ايهما اجدر بتحقيق العدالة القانون ام الاخلاق ؟
طرح المشكلة : المقدمة:اذا كان القانون هو جملة القواعد العملية المفروضة على الانسان من الخارج لتنظيم شؤون حياته ، والاخلاق بمثابة الالزام الداخلي يأمر وينهي في مجال الخير والشر . فكلاهما يهتم بالإنسان، ولكن من زاويتين مختلفتين لهذا يجب ان نطرح التساؤل التالي  ايهما ادعى واقدر على تحقيق العدالة الاجتماعية ؟.هل القانون اقرب الى ذلك ام الاخلاق ؟.
محاولة حل المشكلة :
الموقف الاولى :" القانون هو من يحقق العدالة "  يرى انصار الاتجاه السياسي ان القوانين هي التي تحقق العدالة الاجتماعية لان القانون هو الحارس الامين للنظام الاجتماعي والموجه لسلوك الافراد ، والمنظم لعلاقاتهم لدرجة ان الحياة الاجتماعية لا تستقيم بدونه يقولمونتيسكو( ليس هناك من ظلم او عدل الا ما تامر به او تنهى عنه القوانين الوضعية ). ويقول ابو العلاء المعري :"قد فاضت الدنيا بناسها *على براياها واجناسها *كل من فوقها ظالم * وما بها اظلم من ناسها*. ويقول شوبنهاور:(الاخلاق من صنع الضعفاء حتى يقوا انفسهم من شر الاقوياء) .
وحجتهم في ذلك ان الطبيعة البشرية شريرة ، وبالتالي لا يمكن قيام عدالة اجتماعية قائمة على الاخلاق.
النقد والمناقشة:  لكن نلاحظ ان اصحاب هذا الاتجاه اهملوا الجانب الخيري في الانسان بكل وضوح ، اذ نظرتهم تشاؤمية  . ثم ان القوانين كثيرا ما تكون جائرة ، كما ان للإنسان المقدرة حتى يُفلت من هذه القوانين ويتجاوزها .
 نقيض القضية:الموقف الثاني:" الاخلاق هي من تحقق العدالة"على النقيض من ذلك يرى انصار الاتجاه الاخلاقي ان الضمير الخلقي كالزام داخلي جدير بتحقيق العدالة الاجتماعية لأنه يتابع صاحبه اين ما حل  يقولبراغسون:" الاخلاق من ابتكار الابطال لفائدة الانسانية جمعاء ". كما يقولكانط : " شيآن يملان نفسي اعجابا سماء مرصعة بالنجوم وضمير يملا قلبي " اماانجلز فقد قال : " الاخلاق من صنع الاقوياء ".    
وحجة هؤلاء ان القانون لا يستطيع مراقبة الفرد ، وبالتالي يمكنه الافلات منه ، ولكنه لا يستطيع ان يفلت من ضميره هذا بالإضافة الى ان الطبيعة الانسانية في اصلها خيرة . 
النقد والمناقشة : لكن ما يعاب على هؤلاء انه غاب عليهم بان هناك من يتميز بضعف الضمير او انعدامه تماما ، وهؤلاء هم اصحاب البنية المرضية اذ لا ينبغي تركهم وشانهم . ثم ان بناء العدالة على الاخلاق معناه اخضاعها للعاطفة والعاطفة من شانها ان تتبدل وتتغير . التركيب : وعموما نلاحظ ان العدالة الاجتماعية تتحقق  بالجمع بين القانون والاخلاق ولا يمكن قيامها بإحداهما دون الاخر ، اذ قيام العدل يقتضي التقيد بالصالح العام ، وهذا ما يفرض علينا احترام القانون اخلاقيا كان او اجتماعيا . 
الخاتمة :وفي الاخير نستنتج ان التعامل في العلاقات الانسانية وقيام العدالة الاجتماعية يتم بالقانون الذي يعتمد على العقل وبالأخلاق التي تعتمد على العاطفة ، فاذا كان القانون يمثل روح هذه العلاقات فان الاخلاق تمثل حرارتها . 


