التلفزيون ".. عبارة عن وسيلة لبث واستقبال الصور والأصوات عبر مسافات طويلة، وإلى عدد غير محدود من الأمكنة، إنه وسيلة لنشر وإذاعة المعلومات"[1].
كما يعرف بأنه ".. وسيلة نقل الصورة والصوت في وقت واحد بطريق الدفع الكهربائي، وهي أهم الوسائل السمعية البصرية للاتصال بالجماهير عن طريق بث برامج معينة "[2].
-       النظرة الجديدة: وهي النظرة التي تعتمد التطور التكنولوجي الحاصل في ميدان الإعلام والاتصال (ثورة المعلومات، التكنولوجيا الرقمية، ظهور نوعية جديدة من أجهزة التلفزيون..) لتقديم تعريفها للتلفزيون، من خلال إعادة الاعتبار لقوة التلفزيون على خلق الآنية ..خاصة بعد 11 سبتمبر 2001 .
ب – التعاريف المرتكزة على الجوانب الفكرية النظرية:
ـ التعاريف التي تستند إلى خصائص ومزايا التلفزيون مقارنة بوسائل الإعلام الأخرى:
       ترى أن التلفزيون ".. يجمع المسموع إلى المنظور، أو يستغل الصوت والصورة (وهو بذلك) قد حول الناس من الحركة إلى السكون لأنه ينتزع الصورة والصوت، ويوزعها على الناس في بيئة متسعة"[3].
-       التعاريف المعتمدة رؤى نقدية:
       وترى أن التلفزيون قد تحول وتطور مع مرور الزمن، ليصبح بعد ذلك فنّا ثامنا[4].
       إننا في دراستنا هذه سنأخذ التلفزيون كجهاز بما تحتويه القناة الوطنية الرئيسية من برامج محلية وأجنبية، وكذلك ما تحتويه القناتان الفضائيتان الجزائريتان، وبما تحتويه القنوات الأجنبية من برامج (غربية وعربية) عن طريق البث الفضائي المباشر.
       فدور التلفزيون في هذه الدراسة، عبارة عن تلك العملية الإعلامية التي تتعرض لها عينة الدراسة من الشباب الجامعي الجزائري.
-      التشكيل:
       جاء في القاموس المحيط، في مادة ( ش ك ل): الشكل: الشبه، والمثل. وتشكل: تصور. وشكله تشكيلا : صوره[5].
       تستعمل هذه الدراسة وتوظف، التشكيل كعملية فيها التأثير، بما يؤدي إلى عملية التكوين والتقديم، والتشكيل للقيم الجمالية جراء عمليات التعرض للبرامج المتنوعة، من قيم وأفكار، وسلوكيات.. خلال مرحلة أو مراحل زمنية مختلفة، داخل مجتمع واحد..
ـ القيم الجمالية:
       لقد اختلف الباحثون والدارسون في تفسير منبع الجمال، فرأى بعضهم أن منبعه هو الذات الإنسانية، ورأى البعض الآخر، أنه يكمن في الموضوع، وجاء بعضهم وقال: إن الجمال نابع من الذات والموضوع. وقد رأى فريق من الدارسين أن علم الجمال Esthétique*، يهتم بدراسة الجمال الفني فقط دون دراسة الجمال الطبيعي، لأن الأول أسمى من الثاني، بفضل ملكة العقل والفكر**. أما الفريق الآخر فوفّق بين الجمال الفني والجمال الطبيعي، ورأى ضرورة دراستهما معا وفق قواعد وأسس وقيم جمالية***.
       وانطلاقا من هذا، حدث اختلاف في تعريف القيم الجمالية طبقا لاختلاف نظرة كل دارس وباحث إلى الجميل.
       فهناك من يرى أن القيم الجمالية في مفهومها العام تعني "اهتمام الفرد وميوله إلى ما هو جميل، من ناحية الشكل أو التوافق، وهو بذلك ينظر إلى العالم المحيط به نظرة تقدير له من ناحية التكوين والتنسيق والتوافق الشكلي، ولا يعني هذا أن الذين يمتازون بهذه القيم يكونون فنانين مبتكرين، بل أن بعضهم لا يستطيع الإبداع الفني، وإن كان يتذوق نتائجه .."[6].
