الخارجي والحقيقة انه يمكن التمييز بين ما هو فطري غريزي وثابت ، وبين ما هو مستحدث نتيجة تفاعل الفرد مع غيره ومع الطبيعة ،فإذا علمنا أن العادة سلوك مكتسب آلي يتم بتكرار الفعل وأنها تؤثر في السلوك .فالإشكالية المطروحة :ما طبيعة هذا التأثير ؟.وهل هو ايجابي أم له جوانب سلبية ؟
محاولة حل المشكلة :
الموقف الأول: " العادة تحمل اثارا سلبية" يسلم البعض بأنه على الرغم من محاسن العادة ،فان ذلك لا ينفي أن تنعكس آثارها بشكل سلبي ،فقد تنقلب المرونة إلى صلابة .ذلك لان السلطة التي تفرضها قوة العادة على الفرد تؤثر سلبا  مما يجعلنا نعتقد بان العادة كلها سلبيات ودليل أصحاب هذا الموقف أنالآلية المجسدة في العادة تشل حركة التفكير وتقضي على روح الإرادةوالإبداعكما أنها تعمل على تعطيل حركة البحث حتى قيل :"من شب على شيء شاب عليه "،فالتعود على طريقة ما في التفكير والبحث يسد الطريق أمام الابداع لذا قال روسو:"خير عادة أن لا يتعلم الإنسانأي عادة " ثم إنكانطيرى بان العادات تجعل الإنسان اقل حرية حيث قال : " كلما ازدادت العادات عند الإنسانأصبح اقل حرية واستقلالية " أماارسطو فقد اعتبرها طبيعة ثانية أماكارل ياسبيرسفيرى:" أن العلماء يفيدون العلم في النصف الأول من حياتهم ويضرون به في النصف الثاني من حياتهم ".فمثلا :على المستوى الأخلاقي تقضي العادة على بعض الصفات الإنسانية مثل أخلاق الشفقة والرحمة كما هو حال المجرم المحترف .وفي هذا يقول سولي برودونجميع الذين تستولي عليهم قوة العادة يصبحون بوجوههم بشر وبحركاتهم آلات ".أما على المستوى الاجتماعي فتظهر العادة كوعاء يحفظ العادات ماكان صالحا منها وما كان غير ذلك ،ومن هنا يصعب علينا تغيير العادات البالية حتى ولو ثبت بطلانها بالحجة والبرهان مثل "محاربة الأساطير والخرافات "كما تظهرأيضا هذه السلبيات في المجال الحيوي .بحيث يتعود البعض على استعمال أعضاء دون أخرى 
النقد "المناقشة"لكن هل يمكننا أن نتصور حياة الفرد دون عادة ؟ وفي الحقيقة إن هذا التصور يحمل جانبا من الخيال وضربا من العبث .فإذا اعتبرناها سلبية فهي أيضا تظل وضيفة حيوية تمكن الفرد من التكيف وتساعده على التأقلم مع الظروف المستجدة ،خاصة إذا أمكن للإنسان كف العادات السيئة
الموقف الثاني "نقيض القضية": " للعادة دور ايجابي" يرى أنصار هذهالأطروحة أن غياب الوعي والإحساس الذي ينتج عن فعل العادة انه يلعب دورا هاما في حياة الفرد إذ يجعله يتكيف مع المستجدات داخل المحيط بكل مكوناته ،حيث يقوم بإعادة الحركات المختلفة ،ويتحرر للقيام بأعمال جديدة فعلى الصعيد الفكري يعتاد الإنسان على ضبط تصوراته وأفكاره منطقيا ،فيعتمد على طرق التفكير وقوانينه ، يقول احد المفكرين :"لا تتمثل المعرفة فيما أفكر فيه، بل فيما أفكر به " أما على الصعيد الاجتماعي فان مابتعوده الفرد يجعل من البيئة بيئة مألوفةوبذلك يمكنه التوافق مع أفراد البيئة ، إذ العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع تتخذ آلية السهولة والمرونة .فالعادة من هذا المنظور فعل ايجابي يوفر للإنسان الجهد الفكري والعضلي فيؤدي إلى السرعة في الانجاز مع إتقان العمل مما ينعكس على الإنتاج والفرق واضح في قيمة وكمية العمل عند شخصين احدهما متعود على العمل والآخر مبتدئ فيه كما أن العادة تمكن صاحبها من انجاز أكثر من عمل في الوقت الواحد ،فالضارب على الآلة الراقنة أو الإعلام الآلي يمكن أن  يقوم بعمل فكري في الوقت الذي يكتب فيه لان فعل الكتابة آلي يخلو من الانتباه الذهني وفي هذا المعنى قال مودلسي:"لو لم تكن العادةلكان في قيامنا بوضع ملابسنا وخلعها نستغرق نهارا كاملا "ومن مزايا العادة أنها في المجال النفسي تجعلنا نضبط النفس ونكظم الغيظ وفي هذا ذهب كلا منليفي بويل ودوركايممن أن جميع القيم هي عادات أخلاقية " وملخص الأطروحةإنالعادة تنعكسبشكل ايجابي على كامل أبعاد شخصية الإنسان .  
