يرصد الكاتب
طفولته المبكرة في إنگلترا بمدينة مانشستر مع عائلته الصغرى التي تتكون من الاب والام
والاخت، وكان أبوه تاجرا منفتحا على المجتمع النجليزي والمجتمع المغربي. وكان من زوار
بيتهم آل باترنوس، الاسرة الواعية المحبوبة الهادئة، والسر المراكشية الصاخبة التي
كانت تزور منزل الكاتب الذي كان يغص بالضجيج والصراخ والضحك المتعالي بسبب الحركية
الدائمة في المنزل الذي كان بدوره يحتوي على دورين مطلين على الشارع . وكان الكاتب
يرتاح كثيرا لل باترنوس ول يرتاح للمراكشيين الذين كانوا يحولون دائما الجد إلى ضحك
وهزل. وسيعرف الكاتب في طفولته معاناة كثيرة وأحداثا درامية كموت الم ومرض الاخت والاغتراب
الذاتي والمكاني وقسوة الطبيعة والحساس بالوحدة والكآبة. وسينفتح على عالم الدراسة
منذ نعومة أظفاره، وسيقبل على المدرسة الانجليزية الحديثة وسيتكيف مع نظامها ودروسها
على الرغم من صعوبة درس النحو وتحذير الام الشديد لابنها من الاقبال على درس اللاهوت
الذي يتنافى مع مبادئ الدين السلمي. ومع مرور الزمن، ستقرر الاسرة العودة إلى المغرب
للاستقرار النهائي بمدينة فاس حيث عائلته الكبرى. ولما وصل الكاتب إلى هذه المدينة،
لم يستطع التكيف مع جو هذه المدينة وعاداتها وتقاليدها المثيرة. وقد وجد صعوبة في
التواصل والتفاهم مع أفراد أسرته وخاصة جده الذي كان دائما يستنكر طريقة لباسه وتصفيف
شعره وطريقة كلمه. إذ كان يعد حفيده أجنبيا في كل ملمحه وتصرفاته الطفولية الغريبة.
وبالتالي، كان الجد يوبخ أباه على هذه التربية الشائنة التي لتمت بصلة إلى التربية
السلمية الصحيحة. وعلى الرغم من قسوة الجد، فقد كان يكن كل الحب لهذا الطفل الجديد
ويقدره ويلعبه ويقربه إليه بعطف وحنان وينصت إليه كثيرا. وبعد فترة من الزمن، سيتأقلم
الكاتب مع الوضاع الجديدة، وسيندمج مع أفراد الاسرة وعائلته الجديدة ومع أطفال الحي
وأبناء المدينة. ومن أهم المآسي التي سيتعرض لها الكاتب وفاة معظم أحبابه من هذه الاسرة
الجديدة التي كانت تجتمع في دار كبيرة واحدة كوفاة أخته وزوجة عمه وجده وما أصاب أباه
من إفلاس مادي في تجارته. كل هذا سيؤثر على حالته النفسية وصحته التي أوشكت في كثير
من الحيان أن تودي به إلى الموت. وقد تغيرت به الظروف عما ألفه في مانشستر فبدأ يستغرب
من هذا العالم الجديد القريب من البداوة والجهل والتخلف . ووجد صعوبة في تعلم اللغة
العربية وسيكون الكُتاب ملاذه للتخلص ك من هذه العقدة النفسية التي أزمته ، وخاصة
أن جده كان يعاتب أباه دائما على ما آل إليه الولد الذي ل يعرف لغة دينه وأجداده ول
يفهم شيئا مما يقال داخل الدار ول يستطيع أن يتكلم ول أن يجيب كالصخرة الصماء. وقد
قرر الولد أن يتحدى هذا الاشكال الصعب، فدخل الكُتاب واستطاع أن يتمكن ك من اللغة
ونحوها بعد أن تدرج في مستويات التعليم حتى ولج جامع القرويين ، وحقق في العلم شأوا
كبيرا و تمكن من ناصية اللغة العربية وآدابها، وإن كان قد ألفى مشقة كبيرة في تعلم
المواد الشرعية وعلوم الدين. وقد أظهر الكاتب تفوقه الكبير عندما نشر مقال في جريدة
مشرقية عن أدباء المغرب، فبدأ شيوخ جامع القرويين ومثقفوه يطالبونه بالكتابة عن إبداعاتهم
و التعريف بأعمالهم وذكر مكانتهم في الدب المغربي ، بينما يعيب عليه الخرون أنه تجاهلهم
ولم يشر إلى أسمائهم في مقاله الادبي النقدي القيم. وبعد ذلك، سيصبح الفتى كاتبا معروفا
ذائع الصيت، له شهرة كبيرة في مجال الكتابة والنشر. وسيقرر الكاتب السفر إلى مصر على