هل تعتقد أن الحرية هي أساس الممارسة الاقتصادية؟
"المقدمة" :طرح المشكلة :
إن الشيء الوحيد الذي يحرك الكائن الحي هو الرغبة في الحياة ،وخاصة الإنسان والحيوان فكل منهما يندفع في حركة داخل الوسط الطبيعي من اجل الحياة والبحث عن عناصر البقاء. إلا أن حركة الإنسان حركة هادفة وواعية وقصديه بعكس الحركة عند الحيوان ،وهذا ما يعرف في الفلسفة وعلم الاقتصاد بظاهرة الشغل الذي يظعنا أمام موضوع "الأنظمة الاقتصادية" فإذا اقرينا بان الرأسمالية عمادها المنافسة الحرة ، فان الاشتراكية تدعو الى التوجيه وتدخل السلطة في الاقتصاد. مما يضعنا أمام مشكلة مزدوجة ابرز إشكال فيها هو : هل الحرية هي شرط التطور الاقتصادي والاجتماعي بمفهوم آخر هل يتحقق الازدهار في ظل النظام الرأسمالي أم في ظل النظام الاشتراكي ؟.
محاولة حل المشكلة :
الموقف الأول:" الليبرالية اساس التطور الاقتصادي" يرى أنصار الموقف الأول أن الحرية هي شرط كل تقدم اقتصادي واجتماعي ذلك لان الازدهار الاقتصادي يتوقف على مدى تطبيق النظام الرأسمالي على ارض الواقع إذ النظام الرأسمالي هو من يحقق الرفاهية المادية والعدالة الاجتماعية ، ويهدف الى ضمان"  اكبر قدر من الربح المادي مع اكبر قدر من الحرية " تعود الجذور الفلسفية للرأسمالية الى عاملين أولهما فلسفة التنوير التي دافعت عن حرية التصرف والفكر والثانية ظهور البروتستانتيةالتي مجدت العمل والحرية ،هذه الأفكار تجلت في المذهب الفردي والذي يعد من اكبر دعاته "ادم سميث " و"جون استوارتمل" بحيث تقوم على مجموعة من الخصائص أهمها "الملكية الفردية لوسائل الانتهاج وحق التملك " التي هي في نظرهم تشبع غريرة حب التملك كما اعتبرها جون لوكمن الحقوق الطبيعية للإنسان وامتداد لغريزته وقال عنها جوناستوارت مل :"الملكية الخاصة تقليد قديم اتبعه الناس وينبغي إتباعه لأنه يحقق منفعتهم " وترى الرأسمالية أن الاقتصاد ظاهرة طبيعية أساسه قانون العرض والطلب الذي ينظم حركة الأجور والأسعار ومنه ضرورة عدم تدخل الدولة في الشؤون الاقتصادية لان تدخلها يتعارض مع أهم مبادئ هذا النظام وهو الحرية وهو حق مقدس لكل إنسان لا ينبغي التنازل عنه ذلك لان تدخل الدولة يظهر بالاقتصاد بحيث يعمل على خلق عراقيل مختلفة وهذا ما يمهد لظهور مبدأ "التنافس الحر" والذي يعد ضروري في خلق حركية تحقق الفكر والإبداع إذ إلغاء التنافس يعمل على تضعيف الاقتصاد قال عنه باستيا:"إلغاء التنافس الحر معناه إلغاء العقل والفكر والإنسان " والتنافس يحقق العدالة الاجتماعية وهذا ما اكدد عليه " ادم سميث" في كتابه :" بحوث في طبيعة وأسباب رفهيه الأمم " لان المصلحة العامة متضمنة في المصلحة الخاصة فالرأسمالية  قادرة على تحقيق الرفاهية المادية .
النقد والمناقشة :لا شك بان الحرية فضاء ضروري لتفتق الحريات والقدرات الفردية لكن في المقابل كثيرا ما تعتبر مطية للاحتكار والاستغلال مثل سياسة الو. م .ا وفرنسا وما تفرضه السوق العالمية حاليا من ضغط وبسط نفوذ على الأصعدة العالمية ثم انه من مساوئ هذا النظام أيضا تقسيم المجتمع الواحد الى طبقتين طبقة الملاك وطبقة المستغلين .
