آلية عمل المراجعة الداخلية
تختلف طريقة أداء المراجع الداخلي تبعا لاختلاف طبيعة نشاط المؤسسة و نوعية المشكلات التي تؤثر على أداء عملياتها و النظام الإداري الذي تسير عليه إدارتها، فعلى المراجع الداخلي أن يجيب على ثلاث أسئلة و هي[1]:
أ‌-       ماذا يجب عليه أن يقوم بمراجعته؟
ب‌- متى تتم المراجعة؟
 ج- لأي غرض تتم المراجعة؟
بداية يجب على المراجع مراجعة ذلك الجزء من نظام الرقابة الذي يحقق أفضل منفعة مقابل التكلفة التي يتم تحملها و تتضمن تلك التكلفة وقت فريق المراجعة و ما يتعلق به من تكلفة، كما تتحقق المنفعة مما يتم التوصل إليه من عملية المراجعة بما يمكن من تحسين الرقابة على الجوانب الرئيسية في عمليات التنظيم، و ذلك إلى جانب تجنب ما كان يمكن أن يقع من خسائر و هناك منفعة أخرى تترتب على المراجعة الداخلية، ذلك  أنه في حال عدم وجود أية عيوب في نظام الرقابة، فإنه يكفي أن يشعر أفراد التنظيم أن ما يقومون به من أنشطة يحتمل أن يخضع للمراجعة بصفة دورية كي ينشأ لديهم حافزا لتحسين أدائهم و تحقيق رقابة داخلية أفضل.
و على الرغم من أن تكلفة القيام بعملية المراجعة تعتبر من العوامل التي يأخذها المراجع في الاعتبار، إلا أن العامل الأساسي الذي يحكم توزيع الموارد التي تتعلق بالمراجعة الداخلية هو مخاطر الفشل في تحقيق واحد أو أكثر من أهداف الرقابة الداخلية، و يمكن تصنيف تلك المخاطر تبعا للأهداف الخمسة للرقابة الإدارية على النحو التالي[2]:
عدم دقة المعلومة المالية و التشغيلية؛
·        الفشل في إتباع السياسات، و الخطط، و الإجراءات، و القوانين؛
·        ضياع الأصول؛
·        الاستخدام غير الاقتصادي و غير الكفء للموارد؛
·        الفشل في تحقيق الأهداف الموضوعية.
و هناك بعض المخاطر التي يصعب - و قد يكون من المستحيل – فرض رقابة عليها، و في هذه الحالة يمكن للإدارة شراء تأمين بما يخفض حجم الخسارة المتوقعة إلى أدنى حد ممكن، و تحاول الإدارة بصفة عامة
تخفيض المخاطر عن طريق:
- زيادة الإجراءات الرقابية؛
- التأمين ضد الخسائر الممكنة؛
- البحث عن عائد أكبر عندما تتحمل مخاطر أعلى. 
إن تحديد وقت عملية المراجعة يتوقف على قيام المراجع - بجانب تحديده نوع المخاطر الممكنة- بتحديد حجم المخاطر القائمة، و لتحقيق ذلك فقد يقوم بدراسة التنظيم ككل و تقدير المخاطر النسبية التي تتعلق بالأنشطة المختلفة، ثم يقوم بترتيب تلك الأنشطة بحسب المستويات النسبية للمخاطر بحيث يتم فحص الأنشطة التي تنطوي على مخاطرة أكبر أولا، ثم يقوم المراجع بوضع إستراتيجية للمراجعة و خطة تكون ملائمة يأخذ بعين الاعتبار عند وضعها[3] :
- دراسة هيكل المؤسسة؛
- دراسة الأنظمة الإدارية و المالية في المؤسسة؛
- الوقت اللازم لتنفيذ الخطة.