غرار أصدقائه كعبد الكريم بن ثابت وعبد الكريم غلب لاستكمال الدراسات الجامعية العليا
في قسم الداب والصحافة بعد حصوله على جواز السفر وعبوره لمنطقة الحدود المغربية الجزائرية
بعد أن تخلص من كتاباته الوطنية، ولاسيما قصيدته الشعرية الوطنية التي لو وصل إليها
شرطي الحدود لكانت الامور أكثر تعقيدا ولثرت على مستقبله الدراسي جملة وتفصيل. وتنتهي
طفولته بوصوله إلى القاهرة لتكون آخر محطة ضمن طفولته التي عرفت مسارات عدة تجمع بين
اللم والامل وبين الفرح والحزن. ويقول الكاتب معلقا على طفولته في آخر فصل من فصول
الكتاب:" وبعد، فإن قصة طفولتي يجب أن تقف هنا، وإن امتدادها هذا نفسه فيه كثير
من التجاوز، ولكن لم يكن من اللائق وقف الحديث قبل انتهاء مرحلة، وقد انتهت المرحلة
التي أتحدث عنها بسفري إلى مصر، ولذلك فإن من المناسب أن أمسك ، فإن عالما ثالثا قد
امتد أمامي ل أستطيع أن أزعم فيه أني كنت طفل.".6 إذاً، يستعرض النص سيرة الكاتب
الطفولية في مانشستر حتى ذهابه إلى مصر لمتابعة دراساته الجامعية مرورا بفاس دار الكبيرة
وجامع القرويين. ويعني هذا أن الكاتب يركز على بيئتين متناقضتين حضاريا وثقافيا: بيئة
إنجلترا وبيئة المغرب. كما تتسم البيئتان بقيم متعارضة تتمثل في ثنائية الصالة والمعاصرة،
وثنائية التقدم والتخلف، وثنائية التغريب والتأصيل، وثنائية المادة والروح، وثنائية
التفسخ الحضاري في مقابل الاعتزاز بالهوية والدين والتشبث بالوطن. وبذلك تذكرنا الرواية
برواية "الايام" لطه حسين و"عصفور من الشرق" لتوفيق الحكيم و"موسم
الهجرة إلى الشمال" للطيب صالح و"الحي اللاتيني" لسهيل إدريس...
وتعكس هذه السيرة الذاتية بصدق وتخييل فني حالة
إنجلترا في بداية القرن العشرين وما تعرفه الابراطورية من غطرسة واستبداد إمبريالي،
و ما تعيشه مانشستر من قسوة في أجواء الطبيعة وما تنثره من سواد وحزن يؤثر ذلك بشدة
سلبا على نفسيات السكان الذين يميلون إلى الوحدة والعزلة والانزواء عن الاخرين وميلهم
الكبير إلى الهدوء والصمت المتواصل. كما تنقل لنا الاجواء الاستعمارية التي يعيش فيها
المغرب الذي كان يتخبط في الكثير من الازمات والمشاكل المستعصية والامراض المتفشية
على جميع الاصعدة والمستويات، و يعاني بالخصوص من الفقر والجوع والجهل والتخلف والانحطاط
والاستغلال الاستعماري في جميع القطاعات ؛ مما كان يدفع الطبقات الاجتماعية المتفاوتة
إلى الصراع ضد الاجنبي المحتل وخوض النضال ضده. وكان المثقفون هم المناضلون الحقيقيون
الذين كانوا يقفون في وجه العدو المعتدي ويحرضون الشعب على التحاد والاستعداد لمواجهته
والصد له بالنفس والنفيس. كما يؤشر التعليم المغربي باختلافه اللغوي في تلك الفترة
على وجود منظومتين معاكستين: المنظومة الفركفونية المتقدمة تقنيا وعلميا،والمنظومة
الشرعية التقليدية المتخلفة هيكليا ومنهجيا. وإذا تأملنا بنية الاحداث القصصية سنجد
الحبكة السردية تنبني على البداية والعقدة والصراع والحل والنهاية في إطار الثلثية
المنطقية: التوازن واللاتوازن والتوازن. وتتمثل البداية في الستهلل الذي يستند إلى
المنظور الفضائي الزمكاني و تقديم الشخصيات التي ستكون محور القصة على غرار الرواية
الواقعية. أي إن الكاتب استهل روايته بتقديم الزمان ومكان الحداث والشخوص الرئيسية
في الرواية لينتقل بعد ذلك إلى تحديد العقدة التي تتشخص في معاناة الكاتب من الاغتراب
الذاتي والمكاني والانفصام الحضاري وتناقض البيئتين التي عاش فيهما الكاتب وتأثيرهما