الموقف الثاني :" نقيض القضية " :" الاشتراكية اساس الاقتصاد"يرى أنصار النظرية الاشتراكيةأن الرفاهية المادية و الاقتصادية تتحقق في ظل النظام الاشتراكي ومبادئه، وذلك لكونه يحقق العدالة الاجتماعية بين أفراد المجتمع الواحد .حيث" الاشتراكية إيديولوجية  اقتصادية ذات أبعاد اجتماعية تمجد الروح الجماعية " تعود هذه الأفكار الى مجموعة من الفلاسفة منهم كارل ماركس الذي رأى أن الرأسمالية نظام يحمل في طياته بذور فنائه بداخله، حيث تزداد الفجوة باستمرار بين الطبقة البرجوازيةالمالكة لوسائل الإنتاج وطبقة البروليتاريا. "الكادحة " ويفسر ماركسهذا التناقض بقوله :" الذين يعملون لا يغتنون والذين يغتنون لا يعملون ". وهذا ما يولد مشاعر الحقد والكراهية فتحدث ثورة الفقراء على الأغنياء عندها تسقط الرأسمالية وتحل محلها الاشتراكية والتي تعتمد على مجموعة من الخصائص منها "الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج" والتي ذكرهافلاديميرلينينفيبيان الحزب الاشتراكي السوفيتي قائلا:" الاشتراكية نظام اجتماعيلا طبقي  له شكل واحد الملكية العامة لوسائل الإنتاج" وهنا تظهر الحاجة الى تدخل الدولة في الشؤون الاقتصادية أو ما يسمى بتوجيه "الاقتصاد " من خلال المخططات بحيث يصبح العامل هو محور العملية الاقتصادية ويتجسد من ذلك شعار:" لكل حسب مقدرته ولكل حسب حاجته ". وهذا ما يحقق العدالة الاجتماعية لان الاشتراكية كما قال انجلز:" نشأت من صرخة الألم لمحاربة استغلال الإنسان لأخيه الإنسان ".     
النقد والمناقشة : لكن نلاحظ أن تنبؤاتماركسفي ماديته التاريخية بان الرأسمالية سوف تنهار وان الاشتراكية نظاما اقتصاديا عالميا تنبؤات كذبها الواقع والتاريخ ،وعلى العكس من ذلك فإننا نشهد تحقق تنبؤات فرنسيس فوكو ياما " نهاية التاريخ وآخر إنسان ".هذا من جهة  ومن جهة أخرى فان النظرية الاشتراكية دعت الى المساواة والعدالة الاجتماعية على المستوى النظري أما على مستوى الممارسة فقد بقيت فكرة العدالة الاجتماعية مجرد شعار ،بل حتى في الدول التي طبقت الاشتراكية تغير فقط المستغل من رب العمل الى الدولة أما ظاهرة الاستغلال في حد ذاتها فلم يقضى عليها كما تقييد الحرية الاقتصادية يتنافى مع طبيعة الإنسان الذي يحب التملك بطبيعته ولعل هذا سبب آخر لازمة الاشتراكية
التركيب :وعموما إن النظام الاقتصادي الفعال هو النظام الذي يجمع بين المبادئ والغايات والوسائل ولا ينظر الى الاقتصاد نظرة مادية فقط دون مراعاة الضوابط الأخلاقية، لذا قالجورج ياس:"إن الرأسمالية ترمز الى سياسة الثعلب الحر في الخم الحر" . بل لا بد من السعي الى التكامل بين الروح والمادة. وهذا ما تجسد في فلسفة الاقتصاد الإسلامي إذ البيع لا بد وان يقترن بالأخلاققال تعالى :(واحل الله البيع وحرم الربا) والملكية ثلاثية الأبعاد : " الله  الإنسان المجتمع". وما الزكاة إلا تطهير للنفس ومواساة للفقراءقال تعالى :(وفي أموالهم حق للسائل والمحروم). وهذه الاعتبارات الأخلاقية والروحية تجعلنا نتجاوز الاشتراكية والرأسمالية ونطالب بالممارسة الاقتصادية في الإسلام .    
