الزمان والمكان


المــكان
بما أن الشخصيات والأحداث واللغة تعد عناصر حيوية في بناء العمل الفني ( الرواية والقصة )، فإن للمكان دوراً هاماً في هذا البناء إذ يعد العمود الفقري الذي يربط أجزاء العمل بعضها ببعض، كما يعد الأرضية التي تتحرك  عليها الأحداث. لأن الصراع في العمل الفني بين الشخصيات لا يحدث في الفراغ، بل يحفه زمان ومكان محددين.
لقد ظهر المكان  في الأعمال الروائية من خلال وجهة نظر شخصية معينة أو من خلال وجهة نظر الراوي، إذ يبدو المكان – سواء أكان واقعياً أم خيالياً – مرتبطاً بل مندمجاً بالشخصيات كارتباطه بالحدث أو بجريان الزمن( ) فيتجاوز قيمته كإطار جغرافي صوف ليدخل في جدلية مع الأشخاص ونفسياتهم، والأحداث ودلالاتها، فيكون وصف الطبيعة والمنازل والأثاث، وسيلة لرسم الشخصيات وحالاتها النفسية. بذلك يصبح المكان عنصراً بنائياً ودلالياً في القصص، مساهماً في تحديد طباع الشخصيات وأمزجتهم( ). كما يحمل أبعاداً سياسية واجتماعية، ويحمل رؤية الكاتب وجهة نظر الشخصيات.
وكما يرى رولان بورنوف بأن الكاتب يزودنا بحد أدنى من الإشارات الجغرافية سواء أكانت هذه الإشارات مجرد نقاط استرشاد لإطلاق خيال القارئ أم استكشاف منهجية للأمكنة( )، فإن المكان الذي نتناوله موجود
في العمل سواء ظهر أم لم يظهر أم لم يسم، فمدينة دمشق مثلاً تمثل

المكان القصصي العام لزكريا تامر، كما أنها نموذج لمدن كثيرة متشابهة في الظروف والأحوال. فعلى الرغم من أن القصص تناقش قضية الفرد المهزوم الذي يعيش في كل زمان ومكان – وهذا ما يفسر عدم تسمية الأماكن تقريباً – إلا أن الملامح العامة تكاد تنطق بخصوصية المكان، فالنهر في قصة "النهر" يحمل ملامح نهر بردى، والزقاق الضيقة في "الراية السوداء" تحمل ملامح الأحياء الشعبية الدمشقية هذا عدا إطلاق المسميات صراحة في أكثر من موضع. كما أن الباب القديم في قصة "الباب القديم" كان – فيما مضى – قسماً من سور حجري شاهق يطوق منازل المدينة ويحميها من الأعداء، غير أن السور تهدّم ولم يبق منه سوى أطلال مبعثرة( ) ونكاد نلمس ملامح السور بسور دمشق الذي كان يحيط بها قديماً إلا أن الزمان قد عفا عليه وفتحت أبواب المدينة – كما يرى زكريا – دلالة استباحة حرمتها بعد أن كانت الطبيعية حصينة (بعد سياسي).
ويقول بطل زكريا في موضع آخر: "مدينتي كانت في الأيام القديمة زهرة من أزهار الياسمين المغروس بكثرة في باحات بيوتها"( ). ونحن نعلم أن سمات البيوت الشامية وجود الباحات الداخلية المزروعة بالأزهار. هذا بالإضافة إلى العديد من القصص التي ورد اسم دمشق صريحاً فيها، منها: التراب لنا.. وللطيور السماء، الاستغاثة، السهرة.
أما عن الظواهر المكانية التي اتكأ عليها زكريا في بنائه القصصي، فقد جاءت تتناسب وطبيعة الشخصية المحورية (الرفد المهزوم) السائرة بلا هدف في كثير من الأحيان، كالشارع، والمقهى، والزنزانة، والغرفة الموحشة، والقبو المظلم، والسينما، والخمارة، والمعمل، والمطعم، وبعض الظواهر الطبيعية كالأرض الخضراء، والبستان، والبحر، والنهر... وجميع ما ذكر نستطيع أن