       وهناك من يرى أن هذه القيم الجمالية هي عبارة عن مقاييس ".. وأساليب، وقواعد تحدد الغايات أو الوسائل التي يتعين على الفنان أو المدرسة الفنية أن تلتزم بها، فهي كموجه للتعبير الفني"[7]، ومن الدارسين أيضا من جعل أحكام القيمة الجمالية تمتد حتى إلى دراسة القبيح بوصفه مجالا من مجالات الدراسات الجمالية[8].
       ومن هنا ستوظف هذه الدراسة القيم الجمالية باعتبارها الخصائص والسمات والأسس والمعايير الجمالية، التي يكتسبها الشباب الجامعي الجزائري عن طريق عملية التعرض لبرامج التلفزيون (وطني، بما يبثه من برامج وطنية وأجنبية، والبث الفضائي المباشر بما يحمله من برامج غربية وعربية..).

ـ الجماليات التلفزيونية:
       لكل فن من الفنون جمالياته، فجماليات الشعر تهتم بالإيقاع الموسيقي، والصور الشعرية  وجزالة اللفظ، وتناسبه مع المعنى..، وجماليات الرسم تهتم بالتناسق ومدى استخدام الألوان وتركيبها وعدم استعمالها، (تبعا لكل مؤسسة فنية)، وجماليات المسرح تهتم بطريقة الإخراج، والديكور، والمشاهد المسرحية.. والوحدة الفنية، والحبكة القصصية.. وأما جماليات السينما، فتهتم بدراسة طريقة الإخراج، وتناسق اللقطات، ومدى توافقها للجو النفسي الموجود داخل العمل السينمائي، كما تهتم بدراسة الجوانب الجمالية للشخصيات، من حيث اللباس، والتزيين، وطبيعة العلاقات بينها.. أما الجماليات التلفزيونية فتهتم بالعناصر الأساسية للصورة التلفزيونية، كالضوء، واللون، والصوت، ومدى تحقق درجة الانسجام واللاانسجام بين هذه العناصر وغيرها.
       وبناء على هذا، تستعمل هذه الدراسة الجماليات التلفزيونية، بصفتها العناصر والأسس والمواد الجمالية التي تبرز في التلفزيون من خلال البرامج الواقعية، والخيالية، وتركز هذه الدراسة على كيفية انتقال هذه الجماليات التلفزيونية بكل تركيباتها إلى جمهور الشباب الجامعي الجزائري أثناء فترة الدراسة الميدانية.
ـ الشباب الجامعي:
       جاء في القاموس المحيط في مادة (ش ب ب) أن الشباب يعني الفتى، كالشبيبة، والشباب – بالكسر ـ النشاط.
فمن المعنى اللغوي نستنتج أن مرحلة الشباب نقيض مرحلة الهرم، لما لها من خصائص نفسية وسلوكية ومزاجية.. إضافة إلى خاصية النشاط ..[9].
       "ويرى علماء الاجتماع أن الشباب هم كل من يدخل في فئة السن من (15 إلى 25 سنة) ويبنون رأيهم على أساس أن أولئك قد تم نموهم الفسيولوجي أو العضوي، بينما لم يكتمل نموهم النفسي والعقلي اكتمالا تاما بعد، وبالتالي فهم في مرحلة وسط بين الطفولة والرجولة الكاملة "[10].
وهناك من يرى أن مرحلة الشباب أو الرشد تبدأ من (18 إلى 30 سنة تقريبا)، ويقسمها إلى:
ـ مرحلة الشباب الأولى (من 18 إلى 24 سنة تقريبا) وهي تقارب مرحلة التعليم العالي.
ـ مرحلة الشباب الثانية (من 24 إلى 30 سنة تقريبا)[11].      
       ومن الدارسين من يرى وجوب ".. ألا يقتصر هذا المفهوم على النظر للشباب كفئة عمرية أو اجتماعية لها خصائصها النفسية والسلوكية المميزة، ولكن باعتبار الشباب جزء من كلّ، أو باعتبارهم عنصرا هاما في بناء النسق الاجتماعي للمجتمع..[12].
