قانون تناقص الغلةLaw of Diminishing Returns :
مضمون هذا القانون هو أنه "إذا كان هناك عنصران أو أكثر من عناصر الإنتاج وكانت كمية أحدهما ثابتة وكمية الآخر متغيرة فإن زيادة العنصر المتغير يترتب عليها بعد حد معين تناقص الناتج الحدي والناتج المتوسط".  
 وسوف نفترض أن هناك مشروع ينتج سلعة القمح وأنه يستخدم عنصرين أساسيين من عناصر الإنتاج وهما عنصر الأرض و عنصر العمل، وسوف نفترض أن عنصر الأرض ثابت أي أن مساحة الأرض المزروعة بالقمح مثلا ثابتة (ولتكن 2 فدان مثلاً) وأن عنصر العمل هو العنصر المتغير بمعنى أن زيادة إنتاج القمح في المشروع من فترة لأخرى تتم عن طريق زيادة عدد العمال.
والمقصود بالإنتاج الكلي (TP)Total Product  "إجمالي الناتج الذي ينتجه عدد معين من العمال".  أما الإنتاج الحدي (MP)Marginal Product  فيقصد به "مقدار الزيادة في الإنتاج الكلي نتيجة لزيادة عدد العمال المشتغلين بعامل واحد"، أو هو مقدار الناتج الإضافي نتيجة لتشغيل عامل إضافي. وهو يساوي نسبة التغير في الناتج الكلي إلى التغير في عدد العمال أي أن:-

                    التغير في الإنتاج الكلي                       TP   

الإنتاج الحدي =  ـــــــــــــ                    ــــــ=  MP

                    التغير في عدد العمال                         L

وهذا هو الإنتاج الحدي للعمل (لافتراض أن عنصر العمل هو العنصر المتغير). ويقصد بالإنتاج المتوسط (AP)Average Product  "متوسط ما ينتجه العامل الواحد" ويساوي حاصل قسمة الإنتاج الكلي على عدد العمال المشتغلين، والذي يعبر هنا عن الإنتاج المتوسط للعامل.
                                الإنتاج الكلي                        TP