نطلق عليه (المكان المعادي) كما وصفه غالب هلسا( ) لأنها تشترك جميعاً في ممارسة القمع، والعداء على البطل، وتعكس وجهة نظر الكاتب في الحياة والوجود.
والسؤال الذي يطرح نفسه كيف برى تامر أمكنته؟ وكيف يصفها؟
الشـارع:
إن جذور المكان تنبعث من الحي الشعبي الدمشقي وتنطلق باتجاه الشوارع العريضة حيث المباني الضخمة، والإعلانات المضيئة، وسكك الحديدة وغيرها من مظاهر الحضارة والمدنيّة. وقد كانت الأزقة الضيقة والشوارع المقفرة في المسرح الصغير الذي حمل بين جنباته البطل المأزوم، فعكس ضيق المكان نفسية البطل المنكسرة المتوقعة على نفسها. والمكان الخانق يسيطر على الأعمال، وهو بدوره ينمي الكراهية والتمرد في قلب الشخصية، فبين ضيق الأزقة وفساحة الشوارع عالم من التضاد يبنى على علاقة جدلية إذ تجره قدماه حيناً نحو الشواع العريضة بعد أن عافت نفسه الشوارع الضيقة (الاختناق – مكان الواسع = حرية).
ويحمل بذلك – هذا النمط من الامكنة – بعداً فلسفياً يتجاوز التأثير النفسي ليعبر عن القلق البشري أمام العالم الذي لا يجد فيه البطل مكاناً له ولأمثاله، فيبتلعهم العالم ويضللهم، ولا يحققون الحرية التي ينشدون "
وحريتي قدماي بعد قليل نحو شارع مختم بالضوضاء وهناك أحسست بأني قد غدوت شيئاً ما كريها لا طفولة له"( ) فالشارع عند أبطال زكريا هو العام الخارجي الذي عادل عالمه الداخلي القابع في القبو، أو القبر، أو الغرفة، أو الزنزانة، كما يعد مرفأ الحرية المضلل، الذي يتكئ علي الحلم للخلاص أو ملء الفراغ. لقد قلنا إن جميع الظواهر المكانية تشكل المكان المعادي للبطل،


ودليل ذلك أن أبا فهد يلقى مصرعه في شارع الأزقة الضيقة على يد شاب سكران وذلك عندما حاول أن يتخلص من فقره بأن حلم بالخروف (ابن ملك الجان). كما أن قصته "الكنز" تظهر لنا حقيقة المكان – الحلم الذي تحول إلى عدو شرس لا يفتأ يقضي على البطل. ويلقى أحمد مصيره في الشارع إثر حلمه بالغنى ( الكنز المدفون أسفل شجرة الليمون في باحة البيت ) فتصدمه سيارة وهو غارق في أحلامه. وبذلك يكون المكان قد عير عن عداه للفرد عداء مطلق.
ولا يفوتنا القول إن صراعاً ينشأ حال خروج البطل من الأزقة الضيقة متوجهاً نحو الشوارع العريضة المكتظة. فالبطل الذي يخرج منتشياً مسرعاً نحو الشوارع العريضة سرعان ما يعود لها منكسراً مهمشاً بسبب قسوة المكان – الحلم، كما في قصة "البدوي" و "قرنفلة للإسفلت المتعب" و "في ليلة من الليالي" و "النار والماء". والسؤال الذي يطرح نفسه هل يعود الطبل المأزوم منكسراً من الشوارع العريضة فقط؟ أم أن الشوارع الضيقة تفعل الفعل نفسه؟
من خلال استعراضنا للنماذج القصصية وجدنا أن بطل زكريا إنسان مهزوم – ومحكوم عليه بالانهزام – على الرغم من محاولاته الانفلات من قيود واقعة، حتى إن هذه الشوارع والأزقة الضيقة لا تمنحه الأمان المرجو، فغسان الذي ينأى رويداً رويداً عن الشوارع العريضة، ومبانيها الحجري، ويسير بين الأزقة الضيقة الخاوية قاصداً بيته، يواجه مصيره على يدي أبماء حارته ( صياح وقاسم ) اللذان يتحرشان به بذلك تكون مجرد حركة البطل خلال كل من المكان المفارق للذات ( الشوارع العريضة )، والمكان الموافق للذات – غالباً – ( الشوارع الضيقة ) دليلاً على نهايته وكآبته واغترابه.
القبو المظلم والغرفة الموحشة:
إن المكان الخاص بالبطل، الذي يأوي إليه بعد رحلة التسكع في
الشوارع عبارة ن قبو مظلم أو غرفة وحيدة موحشة، ولم نلمس أن بطل


زكريا يعود آخر النهار متعباً إلى بيت وثير، كما لم يأل جهداً في استخدام الكلمات التي توضح مستواه المعيشي الرث (غرفة وحيدة مظلمة، تفتقر لكل مظاهر الحياة سوى السرير، وبعض الأقداح وكسر الخبز).
وقد صوره زكريا كذلك كي يبعد احتمالية الأمل في نفوس القراء من أم بطله بعاني الصراع خارج البيت فقط، بل صوره كذلك ليدلل على ضيق العالم وضيق اأفق الذي يعيش فيه فرد مثل بطل زكريا. فيجسد القبو في قصة "البدوي" مظاهر الحرمان المختلفة (الطعام، المرأة، السجائر) ولا يتمتع إلا بنافذة صغيرة تظل على حديقة البناية، ولا ندري ربما أبقى زكريا على هذه النافذة كي يحاول الفرد من خلالها إحداث توازن بين عالمه المزري وكآبته، وبين عالم الطبيعة الجميل، وذلك حتى يحافظ على أدنى درجات وجوده فالحديقة عبارة من بصيص من النور الذي يستطيع الفرد من خلاله إحداث توازن. ما أن أحمد في قصة "النابالم" كان قد أحضر حبيبته ليلى إلى غرفته كنوع من إحداث توازن بين الكآبة التي تخلفها الغرفة والعذوبة التي تخلفها ليلى.
ويتصارع العالم المتضاد بين جنبات غرفة الرجل الوحيد أو قبوه، فعلى الرغم من ضيقها إلا أنها تتسع لتشمل العالم الداخلي للبطل فبين عذوبة الربيع وتوحش النمر الجائع عالم مخيف مرعب، يقود نحو الهلاك أو التحول إلى العالم الحيواني.
وعلى الرغم من محاولة إقناع الذات بطمأنينة مستعارة في المكان الخاص بالبطل إلا أنه يقف على علاقة التضاد بين العالم الداخلي والعالم الذي يجثم فوقه "إني أعيش في هذا القبو.. العالم يجثم فوقي، إني سأظل حتى النهاية في قعر المدينة"( )، بذلك تتعمق ورح الاغتراب التي خلتها الفجوة الكبيرة بين عالم البنايات الضخة والقبو، فيعود إلى غرفته دون حنين بعد أن تشرد طوال ساعات عبر الشوارع.