السلبي على نفسيته الرقيقة وصحته الضعيفة، ناهيك عما رآه من مشاكل واجهت أفراد أسرته
كموت أمه وأخته وجده وزوجة عمه وإفلاس أبيه ومرضه العضال الذي أوشك أن يؤدي به إلى
التهلكة دون أن ننسى ما لقيه الطفل من صعوبات في التأقلم مع البيئة المغربية، وما
عرفه من مصاعب في التعلم واكتساب اللغة العربية ونحوها، وما عاناه من جراء غطرسة المستعمر
وما كابده من قسوة الطبيعة خاصة في مانشستر. أما الصراع الدرامي في الرواية فيتجسد
في مواجهة الذات لمجموعة من العوائق والاحباطات وتجاوز الواقع الذاتي و التكيف مع
الواقع الموضوعي و تحقيق الفوز في التواصل مع فضاءين مختلفين ومتناقضين حضاريا وثقافيا.
أما حل هذه الحبكة السردية فيكمن في الانتصار وتحدي العوائق الطبيعية والاجتماعية
والسياسية والتربوية ليظفر في نهاية المر بجواز السفر للانتقال إلى القاهرة لمتابعة
دراساته الجامعية وتحقيق ماكان يطمح إليه في مجال الكتابة والبداع في المغرب وخارجه.
وقد وظف الكاتب شخصيات متنوعة في نصه ، فهناك شخصيات تنتمي إلى وحدة الاسرة كالاب
والام والاخت ، وشخصيات تنتمي إلى وحدة العائلة الكبرى كالجد والجدة والعم وزوجة العم
و الزوار المراكشيين،.....وشخصيات تنتمي إلى وحدة الفكر والدب كعبد الكريم غلب وعبد
الكريم بن ثابت، وشخصيات تنتمي إلى وحدة التعليم والتربية كالمعلمين والاساتذة والمدير
والفقهاء.....وشخصيات أجنبية مثل : أسرة آل باترنوس ومسز شالمداين.... ولكن ما يلحظ
على هذه الشخصيات أنها شخصيات تاريخية وواقعية عاشت فعل في الواقع الموضوعي كشخصيات
الفكر والفن والدب، بينما هناك شخصيات خاضعة للتخييل والتشويق الفني وأغلبها جاءت
نكرة بدون ذكر أسمائها الحقيقية . ويعني هذا أن شخصيات الرواية إما أنها شخصيات تاريخية
واقعية يقصد بها الكاتب التوثيق والتأريخ والاستشهاد الموضوعي وإما أنها شخصيات فنية
تخييلية عابرة يستعرضها الكاتب من أجل أهداف فنية ليس إل. ولكن يبقى الكاتب هو الشخصية
الرئيسية المحورية النامية داخل مسار النص الروائي لدينامكيتها وانفتاحها على الاحداث
إيجابا وسلبا. و يستحضر الكاتب في نصه الطوبيوغرافي فضائين متقابلين: فضاء إنگلترا
وفضاء المغرب، وبتعبير آخر يذكر فضاء مانشستر وفضاء فاس، وهنا نسجل جدلية الداخل والخارج،
وجدلية الانفتاح والانغلق، فضل عن جدلية التغريب والتأصيل، كما يدل الفضاءان على الصراع
الحضاري والثقافي والديني. كما تتقابل المكنة العامة والخاصة للحالة على مجموعة من
القيم والسمات المتقابلة كالتطور والتخلف، والعلم والجهل، والمادة والروح، والبداوة
والحضارة... ومن حيث التأشير الزمني ، تعود الرواية إلى فترة مابعد الحرب العالمية
الاولى، حيث ينتقل الكاتب مكانيا في إطار صيرورة الهجرة والاغتراب من الدار البيضاء
إلى مانشستر، فالعودة إلى الدار البيضاء ثم الاستقرار في مدينة فاس:" قيل إنني
ولدت في مدينة الدار البيضاء ثم قضيت في تلك المدينة بضعة أشهر، ثم ركبت البحر بين
ذراعي أمي إلى انجلترا، وقد كان ذلك بعد الحرب العالمية الاولى، أي إنني مررت في بلد
حديثة العهد بالحرب، ومع ذلك ل أذكر منها شيئا يدل على أنني 7 كنت انتفع بالنظر أو
التمييز". وتمتد الرواية – إذاً- من فترة ما بعد الحرب العالمية الاولى وتنتهي
عند سنة 7391م إبان سفر الكاتب إلى مصر ودخول المغرب في مرحلة المفاوضات مع المستعمر
الاجنبي ومطالبته بالاصلحات السياسية والاجتماعية والدارية والاقتصادية والتربوية."