النقد "المناقشة :"لكن يمكننا أن نلاحظ أن طبيعة الإنسان الميالةإلى التخلي عن كل ما يتطلب الانتباه والجهد إلى طلب كل ما هو عفوي يجعل اكتساب العادات الفاسدة أكثر من الصالحة ، ثم أن العادة تجعل الإنسان يستجيب آليا وهو ما يعيق عملية الابداع والاختراع والابتكار .
التركيب :إن سلبيات العادة لا يمكن لها أن تحجب كل مزاياها ،وعلى الإنسان المثقف أن يبادر بالتمسك بالعادات الفاضلة وان يتخلى عن العادات السيئة وتسييرها وفق منهجية مرسومة قال شوفا ليي :"لا نستطيع التخلص من عادة برميها من النافذةبل ينبغي جعلها تنزل السلم درجة درجة ".وفي مقابل ذلك يجب على الفرد أن يدرك إن نتائج العادة مرتبطة بطريقة استعمالها والهدف منها .قال شوفا ليي: "أن العادة هي أداة الحياة او هي الموت حسب من هذا المنظور فعل ايجابي يوفر للإنسان الجهد الفكري والعضلي . فيؤدي إلى السرعة في الانجاز مع إتقان العمل مما ينعكس على الإنتاج والفرق واضح في قيمة وكمية العمل عند شخصين احدهما متعود على العمل والآخر مبتدئ فيه كما أن العادة تمكن صاحبها من انجاز أكثر من عمل في الوقت الواحد ، فالضارب على الآلة الراقنة أو الإعلام الآلي يمكن أن  يقوم بعمل فكري في الوقت الذي يكتب فيه لان فعل الكتابة آلي يخلو من الانتباه الذهني وفي هذا المعنى قال مودلسي:"لو لم تكن العادةلكان في قيامنا بوضع ملابسنا وخلعها نستغرق نهارا كاملا ".
الخاتمة :وختاما نقول انه من مزايا العادة أنها في المجال النفسي تجعلنا نضبط النفس ونكظم الغيظ وفي هذا ذهب كلا من"ليفي بويل "دوركايم""من أن جميع القيم هي عادات أخلاقية  وملخص الأطروحة إن العادة تنعكسبشكل ايجابي على كامل أبعاد شخصية الإنسان
تابع...كيف نقارن بين العادة والغريزة ؟ 
الأسئلة الاحتمالية :هل في الإمكان إحداث ترابط بين العادة والغريزة ؟
هل نستطيع أن نميز بين العادة والغريزة من حيث وجود علاقة تربطهما ؟
الطريقة مقارنة :
طرح المشكلة :لا نختلف إذا اعتبرنا السلوك استجابة  تهدف إلى تفاعل الكائن مع المحيط الخارجي ومن هذا قد نرى بضرورة التمييز بين ما يعرف بالعادة والغريزة ،فإذا كانت العادة هي:اكتساب قدرة ما لأداء عمل بطريقة آلية مع مراعاة السرعة والدقة في الانجاز ،فان الغريزة دافع حيوي يوجه نشاط الإنسان إلى كل ما هو ملائم .وإذا اعتبرنا العادة سلوك يكتسبه الإنسان بفعل التكرار ،فان الغريزة هي ما يعرف بنمط هذا السلوك الذي يسير فطريا .ومن هذا نتساءل :ما العلاقة بين العادة والغريزة ؟وما هي مواطن الاتفاق والاختلاف بينهما ؟.