الخاتمة :وفي الأخير يمكن القول أن الشغل ظاهرة إنسانية قديما كان عنوانا للشقاء والعبودية في جل الفلسفات القديمة وتحول تحت تأثير فلاسفة العصر الحديث الى مصدر للتحرر وبناء شخصية الإنسان، حيث ظاهرة الشغل ترتبط بإشكالات كثيرة ويمكننا أن نستنتج من تحليلنا السابق أن الحرية في ظل مقتضيات العولمة أصبحت ضرورة اقتصادية لكن مع ذلك فان تحقيق العدالة الاجتماعية يقتضي توزيعا عادلا للثروة على كل أفراد المجتمع " الدور الاجتماعي للدولة  وضرورة اضطلاعها بواجباتها اتجاه الفيئات الضعيفة والهشة من المجتمع". فلا ينبغي للدولة أن تتخلى عن واجبها تجاه من لا يستعطون شراء سكن يحفظ كرامتهم ، ثم أن الدول التي يغيب فيها تنظيم الاقتصاد ومراقبة وقمع الغش من شانها أن تكون قد عرضت مجتمعاتها للازمات .
مقالة فلسفية حول أبعاد الشغل:
هل تقتصر وظيفة الشغل على المطالب البيولوجية فحسب ؟.
الإجابة :
طرح  المشكلة :"المقدمة": إن الإنسان يسعى جاهدا لكسب قوته والعمل من اجل الحفاظ على بقائه ذلك لان الحيات لا تستقيم دون وجود اقتصاد ، وإنتاج ولعل ما يدفع الإنسان إلى ذلك هو الاستهلاك ، ومن اجل مراعاته وما يقتضيه .كان لزاما عليه أن يشتغل لان الشغل وسيلة إبداعية أي: عملية إنسانية تمتاز بالفاعلية والإلزام ،فهو يحقق التكيف ويجلب المنفعة . هذا ما جعل الجدل والخلاف بين الفلاسفة حول ما إذا كان الشغل ضرورة بيولوجية فحسب ،أم انه يتعدى ذلك إلى أبعاد أخرى لذا طرحت عدة تساؤلات أولها: هل يشتغل الإنسان من اجل المكاسب البيولوجية فقط  ؟. ألا يمكن للشغل أن يعبر عن مختلف الأبعاد الإنسانية ؟.
للإجابة على هذه المشكلة الفلسفية يجب أن نتطرق إلى جملة من الأبعاد .حتى يتسنى لنا ان نفصل في القضية.
الموقف الأول :" ضرورة الشغل من الناحية الاقتصادية " البعد البيولوجي :" إن الإنسان ومنذ أن ُخلق وهو يسعى جاهدا لنيل المطالب البيولوجية ، وإشباع حاجياته المادية ، فهو هلوع من اجل الوصول إلى ذلك .حيث وصفه المولى عز وجل في القرانبالهلوع المنوع : " خلق الإنسان هلوعا إذا مسه الخير منوعا وإذا مسه الشر جزوعا "  فهذه الآية وان دلت فإنما تدل على سعيه وراء الماديات والملذات .ذلك لان الإنسان مخلوق بيولوجي والأشياء المادية من أولوياته فهو يجد نفسه مضطرا للعمل عليها وفق ما تمليه الضرورة البيولوجية وإلا كان مصيره الفناء وقد وفق  مشال فوكوحين قال :" لم تعمل الإنسانية إلا تحت تهديد فكرة الموت ". فحب البقاء كان دافعا لذلك وجدلية هجلخيردليل وهي أن العبد يجبر سيده على الاعتراف به من خلال العمل أما بيار جنيه. فيرى بان الشغل يخرج الانسان من دائرة القلق . أما فلاسفة اليونان والرمان فلقد نظروا الى الشغل نظرة مادية حيث اعتبر شيشرونباناهتمامات العامل وتفكيرهيغلب عليها الطابع الحسي . فلو استقرانا التاريخلوجدنا أن البشرية مرت بمرحلتين : مرحلة الإنسان الذي يجمع الغذاء والإنسان صانع الغذاء ولعل هذه النظرية مستوحاة من فلسفة أرسطوالذي حصر الشغل في ثلاثة وظائف  المأكل ،الملبس ،المسكن "ومن جملة الأنظمة التي ترتكز على البعد المادي من وراء الشغل النظام الرأسمالي لأنه يهدف إلى اكبر قدر من الربح والحرية.
