خصائص الحداثة الشعرية
الحداثة الشعرية

لمراجعة معالم تشكّل الموقف النقدي عند نزار قباني، أجد من الضروري أن أقف عند خصائص الحداثة الشعرية النزارية التي أعتقد أنها اختلفت عن الحداثة الشعرية بخلفياتها النظرية ومرجعياتها الغربية عند أدونيس ومن سار في فلكه. فما إن استقرت القصيدة العربية الحديثة على تبني قالب النظام التفعيلي في مرحلة أولى ثم قالب قصيدة النثر في مرحلة ثانية حتى ظهر اتجاهان أساسيان على المشهد الشعري العربي الحديث والمعاصر. تمثل الاتجاه الأول في ما يعرف بقصيدة الرؤيا التي تتحد مع التجربة الشعرية، والتي مثلتها جماعة شعر، أمثال أنسي الحاج، ويوسف الخال، وأدونيس، ثم جاءت تجربة محمد الماغوط في قصيدة النثر حيث أسّس لمعالم كتابة أفقية تنطلق من واقع التجربة الذاتية لتتفرد بالأنموذج الشكلاني لمرحلة طويلة، أما الاتجاه الثاني فيربط بين النص/القصيدة والمرجعيات الاجتماعية والقومية والتيارات الأيديولوجية الفاعلة على الساحة، وهو الاتجاه الذي نادى بكتابة ما سماه بالقصيدة الملتزمة، وقد نشط الشعراء الملتزمون إلى غاية الثمانينات من القرن الماضي خاصة في سوريا ومصر والعراق أمثال، البياتي، وصلاح عبد الصبور، وأحمد عبد المعطي حجازي، وأمل دنقل وغيرهم.
       وبين الاتجاه الأول الذي مَثَََّلَ الحداثة بمفهوماتها الرؤيوية والاتجاه الثاني الذي مثّل الحداثة بآليات ثورية تقدمية، مثّل نزار قباني نوعًا جديدًا من الحداثة الشعرية، يمكن أن يدرج ضمن خانة الحداثة المضادة، فإذا"كانت قصيدة الرؤيا تؤكد التجربة الفردية ذات البعد الإنساني بالمعنى الأنطولوجي للصفة، وإذا كانت قصيدة الرؤية قد ظلت تعتبر النص في خدمة المعركة شعارها المفضل، فإن نزار قباني بات يحمل صفة الشاعر المخملي الذي يُنعت من طرف شعراء قصيدة الرؤيا ونقادها بأنه شاعر الجماهير الغوغاء، وينعته شعراء الالتزام بأنه شاعر البرجوازية المتخنة بالغرائز الشهوانية، والنتيجة أن نزارًا نال عداء الاتجاهين، وبات يمثل بمفرده صوتا شعريا متميزاً"(1). من هنا أضحت حداثة نزار الشعرية حداثة لا تستمع كثيرا إلى ذلك الصخب النظري والدعوات الحداثية التي سادت في النصف الثاني من القرن الماضي، والتي كانت على علاقة مباشرة بالمنظومة الفكرية التي ظلت تشتغل ضمنها الرؤيا الحداثية من خلال العمل الدائم على تفكيك العلاقات الإنسانية داخل النصوص، وفقا للتجربة الشعرية عند الشاعر الحداثي من جهة وضمن برنامج تحطيم الأنساق السابقة وإعادة بناء أنساق جديدة من دون الخروج عن فضاء المنظومة الفكرية الحداثية ذات الروافد الإليوتية الغربية من جهة أخرى.
وقد عمل نزار خلال مساره الشعري على تجنّب الاشتغال ضمن مسار الأنساق الكبرى للحداثة(نسق الرؤيا/نسق الرؤية) وهو ما جعل النقد الحداثي يصنف الشاعر (نزار) في كثير من المناسبات خارج النسقين معا، ولهذا نقول إن نزار كان ذا أفق حداثي مضادٍ للحداثتين معا، استطاع أن يؤسس مساره الحداثي المضاد وأن يوّرط الحداثات الأخرى ويضعها في مأزق وضحّه الدكتور نجيب العوفي*حيث يقول :"... أعتقد أن نزار كشاعر حداثي يورّط الحداثة والحداثات والحداثيين ويضع الجميع في مأزق. فعل كثرة كثيرة من الشعراء العرب على توالي العقود الزمنية الشعرية، تعاملوا مع الشعر والحداثة الشعرية بنوايا مسبقة وبمرجعيات وخلفيات مستحضرة سلفا، فكان هناك مشروع نظري وجملة مبادئ نظرية هي التي تؤهل للدخول في حمّى الحداثة، ثم يجهد الشاعر نفسه من أجل أن يصوغ نصوصا على مقاس تلك المشاريع والمبادئ الأولية الموضوعة سلفا.هذا في تصوري، هو الذي أجهز على كثير من النصوص الشعرية المحسوبة على الحداثة، وخنق فيها بعض مكامن الحيوية والحرارة، وهو ما انتبه إليه نزار قباني بطريقة عفوية وتلقائية، ولكنها طريقة معزّزة كذلك بثقافة أدبية ولغوية وتاريخية رفيعة، فحرّر تجربته الشعرية من كثير من المسوح الثقافية والأقماط المعرفية والطقوس الاستعارية والمجازية، لهذا كانت نصوص نزار الشعرية عارية وتلقائية، وتدخل في إطار ما سماه بعض النقاد بالسهل الممتنع "( 2). لهذا كثيرا ما رفض نزار تحديد مفهوم دقيق للحداثة لأنه يعلم أن التنظير للأفق الشعري سوف يبعد مسار الشعر عن الذوق العربي العام، ويجعل من القصيدة ثرثرة أيديولوجية عقيمة، فهو لا يؤمن بالحداثة ضمن منظومة فكرية معينة وإنما يتطلع دائما نحو الحداثة الشعبية لا الحداثة النخبوية، لأن الحداثة الشعبية "يمكنها أن تخترق وتتواصل مع الناس وتصبح جزءا من الفلكلور الشعبي، مارسيل خليفة وزياد الرحباني يمثلان الحداثة التي وجدت مفتاحها الشعبي، واكتشفت المعادلة التي تجمع الخاص والعام والانتلجنسيا "الدراويش"... هذا على الصعيد الموسيقي، أما على صعيد الشعر، فإن محمود درويش و مظفّر النواب يمثلان الحداثة الشعرية التي وجدت مفتاحها الشعبي.محمود درويش استطاع بموهبته الفذة أن يخترق جدار الجماهير، ويزرع الثورة الفلسطينية في كل بيت من الخليج إلى المحيط. ومظفّر النواب استطاع هو الآخر أن يكتشف مفتاح الحزن العربي ويقرع أجراس الثورة والغضب في ليل المدن العربية النائمة. إذن الحق ليس على الحداثة وإنما على المحدثين، الحداثة التي تستحق اسمها تستطيع أن تضيء، أن تشعل دم الجماهير ، أنّ تحرّضها..."( 3).