محاولة حل المشكلة :
مواطن الاتفاق :العادة سلوك استقراري تتميز بالثبات وهي حالة دائمة ، أما الغريزة فهي تشترك معها في الآلية والثبات ،إن ميزة العادة الثبات والرسوخ مثل الغريزة تماما لا تتغير بسهولة ذلك لان الإنسان عندما يقوم بتكرار الفعل فان هذا الفعل يرسخ وبالتالي يصبح عفوي آلي شبيه بالغريزة من حيث الآلية الغريزة هي فعل نمطي ثابت عند أفراد النوع لا يتغير عبر الأزمنة إذ هو يتماثل نسبيا مع العادة كما أنهما يتصفا بالاستجابة والسهولة . 
مواطن الاختلاف :أن حقيقة الاختلاف الموجودة بين العادة والغريزة هي كون العادة فعل ينبثق من الاكتساب بينما الغريزة فعل وراثي ،العادة بحاجة  إلى الاكتساب والمهارة لتعلمها بخلاف الغريزة التي هي فعل وراثي يقوم به جميع أفراد النوع الواحد ، إذ هي فعل ينجم من غير خبرة ولا تعلم كما انه لا يهدف إلى غاية ولا يحتاج إلى الوسائل المؤدية إليها بينما العادة هي القدرة على أداء العمل مع الدقة والسرعة والاقتصاد ، الغريزة لا تحتاج إلى تدخل العقل وحضوره بينما العادة لا تكون إلاإذا كان العقل العادة متنوعة ومتعددة فمنها الاجتماعية والأخلاقية والحركية والعقلية  بينما الغريزة واحدة لا تتعدد كما أننا في تعلم العادة نحتاج إلى الانتباه والتركيز بينما الغريزة لا تتطلب ذلك،الغريزة لا تعترف بالتجربة ولا تستدعيها العادة تتطلب الذاكرة والوعي والإدراك وتستدعي الشعور، الغريزة فعل قبلي بينما العادة فعل بعدي.
طبيعة العلاقة بينهما :تتمثل طبيعة العلاقة الموجودة بينهما في أن العادة والغريزةيعبران عن النشاط الإنساني ومن خلال هذا التداخل قد يتعذر علينا الفصل بينهما إذ العادة والغريزة مترابطتان ومتداخلتان لذا قال أرسطو:"العادة طبيعة ثانية "ويرى علماء التطور "بان الغريزة تشبه العادة الوراثية "
الخاتمة:نتفق على أن الغريزة تشكل جزءا كبيرا من السلوك الإنساني بينما العادة تشكل جزءا آخر من سلوكا ته  ومنه نستنتج :أنالكانسان يعتمد على كلا منهما في تحقيق غاياته في الحياة ومحاولة التكيف مع المواقف الطارئة .
العادة والإرادة..                                    
هل العادة سلوك ذهني يرتبط بالنفس أم وظيفة مادية ترتبط بالجسم ؟
طرح المشكلة : المقدمة:إذا كانت العادة هي القدرة المكتسبة على أداء العمل بطريقة آلية وإذا علمنا أنها لا تتم إلا بتكرار الفعل كما أنها ذات تأثير على السلوك ،إما ايجابيا أو سلبيا بالإضافة إلى أنها تختلف عن السلوك الفطري الغريزي الثابت ، كما تمتاز بالحداثة نتيجة تفاعل الفرد مع غيره فان هذا الفعل الآلي هو ما جعل الفلاسفة يختلفون حول ما إذا كان فعل العادة سلوك ذهني يرتبط بالنفس أم مرده إلى وظيفة مادية مرتبطة بالجسم.وهذا ما يقودنا إلى طرح التساؤل التالي :هل العادة سلوك يرتبط بالجسم أم بالنفس؟بعبارة أخرى .هل السلوك العادي سلوك ذهني أم انه فعل مرتبط بالجسم؟
محاولة حل المشكلة :
الموقف الأول: " العادة سلوك مرتبط بالجسم"يرى أنصار الموقف الآلي أن العادة سلوك يرتبط بالجسم ذلك لان العادة فعل يتولد نتيجة التكرار.كما قالأرسطو:"العادة وليدة التكرار" كما أنديكارتبناأفكاره على نفس المنحى الأرسطي،إذ اخذ بنفس الفكرة حيث اعتقد بان العادة "شبيهة بالثنية أو الطية "والدليل على ذلك ما أكدته بعض التجارب العلمية وهي أن العادات ما هي إلا نتاج تفاعل أثار بيولوجية تنتج من خلال الأعصاب، ثم إن المنعكس الشرطي ما هو إلا امتداد للمنعكس الطبيعي في عملية  التعلم كما يرى قانون جوست .أما عن العالم ماك دوقال فقد قال :"العادة ليست سوى مجموعة منظمة من الآثار المترابطة في الجهاز العصبي".كما علل العادة تعليلا فيزيولوجيا حيث اقر بان العادات المكتسبة ، ما هي إلا نتاج  عصبي،أماجيمس فرأى بان العادة تترك في جميع الكائنات الحية أثرا ماديا فيزيولوجيا، إذ لكل مثير استجابة آلية وهذا بحسب بافلوفحيث تساءل عن ظروف تكون حقيقة المنعكس الشرطي ليبين بعدها أن الشرط الأساسي في ذلك هو أن يقترن المؤثر الخارجي بالمثير المطلق اقترانا زمني .