و بعد وضع البرنامج الذي يراه كافي لإتمام عملية المراجع يقبل على مباشرة عملية المراجعة و التي تتلخص في ما يلي[4]: 
أ- الفحص:
إن نشاط المراجع الداخلي الذي يختص بالفحص يشمل السجلات المحاسبية و مراقبة الأصول و التحقق من التقارير المالية، و تظهر فاعلية المراجعة الداخلية في المؤسسة حيث يقوم المراجع الداخلي بزيارة الفروع نظرا لبعدها عن المركز الرئيسي و الإدارة المركزية للمؤسسة، مما يقتضي فحص سجلاتها و رقابة أصولها،
 و قد لا يتمكن من تطبيق رقابة داخلية بالفروع نظرا لصغرها و عدم جدواه اقتصاديا، على هذا فإن على الإدارة المركزية أن تتأكد من أن المسؤوليات الملقاة على مديري الفروع فيما يخص الحفاظ على الأصول و التسجيل الدفتري قد نفذت بصورة سليمة، و كأمثلة للمراجعة الداخلية في هذا المجال عدْ النقدية و مراجعة مذكرات التسوية و التأكد من أرصد العملاء  ...إلخ .
و يمتد الفحص و التحقق إلى التقارير المستخرجة من سجلات المؤسسة، حيث أن الإدارة تعتمد إلى حد كبير على المعلومات و البيانات الواردة في التقارير لتسيير النواحي التشغيلية و اتخاذ القرارات اليومية التي لن تكون سليمة إلا إذا كانت التقارير صحيحة.
إن الهدف من الفحص و التحقيق يتمثل في التأكد من مدى صحة العمليات المحاسبية من حيث الدقة المحاسبية و المستندية و سلامة التوجيه المحاسبي و جمع الأدلة و القوانين التي تثبت صدق ما تتضمنه السجلات و ما يترتب عليه من أمانة البيانات المحاسبية و إمكانية الاعتماد عليها في اتخاذ القرارات المختلفة.
ب- التحليل:
يقصد بالتحليل الفحص الانتقادي للسياسات الإدارية و إجراءات الرقابة الداخلية و الحسابات، الإجراءات المحاسبية و المستندات و السجلات و التقارير التي تقع داخل نطاق الفحص و يتطلب إجراء المقارنة و الربط بين العلاقات أي بعض المؤشرات، و كذلك التمعن بقصد اكتشاف الأمور الغير طبيعية مثل وجود مبلغ دائن في حساب أصله مدين و يرتبط التحليل بالتحقيق و ليس هناك حد فاصل بينهما.
جـ- الالتزام:
يقصد بالالتزام بالسياسات الإدارية المرسومة بأداء العمليات على وفق الطرق و النظم و القرارات الإدارية حتى يتحقق الانضباط بالتنظيم، فقد يتم التوصل إلى نتائج مرضية و مع ذلك يهم الإدارة معرفة ما إذا كانت هذه النتائج قد تحققت من خلال الممارسة المصرح بها و بما يتمشى مع السياسات،إذ يتعين عليه زيارة المواقع من وقت إلى آخر و عدم الاعتماد على الآخرين، كما أن إدارة المراجعة الداخلية لا تقتصر على المحاسبين و المراجعين، و إنما يمكن أن تزود بقانونيين ومختصين في خصوصيات نشاط المؤسسة، هذا للإلمام بجميع نواحي النشاط.
د- التقييم:
إن عملية الفحص و التحليل ينتج من خلالها للمراجع الداخلي مقدرة الحكم على مدى قوة النظام الموضوع و نقاط الضعف فيه مما ينعكس على  التقرير الشخصي الموضح لمدى كفاية و فعالية و اقتصادية السياسات و الإجراءات التي تسير عليها المؤسسة و ما لديها من تسهيلات و أفراد بقصد ترشيد الأداء و تطويره إذ يقتضي التقييم تجميع البيانات و المعلومات و تقصي الحقائق و بالاستعانة بآراء المسئولين و اقتراحاتهم مع تقييم هذه الآراء و الاقتراحات.