بيد أن الايام ل تقيم وزنا لما يشعر به من يعيشون فيها من أبنائها، ففي تلك اليام
الباردة من شتاء سنة 7391 غادرت منزلها إلى منزل زوجها، وغادرت أنا منزل والدي لعبر
البحر البيض إلى مصر، وتدل كل البوادر على أن تلك اليام كانت آخر ما جمع بيني وبينها".8
ومن حيث الوصف، عمد الكاتب إلى تقنية الروائيين الواقعيين والطبيعيين في السهاب والتطويل
والاطناب في الوصف والتصوير والتشخيص ، إذ خصص الكاتب صفحات طويلة لوصف الشخوص والمكنة
والاشياء والوسائل والطبيعة مستعمل في ذلك الوصاف والنعوت والاستعارات والتشابيه والاحوال
والصور البلاغية والتشكيل الفني البصري والذهني. ومن المكنة التي وصفها الكاتب منزل
أسرته في مانشستر والدار الكبيرة في فاس وال ُتاب ومدرسته النجليزية. كما التقط ك
أثناء وصفه للوسائل الختراع الجديد وهو القطار الحديدي الذي كان يكرهه الكاتب بسبب
هيئته المخيفة وبشاعته المتقززة بالرعب وضجيجه المقيت.
أما الشخصيات المرصودة بالوصف
فهي كثيرة كأسرة آل باترنوس، وأساتذته الذين كانوا يدرسونه بفاس سواء أكان ذلك داخل
ال ُتاب أم في ك جامع القرويين أم في المدارس العصرية الفرنسية علوة عن وصفه لجده
وأفراد عائلته الصغيرة والكبيرة. ومن أغراض الوصف في روايته التصوير وتأطير الحداث
وتفسيرها مع تحديد سياقها الزمكاني ثم التزيين أوالتقبيح أو تبيان مكانة وهيئة الموصوف
وبيان حاله. الخطاب السردي في الرواية: تقوم هذه الرواية التي تتخذ شكل أوطبيوغرافيا
على فن السيرة وخاصية التذويت وسمة التذكر والسترجاع كما تنبني على المنظور السردي
الداخلي ، أي تستعمل الرؤية مع أو التبئير الداخلي من خلل تشغيل ضمير المتكلم . وهنا
يتساوي الراوي والشخصية الرئيسية في المعرفة . ويعني هذا أن السارد يعرف في نفس الوقت
ما يعرفه البطل الرئيس في الرواية. ومن هنا تتخذ الرواية طابعا منولوجيا قائما على
المناجاة والحوار الداخلي والسرد الذاتي والمشاركة الداخلية في إنجاز الحداث. والمقصود
بهذه المشاركة أن الراوي يشارك الشخصية المحورية في إنجاز الوظائف السردية الساسية
و تحقيقها على مستوى البرنامج السردي سطحا وعمقا. ومن أهم مميزات هذا المنظور أن السارد
ينقل الحداث من زاوية شخصية ذاتية ويبئر الشخصيات الخرى عبر منظوره الخاص بواسطة التعليق
والتقويم وإصدار الحكام. ومن هنا تتحول الرؤية الشخصية الداخلية الذاتية إلى رؤى موضوعية
كاستخدام الرؤية من الخلف أو الرؤية من الخارج. ومفهوم هذا أن الكاتب قد يشغل ضمير
المتكلم في نقل الحداث، ثم يسخر هذا الضمير ليستعين بالضمائر الخرى لنقل ما تعرفه
الشخصيات الخرى.