النقد "المناقشة :لكن إذا نظرنا إلى ما يُعاب في تحليل هذه النظرية وجدنا أنها تنظر إلىالإنسان والكائن الحي بصفة عامة نظرة آلية وهو ما يجرد الكائن الحي من إنسانيته ويجعله في مصف الآلات .ثم أين دور الشعور والانتباه؟وهل يمكننا أن نعتمد على وظائف الأعصابحتى نفسر نشاط ذهني ؟ لكن في الحقيقة قد بين قانون جوستبطلان هذهالنظرية وفسادها فلو سلمنا بصحتها لكان التكرار لا يعود إلى الفواصل الزمنية
نقيض القضية :الموقف الثاني :العادة سلوك مرتبط بالعقل " ينظر أنصار هذه النظرية إلى العادة بأنها سلوك مرتبط بالفاعلية الذهنية اشد الارتباط لأنها حالة نفسية تقوم على التغير الناتج عن حقيقة الفكر الانساني ، والدليل على ذلك ما أيدته النظرية الجيشطالتية حيث تبين أن اكتساب العادات ناتج عن تكرار الفعل مع دخول بعض التعديلات عليه بغية تحسينه ومرونته،ثم إن العادات والطقوس التي يمارسا أهل الصوفية، لم تكن حركية جسمية. بل ناتجة عن تفاعل نفسي وهو الأخر دليل ولعل ابلغ تعبير عن ذلك ما قاله فوندوفلت:"إن الحركة الجديدة ليست تجميع لحركات قديمة فهي زيادة وتنظيم" ثم أنالعادة هي التقاء الروح بالمادة "الفكرة والتمرينات ".كما أن مين دوبيران قد ميز بين العادات المنفعلة والعادات الفاعلة وبهذا تصبح الفكرة جسما والرادة طبيعة .
النقد "المناقشة:لكن الملاحظ هنا أن الموقف الذهني تجاهل حقيقة البعد المادي "البيولوجي"بحيث اعتبر العادة شيء مجرد وتجاهل بذلك حقيقة العادة فهي عبارة عن جملة تهيؤات أعدتها لنا الغريزة ، ثم أننا أذا اعتبرنا العادة وليدة الإرادة فإننا نحجرها ونجعل منها عنصر متصلب كونها وليدة الإرادة وهذا غير صحيح .
التركيب :وعلى العموم من ذلك وجب علينا التمييز بين نوعين من العادات ،عادات منفعلة وأخرى فعالة بحيث الأولى لا تكون تابعة لسلطان العقل بينما الثانية أساسها المراقبة العقلية ولا تميل إلى التكرار والثبات ويكونا الذاكرة والإرادة هما المتحكمان فيها إذ من خصائصها التمييز
الخاتمة :وفي الأخير يمكننا أن نختم مقالنابالاستنتاج التالي :أن العادة سلوك خاضع للمراقبة وفاعلية عقلية ،فهي ليست استجابات آلية ناتجة عن فعل التكرار فهي محصلة تفاعل وتشابك بين البعدين "البعد النفسي والبعد البيولوجي" .  
نص السؤال :هل الإرادة ناتجة عن الأحكام العقلية ،أمأنها استجابة للأهواء والعواطف؟
محاولة حل المشكلة :وجود نزعتين مختلفتين:
1-           نزعة مادية حسية الإرادة أساسها الغرائز والأهواء والعواطف 
2-نزعة عقلية تنظر إلى الإرادة على اعتبار أنها تصدر عن الأحكام العقلية .