المقهى:
إنه القضيب الثاني في صليب مدينة أبطال زكريا "مدينتي صلبيها مقهى وشارع" لقد ظهر المقهى في عدد لا بأس به من القصص، فكان دوماً ملاذ البطل وأمثاله من مشردي المدن وعمال المصانع، فالمقهى مكان متحرك مفتوح مؤقت يوحي بعد الاستقرار، والبطل في جلوسه فيه، يشاهد الرائحين والغادين ويستمع إلى ثرثرات هنا وهناك ويتمعن بأنماط الناس فاحصاً ومنتقداً إياهم. كما أن المقهى هو المكان الوحيد الذي يشكو له بصمت المهزوم وانكساره.
وتلخص قصة "الأغنية الزرقاء الخشنة" سمات المقهى بأن رواده عمال يشتغلون في المصانع القريبة، وفلاحون وبائعون متجولون،...يجلسون جميعاً باسترخاء، يحتسون الشاي على مهل ويثرثرون دون أن يكون بينهم أي معرفة سابقة( ) وكأن كل واحد منهم لا يجد متنفساً لنفسه إلا في المقهى، فيثرثر حتى يحس أنه ما زال موجوداً على قيد الحياة. حتى إن المقهى في إحدى القصص التي لا حياة لبطلها سوى الجلوس في المقهى ومراقبة الناس ليتحول إلى قبره فيما بعد ويصبح عيناً للشرطة على رواده المساكين( )، بذلك لا يستطيع زكريا التخلص من شدة القمع السياسي الواقع على أبطاله حتى في المقهى (المكان الذي يفترض أنه مكان الراحة والاسترخاء).
ويعد المقهى هو المكان الوحيد الذي يستطيع البطل من خلاله التواصل الصامت مع الناس، كما في "الرجل الزنجي" و "البدوي" و "القوب".
ويكاد يشترك المطعم مع المقهى في كونه المكان الذي لا تواصل فيه إلا مع الطعام الرخيص بينما يكتفي بمراقبة الناس من خلاله. وقد تعرض البطل في بعض القصص  إلى ولج مطاعم الأغنياء إلا أنه لم يستطع استيعاب هذا


العالم الذي يراه عبارة عن جرذان كبيرة تأكل بنهم، فبذلك عكس مستوى المكان نفسية البطل ووجهة نظره به.
ولأن البطل لا ينتمي إلى عائلة – وإن كان كذلك فإنه يرحل مبتعداً عنها – يجد  نفسه في خضن وحدته مضطراً للجوء إلى المطاعم كي يتناول طعامه بسرعة ويخرج إلى الشوارع. ولذا فلا معنى لهذا سوى أنه مصدر إشباع الجوع والذي غالباً لا يشبع لأن المطعن بات يساعد العوامل الأخرى في ضياع الفرد.
الزنزانة:
لم تكن الزنزانة أقل حظاً من الظواهر المكانية الأخرى التي ساهمت في اغتيال الفرد، فواحد مثل بطل زكريا لابد وأن يصدف في طريقه المتعثرة قمعاً كثيراً يلزمه الزنزانة التي لا نوافذ لها كما في قصة "النهر"، وذلك زيادة من تامر في تصوير مظاهر القمع السياسي الشرسة التي لا تترك منفذاً واحداً للفرد ليطل من خلاله على العالم الخارجي. وتكون الزنزانة نموذجاً مكانياُ يساعد على عزل الفرد وسحقه وتحويله إلى حيوان ضعيف.
وتتجسد الحديقة الجميلة في قصة "البستان"، حباً صادقاً أمام سميحة وسليمان اللذان يحلمان ببيت صغير محاط ببستان كالذي يقفان فيه، وما أن يشرعا في التأمل حتى يغتال البستان – ممثلاً بعدد من الرجال – حبهم وفرحتهم وشرفهم، بذلك تكون الطبيعة قد حطمت أحلام الفرد وقيدت تطلعاته لا بل اغتالتها، وكأنها تقول له: لا يحق لك أن تحلم برومانسية بين أحضان الطبيعة الخضراء.
ولم تكتف الطبيعة الخضراء بعدائها للفرد بل اعتبر زكريا تامر أن الصحراء ( رمز الجفاف ) تساهم أيضاً بجزء من هذا العداء. فيحاول البطل أن يتوحد مع البحر الذي يمكن خلفها إلا أنه يجهد بحثاً عبر الصحراء الخاوية ( الوضع الراهن ) ولا يعثر على البحر رمز الأمل، فلا تكتفي الصحراء بذلك بل تسلمه للسلب وقطاع الطرق.

