الشعر:
      الأصل اللغوي لكلمة شعر هو ما أشعرك أي ما أثار مشاعرك, و يعرفه  قدامة بن جعفر في كتاب (نقد الشعر) بقوله: " الشعر قول موزون مُقفى يدل على معنى"، و هذا التعريف قاصر لأن الناقد ركَّز فيه على الجانب الموسيقي و أهمل الجوانب الأخرى. أمَّا النُقاد في العصر الحديث فقد انقسموا في مفهومهم للشعر إلى قسمين, قسم يتمسك بُعرى الثقافة العربية القديمة, و قسم متأثر مفتون بالثقافة الغربية. و وُجدَ بينهما فريق ثالث يحاول المواءمة بين الثقافة العربية و الثقافة  الأجنبية.
1/ تعريف طه حسين: الشعر هو الكلام المقيَّد بالوزن و القافية و الذي يُقصد به إلى الجمال الفني الذي يلائم ذوق العصر و يتصل بنفوس الناس.
 و يعرّفه ثانية باختصار قائلاً: "لغة مُنغمَّة إنفعالية مُثيرة للعواطف تنبع من وجدان الشاعر و أحاسيسه"
2/ عباس محمود العقاد:  يتفق العقاد مع طه حسين في الاهتمام بالوزن و القافية و الاهتمام بالجانب النفسي, و الشعر عنده تجربة ذاتية تنبع من أعماق الشاعر يعبر فيها عمَّا يحس و يشعر و ليست شيئًا مفروضًا عليه من خارج ذاته.
3/ ميخائيل نعيمة: يعرِّف الشعر بأنه "هو لغة النفس التي تُساق في عبارة  جميلة التركيب موسيقية الرنة."
و يختلف ميخائيل نعيمة مع طه حسين و العقاد في أهمية الوزن حيث يرى العقاد أن الموسيقى من ضرورات الشعر و لوازمه في حين يقول ميخائيل نعيمة : " فلا الأوزان و لا القوافي من ضرورات الشعر, كما أنَّ المعابد و الطقوس ليست من ضرورات الصلاة و العبادة, فربَّ عبارة نثرية جميلة التنسيق موسيقية الرنة كانَ فيها مِنْ الشعر أكثر مما في قصيدة من مائة بيت" و ميخائيل نعيمة لا ينكر أهمية الوزن لكنه يرى أنَّه يلي عنصر الوجدان و العاطفة, فالشعر عنده شكل و مضمون, و في رأيه سبقت الأفكار و العواطف في الوجود. فالأوزان نشأت نشوءًا طبيعيًا و كان سبب ظهورها ميل الشاعر إلى تلحين عواطفه و أفكاره, لذلك لحقَ الوزن بالشعر و نما معه نموًا طبيعيًا.

   و نلحظ على التعريفات السابقة – و أصحابها مِنْ أقطاب مدرسة التجديد في الأدب العربي – أنها برغم اختلافها تتفق على أنَّ الشعر كلام منغم مثير للعواطف.
4/ عز الدين إسماعيل:  الشعر لغة تركيبية بينما النثر لُغة تحليلية. الألفاظ ملك لجميع الناس لكنَّ اللغة في الشعر تبدو تركيبية و ذلك لأنَّ التركيب عملية يقتضيها العمل الشعري, في حين أن الناثر في حاجة للتحليل و هكذا نرجع لفكرة أولية تقول أن الشعر إنفعال, و النثر تفكير. و طبيعة الإنفعال أنه ينتقل جملة و لا يثبت للتحليل إلا في يد الدارس, فالشعر وحدة متنقلة لا تتكون في النفس على نحو ما يتكون التفكير المنطقي المنظم. و لا هي تتبع الطريق الذي يسلكه ذلك التفكير في صورة لفظية تحليلية. و تجربة الشاعر وحدة تدفعه إلى انتاج تركيب مُعين و هو يستخدم في ذلك اللغة. و إذا نحن وضعنا هذا في الاعتبار يتضح لنا الخطأ في محاولة فهم طبيعة الشعر من خلال نثره, كما يفعل البعض حين ينقلون القصيدة من صورتها الشعرية إلى صورة النثرية. و يعدُّ هذا قتلاً للشعر.