       وأعتقد أن هذا الموقف عند نزار هو الذي جعل آلة الخطاب النقدي النخبوي الحداثي في الستينيات والسبعينيات تعمل جاهدة على إقصاء الدور الريادي الذي لعبة نزار قباني في الشعرية العربية الحداثية من منظور الانتيليجنسيا، خاصة وأن سلطة النص الشعري المتضمنة للموقف من الواقع الاجتماعي والفكري والسياسي كثيرًا ما تستمدُ من جملة علاقاتها بالخطاب النقدي الموجَّه بجملة من الروافد الفكرية والأيديولوجية المرحلية. ثم إن نزارا لم يكن يكتب - في تقديري- ضمن فضاءات الحداثة الخاضعة للإبدالات والأنساق المكرّسة لواجهة الحداثة، وهذا ما ذهب إليه الدكتور حسن مخافي*حين اعتبر أن "النقد الأكاديمي يخضع في العموم لمجموعة من المعايير، فهو نقدٌ عالِمٌ لأنه يستجيب للنظرية النقدية أكثر مما يستجيب لحاجيات النص. ولذلك فإننا بحاجة في العالم العربي إلى نقد تحليلي لا يبحث في تجليات المفاهيم النقدية في النص الشعري، بل عن تجليات هذا النص في المفاهيم النقدية.فإذا أعطينا الأولوية للنص وحاولنا على الأقل أن نوفق بين ما تعلمناه من مفاهيم ومناهج هي في مجملها غربية، وبين النص الشعري العربي الحديث الذي يتميز بخصوصيته المحمّلة بثقافة وتاريخ خاصّين، فإننا لن نقصي أي شاعر عن البحث الأكاديمي، وعن النقد بصفة عامة، فاعتماد النقد العربي على المناهج والمفاهيم المتصلبة والمتخشبة جعله نقدا معياريا"( 4). ويفهم من هذا أن مواقف نزار قباني من أنساق الحداثة العربية في الستينيات والسبعينيات هي التي جعلت مثل هذا النقد المعياري الموجّه يختار مواضيعه بعناية، ويقصي نزار قباني من مدار الحداثة، وقد عبّر الشاعر عن هذا الصدام قائلا:"...صدامي مع الدارويش مستمر .. دراويش الأمس انقرضوا ..أما دراويش اليوم فهم يلبسون الملابس التقدمية، ويرفعون كذبا لافتات اليسار، ويستعملون تعابير الحداثة والتجاوز والواقعية الاشتراكية...هؤلاء الدراويش سينقرضون أيضا...لأنهم حركة ضد العقل وضد المدارك وضد طبيبعة الأشياء وضد أنفسهم، إنهم منعزلون تماما عن العالم الخارجي، وسابحون في منطقة انعدام التوازن ويتكلمون كأهل الكهف، لغة لا يفهمها أحد، ولأنهم محاصرون وفي حالة استلاب كامل لأن عملتهم الشعرية غير صالحة للتداول، فإنهم يطلقون النار على الشمس   لأن الشمس هي فضيحتهم"( 5).
فإذا عدنا إلى مرحلة المد الحداثي في الشعرية العربية في الستينيات والسبعينيات ندرك أن النقد الأكاديمي قد تعامل مع التجربة النزارية الحداثية  بكل تحفظ واحتراز لأن أسماء أخرى أمثال السياب وعبد الصبور، وأدونيس، و الخال و غيرهم قد طبّقت توصيات النقد المنهجي والأكاديمي وخضعت لسلطته بامتياز، بالإضافة إلى أن هذا النقد ذاته قد ارتبط على مدى عقود بقناعات خطاب أيديولوجي وفكري موجّه. لهذا يصرّح نزار بأن"النقد العربي، أو غالبيته هو إفراز قبلي مرتبط بالغريزة والانفعال، أكثر مما هو مرتبط بالبصر والبصيرة، النقد بصورة عامة في العالم العربي مذبحة ككل المذابح السياسية والطائفية يستعمل فيها أخطر أنواع الأسلحة...لا أريد أن يتصور أحد أننا مع الثبات ولكننا لسنا مع التسيّب والانفكاك التام عن كل شيء بحجة التخطي والتجاوز. إن الحداثة لا تعني أبدًا أن نرمي كل ملابسنا في البحر، ونبقى عراة، إنما الحداثة أن تكتشف دائما طريقة جديدة للسباحة في بحار جديدة"( 6).