المناقشة "النقد"لكن لو نظرنا إلى الشغل من زاوية مادية ، فإننا نلغي القيم الإنسانية الأخرى كالأخلاقية والنفسية والاجتماعية ذلك لان الإنسان لا يعد كائنا بيولوجيا فحسب ، بل هو كائن واعي "اجتماعي وأخلاقي وسياسي " فلو سلمنا بان الإنسان مخلوق بيولوجي لكان باستطاعته التوقف عن العمل بمجرد أن يلبي مطالبه البيولوجية لكن الإنسان لا يعمل فقط من اجل العيش  فهو يأكل ليعيش وليس يعيش ليأكل . والواقع يثبت أن عمل الإنسان يهدف إلى ما وراء ذلك فهو يهدف إلى التحرر واثبات الذات .
الرأي الثاني :عرض نقيض الأطروحة: يرى أنصار هذا الموقف أن الشغل ظاهرة إنسانية والإنسان كائن عاقل مميز لذا فقد يُعبر الشغل عن عدت أبعاد مثل البعد الأخلاقي والبعد النفسي والبعد الاجتماعي وهذا الموقف تبنته مجموعة من الفلاسفة .حيث اعتبروا الشغل وسيلة للعيش الكريم والحفاظ على كرامة الإنسان . فهو يعبر عن الشرف والواجب والصبرأما على المستوى النفسي فقد أكدت البحوث الحديثة في ميدان علم النفس أن الشغل يُعد وسيلة للقضاء على القلق و الانحراف والمشاكل النفسية والبطالة . إذ الانسان العاطل عن العمل هو الأكثر عرضة للمشاكل النفسية كالاضطرابات والأمراض العقلية ،فالشغل يؤدي إلى التوازن النفسي .فمثلا :في أمريكا نجد أن أصحاب المصحات يكلفون أحيانا ببعض الأعمال البسيطة لكي ُتبعدهم عن التوتر والكآبة لذا قيل:" الشغل ينزع الإنسان من نفسه ويحرره من الدائرة الذاتية " وصدق رسولنا "صلى الله عليه وسلم حين قال:"  أطيب الكسب كسب الرجل من عمل يديه". أما أبعاده على المستوى الاجتماعي : فان الشغل يُعد وسيلة للتعارف وصرحًا لبناء الصدقات الجديدة ،وفرصة من فرص التكافل الاجتماعي لذا  رأى ابن خلدون :أن للإنسان   مطالب كثيرة .لكن قدراته محدودة  ، فالشغل يولد ظواهر اجتماعية يشعر الفرد من خلالها بأهميته كعضو "فرد" في المجتمع . يقولجان لا كروا:" ليس الشغل علاقة بين الإنسان والطبيعة فحسب ، وإنما هو علاقة بين الإنسان والإنسانية ".    
النقد والمناقشة :حقيقة لا يجب ان ننفي ابعاد الشغل لكن في بعض الأوقات يتحول الشغل عن غايته واهدافه السامية الى اذلال وعبودية من طرف البعض ضد البعض ، وهو ما افرز ما يعرف بالاشتراكية ضد الرأسمالية .
التركيب :مما سبق نستنتج :أن الشغل وان بدا ظاهرة مادية إلا انه تاريخيا قد ارتبط في بادئ الأمر بالجانب البيولوجي  فالغريزي إلى أن وصل بالإنسان إلى مرحلة الوعي أي: عملية التلاحم بين العقل والمادة . لذا قال موني:" يهدف كل عمل إلى أن يصنع في نفس الوقت إنسانا وشيئا". أما الماركسية فترى بأنه وسيلة للتحرر من الطبيعة 
الخاتمة :وفي الخير يمكن القول بان الشغل خاصية إنسانية . فالحيوان يبذل جهدا ولكنه لا يعمل ولا يشتغل، لأنه لا يعي الغايات التي يقوم بالجهد من اجلها لان الشغل ظاهرة مرتبطة بالتفكير والحيوان لا يفكر، كما انه قديما كان عنوانا للعبودية في الفلسفات القديمة "اليونانية والرمانية "وبتأثير الإسلام أصبح مصدرا للتحرر ،ولذا ُطرحت عدت إشكاليات بغرض التوصل إلى طبيعته وتحديد أهدافه . ولعل الإشكالية الأساسية في مقالنا هذا والتي بحثنا من خلالها أبعاد الشغل فكان استنتاجنا حقيقةالشغل تكمن في مختلف أبعاد الإنسان.البيولوجية والاجتماعية والنفسية والأخلاقية .