لقد حاول زكريا أن يسجد البعد النفسي للمكان، فمن خلاله نستطيع قراءة سيكولوجية ساكنيه، وطريقة حياتهم، كما أن تطور الحالة النفسية – تأزماً وانفراجاً – للشخصية يجعلها ترى المكان الواحد بأكثر من رؤية. ويتجسد هذا في "النهر" إذ يتكئ عمر السعدي بمرفقيه على سور النهر، ويتأمل – منتشياً – المياه المنسابة تحت ضياء الشمس حتى خيل إليه للحظة – لاحظ قمر الزمن الذي يعطيه للعالم المضيء في أعماله – أن النهر امرأة مسحورة غامضة الفتنة، كما كان عمر يعشق النهر "وقد ابتسم بغبطة وهو يرمق مياهه التي تغني بأصوات خافتة.." لكن ماذا يجري للنهر بعد أن يعتقل رجال الشرطة عمر دون ذنب.. "وتحول غناء النهر إلى استغاثة خافتة.." ثم "انكمش عمر السعدي مذعوراً، وكان النهر في تلك اللحظة نائياً تترفق مياهه حزينة تحت شمس صفراء"( ).

الزمان
بما أن الصراع في العمل الفني بين الشخصيات لا يحدث في الفراغ، وأن الزمان والمكان يحفانه من كلا الجانبين، فإننا ننظر إلى الحدث على اعتبار أنه حدث هنا – هنا الآن – أو سيحدث شيء جديد في مكان آخر، والحدث يتقدم بتقدم الشخصيات خلال فترة زمنية معينة( ).
والعلاقة بين الزمان والمكان علاقة جدلية إذ يطمح الزمان إلى تغيير المكان، بينما يقاوم المكان هذا التغيير، ويرنو إلى استرداد ملامحه التي أطاح الزمان بها، وغالباً ما يتم ذلك بمساعدة الزمان نفسه عن طريق العودة إلى الماضي( ).
لقد قسم الدارسون الزمن إلى نمطين رئيسيين الأول: النمط الخارجي الذي يتضمن الكتابة وزمن القراءة، والثاني: النمط الداخلي الذي يتضمن الحاضر والماضي والمستقبل( ).
فقد كتب زكريا في فترة السبعينات مجمل قصصه وقد كانت هذه
الفترة تعاني من اضطرابات على الصعيد السياسي والاجتماعي والثقافي،
ففترة الستينات وبداية السبعينات اتسمت بكثرة الثورات والاضطرابات والانقلابات والحروب في الوطن العربي فكانت حرب 1967م هي الفرصة للتخلص من جبن الأمة ورعبها ورفعتها، إلا أن النكسة قد شهدت العالم
العربي نحو الإحساس بالضياع، كما أن الحياة الاجتماعية فقدت رونقها واستحال الناس إلى دمى تمشي على الأرض دون أن تستوعب حقيقة ما جرى