وبناءعلى الموقف السابق لنزار يقرّ الدكتور نجيب العوفي  الأسبقية الزمنية والإجرائية للكتابة الحداثية المتضمنة الموقف الحداثي من الواقع والمجتمع عند نزار قباني، لأنه "نادرا ما كان يُلتفتُ إلى التجربة الريادية لنزار قباني، وذلك نظرا إلى نمط الاستعمال والتوظيف الشعري اللغوي الذي كان يتّبعه نزار في هذه المرحلة. فمثلا إذا كان شاعر كالسياب قد حاول أن يحقق للقصيدة العربية الحديثة أرضية جديدة يُدخل فيها أغراسا متعدّدة، و يطعّمها بمرجعيات عربية وتُراثية وغربية وأسطورية، فإن مزية نزار قباني في هذا المجال وبادرته الأولى في هذا المشهد التحديثي، تكمنان في محاولته تحرير اللغة الشعرية من طقوسها الكلاسيكية القديمة، وضخ دماء جديدة في المعجم الشعري، وتوظيف هذا الشعر لأجل اختراق بواباتٍ كانت موصدة من قبل"( 7)، ويمكن الوقوف على كلام العوفي بمجرد مراجعة أول ديوان شعري لنزار في الأربعينيات والموسوم بـ"قالت لي السمراء، دمشق 1944م"، والذي أثار إشكالات ثقافية واجتماعية داخل الوطن العربي، خاصة عندما تصدى له الشيخ علي الطنطاوي في عدد شهر مارس 1946م من مجلة الرسالة القاهرية، حين كتب قائلا: "طبع في دمشق كتاب صغير زاهي الغلاف ناعمه، ملفوف بالورق الشفاف الذي تلفّ به علب الشكولاته في الأعراس، معقود عليه شريط أحمر كالذي أوجب الفرنسيون أول العهد باحتلالهم الشام، فيه كلام مطبوع على صفة الشعر، فيه أشطار طولها واحد إذا قستها بالسنتمترات...يشتمل على وصف ما يكون بين الفاسق والقارح والبغي المتمرسة الوقحة وصفا واقعيا، لا خيال فيه، لأن صاحبه ليس بالأديب واسع الخيال "( 8).
والواضح أن نقد الشيخ الطنطاوي للديوان - بعد قراءته طبعا- كان يرتكز على النقاط الآتية:
-       تجاوز نزار السائد المبتذل، وتطلّعه نحو الممكن .
-       فرادة الديوان اللغوية والتطلّع نحو الشكل الجديد .
-       إعادة قراءة التاريخ، وولوج المحظور فيه .
وقد أقرّ الطنطاوي بهذا حين قال: "في الكتاب مع ذلك تجديد في بحور العروض يختلط فيه البحر البسيط، والبحر الأبيض المتوسط، وتجديد في قواعد النحو لأن الناس قد ملّوا رفع الفاعل ونصب المفعول، ومضى عليهم ثلاثة آلاف سنة وهم يقيمون عليه، فلم يكن بدٌ من هذا التجديد.."(9).
ويؤكد الدكتور نجيب العوفي أن الاشكالات التي خلفها ديوان نزار الأول(قالت لي السمراء)ما هو إلا دليل قاطع على الثورة الشعرية الحداثية التي خلقها في القصيدة العربية في فترة زمنية(1944)لم تكن النصوص الشعرية المحسوبة على الحداثة العربية قد كتبت بعد، وهذا ما يفسر ظهور ملامح المشروع الحداثي النزاري الذي حصره في نقطتين أساسيتين هما: "اقتحام نزار للمحظور أو الممنوع والمسكوت عنه داخل الوجدان العربي؛فقد اتخذ المرأة محورًا وموضوعا لشعره بطريقة حديثة ومغايرة للأساليب والرؤى والأنماط التي تعامل بها الشعراء السابقون قليلا لنزار قباني، والذين كانوا يحيطون به زمنيا، فقد اخترق جسد المرأة اختراقا جريئا، وأدخل شيمة الجنس بطريقة صريحة، لقد حقق أولا هذا الاهتمام الجريء في الأربعينيات، وبداية تململ ونشوء جيل جديد من الشبيبة خاصة في منطقة  الشام (لبنان، سوريا) إضافة إلى نشوء وسط جامعي وهو الأمر الذي أدى بالتدرج إلى نوع من القطيعة مع أجيال سابقة.