هـ- التقرير:
يبرز التقرير الذي يقدمه المراجع الداخلي آراء فنية حول المشكلة و أهميتها و طريقة معالجتها و ما تم التوصل إليه من نتائج و توصيات .
كما يفضل عرض التقرير على المسئول على النشاط محل الفحص لتجنب تشويه الحقائق أو سوء تقدير عن بعض الأمور، و تتبلور قدرة المراجع الداخلي على العرض الواعي و الواضح لما قام به من فحص و تقصي.
 أن جميع المجالات التي يمكن أن يكون للمراجعة الداخلية فيها دور فإنه يتخللها عملية إتخاذ قرارات ومن ثم فإن هناك مساهمة للمراجعة الداخلية في عملية صنع القرار السليم.
الحقيقة أنه لا يمكن الحكم تماما على سلامة وجودة القرار دون توفر ما يسمى بالنظرة الخلفية، هذا يعني أنه بعد وضوح نتائج القرار يتم طرح التساؤل التالي: لو عدنا إلى الوراء لوجدنا أن القرار الذي أتخذ كان الأفضل في ضوء المتغيرات التي كانت قائمة، إذا فإن هذا القرار يكون جيدا، على العكس من ذلك إذا قيل لو أخذ قرار آخر كنت النتيجة ستكون أفضل، عندئذ يكون القرار إما سيئا أو على الأقل لم يكن أفضل القرارات.
إن النظرة الخلفية وإن كانت هي الطريقة الأكثر شيوعا، إلا أن هذه الطريقة معناها الحكم على القرار وتقييمه بعد فترة زمنية من صدوره وفي ظروف تختلف عن الظروف التي تم فيها صدور القرار، علاوة على الإتجاه الغريزي للإنسان نحو الدفاع عن أفعاله وإلقاء مسؤولية الفشل على الآخرين[5] .
إن الطريقة الأخرى للحكم على جودة القرار تتمثل في الحكم - ليس على القرار نفسه – بل على الكيفية التي صدر بها القرار، طبقا لهذه الطريقة فإن القرار الجيد هو القرار الذي يتخذ على أساس رشيد، وبطريقة منهجية أي أن هناك خطوات منطقية ينبغي إتباعها للوصول إلى القرارات الجيدة.
وهذه الخطوات يمكن سردها فيما يلي:
- تحليل وتشخيص الموقف؛                      - إختيار البديل الأفضل؛
- تحديد البدائل؛                                  - تنفيذ البديل الذي تم إختياره؛
- تقييم البدائل؛                                   - تقييم النتائج.
تلعب المراجعة الداخلية أدوار مهمة في كل خطوة من خطوات عملية إتخاذ القرارات بحيث تساعد على تأهيل المعلومة لتكون جيدة وذات مواصفات كاملة وكافية، ليتم إستعمالها في عملية صنع القرار للحصول على قرارات ذات جودة وفعالية.
بالموازاة مع خطوات عملية إتخاذ القرار فإن المراجعة الداخلية لها دورة حياة يكون أخرها الوصول إلى تقديم معلومات مؤهلة لإتخاذ القرارات الإدارية كما في الشكل التالي: الشكل
تبدأ عملية المراجعة بإعطاء نظرة حول موضوع العملية وإعداد إجراءات المراجعة المناسبة لذاك الموضوع، فمن خلال هذه النظرة أو التصور يتم تشخيص الوضع المحيط بالموضوع داخليا وخارجيا وتحديد درجة الخطر الناجم، ومن ثم يتم وضع استراتيجية للقيام بعملية المراجعة، لتليها وضع الخطة اللازمة لذلك، بحيث يجب أن تتسم هذه الخطة بالمرونة والقابلية لتحسين في حال أي متغير غير مرغوب فيه، ليبدأ المراجع بتنفيذ خطة أو برنامج عمله، مع العمل في كل مرة على ضبط للأداء ويتم ذلك من قبل المدير المسؤول على مديرية المراجعة الداخلية وهذا بالاعتماد مثلا على إحدى نماذج المتابعة، مع القيام بإدخال التحسينات الضرورية على كل نقص وهكذا دوليك في كل مرة يتم إعداد تقرير حول ما تم ملاحظته وتقديم الإقتراحات المناسبة، فينتج بذلك ومن خلال كل هذه الخطوات معلومات مؤهلة لإتخاذ القرار وتسهم بذلك في إعداد قرارات ذات جودة وفاعلية.