لها سياسياً، هذا عدد عن سرعة الانفتاح على الحضارة والتأثر بها دون قيد أو شرط كل ذلك ترك أثاره السلبية على جو الأعمال القصصية. وبما أن القضايا المطروحة في أعمال زكريا (كالقمع، والبطالة، والشوق إلى المرأة..) لا تمتي – عموماً – إلى زمان محدد وذلك أنها مطروحة بشكل لا تاريخي ولأن الاستبداد والقهر – اجتماعياً وفكرياً وسياسياً – يضرب جذوره في عمق التاريخ العربي خلال فترة تمتد سنين طويلة، إلا أنها توحي بزمن الغربة والعزلة، وغربة الذات عن كل ما حولها ولا معقوليتها، فوطأة الزمن كانت ثقيلة لأنها شردت الإنسان العربي بحثاً عن ماهية وجوده في خضم الأحداث السياسية المتسارعة والتي غالباً ما يروح ضحيتها الفرد البسيط. ولا تزال الأمة تعاني من وطأة هذا الزمن وآثاره ومسبباته، فزمن الهزيمة والعجز والقلق مستمر – من جهة نظر زكريا – حتى النهاية وما زمن قراءة الأعمال إلا ترجمة لصدق وجهة نظره.
لقد اتكأ زكريا في بعض أعماله على تسلسل الزمن التقليدي (الماضي، الحاضر والمستقبل) فتتطور الأحداث تبعاً لتسلسل ثابت كما في "شمس صغيرة"( ) التي بدأت بزمن السرد الماضي. "كان عائداً إلى البيت" ثم ينتقل إلى الحاضر إذ يصدف في طريقه خروفاً سمناً فيحمله.. ويعرج على المستقبل    ( الحلم ) إذ يمنّي النفس بالجرار المليئة بالذهب والتي سيسعد من ورائها... إلا أن الوقت ( الليل ) لم يمنحه السعادة بهذا اللحم – فالليل في أعمال زكريا رمز لكل ظلام يحيق بالفرد وغربته – بسبب شاب سكران يترنح  عبر الطرقات.
ويمكننا تسمية هذا النمط من الزمان، بالزمن المتصاعد طردياً مع نمو الحدث، وشاع هذا في بعض الأعمال كما أسلفنا بالإضافة إلى الجريمة والباب القديم، وفي ليلة من الليالي، والوجه الأول، والرغيف اليابس.
تنقّل زكريا بين عناصر الزمن الماضي والحاضر والمستقبل، فظهرت لنا دمشق الماضي والحاضر والمستقبل في الوقت نفسه، وكما قلنا من


انعكاس الحقبة التي كتب بها زكريا ( زمن الكتابة ) على الزمن القصصي فقد تأثرت دلالة المكان ( العربي ) بالزمن فتناول دمشق مثلاً – قديماً وحديثاً – كيف كانت وكيف صارت – كما أثر كلا العنصرين على نفسية الشخصية واستطاعا الإفصاح عن مكنونها.
ويلجأ الكاتب إلى استخدام الفعل الماضي (كان) كثيراً في محاولة منه لرصد الماضي بآماله وذكرياته وأوجاعه مقابل الحاضر الذي يغتال فرحة تذكر هذا الماضي، ويترحم عليه.
فقد "حكي عن دمشق أنها كانت في قديم الزمان سيفاً هرماً أرغم  على العيش سجيناً في غمده، وكانت طف6لة تثقل الأصفاد خطوتها، وكان ياسمينها ينبت خفية في المقابر مرتدياً أكثر الثياب حلكة..." ( ).
فدمشق كانت في قدم الزمان.. أي زمان هذا الذي كانت به سيفاً (رمز القوة) هرماً، وطفلة (مكبلة ومسلوبة الحرية) حتى إن ياسمينها لم ينبت إلا (سراً) في المقابر وقد غير لونه... ؟!
ولا يحدد لنا زكريا الزمن التقريبي لذلك "مدينتي كانت في الأيام القديمة زهرة من أزهار الياسمين.. لكنها أضاعت وجهها الأبيض منذ أن وطأتها أحذية الرجال الغرباء.." ( ). أي وقت يقصد؟ فقد تعرضت دمشق – بخاصة – إلى ويلات الحروب والغزو منذ قديم الزمان، وكأن زكريا لا يهتم بالزمن التاريخي المحدد بقدر ما يهتم بعرض قضية دمشق المسلوبة عبر العصور، لأنه يريد أن يوصلنا إلى دمشق الحاضر التي ما فتئت النكبات تتساقط عليها من كل حدب وصوب "ها هي مدينتي متسولة نائمة، لقد التقيت برجل مذعور أنبأني بأن مدينتي غزاها رجال غرباء"( ).
بذلك يلجأ الكاتب إلى إلغاء الزمن، ويجعله زماناً حراً يصلح لأي عام


وذلك لأن صور المأساة لا تقف عند وقت محدد بل هي أزلية بنشوء الكون ولا يمكن للحاضر أن يورث إلا الشقاء والويلات، فلا يدي الفرد أين المفر، ولا يكون المفر في كثير من الأحيان – إلا نحو الحلم، فالحلم هو انبعاث الماضي، واستمراراً له والحاضر استمرار للماضي نحو المستقبل يقول "وعدت أحلم بالرحيل إلى مدينة شنقت الجوع والكآبة والضجر"( ).
ويمكننا أن تختار قصة البستان نموذجاً لحضور الأزمنة الثلاثة فيها، فسميحة كانت في الأيام القديمة سمكة تحيا في البحار.. ويوم التقى بها سليمان كانت قد أمست امرأة جميلة، وكان سليمان يهتف: "أيها السادة فمها وطني" بعد ذلك فقز زكريا بنا نحو المستقبل لأنه الأكثر ألفة وانسجاماً مع الماضي. قال سميحة:
- لا شيء أجمل من بيت في بستان.
- قال سليمان: عندما نتزوج سنحي في بستان.
- سنزرعه ورداً.
- سأرتدي ثياب فلاحة...( ).
وبينما هما يتناجيان في ذلك البستان قفز الحاضر إليها ليغتال المستقبل بأحلامه والماضي برقته، فاغتصبت سميحة وفرحتها على يد (رجال) وضاع الحلم "إذ كانت الشمس في تلك اللحظة حمراء تجنح للأفول فالليل الأسود آت"( ).
فغالباً ما يوحي المستقبل بالأمل والتفاؤل، لكن هل يسمح الحاضر
بنفاذ أحلام المستقبل وتحقيها؟ ها هي رندا تحلم مع الطفل طلال لو أنها
وردة فتقول: "سأنبت فق قمة جبل لا يستطيع بلوغها أي إنسان"، لكن
الحاضر يأتي ليدق الأرض جلبة بقدوم رجال غرباء، ومعهم رجل مقيد،


