تطوّر النبات من مرحلة الجنين حتى يُصبح شتلة أو بادرة:

يمر الجنين في خمس مراحل ليصبح بادرة:
عملية تكوّن الجنين:
يتكوّن الجنين في النباتات الوعائية (vascular plants) خلال ساعات من حدوث التلقيح , أو بعد أول إنقسام للخلية إلى خليّتين متوالدتين (daughter cells) في النباتات المتكاثرة بالبذور. بعدها تنموا الأعضاء الأولية لهذا الجنين - كالجذر, و الأوراق الجنينيّة (الفلقات). و يتشكل أيضا  في هذه المرحلة نسيج يختص بتغذية البذرة في بداية نموّها - يسمى السويداء - وهذا يخص فقط النباتات المتكاثرة بالبذور- أو بطريقة أخرى التي لا تتكاثر بطريقة تعاقب الأجيال. أما نباتات النوع الثاني فلديها طرق مختلفة في تغذية البذرة.

سكون الجنين:
 إن النباتات التي تتكاثر بطريقة تعاقُب الأجيال (كبعض أنواع الطحالب) يحدث فيها عملية إنقسام عدد الكروموزومات عندما تُنتج الأبواغ. أما عند النباتات التي تنتج بذورا (المُزهرة) - تنقصم الخلايا و تنموا في البويضة - بدلا من إنقسامها عند إنتاج الأبواغ. تخضع البذور النامية داخل البوضية إلى فترة سكون أو سُبات في النمو. تستمر عملية نمو البذور أو الأمشاج المندمغة في نباتات الطحالب - و بالتحديد في مرحلة نمو نابتات الأبواغ - إلى حين إنتاج نابتات الأمشاج. و لكن هذا النمو المستمر لا يحصل في النباتات المُزهرة. فيخضع الجنين في بذور هذه الأخيرة لفترة سكون عاجلا بعد نشوء الأعضاء الجنينية داخل البذرة.  خلال الفترة المؤدية لسكون البذرة تتغيّر أشياء كثيرة في البذرة و منها توقّف إنحدار معدّل التنفس, و تتوقف عملية إنقسام الخلايا (cell division), و ينقطع تجمّع المواد المدّخرة في الفلقات و التي تعمل على تغذية البذرة. و خلال فترة السكون هذه يتكوّن غلاف البذرة الذي يلعب دورا هاما في حماية البذرة من التلف من جرّاء الحرارة العالية أو منعها من الجفاف. يلعب الغلاف أيضا دورا في منع البذرة على النمو إذا لم تتوفّر لها الظروف المناسبة للنمو..

الإنبات:
 عند بعض البذور , تكون فترة السكون وجيزة - خاصة عند بذور النباتات القصيرة العمر. تستأنف البذور عملية النمو بعد توفّر البيئة الملائمة: كالحرارة , و توفّر المياه, و الأوكسجين التي تتيح لها إحراق الغذاء وإنتاج الطاقة اللازمة للنمو.

إنقطاع فترة السكون:
لا تنبت البذور , في أنواع كثيرة من النباتات, فورا بعد توفّر الظروف التي تجعلها قادرة على الإنبات. بل تحتاج المسألة إلى ما يقطع فترة السكون و يستأنف عملية النمو, و هذا يعني أنها تحتاج  إلى ما يُحدث تغييرا في غلاف البذرة أو تغييرا في الجنين ذاته. و بما أن فترة السكون لا تمتلكها البذرة بالفطرة - و ذلك لأنها تنموا عند إنتزاع الغلاف - تحتاج البذرة إلى ما ينزع عنها الغلاف أو حتى يحطمه ليسمح بدخول الماء إليها. تعتمد عملية الإنبات (germination) في هذه الحالة على تعفّن الغلاف - عند وضع البذرة تحت التراب.
تمتنع بذور كثيرة عن إستئناف عملية النمو حتى لو كانت جميع الظروف متوافرة. و يعود سبب ذلك إلى طبيعة البذرة, فمن البذور ما تأخذ فترة جهوزها للنمو مدة أطول من بذور أخرى. لذلك نرى أن بعض البذور التي نزرعها في نفس الوقت تسبق بعضها في النمو.
هناك أنواع من البذور التي تتحمّل برودة الشتاء فتبقى في التربة مدّة طويلة. يشترط نمو هذه البذور خضوعها لدرجات حرارة منخفضة ( و لكن فوق الصفر ) أولا, و إلا لن تنمُ أو على الأقل ستتأخر كثيرا لتنموا. أنواع أخرى من البذور لا تنمُ إلا إذا تعرّضت للضوء , بينما تحتاج أنواع أخرى إلى وجود الضوء لينجح نموّها.
إن هذه الدقّة في إستجابة البذور لعوامل خارجية معيّنة لكي تنموا ليس له تفسير, بل لا بد من وجود يد إلاهية تتحكّم بالأمر - سبحان الله.
بعد تمزّق الغلاف و إستئناف البذرة لعملية الإنبات, يقوم الجنين بإمتصاص الماء , و ينتج عن ذلك تمدّد الخلايا. ثم تعلوا نسبة التنفس فورا بعد إمتصاص الماء, و تستئنف التغيّرات الكيميائية ,التي إنقطع عملها في فترة سكون البذرة, عملها من جديد. ترافق هذه الأحداث الحاصلة داخل البذرة تغييرات بنيويّة في اعضاء خلايا الجنين.

إنبثاق البادرة أو الشتلة (seedling):
بعد تمزق غلاف البذرة، وبدء عملية الإنبات، يأخذ جزء الجنين الموجود أسفل الفلقة في النمو داخل التربة. ويُسمى هذا الجزء سويقة جنينية سفلى، وهو الذي ينمو كي يصبح جذرًا أوليًا. والجذور المتكونة تُثبّت البادرة النامية وتمتص الماء والغذاء اللازمين لنموها. أما الجزء العلوي من الجنين فيسمّى سويقة جنينية عليا يُوجد على قمة طرفه العليا برعم صغير يسمى ساقا جنينية. تنمو السويقة العليا، وتدفع الساق الجنينية فوق سطح التربة، ومن ثَمَّ تبدأ الساق الجنينية في إنتاج أوراقها الأولى.
وفي بذور بعض النباتات المُزهرة، تظهر الفلقات على سطح الأرض مع الساق الجنينية، حتى تُكوّن البادرة (النبتة في أوّل نموّها) أوراقا جديدة قادرة على إنتاج الغذاء اللازم. أما الفلقات في النباتات التي تحتوي على فلقة واحدة (نباتات أحادية الفلقة) وفي بعض من ثنائية الفلقة فتبقى تحت الأرض.
تنشط عملية نمو الجنين مع إنبثاق الجذر الرئيسي للبذرة, و السبب الرئيس لنمو البذرة هو تمدد الخلايا.  وهكذا, و بعد إنقسامات عديدة في الخلايا ينشأ أول برعم صغير منبثق من البذرة. يظل البرعم في النباتات المتعاقبة الأجيال معتمدا خلال نموّه على ما منحه إياه النابت البوغي من غذاء حتى يصبح بادرة. أما النباتات المزهرة, تستمد البذرة غذائها من السويداء (endosperm) الموجود في الفلقات أو داخل البذرة.



Post a Comment

Previous Post Next Post