ومن الوظائف التي يعرف بها السارد داخل هذه الرواية
مهمة السرد والتعبير و التأثير والتبليغ و الدلجة والتشويق الفني والتصوير السلوبي
والتوثيق الموضوعي والتخييل. وتعتمد الرواية أيضا على الترتيب الزمني الكرونولوجي
انطلقا من الحاضر( الطفولة في مانشستر) نحو المستقبل( السفر حيال القاهرة)، والدليل
على هذا الترتيب الزمني التعاقبي انطلق الرواية من فترة ما بعد الحرب العالمية الولى
إلى سفر الكاتب إلى مصر سنة 7391م . كما أن الحداث تسير منطقيا على غرار التعاقب الزمني.
لكن يلحظ أن الرواية عبارة عن وحدات سردية وقصصية مستقلة بنفسها مفككة دلليا وهيكليا
؛ مما جعل بنية التسلسل الحدثي المنطقي تخضع لنوع من الهلهلة السببية نظرا لنعدام
التساق والنسجام والنسيج الترابطي . كما أن إيقاع الرواية يخضع تارة للتسريع الناتج
عن الحذف الزمني والتلخيص الحدثي، ومرة أخرى يخضع اليقاع للبطء الناتج عن الوقفات
الوصفية الكثيرة والمشاهد الدرامية. وعلى الرغم من التعاقبية الزمنية على مستوى تطور
إيقاع الرواية فإن النص في الحقيقة يقوم على السترجاع والستذكار أو مايسمى بفلش باك
مع تشغيل الزمن الهابط الذي ينطلق من الحاضر نحو الماضي، وهذا على مستوى التزمين الخارجي
وليس على مستوى التزمين الداخلي لكيل نسقط في تناقض مثير للمفارقة والجدل. ويهيمن
على النص أسلوب السرد أو السلوب غير المباشر؛ لن الكاتب يستعرض الحداث بطريقة كلسيكية
منولوجية، ويستقرىء التاريخ والذاكرة السترجاعية، لذا يقل الحوار والمنولوج مع غياب
البوليفونية ودمقرطة السرد . أما اللغة فهي لغة واضحة بسيطة موحية ومعبرة تتسم بالواقعية
ونبض الحياة وخاصية التوثيق والتصوير الشاعري تارة والتشخيص الواقعي التسجيلي تارة
أخرى. وتتعاقب في الرواية الجمل البسيطة والمركبة إيجازا وإسهابا، وتكثر الجمل الفعلية
الدالة على الحركية والتوتر الدرامي الذي يتجسد في دينامية الفعال التي كانت تتأرجح
بين الفعال الماضية والمضارعة التي تؤشر بدورها على ثنائية الماضي والحاضر. هذا،
وتحيل الرواية على واقع المغرب في ظل الستعمار الجنبي والحماية الدولية الغربية ، وما
كان يكابده المغرب من جوع وفقر وجهل وتخلف و وتصوير ما كان يعرفه من تخلف و ضياع
وتقهقر حضاري وثقافي وتراجع في بنيته التعليمية والتربوية. وتشير الرواية كذلك إلى
فترة الحرب العالمية الولى والزمة القتصادية العالمية وما سببته من إفلس اقتصادي ومالي
وظهور الحركة الوطنية وطبقة المثقفين المتنورين الذين كانوا يحملون مشعل النضال والتنوير
والصمود في وجه المعتدي المتغطرس. خلصات و استنتاجات: نستشف مما سلف ذكره، أن نص
" في الطفولة" لعبد المجيد بن جلون سيرة ذاتية، وأول خطاب أوطوبيوغرافي
في مسار الرواية المغربية ، كما أنه نص روائي كلسيكي يسترجع الكاتب فيه طفولته التي
قضاها في صراع مع الذات والواقع مع التأرجح بين الخفاق والنتصار مشغل خطاب البوح والعتراف
والستذكار واسترجاع الماضي لمعرفة الحاضر ضمن رؤية سردية داخلية مع التنويع السلوبي
واللغوي والتفنن في اليقاع الزمني وتنويع الفضاءات والمشاهد المكانية.
شكرا على مجهودك
ReplyDeleteghgj;kkkkkkkkkkkk
ReplyDeletethank you very much
ReplyDeleteارجوك اخي احتاج ال تلخيص الفصول الآخيرة من رواية في الطفولة
ReplyDeletePost a Comment