فقتلونه دون رحمة، عندها يرتجف كل من طلال ورندا، ويتحولان إلى صخرة مع أحلامها الجميلة( )، فلربما أنه بكونها صخرة ( جماد ) أفضل من العيش الذي يقتل إنسانيتهما شيئاً فشيئاً. كما رحلت الغابات بعيداّ عن النمر المسجون إذ كان في الماضي رمزاً للمنعة والقوة، إلا أن الحاضر جاء ليفقده كبرياءه ويتحول إلى حيوان يأكل الحشائش بدل اللحم( ).
بذلك جاء الزمن مدمراً لا يرحم وهو السبب في ضياع الفرد، وقد امتاز بناء زكريا الزمني بالنهايات المفتوحة، فلم يتدخل بسيرها، لأن بشاعة الواقع لا تترك بصبص أمل واحداً للمستقبل، فالحاضر يذكره ببعد الماضي عنه، ونأي المستقبل.
يتلاعب زكريا بالتتابع الزمني للأحداث من حيث التقديم والتأخير، وذلك حتى يحقق نوعاً من التأثير الفني على القارئ، فعمد إلى إلغاء الوحدة الزمنية المتسلسلة في معظم الأعمال، ولا يوجد تسلسل زمني تقليدي. فجاء الزمن القصصي هابطاً  تارة – بلا خصوصية – ويعتمد على أسلوب الاسترجاع على الصعيد السردي، فيبدأ – أحياناً – من نهاية القصة، ثم يأخذ الزمن بالتراجع ليكشف  عن حيثياتها.
ونستطيع أن نأخذ مثالاً على قصة "الابتسامة ( ) فيبدأ زكريا
باسترجاع الأحداث من النقطة التي انتهت عندها، إذ يقاد البطل إلى ساحة الإعدام ويصرخ مذعوراً، ثم ينتقل الزمن بنا نحو الماضي حيث البطل طفل صغير ينادي أمه التي ألفاها عارية تحت رجل غريب، عندها يغادر البيت مسرعاً قاصداً مرة أخرى ساحة الإعدام (الحاضر)، فعلى الرغم من قصر
هذه القصة إلا أنها تعبر عن مأساة الفرد الذي يخدع بأطهر نموذج في
الوجود "الأم" عندها لا يجد مناصاً من الموت. وفي قصة "الزهرة" نموذج


أخر يعبر فيه زكريا من خلال أسلوب الاسترجاع عن مأساة الحاضر وشراسته أمام الماضي الذي يعد الهفوة خطيئة لا تغفر في حين أن الحاضر بات يمارس الخطايا بأسلوب بشع منفر. وتمتد اليد الخشنة المدفوعة في التراب، وقد تاقت إلى الشمس والمطر والسماء، عندها تتذكر اليد الخشنة المرأة التي تملك جسداً من نجوم، ويستمر التذكر والتداعي حتى تستيقظ على صفعة الماضي، فقد كانت اليد الخشنة في يوم ما لشاب عاشق مارس الحب مع محبوبته التي لا يستبدلها بكنوز العالم، إلا أن السكاكين طاردته لأنه انتهك الحرمات (تقاليد). وبمجيء الحاضر تساق فتاة صغير وأماه بصحبة عدد من الرجال لممارية الرذيلة ببساطة ويسر وكأن الزمن قد استكثر حباً طاهراً بين عاشقين، وها هو الآن يبيح المحذورات وينتهك الطفولة.
وعمل زكريا على إلغاء ترتيب جدول الأحداث، فيم بينهما، فما عاد لها صفة واضحة. فيبقى موازيا للحدث القصصي، وفجأة ينقل القارئ إلى شركة أخرى، ويقطع – بذلك – حركة الصعود والهبوط في الحدث ففي "يا أيها الكرز المنسي" تتراوح الأحداث بين شهيق أهل الضيعة المندهشة إثر سماعها أن عمر القاسم صار وزيراً ليعود السارد بنا إلى عمر المعلم البسيط الذي يعين بضيعته نائية، وتبقى تتراوح الأحداث بين الماضي (عمر المعلم)، والحاضر (الوزير)، ومن خلال هذه المراوحة تتكشف لنا أحداث القصة بأسلوب جميل. ويتضح لنا الزمان الذي يفصح عن الشخصية ويبين أثر القمع والكبت عليها، كما جاء في قصة "البدوي" إذ عاش يوسف الزمن الماضي (الذكريات) التي تظهر على شكل التداعي الحر مع زوجة أخيه فطمة التي أحبها واختلى بها، كما عاش زمن الماضي (الأمس) عندما حضر جنازة فتاة القبر والتي بات حلم بها كما لو كانت حية، وعاش أيضاً الزمن الحاضر اليوم ( مع سميرة التي أحبها )، وتستمر المراوحة في الأزمان حتى تتفجر بواطن الزمن النفسي السابقة في حاضره وتؤدي به إلى اغتصاب سميرة والهرب ( نهايته في الحاضر ). فبحلول الزمن النفسي مكان الزمن التقليدي تتكشف حقيقة العالم الداخلي للشخوص وتبرر سلوكاتهم.