تقسيمات الشعر:
للشعر تقسيمات عديدة من بينها (الشعر الملحمي, الشعر التمثيلي, الشعر الغنائي, الشعر التعليمي).
 الشعر الملحمي: الملحمة لغةً هي الموقعة العظيمة و منه تلاحم القوم أي تقاتلوا. و الشعر الملحمي هو قصة شعرية قومية بطولية خارقة للمألوف يختلط فيها الخيال بالحقيقة و التاريخ بالأساطير.
و تطول قصائد هذا اللون من الشعر حتى تصل آلاف الأبيات، ولكنها على طولها لا بد لها من وحدة هي حدثها الرئيسي وشخصيتها الرئيسية التي تمضي بالأحداث إلى نهايتها. ثم تتفرع أحداث ثانوية وشخصيات مساعدة. و أقدم ما عرفه تاريخ الأدب العالمي من هذا الجنس الشعري ملحمتا الإلياذة والأوديسة لشاعر اليونان هوميروس، وموضوع الإلياذة تلك الحرب القاسية بين اليونان ومملكة طروادة، وأما الأوديسة فتصور عودة اليونانيين إلى بلادهم عقب المعركة. والملحمتان تحكيان ألوانًا من المشاعر المتباينة، من الغدر والوفاء، والحب والبغض، كما تصور أحداثًا دامية عنيفة، وتحكي أسطورة فتح طروادة بهيكل الجواد الخشبي، كما تحكي عن شخصيات الأمراء والقواد مثل أخيل و أجاممنون و أجاكس و هيكتور وغيرهم. وبلغت الإلياذة ستة عشر ألف بيت من الشعر على وزن واحد.
وقد عرف الرومان الملاحم على يد شاعرهم فيرجيل حين كتب الإنيادة مستلهماً ملحمتي هوميروس. وموضوعها مغامرات البطل إينياس.كما عرف الفرس ملحمة الشاهنامه التي تحكي أحداث مملكة الفرس. وكذلك كتب الهنود ملحمة المهابهاراتا في مائة ألف بيت حول صراع أبناء أسرة واحدة على الملك مما أدّى إلى فنائهم جميعًا.و لم يعرف الأدب العربي هذا اللون من القصص أو الملاحم في شعره القديم ولكن في العصر الحديث حاول الشعراء العرب  استلهام التاريخ قديمه وحديثه لتصوير البطولات العربية الإسلامي. فكتب الشاعر المصري أحمد محرم  )الإلياذة الإسلامية) في أربعة أجزاء يحكي في الجزء الأول حياة الرسول  بمكة ثم هجرته إلى المدينة، كما يتناول غزواته وأحداثها وبطولاتها ويستمر الحديث عن الغزوات والبطولات في الجزأين الثاني والثالث. أما الجزء الرابع فيخصصه للحديث عن الوفود التي قدمت على الرسول والسرايا التي اتجهت إلى مختلف أنحاء الجزيرة العربية.
كما خليل مطران قصيدة قصصية عنوانها فتاة الجبل الأسود تصور ثورة شعب الجبل الأسود ضد الأتراك. ومحورها بطولة فتاة تنكرت في زيِّ فتى واقتحمت موقعًا للأتراك، وقتلت بعض رجالهم، وعندما أُسرت اكتشف الأتراك حقيقتها فأعجبوا ببطولتها وأَطلقوا سراحها.
و قد قل شأن هذا اللون في العصر الحديث إذ لم يعد الإنسان تطربه خوارق الأساطير الممعنة بالخيال بقدر اهتمامه بأحداث الحاضر المعبِّر عن واقعه وهمومه وآماله وآلامه.