       وانطلاقا ممّا سبق، يتحكم كل باحث في أية مرحلة عمرية من مراحل الشباب يريد دراستها، فدراسة الشباب عامة، تركز على الفئات العمرية (من 15 إلى 30). ودراسة الشباب في التعليم الثانوي تركز على المرحلة من (15 إلى 30 سنة)، ودراسة الشباب الجامعي تركز على المرحلة من (18 إلى 30 سنة).
       وبهذا، ينبغي أن نشير إلى أن هذه الدراسة ستحدد مرحلة الشباب تحديدا إجرائيا بين سن (18 سنة و 30 سنة)، على اعتبار أننا سندرس الشباب الجامعي الجزائري، إضافة إلى أننا سنستثني الشباب الجامعي الوافد من بلدان أخرى للدراسة بالجزائر.

3 – أهمية الدراسة:
       تنبع أهمية هذه الدراسة من حيث تناولها موضوعا لم يأخذ المجال الأوسع في الدراسات الإعلامية، على عكس المواضيع الأخرى كتأثير التلفزيون على القيم الاجتماعية والثقافية والسلوكية ... إلخ. فإذا كانت بعض الدراسات قد تناولت جماليات السينما والتلفزيون، وحاولت تحليل البنية الجمالية لبعض البرامج، كالأفلام، والمسلسلات.. من حيث التركيز على تحليل اللقطات في ترابطها وانسجامها، وتحليل عملية استعمال الألوان، والضوء، وتحليل الشخصيات في بنائها الدرامي.. ومن حيث تحليل الصور التلفزيونية (الحديثة) ذات الصلة بالبث المباشر للأخبار والأحداث التي جرت وتجري في العالم، في إطار التطور التكنولوجي الهائل الذي يشهده عالمنا اليوم. فإنها، أي الدراسات الإعلامية قد أغفلت – حسب علمنا – دراسة عنصر الجمهور المستقبل لهذه الجماليات، في إطار تفاعله معها وتأثره بها، إذ لا قيمة لمعرفة البنية الجمالية للصورة التلفزيونية ودراستها، إن لم تكن هناك عملية معرفة ودراسة مدى انتقال هذه البنية الجمالية للصورة التلفزيونية إلى الجمهور عامة والشباب خاصة.
4 ـ أهداف الدراسة:
1 - معرفة طبيعة عادات وأنماط المشاهدة التلفزيونية لدى أفراد عينة البحث.
2 – معرفة دور التلفزيون في تشكيل القيم الجمالية لدى عينة البحث.
3 – معرفة دور التلفزيون في تشكيل خصائص وصفات القيم الجمالية لدى عينة البحث.
4 – معرفة طبيعة العلاقة بين الألوان الموجودة في البرامج التلفزيونية، وتفضيلات، وانجذاب عينة البحث لهذه الألوان.
5 – معرفة الجماليات التي تشكلها البرامج التلفزيونية لدى عينة البحث.
6 – معرفة الشخصيات التلفزيونية التي تنجذب إليها عينة البحث.
7 – معرفة مدى تحقيق البرامج التلفزيونية للمتعة والحاجة الجماليتين لعينة البحث.

5 ـ الفرضيات والتساؤلات:
أـ الفرضيات:
1 – هناك فروق دالة بين دور التلفزيون في تشكيل القيم الجمالية لدى الشباب الجامعي المدروس.
2 – هناك فروق دالة بين دور التلفزيون في تشكيل خصائص وصفات القيم الجمالية لدى الشباب الجامعي المدروس.
3 – توجد علاقة قوية بين الألوان الموجودة في البرامج التلفزيونية وتفضيلات وانجذاب الشباب الجامعي لهذه الألوان.
4 – هناك فروق دالة بين دور التلفزيون في تشكيل الجماليات لدى الشباب الجامعي المدروس.