من المعروف أن الزمن الماضي بحاج إلى الزمن الحاضر، والعكس صحيح وذلك لأن الماضي بحاجة إلى الحاضر كي يحرر نفسه من ركام الأوهام التي تحجب حقيقته، والحاضر بحاجة إلى الماضي كي يمتلك الحكمة التي بدونها قد يضع قدراته في خدمة الدمار، إلا أننا نجد زكريا يتكئ على الماضي كي يزيد من إدانة الواقع الممتد عبر الماضي والحاضر، ولأنه لا يريد أن يمتلك أبطاله مثل هذه الحكمة حاول في أكثر من موضع – أن يضع قدراتهم في خدمة الدمار كما في "النابالم" و "الطائر" و "الشنفرى". الذين يطمحون لاختراع قنبلة نووية تحط على العالم وتدمره، كي تشرق الشمس على الأنقاض، وكأنه يتعجل المستقبل الذي يأبى أن يحل إلا على دمار.
وأبطال زكريا لا يرتبطون بأي مستوى من مستويات الزمن وذلك لشعورهم القاتل بالاغتراب، ولإحساسهم القوي بضعف الإنسان أمام قوة السلطات المختلفة ( الفرد مقابل المجموع ). فلا يتمنى عودة الماضي كما لا يتمنى البقاء في الحاضر في حين أن المستقبل لا يتحقق بدون السابقين.
لقد عمد زكريا إلى فن التلخيص الذي يعد من أهم عناصر تقنية السرد في العمل الفني، فقد اختصر – في بعض – قصصه فترة زمنية طويلة
بمساحة صغيرة جداً، لا تتجاوز عدة أسطر وقد كثر هذا النمط في
مجموعته الأخيرة النمور في اليوم العاشر. ففي قصة "الأعداء - البداية"
يقول "نفخ الشرطي في صفارته... فبزغت توأ شمس الصباح، وأضاءت شوارع المدينة بنور أصفر كخشب مشنقة عجوز، وعندئذ أفاق الناس من نومهم آسفين عابسي الوجوه"( ). فمبجرد نفخ الشرطي في صفارته
( الماضي ) يظهر امتداد المأساة – نحو الحاضر – على الشمس ( الكون ) والشوارع ( العالم الحيوي ) والناس. بذلك تسجد هذه السطور مأساة


البشرية الرازحة تحت سطوة الشرطة ورجالها، وكأن السلطة أضحت إلها مسيطراً على الكون وظواهره.
لذا نستطيع القول إن الزمن القصصي – غالباً – لا يتجاوز لحظة زمنية مدتها بمقدار نزهة سليمان وسميحة في البستان، إلا أنه على مستوى تاريخية الحدث يمتد ليشمل زمناً طويلاً منذ أن كانت سميحة سمكة تحيا في البحار.

الخاتمة

وبعد:
فقد كانت هذه الدراسة محاولة لإلقاء الضوء على القاص السوري زكريا تامر، على اعتبار أنه واحد من أهم كتاب القصة القصيرة في الستينات والذي قيل أنه قمة من قمم الاتجاه التعبيري. هذا وقد خلصت الدارسة إلى جملة من النتائج أهمها:
لقد أضاءت الدراسة جوانب من حياة القاص، من خلال تتبعها لمجموع الدارسات والمقالات المختلفة.
كما بينت الدراسة أن مجموعات زكريا القصصية تسير  في خط واحد هو انسحاق الفرد ( المثقف العربي ) وتضاؤله، وانهزاميته أمام قوى قاهرة تتمثل بسيطرة المجتمع بعاداته، وتقاليده البالية، وطبقاته المتباينة، سلطة الأب، والقدر، والشرطة، ورجال الدين، والطبيعة وغيرها من مظاهر القمع.
فقد تعمق الشعور بالاغتراب عن الذات، وفقدان ماهية الوجود في مجموعته الأولى "صهيل الجواد الأبيض - 1930"، فركز على تفلت الفرد، وهروبه من مواجهة القوة المختلفة، بانغلاقه على نفسه وإقفال أبوال الحوار الخارجي مقتصراً على علاقته مع ذاته. كل ذلك يأتي  في ظل قسوة الظروف المعيشية المتمثلة بالعطش إلى الخبز، والحرية، والجنس معبراً عنها باللجوء على عالم الكوابيس، والأحلام، واللامعقول المرعب.
وينسحب لهاث الإنسان المقهور ( الشخصية المحورية ) على مجموعته الثانية "ربيع في الرماد - 1963" في البحث عن الثلاثي المفقود (الخبز،


