التسعير الجبريAggresive Pricing Policy  :
كثيراً ما تلجأ الحكومات إلى التدخل في تحديد سعر بعض السلع ولا تتركها تتحدد بالتفاعل الحر بين الطلب والعرض. قد يكون هذا التدخل لصالح المستهلكين حين تقوم الحكومة بتحديد حد أقصى لثمن السلعة يكون أقل من ثمن التوازن المحدد في السوق، وخاصة السلع الضرورية، وقد يكون هذا التدخل لصالح منتجي السلعة كما في حالة بعض المنتجات الزراعية التي يمكن أن يتعرض ثمنها إلى الانخفاض بشكل كبير أحيانا، أو لتشجيع المنتجين على التوسع في زراعة بعض المحاصيل لإنتاجها محليا، أو حماية للعمال بوضع حد أدنى للأجور. وتساعدنا نظرية الطلب والعرض وتوازن السوق على معرفة ما يحدث في سوق السلعة في الحالتين:
أ‌-      حالة وضع حد أقصى للثمن Price Ceiling :  في هذه الحالة تتدخل الحكومة ولا تترك السعر يتحدد بالتفاعل الحر بين الطلب والعرض في السوق إنما تضع سعراً أقل من السعر التوازني بحيث يعتبر هذا السعر حداً أقصى للثمن لا يسمح بالبيع عند مستوى أعلى منه. في الرسم يحدد التفاعل بين الطب والعرض كلاً من الثمن التوازني الحر (P*) والكمية التوازنية (Q*).  فإذا تدخلت الحكومة ووضعت تسعيرة للسلعة عند المستوى (P َ) فإنه لن يكون هناك توازن بين الكمية المطلوبة والكمية المعروضة في السوق و إنما يكون هناك فائض طلب غير مشبع حيث تكون الكمية المطلوبة من السلعة أكبر من الكمية المعروضة منها بالمقدار (QS Qd).
وبدون شك فإن وجود فائض في الطلب أو بعبارة أخرى وجود عجز في العرض عن تلبية احتياجات المستهلكين لهذه السلعة التي غالباً ما تكون من السلع الاستهلاكية الضرورية سيعمل على وجود تزاحم شديد للحصول على السلعة مما يدفع الحكومة إلى إتباع أسلوب الحصص أو التوزيع على المستهلكين أو الجمعيات الاستهلاكية وغير ذلك. هذا ونشير هنا إلى أن هذا الوضع سيتسبب في نشأة ما يعرف باسم "السوق السوداء"Black Market وهي سوق غير قانونية يتم فيها بيع وشراء كميات من السلعة بسعر أعلى من السعر القانوني الذي حددته الحكومة، ويتعرض المتعاملون في هذه السوق للعقوبة لمخالفتهم القانون.
ولتجنب نشأة السوق السوداء والمحافظة على السعر القانوني الذي حددته الحكومة تتخذ الحكومة عادة إجراءات أخرى مثل منح إعانة لمنتجي السلعة مما يؤدي إلى زيادة عرضها وإنتقال منحنى العرض إلى جهة اليمين، فيتحدد وضع توازني جديد في السوق هو نفسه الثمن القانوني المحدد من قبل الحكومة.
ب‌-حالة وضع حد أدنى للثمنPrice Floor :
قد تقرر الحكومة في بعض الأحيان التدخل لتحديد سعراً للسلعة أعلى من السعر التوازني الحر المتحدد في السوق بالتفاعل بين الطلب و العرض بحيث يعتبر هذا السعر حداً أدنى للثمن لا يجوز البيع بأقل منه. ويحدث ذلك غالباً في حالة المحاصيل الزراعية التي يتدهور سعرها أحياناً في السوق مما يعرض المزارعين لانخفاض دخلهم بشكل كبير، وكذلك في حالة رغبة الحكومة في دعم طبقات عمالية معينة ورفع مستوى أجورهم المتدنية بوضع حد أدنى للأجر (في سوق العمل).
يتبين لنا من الرسم أن الثمن التوازني الحر في السـوق هو (P*) والكمية التوازنية هي (Q*). وعند تدخل الحكومة بوضع حد أدنى للثمن وتحديدها تسعيرة قانونية أعلى من ثمن التوازن (P َ) ينشأ لدينا فائض في العرض حيث تكون الكمية المعروضة من السلعة أكبر من الكمية المطلوبة (Qd QS).
في هذه الحالة لن يكون هناك توزيع للسلعة أو سوق سوداء إنما سيحاول المنتجون تصريف الفائض من بضاعتهم خلسة وبيعها بثمن أقل من الثمن القانوني. وفيما يخص سوق العمل فإن سياسة وضع حد أدنى للأجور سيترتب عليها وجود بطالة بين العمال الأمر الذي يضطر البعض منهم لقبول العمل بأجر أقل من ذلك المحدد قانوناً، أو ترك عملهم والالتحاق بأعمال أخرى لا تطبق فيها هذه السياسة. ويمكن للحكومة في هذه الحالة أن تتخذ إجراء آخر لصالح منتجي السلعة والمتمثل في قيامها بشراء هذا الفائض من المنتجين فيما يتعلق بالمنتجات المدعمة سعرياً، أما فيما يتعلق بسوق العمل فإن الحكومة قد تلجأ إلى تقديم برامج تدريبية للعمال تعمل على زيادة الطلب عليهم أو تسمح بهجرة العمالة للخارج ليقل المعروض منها.

Post a Comment

Previous Post Next Post