الشعر التمثيلي أو المسرحي: و تعود نشأة هذا النوع إلى اليونان الذين عرفوا أول مسرحية شعرية. فقد ظهر المسرح عندهم في كنف الدين, و كانَ عبارة عن أغنيات مرحة في البداية ترددها جوقة غنائية و كان لا بد أن تحتوي هذه الأغنيات على حدث،و قد أخرج اليونان مسرحيات شعرية مشهورة مثل (أوديب ملكًا).و مسرحية (الضفادع).
و عرف الشعر التمثيلي نوعين هما:
المأساة التي تصور كارثة وقعت لشخص من ذوي المكانة العالية وتكون نهايتها محزنة إما بموت البطل وإما باختفائه. والملهاة التي تتناول أشخاصًا ليسوا من ذوي المكانة العالية وتحكي وتصور حوادث من حياة الناس اليومية مركزة على العيوب أو النقائص التي تثير الضحك.
و قد اقترن الشعر التمثيلي منذ نشأته بالغناء والموسيقى، ثم بدأ الأداء التمثيلي يبعد شيئًا فشيئًا عن دنيا الغناء حتى انتهى الأمر إلى لونين هما المسرحية التمثيلية والمسرحية الغنائية.
و قد اتجهت المسرحية التمثيلية للنثر الخالص وتركت الشعر؛ لأن قيود الشعر جعلت إدارة الحوار بين الشخصيات يبدو متكلّفًا كما أنها تضعف الحركة اللازمة في المسرحية. و من أشهر من كتبوا هذا اللون من الشعر قديمًا سوفوكليس وأرسطو فانيس  في الأدب اليوناني. وراسين و موليير  في الأدب الفرنسي .  وشكسبير و  برنارد شو في الأدب الإنجليزي. و لم يكن الشعر التمثيلي موجودًا في الأدب العربي, و في العصر الحديث حاول أحمد شوقي إيجاده فكتب ست مسرحيات شعرية، ثلاث منها تحكي عن العواطف الوطنية الملتهبة وهي مصرع كليوباترا و قمبيز و علي بك الكبير واثنتان تصوران طبيعة الحب والعاطفة في التراث العربي هما: مجنون ليلى و عنترة والسادسة ملهاة مصرية بعنوان السِّت هدى. ثم جاء عزيز أباظة وأكمل ما بدأه شوقي من الشعر التمثيلي فكتب شجرة الدر؛ قيس ولُبنى؛ العباسة والناصر؛ غروب الأندلس؛ قافلة النور  ثم أخذ الشعراء المعاصرون من المسرح الشعري شكلاً رمزيًا حين اتجهوا له؛ فاستفادوا من طاقة الشعر وشفافيته في تصوير المشاعر والأفكار برقة وحساسية. فكتب صلاح عبد الصبور وعمر أبو ريشة، وعبد الرحمن الشرقاوي وغيرهم، مسرحيات شعرية.

الشعر الغنائي:  و هو الشعر الوجداني الذاتي الذي يعبر عن العواطف الخالصة من فرح وحُزن وحب وبغض وما إلى ذلك.  ويعد هذا اللون أقدم أشكال الشعر في الأدب العربي، فقد كان الشعراء القدامى يعبرون تعبيراً خالصًا عن هذه المشاعر الإنسانية وقد يكون هذا التعبير مصورًا لذات الشاعر ومشاعره، كما ارتبط منذ نشأته بالموسيقى والغناء، ومن هنا سمي بالشعر الغنائي.هذا اللون من الشعر استأثر بطاقة الشعر العربي، وفجر ينابيعها الفنية حين تحوّل إلى موضوعات وأغراض، كالغزل والوصف والحماسة والمديح والرثاء والهجاء والفخر والزهد والحكمة. وقد استمرت موضوعات الشعر الغنائي في التعبير عن الذات الإنسانية وعن تقلباتها وعن أفراحها وأحزانها حتى وقتنا الحاضر. و قد أوشك فن الشعر أن ينحصر في هذا النوع في العصر الحالي, فقد اختفى شعر الملاحم, كما تحل النثر محل الشعر في الأدب التمثيلي.

و بهذا نستنتج أن الشعر العربي بدأ غنائيًا ثمَّ مرَّ في العصر الحديث بمحاولات صياغة جديدة مثل الشعر الملحمي و الشعر المسرحي. أمَّا الشعر الغربي فقد بدأ ملحميًا و مسرحيًا و غنائيًا. ثمَّ انتهى إلى الشعر الغنائي.

مواضيع ذات صلة  


تقسيمات الشعر
طريقة تقسيم الشعر للفير
طريقة الاستشوار الصحيحه يوتيوب
تقسيم الشعر العربي
تعلم تصفيف الشعر للنساء
تصفيف الشعر بالصور
طريقة تقسيم الشعر للقص
تصفيف الشعر للرجال

تصفيف الشعر للاطفال


                    

Post a Comment

Previous Post Next Post