5 – ينجذب الذكور إلى جمال الشخصيات التلفزيونية؛ الرياضية؛ والفكاهية؛ والدينية، بينما تنجذب الإناث إلى جمال الشخصيات الدرامية؛ والفكاهية؛ والدينية.
ب ـ التساؤلات:
1ـ ما هي عادات وأنماط مشاهدة الشباب الجامعي المدروس للتلفزيون وتعرضه لوسائل الاتصال الأخرى ؟
2 – ما هي العناصر والصفات التي تعجب المبحوثين الشباب في بعض الفنون التي تعرض في التلفزيون ؟
3 – ما هي مفاهيم المبحوثين الشباب للقيم الجمالية المقترحة عليهم ؟
4 – هل هناك فروق دالة بين دور التلفزيون في تشكيل القيم الجمالية لدى الشباب المدروس؟
5 – هل هناك فروق دالة بين دور التلفزيون في تشكيل خصائص وصفات القيم الجمالية لدى الشباب المدروس؟
6 – هل توجد علاقة قوية بين الألوان الموجودة في البرامج التلفزيونية وتفضيلات وانجذاب الشباب المدروس لهذه الألوان؟
7 – هل هناك فروق دالة بين دور التلفزيون في تشكيل الجماليات لدى الشباب المدروس؟
8 – هل هناك اتفاق بين الذكور والإناث في انجذابهم إلى جمال الشخصيات التلفزيونية ؟
9 – ما هي العناصر التي يراها المبحوثون الشباب تزيد من جمال الممثلين ؟
10– هل هناك فروق دالة بين تحقيق البرامج التلفزيونية للحاجة والمتعة الجماليتين لدى الذكور والإناث ؟



[1] ـ أ. بوريتسكي. الصحافة التلفزيونية. ترجمة أديب خضور. ط1، دمشق: بناية الصحافة، 1990، ص 38..
[2] ـ زكي بدوي. معجم مصطلحات الإعلام، ط1، القاهرة: دار الكتاب المصري، بيروت: دار الكتاب اللبناني، 1985، ص 65.
[3] ـ عبد العزيز شرف. فن التحرير الإعلامي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1987، ص 35.
[4] ـ  Jerome Bourdon, Jean –Michel Frodon. L’œil critique ; le journaliste critique de télévision. 1er Edition , Bruxelles: Editions de Breek Université, 2003 , p. 83.                              
[5] ـ الفيروز أيادي. القاموس المحيط. ترتيب الطاهر أحمد الزاوي، ط 3، الدار العربية للكتاب، ج2، 1980، ص576.
* ـ يرجع الفضل إلى بومغارتن Boumgarten في تقديم هذا المفهوم (سنتطرق لهذا المفهوم في الفصل النظري اللاحق).
** ـ الفيلسوف هيغل من أنصار هذا الفريق.
*** ـ شارل لالو من أنصار هذا الفريق.
[6] ـ فوزية ذياب. القيم والعادات الاجتماعية، مع بحث ميداني لبعض العادات الاجتماعية. ط 2، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، 1980، ص 75.
[7] ـ محمد عزيز نظمي سالم. الجمالية وتطور الفن. الإسكندرية: مؤسسة شباب الجامعة، 1996، ص 13.
[8] ـ Etienne Sauriau. Vocabulaire d’Esthétique.  Paris: Presses Universitaires de France,  1990, P. 490.
[9] ـ الفيروز أيادي. مرجع سبق ذكره، ج 2، ص 663.
[10] ـ عبد الله بوجلال وآخرون. القنوات الفضائية وتأثيراتها على القيم الاجتماعية والثقافية والسلوكية لدى الشباب الجزائري، دراسة نظرية وميدانية. عين مليلة: دار الهدى، منشورات فرق البحث، كلية أصول الدين والشريعة والحضارة الإسلامية، ص 148.
[11] ـ محمود محمد الزيني. سيكولوجية النمو والدافعية. دار الكتاب الجامعية، 1968 – 1969، ص 86.
[12] ـ سعد إبراهيم جمعة. الشباب والمشاركة السياسية. القاهرة: دار الثقافة للنشر والتوزيع، 1984، ص 105.

Post a Comment

Previous Post Next Post