   الإنتاج المتوسط  =  ـــــــــــــ                ـــــ =    AP

                                عدد العمال                          L
والجدول التالي يوضح قانون تناقص الغلة وما يحدث لكل من الإنتاج الكلي والإنتاج الحدي والإنتاج المتوسط نتيجة لزيادة عنصر العمل مع ثبات عنصر الأرض:-
الأرض
عدد العمال
الناتج الكلي
الناتج الحدي
الناتج المتوسط
2
1
8
8
8
2
2
20
12
10
2
3
36
16
12
2
4
60
24
15
2
5
90
30
18
2
6
108
18
18
2
7
112
4
16
2
8
112
0
14
2
9
108
-4
12
2
10
100
-8
10
2
11
88
-12
8
يتبين من الجدول السابق أنه عند زيادة عدد العمال المشتغلين مع ثبات مساحة الأرض يتزايد الناتج الكلي من السلعة التي ينتجها المشروع وهي القمح في البداية بمعدل سريع أي بكميات متزايدة وهنا يكون الناتج الحدي في حالة تزايد، وهذه هي مرحلة تزايد الغلة والتي يتزايد فيها الناتج الحدي (أو الناتج الإضافي) وهنا يكون الناتج المتوسط متزايداً أيضاً.
وبعد حد معين يبدأ الناتج الحدي في التناقص (عند تشغيل العامل السادس في المثال السابق)، وهنا تبدأ مرحلة تناقص الغلة حيث يتزايد الناتج الكلي بمعدل متناقص حتى يصل إلى أعلى مستوى له ثم يثبت (عند 112) حين يكون الناتج الحدي مساوياً الصفر. ومع الاستمرار في زيادة عدد العمال المشتغلين على المساحة الثابتة من الأرض يصبح الناتج الحدي سالباً ويتناقص الناتج الكلي. كما نجد أن الناتج المتوسط يأخذ في التناقص بعد حد معين بسبب تزايد الناتج الكلي بمعدل متناقص ثم تناقصه.      
 وبالاعتماد على الجدول السابق يمكن توضيح العلاقة بين الناتج الكلي والناتج الحدي على الوجه التالي:-
(1)- أنه عند زيادة عدد العمال مع ثبات عنصر الأرض يتزايد الناتج الكلي في البداية بمعدل متزايد وسريع وهنا يكون الناتج الحدي متزايداً. ويصل الناتج الحدي إلى أعلى مستوى له عند توظيف العامل الخامس.
(2)- أن الناتج الكلي يتزايد ولكن بمعدل بطئ وكميات متناقصة بعد العامل الخامس أي أن الإضافات التي تحدث للناتج الكلي تتناقص فيزداد الناتج الكلي ولكن بمعدل متناقص.
(3)- يصل الناتج الكلي إلى أعلى مستوى له عند تشغيل العامل السابع  ويثبت بعدها، وهنا يصل الناتج الحدي إلى الصفر حيث لا يكون هناك أي إضافة للناتج الكلي نتيجة توظيف العالم الثامن.
(4)- مع استمرار زيادة عدد العمال يتناقص الناتج الكلي ويصبح الناتج الحدي سالبا.
مراحل الإنتاج:  وفقا لما تقدم يمكن تحديد ثلاث مراحل رئيسية للإنتاج هي:-
المرحلة الأولى: وهي المرحلة التي يتزايد فيها الناتج المتوسط للعنصر المتغير وهو عنصر العمل حتى يصل إلى أعلى مستوى له.
المرحلة الثانية: تبدأ من إنتهاء المرحلة الأولى وبدء تناقص الناتج المتوسط عند تساوي الناتجين الحدي والمتوسط، حتى يصل الناتج الحدي إلى الصفر و يصل الناتج الكلي إلى أعلى مستوى.
المرحلة الثالثة: وتبدأ من نهاية المرحلة الثانية، وفيها يتناقص الناتج الكلي ويصبح الناتج الحدي سالباً.
تحديد المرحلة الاقتصادية:
عند تحديد المشروع للكمية المستخدمة من العنصر المتغير (وهو عنصر العمل) فإنه يستمر في زيادة عدد العمال المشتغلين في المشروع حتى نهاية المرحلة الأولى و التي يتزايد فيها الناتج المتوسط للعمل ولكن لا يستمر في زيادة عدد العمال حتى يدخل في المرحلة الثالثة لأنها مرحلة غير اقتصادية، حيث تؤدي إلى انخفاض الإنتاج الكلي ويصبح الإنتاج الحدي سالبا. وبالتالي فالدخول في هذه المرحلة لن يكون عملية اقتصادية وسوف يترتب عليها حدوث بطالة مقنعة Disguised Unemployment أي يكون هناك زيادة في عدد العمال لا تضيف شيئاً للإنتاج الكلي أي إنتاجيتها الحدية مساوية للصفر وقد ينقص الإنتاج الكلي ويصبح الإنتاج الحدي سالباً.
وبناء على ذلك تعد المرحلة الثانية من مراحل الإنتاج هي المرحلة الاقتصادية التي يتحدد فيها عدد العمال المستخدمين في المشروع وذلك على أساس المقارنة بين قيمة ما ينتجه العامل الإضافي أي قيمة ما يضيفه للدخل الكلي في المشروع و بين قيمة التكلفة التي يتحملها المشروع لتشغيل هذا العامل الإضافي.  بعبارة أخرى يحدد المشروع عدد العمال المستخدمين عند المستوى الذي يتساوى عنده قيمة الإيراد الحدي للعمل مع التكلفة الحدية للعمل. فطالما أن الإيراد الحدي للعمل (ما يضيفه العامل الإضافي للدخل أو الإيراد الكلي) يزيد عن التكلفة الحدية للعمل (ما يتكلفه المشروع لتشغيل العامل الإضافي) فإن المشروع يستمر في زيادة عدد العمال المشتغلين ويتوقف عند المستوى الذي يتحقق فيه التوازن أو التساوي بين الإيراد الحدي للعمل (ويساوي قيمة الناتج الحدي للعمل في أسواق المنافسة الكاملة) والتكلفة الحدية للعمل (تتوقف أساساً على أجر العامل).