طرح المشكلة :"المقدمة":يختلف الإنسان مع غيره من المخلوقات في أشياء عدة ،منها بعض الخصائص العقلية كالإرادة مثلا .والتي جعلته بخلاف الحيوان يستطيع التكيف مع عالمه الخارجي وينبذ بذلك كل أشكالالأهواء والغرائز ، وهذا ما جعل الجدل يحتدم بين الفلاسفة والمفكرين ،متسائلين عن مفهوم وطبيعة الإرادة .فكان سؤالهم:هل الإرادة خاضعة للميول والرغبات النفسية أم أن للأحكام العقلية دخل في ذلك ؟
محاولة حل المشكل:
الموقف الأول:" العادة فعل ينتج عن الاهواء والميول"يرى أنصار النزعة الحسيةأمثالكوندياكبان الفعل الإرادي ليسسوى محصلة من محصلات الرغبة بل هو الرغبة بعينها يقولكوندياك في هذا الصدد :"ليست الإرادة انعكاس لرغبة مطلقة بلغت منا حتى اعتقدنا بان ما نرغب فيه يبقى رهين قدرتنا "وهذا لان الإنسان كائن طبيعي ،وبما انه كذلك فان صوت الطبيعة هو من يحركه ، وما الإنسان إلى صدى لهذا الصوت فلو حللنا الإنسان لوجدناه عبارة عن حزمة من الراغبات ولهذا أضافكوندياكقائلا:"الميول والرغبات والعواطف تجسد غريزة لحفض البقاء التي هي الجوهر الرئيسي والمنطلق الأوحد لكل إرادة ".
المناقشة :"نقد"هل نستطيع التسليم بالقول بأن الإرادة هي محصلة حزمة من الرغبات ؟. وهل تستطيع الرغبات أن تصنع إرادة في غياب الوعي؟. فإذا كانت الرغبة سوى حلم في طريق التحقق ،فان الإرادةاختيار منجز.فمثلا الإنسان عندما يرغب في أمر ما فان هذه الرغبة لا تعبر عن الحقيقة لان التجسيد العقلي هنا في مرحلة غياب ،ثم انه يجب على الإرادة  أن تكون مصحوبة بالعزم والرغبة وإلا كانت وهما من أوهام الرغبة
الموقف الثاني: "نقيض القضية":" العادة فعل يصدر عن طبيعة العقل "يرى أنصار النزعة العقلية بأنه لا يمكن أن نتصور فعل أرادي يخرج عن الأحكام العقلية أو الذهنية .ذلك لان الإرادة هي :"القصد إلى الفعل أو الترك مع المعرفة والوعي بمختلف الأسباب الدافعة لذلك وفي هذا الصدد يقولسبينوزا:"إن الإرادة ضرب من ضروب التفكير ،فهي والعقل شيء واحد" وما دامت الإرادة والعقل شيء واحد فان هذا يدل على أن الحيوان له ردود أفعال انفعالية وليست إرادية ،مادام الفكر هو أرقى تجليات الإرادة، ولذا قيل :"لا يكون الفعل إرادياإلاإذا ثبتت صحة إمكانه "
المناقشة :"النقد":لكن نلاحظ أن الانفعالات هي التي تجعل العباقرة يبدعون .وهو ما عبر عنهبراغسون حينما قال :" إن الأبطال والقدسين لا يبدعون في حالة جمود الدم بل يتخيلون الفروض المثمرة في جو ديناميكي تتلاطم فيه الأفكار وتتلاشى "كما ذهبسارتر هو الأخرإلى الاعتقاد بانالإرادة وحدها تستطيع أن تميز بين الخير والشر وليس العقل هو من يقوم بذلك.
التركيب :وعموما إن الإرادة ليست فعلا طبيعي أو نفسي أو ثقافي بل هي فعل ينبثق عن الإنسان مجتمعا ،ذلك لأنها عبارة عن كيفيات  شعورية وهي حالة من الديمومة .وهو ما أكد على براغسون.
الخاتمة :وخاتمة قولنا أنالإرادة نتاجها القرارات العقلية التي قد يدعو إليها الواقع العيني ،لان الإرادة التي لاتتجسد ما هي إلا سوى رغبة جامحة لكن لا تتحقق ومنه فالإرادة في طبيعتها تجمع بين العمق الطبيعي للإنسان والبعد العقلي لان الإرادة بدايتها الدوافع ونهايتها القرارات العقلية .
علاقة العادة بالإرادة
السؤال :"العادة سلوك نمطي آلي والإرادة فعل واعي حر" .قارن بين المفهومين .