والعامل الثاني الذي يضع أيدينا على مفاصل الحداثة عند نزار قباني هو خلخلته لبنية النص الشعري التي كانت سائدة في تلك الفترة فقد وظّف لأول مرة لغة شعرية لم تكن تحتل أدنى مكانة بالنسبة إلى النص الشعري السابق، أعني لغة الشارع، واللافت للنظر أنه في تجديده وتطويره للمعجم الشعري اللغوي، لم يكن يستبقي تلك الكلمات على حالها، بل كان يعيد إنتاجها شعريا بإدخال كلمات ومفردات اجتماعية متداولة عامية ودارجة على النسيج الشعري، ويجعل منها مفردات شعرية، وهنا يكمن الدور الهام الذي قام به نزار قباني على صعيد تجديد اللغة الشعرية."( 10)
ويؤكد الدكتور صلاح فضل الفكرة السابقة عند العوفي، حيث اعتبر أن الحسّية التي التمسها عند نزار قباني في كتاباته ومواقفه هي امتداد لتلك اليقظة الرومانسية ودعوة للاعتراف بالجسد الإنساني كآلية من آليات الوعي في القرن العشرين، وقد تمظهر المشروع الحداثي لهذه الكتابة من الناحية الأسلوبية تمظهرا وظيفيا ارتبط "بمدى قدرتها على التعبير عن روح العصر الجديد وتحديث الحساسية الجمالية له، ومواجهة المحرمات المتراكمة فيه. فهي بذلك تجربة ثورية إنسانية إلى حدّ كبير تقاوم الحسّ الخلقي المزدوج بين السّر والعلانية في عالمنا العربي، لتضفي عليه قدرًا من التماسك والانسجام، وتعدّ استجابة متفاعلة لموجة المواجهة الواقعية للمتغيرات الجديدة في الحياة والفنون ..."( 11)
لهذا كثيرا ما رفض نزار النخبوية الحداثية التي ظلت تبتعد عن الاختلاط بالمواطن العربي، من خلال كتابات تتعالى فيها عن قصد على الجمهور العربي يقول:
"يصعب أن أتصور شعرًا عربيًا حديثًا لا يخاطب أحدًا ... ولا يقنع أحدًا..ولا يعبر عن أفراح ولا عن أحزان أحد. إن صوت الشاعر لابد أن يصطدم بجدار بشري ما..يثبت أنه حي..أما الصوت الذي لا يصطدم بشيء، فهو ليس سوى حشرجة لغوية لا صدى لها. إن مشكلة الحداثيين أنهم لم يكتبوا رسالة حب واحدة لأي مواطن عربي، فكيف يريدون من الشعب أن يحبهم إذا كانوا يجهلون أدب المراسلة ؟"( 12)
وبناء على هذا ذهب نزار قباني إلى درجة تحديد شروط الحداثة في الشعر انطلاقا من ضرورة مراجعة التراث مراجعة واعية ومسؤولة، لنستفيد منه بدل الحكم عليه بالموت والاندثار، يقول: "خطأ كبير أن نتصور أن الحديث لكي يكون حديثا لابد له من ارتكاب جريمة قتل ضد السابق له زمنيا، فمثل هذا التصوّر سيجعل التاريخ مقبرة أو مذبحة لا ينجو منها في النهاية أحد. إن الحداثة طابور طويل جدًا يقف فيه الشعراء في أمكنتهم التي يحدّدها التاريخ، والشاعر العظيم لا يأتي من العدم ولا من المصادفة، فالمصادفات قد تحدث على طاولة القمار، ولكنها لا تحدث في الشعر، وليس الشاعر هو الذي يقرّر أنه عظيم أو حديث أو خطير، فعظمة الشاعر أو حداثته أو خطورته يقرّرها الوجدان العام، وتحكم فيها محكمة شعبية لا تقبل الرشوة، ولا الابتزاز، هذه المحكمة الشعرية الشعبية هي وحدها التي تستطيع أن تأخذ الشاعر إلى المجد أو تأخذه إلى السجن، وعلى هذا الأساس فإن تسعين بالمائة من شعراء الحداثة سيذهبون إلى السجن"( 13).
ويؤكد نزار في مناسبات عديدة على ضرورة ربط التجربة الشعرية الحداثية بالتراث ربطا فكريا إجرائيا مباشرا، ينسجم مع روح التراث من خلال إدراك الوعي الجمالي والثقافي والفكري فيه، وليس اجتراره والعمل على تمثّله في الشكل والمضمون يقول: "كلّ الولادات الشعرية الحديثة تمت نتيجة عملية قيصرية، ما من شاعر ولد ولادة طبيعية وخرج من بطن التراث، الطفل الشرعي هو الذي يتغذى من أم يعرفها وينتسب إلى أبويين معروفين ويحمل مكونات التراث، ثم يترعرع في بيئته ككل الأطفال الطبيعيين...من قال إنني أكتب القصيدة وحدي؟ أشعر بأن عشرة آلاف شاعر يكتبونها معي، من طرفة إلى الحطيئة إلى أبى تمام إلى المتنبي وشوقي... الشاعر الذي ينسجم مع روح التراث ويتمثله يتجه رأسا إلى وجدان القارئ العربي. أما الشاعر الذي يعتمد على الصراعات والبدع المستوردة فإنه يسمّم الجمهور...هذا الشعر يرفضه القراء"( 14).