مقالة فلسفية حول قيمة الشغل
هل من الممكن ان نعتبر الشغل ظاهرة تعبر عن ماهية الانسان ؟.
طرح المشكلة :المقدمة :اذا كان الشغل فاعلية انسانية واعية موجهة لإنتاج اثر نافع ، فان هناك من اعتبره  ضروري  ، لان حياة  المجتمع لا تستقيم الا به . الا ان بعض الفلاسفة اعتبروه عبودية ومهانة للإنسان ، باعتباره عمل والعمل مخول للعبيد . هذا الامر هو مَن دفع بالفلاسفة الى الجدل حول ما اذا كان الشغل ظاهرة تعبر عن قيمة الانسان وماهيته ام انه عمل يدوي لا يعبر عن القيمة الاجتماعية ؟. وبناء على هذا يمكننا ان نتساءل: هل الشغل كقيمة يعبر عن كرامة الانسان؟. ام هو اكراه طبيعي ؟.      
محاولة حل المشكلة :  
الموقف الاول : يرى انصار هذا الموقفان الشغل يعبر عن كرامة الانسان وماهيته، اذ هو فاعلية انسانية موجه لإنتاج اثر نافع ، باعتبار الانسان كائن اجتماعي مندمج في اسرة في مجموعها تشكل مجتمع ، وهذا الاخير لا يمكنه التواصل مع الغير الا من خلال انشطة معينة منها الشغل . فاذا كان الشغل يعبر عن المطالب البيولوجية والنفسية والاقتصادية والاجتماعية والاخلاقية ، فانه يعبر عن جوهر الفرد وبالتالي ماهيته باعتباره كائن القيم يتصف بالانسنة  بالإضافة الى ان الشغل يدفع الى العمل وهو ما يحقق التوازن النفسي للإنسان، كما يعمل على وعي وتطور الفكر، ثم ان كارل ماركس اعتبر الشغل هو من يحول المادة من حالتها الخام غير النافعة الى الحالة النافعة، فاذا كان الشغل مجهود عضلي، فانه القوة التي يسخر بها الانسان الطبيعة لصالحه. فبالشغل تُعرف قيمة الانتاج والانتاجية اي القيمة التبادلية التي تدل على ان  قيمة الانتاج تساوي قيمة الجهد المبذول ، وهو ما عبر عنه ادم سميث .        
فالمجتمعات المتطورة اثبتت وجودها من خلال قيمة ما تنتج  ، ولا ادل من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم :" اليد العليا خير من اليد السفلى" . فالثورة الصناعية ما كان لها ان تقوم لولا فضل الشغل والتصنيع ، ثم ان الشغل يحرر صاحبه ويجعل الغير يعترف به على حد ما جاء به هيجل في جدلية العبد والسيد. يقول ماركس: " ان العمل المثمر يأخذ الاشياء ويبعثها من بين الاموات". وها هو بيار جانيه اعتبر ان الشغل يخرج الانسان من الدائرة الضيقة للحياة ويدخل به في دائرة التواصل مع الافراد.  
النقد والمناقشة : لكن يمكننا ان نلاحظ ان الشغل احيانا يتحول عن غاياته من عمل اثر نافع الى استلاب واستغلال ، وهو ما عرفته النظرية التيلورية ، التي تبحث عن الزيادة في الانتاج باقل التكاليف دون ما مراعاة الى البعد الانساني في ذلك. ثم انه ليس دائما العمل الناتج عن الشغل يعبر عن قيمة فقد يصبح وان يصير اكراه كما عبر عن ذلك ارسطو.