والجنس، والحرية) مع الميل إلى استخدام ضمير الغائب بدل ضمير المتكلم المستخدم في المجموعة الأولى، والتركيز على جو الرعب، والظلم، والتعذيب، الذي يكشف عن حوله بالفرد دون ذنب مسبق سوى تهمة الوجود، ملقين الضوء على أثر الفلسفات الأجنبية، ودورها في بلورة رؤية القاص، وبخاصة مجموعة من أعمل فرانز كافكا، التي يستسلم الفرد فيها – بسليبة مبررة – للقوى السابقة.
وتستمر الشخصية المستلبة في السير بجو من الكوابيس والأحلام، وتداخل الأزمان حتى مجموعة "الرعد – 1970 فيخرج البطل المأزوم من حدود نفسه إلى العالم الخارجي ويقترب من الواقع المسبوغ بالرمز، كما يظهر استسلامه بوضوح دون رغبة في المقاومة، حتى وإن فكر في المقاومة فإنه ينتهي إلى الموت.
ويظهر جلياً الانفتاح على المجتمع من خلال إقامة حوارات خارجية مع أفراده دون الإيغال في الرمز، وعالم الخيال، والكوابيس في مجموعة "دمشق الحرائق - 1973" لذا يركز على سلطة العادات، والأفكار، والقيم البالية، وسيطرة الجهل، والاهتمام بالقشور في مواجهة الفرد. ويمتد العالم في المجموعة الأخير "النمور في اليوم العاشر - 1978" ليصل بالفرد المقهور أدنى درجات الذل والامتهان، فيقوم بترويضه وتحويله من حال إلى حال (سادي، عدواني، يموء مواء القطط،...).
حدث كل ذلك في ظل مدينة معقدة، عاش الفرد في قعرها، تاركاً وراءه حي الفقراء – رمز البساطة في كثير من الأحيان – لعله يجد ضالته ( معنى وجوده ) فيها.
لقد تفرد طرح زكريا تامر في عقد الستينات حتى أصبح علامة واضحة على طريقة القص الحديثة، فأفاد من الاتجاهات والمذاهب المختلفة، ولم ينغلق على الشكل البنائي التقليدي.

كما لم يكن هناك صيغ حداثية مشكلة، وجاهزة أمامه، لذا عمد إلى التجريب في سبيل صياغة تجربته القصصية، فأزال حدود بين الأجناس الأدبية، حتى وجدنا في القصة القصيرة شيئاً من الشعر والأسطورة، والتكثيف الرمزي، مدركاً أهمية التراث في بماء تجربته القصصية التي انطلقت من عناصر ذاتية تتعلق بثقافته ورؤياه التي تعبر عن وعي جمعي بصيغة فردية. وكانت لغته ملئية بالحدة والتوتر، عاكسة نفسية الأبطال المهزومين فامتازت بالإيحاء والانفعالية الشعرية، والغرائبية المجردة التي تتكئ على مفردات الحلم والكوابيس بتوترها، ولا معقوليتها. وقد عبر عن ذلك من خلال الحوار الداخلي ( المنولوج ) وتيار الوعي.
كما أنه اعتمد في بنائه التجريبي على تداخل الزمان الذي يوحي بزمن الغربة، والعزلة، في كرة حرّة تكاد لا تنتمي لزمن محدد، ويكفي أنها تدين الزمن الحاضر المدمر الذي لا يرحم، متجاوزاً قيمة المكان كإطار جغرافي، ليدخله في جدلية مع الأشخاص، ويعكس نفسياتهم، فمجرد حركة البطل بين المكان المفارق للذات (الشوارع العريضة) والمكان الموافق للذات (الشوارع الضيقة غالباً) دليل على نهاية الفرد، واغترابه، مع عدم إغفال المكانة التي حظيت بها دمشق المستباحة في نفسية أبطال زكريا.
بذلك نكتفي بالقول إن زكريا واحد من أهم وراد القصة التعبيرية الحديثة، الذي مهّدوا الطريق أمام جيل السبعينات والثمانينات لخوض العالم الداخلي (اللاشعور)، ورصد انفعالاته.

 مواضيع ذات صلة


الرواية القصة
اشكال الزمان والمكان في الرواية ميخائيل باختين
أشكال الزمان والمكان في الرواية
الزمان في الرواية
المكان في الرواية العربية غالب هلسا
جماليات المكان في الرواية العربية
المكان في الرواية العربية الصورة والدلالة
تعريف المكان في الرواية
انواع المكان في الرواية

Post a Comment

Previous Post Next Post