ويرفض نزار أن تكون التجربة الثقافية وحدها سبيل الشعر وأن قراءة الآثار الغربية واحتواءها ومحاكاتها شعريا يقود الشاعر إلى دخول عالم الحداثة الشعرية، فالتجربة الثقافية العربية تختلف كثيرا عن التجربة الثقافية الغربية، ورغم اطلاعنا عليها(الغربية)نبقى دائما في حاجة إلى احتواء تجاربنا الفكرية والإبداعية المشرقة عبر التاريخ، "إن مجموع التراث من الحلاج والمتنبي والمعري، يشكل نهرًا له ضفاف، الفكر العربي له ملامح، والشعر العربي له ملامح، ما نقرأه مما يسمى بشعر السبعينيات، ماذا يقول؟فهو لا يستقي من مياه التاريخ ولا هو انعكاس لهموم الحاضر.أما المستقبلية التي يدّعيها :فما دام هو فوضى فكيف سينشئ مستقبلا؟".( 15)
ويفهم من المواقف السابقة المشكّلة للحداثة النزارية المضادة، أن نزار لا يرفض التراث ولا يدعو إليه في الوقت ذاته، كما أنه لا  يرفض التجارب الثقافية الغربية، ولا يدعو إليها أيضا، وإنما يدعو إلى ضرورة ولوج عوالم الكتابة انطلاقا من تحديث الذات المبدعة أولاً، ولا يستقيم هذا في الفكر النزاري إلاّ بتمثل هذه الذات وربطها بالتجربة الثقافية عبر مراجعات واعية للتراث ثم الانطلاق نحو المصاهرة الثقافية الغربية التي لا تعني بالضرورة الانكفاء عن تحقيق الأنا المبدعة، والتماهي أمام الآخر الغربي، وتمثل آلياته الإبداعية في الشكل والمضمون. من هنا رفض نزار نمط الحداثة الاستعراضية التي فرضت على الذوق العام جراء المحاكاة والتنميط واجترار التجارب الفكرية والثقافية لدى الآخر الغربي يقول: "إن الاستعراضية ليست همََا من همومي، وليس يعنيني مطلقا في زحمة من يلهثون للحصول على بركة الحداثة، أن أكون أحد اللاهثين.هناك من يشتغلون على الحداثة ولا يتكلمون وهناك من لا يشتغلون على الحداثة ويعقدون مؤتمرا صحفيا يقولون فيه إنهم كانوا يتعشّون مع نازك الملائكة عندما كانت تكتب قصيدة الكوليرا...كل ذلك أورده لأقول أن مدّعي الحداثة كثيرون، حتى صارت الحداثة كما سبق لي وذكرت، إشاعة نسمع عنها ولا نراها... أريدك أن تقول لي ما هي؟ ما هي    مرتكزاتها ؟ ما هي مواصفاتها؟ ما هي خصائصها؟...لا أريد تعريفا لها في المطلق، أريد نموذجا علمانيا. أريد نصا حداثويا يستطيع أن يتفاعل مع الذوق العربي العام، ويثير الدهشة، ويغطي هموم الناس في هذا الوطن على صعيد الثرثرة الأيديولوجية ومزايدات المقاهي الثقافية، هناك كلام كثير عن الحداثة ولكن ميدانيا وعلى الأرض...(ما في حدا.. لا تندهي ما في حدا...)كما تقول مطربتنا فيروز..."( 16).
وأصل إلى القول بأن نزار قباني قد استطاع في قراءته لإشكالية الحداثة على الساحة العربية أن يخلق في كتاباته الشعرية على مسار خمسين سنة من العطاء نوعا من التطابق الذكي بين وعي الحداثة الغربية كرؤيا وتشكيل لا يمكن تجنبه في بناء التجربة الشعرية ووعي الموروث العربي، وقراءة الواقع الاجتماعي والسياسي قراءة موضوعية. ومن خلال هذا الوعي المزدوج رسم نزار قباني أسئلة حداثته المضادة التي احتوت مواقفه من الكتابة والتشكيل الشعري، ومن الواقع المعيش بكل تمظهراته وهذا ما يبرّر الوصلة الاجتماعية والسياسية في شعره وفي نثره على السواء. والتي تشكلت في ملمح أساسي من ملامح الحداثة المضادة عند نزار هو ملمح المرأة، وهنا"تكمن شجاعة نزار، إذ لم يكن يحفل بجبروت  السلطة النقدية، بل راح يشتغل من خلال ثيمة رهيبة تسكننا جميعا، فالشعراء العرب المحدثون كانوا كلهم يحسون بعمق هذه المأساة، فلم يكن يُسمح لهم بأن يتغزّلوا بالمرأة كامرأة باعتبار أن هناك إرهابا نقديا وفكريا يسكنهم من الخارج. ولذلك كانت المرأة تحضر بتلاوين وأشكال مختلفة فهي تارة رمزٌ للوطن وتارة رمز لقضية قومية. وهذا يمثل نوعا من الكبت الباطني الذي يعانيه الشعراء العرب الحديثون دون استثناء من السياب وصلاح عبد الصبور والبياتي إلى محمود درويش، هنا كان نزار قباني شاعرا حداثيا حتى النخاع، إذ لم يكن يعبأ بهذه الأنساق، واشتغل بوضوح وبعمق في ثيمة كان يتخوف منها الكثيرون.لهذا نجد في الفترة الأخيرة العديد من شعراء ما بعد الحداثة يشتغلون ضمن الرؤية الإيروتيكية للمرأة، وكأننا بهؤلاء الشعراء قد فطنوا إلى أن الشعر العربي قد ضيّع زمنا تجاهل فيه الأجساد وتلك اللغة الجميلة التي سبق أن ابتدعتها عبقرية نزار قباني الشعرية والفنية "( 17).