دالة الإنتاج في المدى الطويل، والإنتاج الكبير:
في المدى الطويل تتم زيادة الإنتاج في المشروع عن طريق زيادة جميع عناصر الإنتاج المستخدمة أي توسيع نطاق أو حجم المشروع كله، حيث تتم زيادة عناصر الإنتاج المستخدمة بدون تغيير النسب بينها أي تتم زيادة الكمية المستخدمة من كل عنصر من العناصر بنفس النسبة. ويمكن أن يترتب على الزيادة في حجم المشروع من خلال الزيادة في كل عناصر الإنتاج المستخدمة أن يزيد الإنتاج أما بنسبة أكبر أو أقل من نسبة الزيادة في عناصر الإنتاج.
 والحالة التي يزداد فيها الإنتاج بنسبة أكبر من نسبة الزيادة في عناصر الإنتاج تسمى حالة تزايد الغلة مع الحجم، والحالة التي يزداد فيها الإنتاج بنفس نسبة الزيادة في عناصر الإنتاج تسمى حالة ثبات الغلة، أما الحالة التي يزداد فيها الإنتاج بنسبة أقل فتسمى حالة تناقص الغلة مع الحجم.  وفي حالة تزايد الغلة مع الحجم نجد أنه مع زيادة حجم المشروع والتوسع في الإنتاج يستفيد المشروع من مزايا الإنتاج الكبير، حيث يترتب على توسيع نطاق حجم المشروع مزايا ووفورات تسمى وفورات الإنتاج الكبير Economies of Scale حيث يعود على المشروع الكبير وفورات من الناحية الفنية والاقتصادية والإدارية والمالية يترتب عليها ارتفاع الكفاءة الإنتاجية وزيادة الإنتاج بنسبة أكبر من نسبة الزيادة في عناصر الإنتاج المستخدمة وبالتالي تنخفض التكلفة المتوسطة أي تكلفة إنتاج الوحدة.      
ويسمى حجم المشروع الذي تصل عنده التكلفة المتوسطة إلى أدنى مستوى لها "الحجم الأمثل للمشروع"Optimum Size of Enterprise  ويعتبر هو أكثر الأحجام كفاءة في المدى الطويل حيث تصل وفورات الإنتاج الكبير إلى أعلى حد لها. وإذا زاد حجم المشروع عن الحجم الأمثل تحدث مرحلة تناقص الغلة مع الحجم حيث تنشأ وفورات سلبية Diseconomies أو مساوئ نتيجة للتعقيدات الإدارية وارتفاع التكاليف الإدارية في المشروع كما تستنفد كل فرص تقسيم العمل بين الأفراد وتنشأ مشاكل نتيجة لزيادة حجم المشروع تؤدي إلى انخفاض الكفاءة الإنتاجية وبالتالي ارتفاع التكلفة المتوسطة حيث يزداد الإنتاج بنسبة أقل من نسبة الزيادة في عناصر الإنتاج المستخدمة.
ويلاحظ أن المشروع يلجأ إلى زيادة حجمه في المدى الطويل في حالة استمرار زيادة الطلب على السلعة التي ينتجها و توقع وجود طلب كافي على السلعة يبرر عملية التوسع في نطاق وحجم المشروع.
التمثيل البياني لدالة الإنتاج في المدى الطويل:
 يمكن التعبير بيانياً عن دالة الإنتاج في المدى الطويل باستخدام منحنيات سواء تسمى منحنيات الناتج المتساوي Production Iso-quants. ومنحنى الناتج المتساوي يعبر عن مستوى معين ثابت من الناتج يمكن الحصول عليه باستخدام توليفات مختلفة من عناصر الإنتاج (عنصر العمل وعنصر رأس المال مثلاً). أي أن الإنتقال من نقطة لأخرى على منحنى الناتج المتساوي يعني إنتاج نفس حجم الإنتاج من السلعة التي ينتجها المشروع ولكن باستخدام توليفة مختلفة من عناصر الإنتاج المستخدمة حيث يمكن إحلال عنصر محل آخر في عملية إنتاج السلعة، ولكن عملية الإحلال بين عناصر الإنتاج تكون ضمن حدود معينة. وكلما ارتفع منحنى الناتج المتساوي إلى أعلى كلما دل ذلك على زيادة حجم الناتج والتي تتم من خلال زيادة الكميات المستخدمة من عناصر الإنتاج التي يستخدمها المشروع في العملية الإنتاجية.  ويوضح الرسم اللاحق منحنيات الناتج المتساوي وذلك بافتراض أن المشروع يستخدم عنصرين من عناصر الإنتاج وهما العمل ورأس المال.
