معنى تعريف التخطيط الحضري

ظل مفهوم التخطيط الحضري والقيام بمهام عملية التنمية الحضرية لفترات طويلة ، بعيدا عن أنظار معظم الجهات المسؤولة عن عملية التخطيط في الدول النامية ، مما أدى إلى وقوع مدن تلك الدول تحت وابل من المشكلات الناتجة عن التخطيط غير السليم ، والتي بدأت بالتراكم بشكل مستمر إلى أن وصلت لدرجة لا يمكن تجاوزها .

فقد كانت عملية التخطيط الحضري أو تخطيط المدن حتى ستينات القرن العشرين ، عمل يمارسه المعماريون والمهندسون فقط ، حيث يقومون بوضع الخطط الحضرية ، من خلال إعداد المخططات الرئيسية التي تركز على النواحي الظاهرية من التصميم الحضري ، وتم إعداد هذه التصورات كأفكار معمارية للبنية الأساسية مدعومة بشبكات المرافق العامة، كما هو الحال عند تشييد المباني أو المجمعات العامة .
والمهندس المكلف بالقيام بمهمة التخطيط والتصميم ، لا يستطيع توفير المعلومات المتنوعة التي تعد الأساس الذي يعتمد عليها في إعداد التصاميم الأساسية الملائمة لكافة الجوانب الطبيعية والبشرية ، إذ تكون محدودة وعامة وسطحية ، لذا يترتب عليها الكثير من الأخطاء التي يتحملها سكان المدينة فيما بعد .
ولم يتم الإدراك حينئذ أن التكوين الهيكلي للمدن ليس له حالة نهائية محددة ، فهي أشبه ما تكون بالكائنات الحية التي تمر بحالات متغيرة باستمرار ، من أجل ضبط هيكلها ومحتواها حسب المتطلبات والظروف المستجدة ، وليست عبارة عن خريطة جاهزة للتطبيق . [1]

وبمرور الزمن تطورت الحياة إلى ما هو أفضل وازداد عدد سكان الأرض فأصبحت الحاجة إلى التنظيم ضرورية جدا ، وكانت المدن المكان المناسب لإقامة معظم السكان وتوفير الخدمات المختلفة لهم .
وانطلاقا من هذا المفهوم الواسع للتخطيط الحضري ، وضعت له عدة تعريفات منها ما يأتي :

1-  هو عملية إبداعية موضوعية لكيفية عمل مواضع لممارسة الحياة الإنسانية وتسهيل مهامها، بحيث بما يحقق قدر ممكن من الحرية للفرد والجماعة ، وبما يكفل لهم العيش بسلام وأمان ( تعريف كيبل) .
2-  هو تصور الحياة المستقبلية وأنه يربط بين السياسة الاقتصادية والاجتماعية مع التصميم البيئي لحل المعضلات الحضرية كالإسكان والنقل ( تعريف ميرسون ) .
3-  هو استراتيجية أو مجموعة من الاستراتيجيات التي تتبعها الجهات المسؤولة لاتخاذ قرارت لتنمية وتوجيه وضبط نمو وتوسع العمران في المدينة ، بحيث يتاح للأنشطة والخدمات الحضرية أفضل توزيع جغرافي وللسكان أكبر فائدة .
4-  توجيه نمو المناطق الحضرية والذي يتحقق من خلال أهداف اجتماعية واقتصادية تتجاوز المظهر العام لاستعمالات الأرض الحضرية أو طبيعة البيئة الحضرية ، ويتم ذلك من خلال فعاليات حكومية ، لأنه يحتاج إلى تطبيق أساليب خاصة في المسح والتحليل والتنبؤ
5-  رسم الصورة المستقبلية لشكل وحجم المدينة من خلال تحديد المناطق الملائمة لقيام مدن جديدة وتوسع المدن القائمة ، والأسلوب الأمثل لنموها ( عموديا أو أفقيا ) وبما يتلاءم والعناصر الطبيعية والمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ومعالجة مشكلات المدن الحالية والتي يترتب عليها تغيير في استعمالات الأرض القائمة ، ويتم ذلك من خلال رسم الخرائط والتصاميم اللازمة .

ومن خلال تلك التعريفات السابقة ، ينظر البعض إلى التخطيط الحضري ، على أنه علم واسع يجمع بين عدة متغيرات ، طبيعية واجتماعية واقتصادية وهندسية ، من أجل توجيه نمو المدينة ومعالجة مشكلاتها بما يخدم سكانها ، ويوفر لهم متطلبات الحياة الحضرية الصحية والآمنة . [2]

وأصبحت عملية التخطيط الحضري أو التنمية الحضرية عملية متشعبة ومتعددة الأبعاد وهى تمثل إستراتيجية ذات غايات وأهداف كبيرة ومتنوعة ، فهى تمتد بجذورها لتشمل كافة جوانب الحياة بكل ما يميزها من قيم وعادات وسلوك ، وأساليب وأوضاع عمرانية واجتماعية واقتصادية ، ونظم سياسية وتقدم علمى وتقني ،  يهدف إلى تحقيق المتطلبات المختلفة للسكان والوصول بهم إلى وضع أفضل .

فغاية التخطيط الحضري وفقا لمفهومه الشامل ، هو نقل المجتمع من الأوضاع القائمة إلى أوضاع أكثر تقدما لتحقيق أهداف محددة تسعى لرفع مستوى معيشة المجتمع ككل من كافة جوانبه عمرانيا واجتماعيا واقتصاديا وجماليا ، وذلك عن طريق استغلال كافة الموارد والإمكانات المتاحة ، لتحقيق تلك الأهداف وحل المشكلات العمرانية في البيئات الحضرية المختلفة . [3]


[1] - خلف حسين علي الدليمي - التخطيط الحضري / أسس ومفاهيم ص 60 ، وانظر ايضا كرستيان سبيرت - من الخطط الرئيسية إلى استراتيجيات التنمية
[2]  - خلف حسين علي الدليمي - التخطيط الحضري / أسس ومفاهيم ص 61
[3]  - عصام الدين محمد علي / الأبعاد التنموية للتشريعات العمرانية في مصر

Post a Comment

Previous Post Next Post