وفي تقديري أن الثقافة العربية وهي في فوضى الحداثة الشعرية وتعميماتها في مرحلة الستينيات والسبعينيات لم تستطع أن تدرك ملمح الحداثة المضادة عند نزار قباني

حين قرّر الكتابة عن المرأة بعيدًا عن هذيان التجريد وفوضى ألغازه، لأنها ظلّت تحت وطأة الأنساق النقدية الأكاديمية التي تعتبر الكتابة عن المرأة كتابة من الدرجة الثانية، يقول نزار: "يسألون لماذا أكتب عن المرأة؟ وأجيب بمنتهى البراءة والبساطة: ولماذا لا أكتب عنها؟ هل هناك خارطة مرسومة تحدّد للشاعر المناطق التي يسمح له بدخولها. والمناطق المحظورة التي لا يستطيع دخولها... وإذا كان هناك خارطة من هذا النوع فمن هو الذي رسمها؟ هل هم ذكور القبيلة الذين يعتبرون الأنثى عارهم في الليل وذلّهم في النهار؟ إذا كان الأمر كذلك.. فأنا مستقيلٌ من قبيلتي ورافض لكل موروثاتها، وأنا حين أرفض فكر قبيلتي ومواقفها الأرثوذكسية من المرأة، فلأني لا أومن أصلا بمماليك تعتبر الأنوثة عارًا والنساء مواطنات من الدرجة الثانية."( 18)
وقد دعا نزار قباني بعد إدراك قضية المرأة كملمح من ملامح الحداثة المضادة، إلى تفعيل آليات الرفض الاجتماعي رغبة في التغيير والتجاوز والخلق، وتجسيد هذا في مواقفه النثرية أو الشعرية على حد سواء، حيث أضحت حداثة نزار المضادة"حداثة مجنونة، حداثة مشردة تبحث عن حب يكشف سرًا من أسرار وجودنا وفكرنا، إنها تاريخنا، إنها روحنا وما يهدد روحنا، إنها المختلف في أوضاع الحداثة المتشابهة، إنها بحث دائم لدفع هذا الضغط الذي يمارس لتقنين سلطانها على أحلامنا، لقد خلق نزار قباني صدعًا على مستوى العلاقة بين الذات والقوانين الاجتماعية والأخلاقية والسياسية، فإن رسمت نماذج أدونيس وأنسي الحاج والسياب وعبد الوهاب البياتي في الخمسينيات قوانين التضاد والاختلاف والصراع والصدمة على المستوى السياسي فإن نزار قباني حقّق بشكل عنيف الصدمة الاجتماعية في المجتمع العربي في تلك الحقبة، لقد خلق وظيفة إشكالية مباشرة أمام الثقافة الاجتماعية، وقد زعزع مفهوم التقنين العاطفي الذي مارسه وعي مجتمع بالكامل وذلك من خلال مساءلته"( 19). ويمكن الوقوف على الموقف الإجرائي من هذه الصدمة الاجتماعية في حداثة نزار فيما يأتي:
أ – الثورة على النظام الهرمي والسلطوي داخل بنية المجتمع العربي :حيث لاحظ نزار أن تغيير مسار المجتمع يبدأ من تغيير نظام الأسرة، لأن نظام العائلة في المجتمع العربي هو"نظام هرمي يقوم على السلطة والعنف ويحتل الأب فيه المركز الرئيسي والأول"(2)،  وفي ظل هذا التسلط الأبوسي المتوارث نجد أن المرأة هي أكثر أفراد العائلة والمجتمع اضطهادا، "لا أبالغ في قولي أنه من المفجع أن يولد الإنسان أنثى في مجتمعنا، إنني لا أعرف مجتمعا في العالم -حتى المجتمعات البدائية- وضع الأنثى فيه مثل وضعها في المجتمع العربي. ومهما حاولت إخفاء هذا الواقع أو تبريره فالحقيقة بارزة أمامنا وهي تصفعنا كل يوم"( 20). من هنا حرّر نزار موقفا حداثيا مضادا من واقع المرأة، حيث ربط الحركية الإبداعية  الحداثية بحرية المرأة وحداثتها أيضا، يقول: "في مجتمع كهذا، يصبح شاعر الحب مواطنا خارجا عن القانون، وتصبح القصائد التي تتناول العلاقات الحميمية بين الرجل والمرأة فضيحة علنية، لقد كنت أعرف سلفا رأي منذ بدأت أشتغل بهذه المادة المتفجرة التي هي شعر الحب، أن أصابعي ستحترق، وأن ثيابي ستحترق وأنني سأطرد خارج المدن التي تمضغ كالجمل الصحراوي العطش والملح وأشواك الصبار... لقد كان الالتحام مع المجتمع يضع الحبَّ في قائمة المحرمات والممنوعات أمرًا حتميا. والذي زاد من ضراوة الالتحام أنني ظهرت على الورق بوجهي الطبيعي ولم ألجأ إلى الأصباغ والمساحيق ... إن شعراء الغزل الحسّي في أوروبا لا يخوضون حربا صليبية مع مجتمعهم كما يخوضها الكتّاب العرب والسبب هو أن نظرة مجتمعاتهم إلى الحب والجنس أخذت حجمها الطبيعي، ولم تعد ورما سرطانيا كما هي الحال عندنا... إن شاعر الحب في بلادنا يقاتل فوق أرض وعرة وفي مناخ عدائي رديء جدًا، ويغنّي في غابة يسكنها الأشباح والعفاريت"( 21)، وقد فصّل نزار قباني في هذا الموقف في الكتاب الواحد والثلاثين ضمن أعماله النثرية الكاملة (ج7) الذي حمل عنوان: "المرأة في شعري وحياتي". ولا يختلف الموقف النثري عند نزار من ملمح المرأة ضمن الحداثة المضادة عن الموقف الشعري فكل كتاباته عن المرأة تعكس بوضوح الخلفية الفكرية والثقافية والحضارية التي تعامل بها نزار مع عالم المرأة، فنقرأ له دعوات للثورة والتحرر والانعتاق من سلطة الآخر ومن هرمية المجتمع يقول:
ثوري ! ...أحبك أن تثوري ..