 يبين الرسم عدة منحنيات للناتج المتساوي وهي المنحنيات Q، Qَ، Qً  ليعبر كل منحنى منها عن مستوى معين ثابت من ناتج السلعة التي ينتجها المشروع، فمثلا المنحنى (Q) يعبر عن حجم معين من الناتج (10 وحدات مثلا) يمكن إنتاجه باستخدام توليفات مختلفة من عنصري العمل ورأس المال.  النقطة ( A ) الواقعة على المنحنى (Q) تدل على أن تحقيق هذا الحجم من الناتج يتم باستخدام توليفة مكونة من 2 وحدة عمل، و4 وحدات رأس مال.  أما النقطة (B) الواقعة على نفس المنحنى فتدل على أن إنتاج نفس مستوى الناتج تم باستخدام توليفة أخرى من عناصر الإنتاج مكونة من 5 وحدات عمل ، و2 وحدة من رأس المال، أي أن التحرك على منحنى الناتج المتساوي من أعلى إلى أسفل جهة اليمين يعني إحلال عنصر العمل محل رأس المال في عملية إنتاج السلعة.
     هذا ويتم إحلال عنصر محل آخر على أساس معدل يعرف بالمعدل الفني للإحلال Technical Rate of Substitution أو معدل الإحلال الحدي بين عناصر الإنتاج. فمثلاً المعدل الحدي لإحلال عنصر العمل محل عنصر رأس المال  يعرف بأنه الكمية من عنصر رأس المال التي يمكن أن يحل محلها وحدة واحدة من عنصر العمل للحصول على نفس المستوى من الناتج.  والمعدل الحدي لإحلال العمل محل رأس المال هو نفسه يمثل ميل منحنى الناتج المتساوي عند نقطة معينة، وهو ميل سالب لأن زيادة استخدام عنصر العمل يكون مقترناً بنقص استخدام العنصر الآخر وهو عنصر رأس المال. ويقل ميل منحنى الناتج المتساوي كلما انتقلنا على المنحنى من أعلى إلى أسفل أي كلما اتجه المشروع إلى إحلال عنصر العمل محل عنصر رأس المال، حيث تقل نسبة الإنتاجية الحدية للعمل إلى الإنتاجية الحدية لرأس المال كلما زادت الكمية المستخدمة من العمل وقلت الكمية المستخدمة من رأس المال، فميل منحنى الناتج المتساوي (نسبة التغير في المستخدم من رأس المال إلى المستخدم من العمل) هو نفسه يعبر عن نسبة الإنتاجية الحدية للعمل إلى الإنتاجية الحدية لرأس المال.
وعلى ذلك يلاحظ أن منحنى الناتج المتساوي يكون محدبا تجاه نقطة الأصل. وإذا ارتفع منحنى الناتج المتساوي إلى أعلى من (Q) إلى (Qَ) إلى (Qً) فهذا يدل على زيادة حجم الإنتاج في المشروع والذي يتم من خلال زيادة الكمية المستخدمة من العنصرين معا في المدى الطويل.
ويلاحظ أيضاً أن الإنتقال من نقطة إلى أخرى على نفس منحنى الناتج المتساوي أي إحلال عنصر محل آخر في عملية الإنتاج تكون في حدود معينة في المنطقة المحصورة بين الخطين الحرجين (OH)، (OF) في الرسم، أما خارج هذه الحدود الاقتصادية فتكون عملية الإحلال بين عنصري الإنتاج عملية غير اقتصادية حيث تصل الإنتاجية الحدية للعنصر المتزايد إلى الصفر، مما يعني سوء استغلال للموارد وعناصر الإنتاج لكون زيادة الكمية المستخدمة من العنصر لا يترتب عليها حدوث أي إضافة في مستوى الناتج الكلي من السلعة.
ومع زيادة الكميات المستخدمة من عناصر الإنتاج في المشروع يزداد حجم الإنتاج ويرتفع منحنى الناتج المتساوي إلى أعلى، ويمكن أن يزداد الإنتاج بنسبة أكبر من نسبة الزيادة في عناصر الإنتاج وهذه هي حالة تزايد الغلة مع الحجم. هذا وقد يزداد الإنتاج بنسبة أقل من الزيادة في عناصر الإنتاج فنكون أمام حالة تناقص الغلة مع الحجم، أما حالة ثبات الغلة مع الحجم فهي التي يزداد فيها الناتج بنفس نسبة الزيادة في عناصر الإنتاج.

2 Comments

  1. منتهى الوضوح والمهنية في الطرح بلا تعقيد او تشدق بالعلمية الزائفه شكرا لكم

    ReplyDelete

Post a Comment

Previous Post Next Post