  نقيض القضية الموقف الثاني : يرى انصارهذا الموقف بان الشغل لم يكن ليعبر عن ماهية الانسان بقدر ما يعبر عن اذلاله ، ومن بين الداعين لهذا نجد افلاطون ، اذ التاريخ يثبت ان قدماء اليونان قسموا الشغل الى جهد عضلي واخر فكري ، واذا ما قرانا جمهوريةافلاطون وجدنا ان التقسيم الطبقي دليل على ذلك ، حيث قسم المجتمع الى ثلاثة : طبقة الحكماء وتليها طبقة الجنود ، اما الطبقة الثالثة فهي طبقة العبيد ومهمتها الاشغال اليدوية التي تُعتبر خاصية حيوانية ، ام عند الرمان فلم يكن الشغل اليدوي عندهم سوى مذلة واستعباد ، اما السائد في القرون الوسطى وفي فترة حكم الكنيسة . كان الشغل يُقرن بالخطيئة وبالتالي فهو رمز للشقاء والعذاب الخالد، فالمُذنب عندهم يُعاقب بالأشغال الشاقة والدائمة ، وذلك من اجل التكفير عن الذنب. والشاهد على ذلك . ما عرفته المرحلة الاقطاعية من معاناة واستلاب وحرمان واذلال للعمال ، هذا ولا ننسى المرحلة الرأسمالية البورجوازية المُمجدة لراس المال . حيث اصبح العامل سلعة رخيصة في ايدي اصحاب المال ، بينما عانت المجتمعات من ويلات الاستعمار وعبوديته.        
النقد والمناقشة :لكن الا يمكن ان نُغير من هذه النظرة ، ونجعلها اكثر واقعية بالنسبة لمفهوم الشغل؟. اليس للشغل مزايا من خلالها يصبح الانسان انسانا؟. هل من المقدور ان يرتبط مفهوم الشغل بالعبودية والاذلال ؟ الا يمكن ان يكون ماهية وكرامة ؟. ان هذه النظرة في الحقيقة ما هي الا اجحاف واعتقاد فاسد غذته العادات البالية ، اذ الاسلام اعاد للعقل رشده
وحث عن العمل والشغل، فاذا كان في الماضي عبودية واسترقاق ، فانه في الاسلام عبادة وكرامة.  
  التركيب : " توفيق بين الموقفين" : في الحقيقة يمكننا ان نقول ان الشغل جعل الانسان يعيش الموقفين معا . فهو من ناحية يعمل على اذلال العبد واسترقاقه ، ومن ناحية اخرى يُعد تعبيرا عن الماهية والتحرر، فقديما كانا رمزا للعبودية والهوان . والراي الصحيح نجد ان الاسلام قد اعطى الشغل المكانة اللائقة والقدر الرفيع ، ولا ادل من ذلك قوله تعالى :"وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون" . وبهذا نقول ان الشغل استطاع ان يحقق للإنسان انسانيته ويرفع من مكانته . 
حل المشكلة : الخاتمة :وختاما يمكننا ان نقولبقدر ما نشتغل ونعمل ، بقدر ما نُوجد ونكون.فاذا كان الشغل عبودية عند البعض ، ففي الاسلام كرامة وعزة ،ذلك لكونه يعبر عن قيمة الذات ويدعو الى الحرية ، فبالعمل نحافظ على الانسانية وبدونه لا نكون ، وما سمي  العالم الثالث بهذا الاسم الا لتخاذُله عن العمل وتقاعُسه . وما التقدم الحاصل في العالم الا شاهد ودليل. 


مواضيع ذات صلة
 

مقالة فلسفية: هل الشغل ضرورة بيولوجية فحسب؟
قسم الفلسفة - مقالة رائعة حول الشغل
هل من الممكن ان نعتبر الشغل ظاهرة تعبر عن ماهية الانسان
هل الشغل ضرورة بيولوجية - مقالة فلسفية
مقالة فلسفية حول أبعاد الشغل
مقالة حول الشغل:هل يحقق الشغل ابعاد مادية فقط
مقالات فلسفية لجميع الشعب الثالثة ثانوي

Post a Comment

Previous Post Next Post