ثوري على شرق السبايا والتكايا والبخور
ثوري على التاريخ، وانتصري على الوهم الكبير
لا ترهبي أحدًا فإن الشمس مقبرة النسور
ثوري على شرق يراك وليمة فوق السرير (22)

ب – مراجعة الموروث الخامل تفعيله
راجع نزار في الملمح الثاني من ملامح الحداثة المضادة قضية التراث، وبالرغم من أن نزارا لم يرفض التراث ولم يدع إلى هدمه وتجاوزه أو استبداله، فإنه يدعو في الكثير من مواقفه وفي كتبه النثرية إلي ضرورة مراجعة التراث وتفعيله، انطلاقا من إخضاعه لنقد إجرائي بناء وموضوعي. فقد أدرك أن المجتمع العربي هو مجتمع تسيطر عليه ذهنية الماضي وتحبس عنه كل أشكال التلاقي والتطور والانفتاح على أشكال في الحياة والتعبير والكتابة، وتقيده بأنماط فكرية وتشكيلية لم يشارك هو في إبداعها يقول نزار: "أنا شاعر أريد أن أغيّر وحين أواجه عصرًا لا يريد أن يتغيّر أصطدم، لأن الشعر سلوك صدامي، إن القناعات القديمة عبارة عن أوثان وأنا أريد أن أحطم الأوثان"( 23)، وقد نعت نزار الأدباء الإرثيين بالأدباء المستريحين، لأنهم لم يستطيعوا أن يفعّلوا الخامل من التراث ويُدمجون في الحركية الإبداعية وفقا لمتطلبات الحداثة المضادة يقول:
"أكتب لكم عن الأدب المستريح في بلادنا.. إنه الأدب الذي نشف الزيت من مفاصله وتصلّبت عضلات الحركة في قدميه، إنه الأدب الذي نسي غريزة المشي. ما هو موقفنا من الأدب الذي لا يمشي؟ إنه موقف الحياة نفسها من كل كائن يتوالد، موقف المجتمع من كل عضو لا ينتج، موقف صاحب الأرض من كل شجرة لا تثمر في حقله...الإهمال ...ثم القطع...ثم أحشاء الموقدة. الحياة لا تهمل إلاّ الذين يهملونها، ولا تكافئ إلاّ الذين يقابلون هداياها الجميلة بهدايا ذهنية أجمل...إن الأدب هو غرم قبل أن يكون غنما، مسؤولية لا نزهة على شاطئ نهر، فعلى الذين يريدون دخول مصنع الأدب الكبير، أن يلبسوا ثياب العمل ويغمّسوا أيديهم حتى المرافق في الصلصال الساخن..أيها المستريحون إن الذوق العام يطلب منكم أن تستريحوا ... وتريحوا."( 24)
وفي إطار تفعيل الموروث طالب نزار بضرورة التجديد انطلاقا من القراءة الواقعية للتراث، والاستفادة من خبرات الشعراء الفاعلين وإبداعاتهم في زمنهم، لأن اللحظة

الشعرية ليست بالضرورة لحظة آنية ترفض ما سبقها من لحظات كتابة وإبداع، "ففي كلامنا عن التجديد والمجدّدين يجب أن لا نستعمل المقص، ونقص التاريخ الأدبي على كيفنا، ونقص معه وجوه عشرات من الشعراء الشجعان الذين بدأوا وأعدّوا المخططات للهجوم على قطار الشعر العربي المنهوك...إن ساعة التجديد لم تكن واقفة قبلنا، والوقت الشعري لم يبتدئ بنا. لأن كل لحظة شعرية مرتبطة باللحظة التي قبلها، والأصوات الشعرية لا تولد كالطحالب من العدم "( 25).
وحين أعود إلى شعر نزار قباني وخاصة في مراحله الأخيرة أقف عند مثل هذا الموقف، بل إنني أقرأ في قصيدته الطويلة "الوصية" موقفا يتّحد ضمنيا مع الموقف النثري الذي صرّح به سابقا في كتابه قصتي مع الشعر، إنه يرفض كل علاقة تربطه بالموروث الخامل في شتى تمظهراته يقول في مقاطع من القصيدة:
أفتح صندوق أبي ..
أمزق الوصيه
أبيع في المزاد ما ورثته
مجموعة المسابح العاجيه
طربوشه التركي والجوارب الصوفيه
           *  *  *
أسحب سيفي غاضبا
وأقطع الرؤوس والمفاصل المرخيه
وأهدم الشرق على أصحابه
تكيه ...تكيه ..
          *  *  *
أفتح تاريخ أبي
أفتح أيام أبي
أرى الذي ليس يُرى
أدعية ...مدائح دينية
أوعية ...حشائش طبية
أدوية ...للقدرة الجنسية
أبحث عن معرفة تنفعني
أبحث عن كتابة تخُّص هذا العصر وتخصّني
فلا أرى حولي سوى رمل ..وجاهليه ( 26)
ومجمل القول في قضية الحداثة المضادة عند نزار قباني أنها :
-       حداثة متفرّدة اعتمدت على توظيف ملامح جديدة في تحطيم المشهد الشعري العربي الحديث وبنائه.