الطريقة مقارنة :
طرح المشكلة : "المقدمة":من طبيعة الإنسان أن يبحث عن التكيف والمرونة لمسايرة الظروف المختلفة ،وهذا ناتج عن التغير الذي من خلاله يضبط له سلوكه ،ذلك لانالسلوك الفطري الغريزي عاجز عن تحقيق التأقلم والتكيف.إلا أن هناك سلوك مكتسب غير انه لا يكفي، مما جعله أحوج للإرادة لجعله أكثر ملائمة مع الأوضاع والظروف ،وبهذا نعني إن الإرادة قصدية تنزاح إلى الفعل أو الترك مع معرفة الأسباب والدواعي ومن هذا يتجلى لنا الفرق بين المفهومين، فإذا كانت العادة سلوك الرتابة والآلية ،فان الرادة سلوك الحرية .فما هي الميزة الموجودة بينهما ؟ وفيما يتفقان ويختلفان؟.
أوجه الاختلاف:تختلف العادة عن الإرادةكون الأولى طبيعة ثانية على حد تعبيرأرسطوومن خصائصها الآليةوالتسلسل وهي تشبه الغريزة إلى حد ما، وذلك لخلوها من الشعور والوعي.بينما الإرادة سلوك يتصف بالوعي والاختيار وهي فعل متجدد باستمرار ،في حين أن العادة سلوك متحجر يجعلنا بشر بوجوهنا وآلات بحركاتنا وهذا ما عبر عنه الفيلسوف الفرنسي برودوم:"إن العادة تجعلنا بوجوهنا بشر وبحركاتنا آلات "ذلك لأنها تعيق التكيف ، بينما الإرادة  تدعو إلى التجديد أي هي حركية ديناميكية أساسها التقرير والعزم.أما العادة فهي سلوك خاضع لقوانين التداعي  فهي فعل متسلسل مرتبط بالجسم خالي من المبادرة ، بينما الإرادة نشاط نفسي من خصائصها المبادرة
أوجه الاتفاق :كل منهما يجعل الإنسان يساير الظروف الخارجية إذ هما أداتان لتحقيق التكيف، كما قد يشتركان في توجيه السلوك الإنساني ،إن لكل من العادة والإرادة وظيفة أساسية وهي المحافظة على بقاء الإنسان وانسجامه مع البيئة سواء الطبيعية أوالبيولوجيةأو الاجتماعية .كما أن كلا منهما يتأثر بالمناخ التربوي الثقافي ، العادة آلية يكتسبها الفرد من اجل تنظيم السلوك وجعله يحقق التكيف والاندماج مع كل المستجدات ،بينما الإرادة نشاط ذهني مصحوب بالوعي وهو مصدر لجميع فعاليات السلوك مما يعل الفعل ينزح إلى التجديد والتكييف
طبيعة العلاقة بينهما :"التداخل":إن العلاقة الموجودة بين العادة والإرادة علاقة تأثير وتأثر.ذلك لان الفعل الإرادي لكي يتحرر يجب أن تكون هناك عادة ترسخه لان العادة ليست سوى إرادة متوفرة بحسب الفيلسوف بول ريكو،كما انهلاكتساب العادة يجب أن تكون إرادة وإلا فكيف نرغب في التعلم؟ وصدق وليام جيمسحين قال:"تستطيع أن تاحذ الفرص إلى النهر لكن اعلم انك لا تستطيع إرغامه على الشرب ".
الخاتمة : حل المشكلة :وفي الأخير يمكننا أن نستنتج بأنه وعلى الرغم من ارتباط العادة بالإرادة، ورغم التداخل الموجود بينهما ،فان غياب الإرادة يجعل من العادة فعل متحجر، كما أن غياب العادة  عن الإرادة  يجعل منها سلوك مضطرب وفي الختام نقول :تبقى العادة سلوك إلي نمطي روتيني غير واعي وغير شعوري ، بينما الإرادة فهي فعل يتصف الحرية والوعي والتجديد والقصد .




مواضيع ذات صلة 
 

درس في العادة والإرادة
قسم الفلسفة - مقارنة بين العادة و الارادة
مقالة حول العادة والارادة
قارن بين العادة والإرادة . مقارنة
مقالة فلسفية حول العادة والإرادة
الدرس الرابع فلسفة :العادة والارادة
العادة والغريزة الارادة
هل التمايز بين العادة والارادة ينفي وجود علاقة وظيفية بينهما
العادة والارادة
مقالة فلسفية حول العادة والارادة جدلية
العادة والارادة التكيف مع الواقع
العادة والارادة استقصاء بالوضع
هل الارادة تحقق التكيف
درس العادة والارادة
سلبيات وايجابيات الارادة


Post a Comment

Previous Post Next Post