-       حداثة لم تخضع لسلطة الخطاب النقدي الحديث والمعاصر، بل إنها استطاعت أن تسبح ضد التيار، وتعمل على بناء مدرسة متميزة في الكتابة .
-       حداثة اقتربت أكثر فاكثر من تفعيل واستغلال آليات الحسّ الجمالي داخل بنية القصيدة سواء من حيث الشكل أو المضمون .
-       حداثة لم ترفض التراث وإنما رفضت الجزء الخامل من التراث، إنها تدعو دائما إلى العودة إلى التراث الفكري والأدبي واللغوي العربي.
-       حداثة تتطلع نحو الآخر بثبات، لكونها لم تهدم الأنا التاريخي في حركيتها الإبداعية بل وَعَتهُ وتمثّلته وفعّلته عبر العديد من وسائط الكتابة عند نزار.
-       حداثة منفتحة على الأنوثة بمعناها الجمالي لا الجسدي شأنها في ذلك شأن شعراء ما بعد الحداثة وأدبائها في أوروبا، الذين عرفوا أهمية إدراك الجانب الإيروسي في الكتابة.
 


المراجع

1- مخافي ،  حسن ." نزار قباني والحداثة الشعرية المضادة" ،  ندوة الآداب ،  إعداد وتقديم عبد الحق لبيض ،  مجلة الآداب ،  عدد 11 / 12 ،  نوفمبر ،  ديسمبر،  بيروت 1998 ،  ص 82 .
*   ناقد وأستاذ محاضر بكلية الآداب بالرباط .
2 - العوفي، نجيب ." نزار قباني والحداثة الشعرية المضادة" ،  ندوة الآداب،  مجلة الآداب ،  ص ص 86 ، 87 .
3 - قباني ،  نزار. الأعمال النثرية الكاملة ،ط1،   منشورات نزار قباني ،  الجزء الثامن بيروت 1993 ،  ص ص 437 ، 438 .
*  حسن مخافي . ناقد وأستاذ جامعي بكلية الآداب مكناس ، المغرب.
4  - مخافي، حسن . " نزار قباني والحداثة الشعرية المضادة "،  ندوة الآداب،  مجلة الآداب ،  ص 88
5  - نزار ،  قباني . ضمن كتاب جهاد فاضل ،  قضايا الشعر الحديث ،  ص 240 .
6  - نزار ،  قباني . ضمن كتاب جهاد فاضل ،  قضايا الشعر الحديث ،  ص 231 .
7- العوفي ،  نجيب . ندوة مجلة الآداب ،  ص 89 .
8  - الطنطاوي ، علي،  نقلا عن: قباني ،  نزار . الأعمال النثرية الكاملة ،  جزء 7 ،  ص 270
9 - الطنطاوي ، علي،  نقلا عن:  قباني ،  نزار. الأعمال النثرية الكاملة ،  جزء 7 ،  ص 270 ،271 .
10 - العوفي ،  نجيب . ندوة مجلة الآداب ،  ص 90 ، 91 .
11 - فضل ،  صالح . أساليب شعرية معاصرة ،ط1،  دار الآداب ، بيروت 1995 ،  ص 39 .
12– قباني ، نزار حوار أجراه معه الصحفي والناقد مفيد  فوزي ضمن كتابه: نزار .. وأنا ،  أطول قصيدة اعتراف،   الهيئة المصرية العامة للكتاب،  القاهرة 1999 ،  ص ص 128 ، 129 .
13 - نزار،  قباني . حوار أجراه معه الناقد جهاد فاضل ضمن كتاب . قضايا الشعر المعاصر ص 242 .


14- قياني ،  نزار. حوار أجراه معه الناقد محي الدين صبحي ضمن كتاب . مطارحات في فن القول ، ص 116.
15 - المرجع نفسه ،  ص 107 .
16  - قباني ،  نزار. الأعمال النثرية الكاملة ، ط1، ج 8 ،  منشورات نزار قباني ،  بيروت1993 ،  ص ص 428 ، 429 .
17  - المومني ،  رشيد . ندوة مجلة الآداب ،  ص ص 89 ، 90 .
18  - قباني ،  نزار. الأعمال النثرية الكاملة ،  ج 7 ،  ص ص 364 ، 365 .
19  - علي ،  بدر." نزار قباني الشاعر المتمرّد ،  الشاعر المجنون" ،  جريدة الرياض اليومية ،  العدد 13471 ،  ليوم الخميس 4 ربيع الثاني 1426 المواقف لـ 12 ماي 2005 ،  نقلا عن موقع الجريدة على الواب والوصلة كاملة هي:                                      http://www.alriyadh.com/2005/05/12/section.art.thurcul.html
20  - شرابي ،  هشام . مقدمات لدراسة المجتمع العربي، الأهلية للنشر والتوزيع بيروت 1981،  ص 76 .
21  - المرجع نفسه،  ص 88 .






* حسن مخافي . ناقد وأستاذ جامعي بكلية الآداب مكناس ، المغرب.







.















Post a Comment

Previous Post Next Post