يتم المساهمة في عملية صنع القرار من خلال هذه الدورة حسب كل مرحلة، حيث أن المعلومة التي قد تم تأهيلها والتوصل إلها هي إما اكتشاف مشكل أو تحديد مجموعة من البدائل أو المساعد على إختيار أفضلها...إلخ، هذا يعني أن هناك مساهمة للمراجعة الداخلية في كل خطوة من خطوات إتخاذ القرار، والتي سوف نتطرق إلى كل خطوة بالتفصيل مع الوقوف على أهمية المراجعة الداخلية في كل مرحلة.
1.4.1- تحديد المشكلة:
إن تحديد المشكلة يساعد على القيام بتحليلها إلى عناصرها الرئيسية، ليستدل من ذلك الحل المناسب لها، والافتراض الأساسي عند تحديد المشكلة أن الحل متضمن في المشكلة، وأن التحليل العقلي الاستدلالي المنظم يساعد في التوصل إليه وإكتشافه[6].
كما أن عملية إتخاذ أي قرار أصلها وجود مشكلة وبالتالي هي أهم شيء يجب حدوثه حتى يكون هناك حاجة لصنع القرار بشأنها، ولكن في نفس الوقت يجب التأكيد على أهمية الأهداف، حيث أن هذه الأخيرة هي التي تحدد طبيعة وحجم المشكلة، ولا يمكن تحديد طبيعة القرار، روتيني أم لا مبرمج أم غير مبرمج، من دون تحديد المشكلة ومعرفة حجمها وطبيعتها.
إن تحديد أي مشكلة ما داخل المؤسسة لا يمكن أن يتم إلا بالفحص المستمر للوضع الداخلي والخارجي، ومن ثم يمكن القول إنه يجب أن تتم عملية فحص مستمر للوضع الداخلي والخارجي لكي يتم تحديد المشكلة ومن ثم معرفة هل أن هذه المشكلة تحتاج لحل مبرمج أو غير مبرمج، ثم يتم تتبع نتائج ومراقبة القرار المتخذ بشأن تلك المشكلة
    يمكن إعطاء مفهوم عام للمشكلة حتى يتسنى تحديدها فهي " عبارة عن موقف غامض في حاجة إلى تفسير"[7].
كما يمكن تعريفها على أنها " حالة من عدم الإتفاق أو الإتساق أو التوازن بين ما هو كائن وما يجب أن يكون"[8].
من خلال هذين التعاريفين يمكن القول بأن وجود مشكل يعني وجود خطر يواجه المؤسسة، عليها أن تتصرف تجاه هذا الخطر، فتعتمد على الإقتراحات المقدمة في التقارير الناتجة عن عملية المراجعة الداخلية حول هذا المشكل (الخطر)، ويمكن عرض الدور الذي تلعبه وظيفة المراجعة الداخلية للحد أو مواجهة أو تجنب - إتخاذ قرار - خطر ما.
         هناك دور للمراجعة الداخلية في عملية اتخاذ القرار على جميع المستويات، وهذا من خلال المساعدة في إكتشاف المشاكل المحيطة والمتواجدة في المؤسسة حتى يتسنى لها مواجهتها قبل التفاجأ بها، بمعنى أن المراجعة الداخلية تساعد المؤسسة في تحديد الأخطار التي من الممكن مواجهتها مهما كان نوعها ومن أي جهة كانت من الخارج (المحيط) أو الداخل، كما أنها تحدد طريقة التصرف مع كل خطر حسب نوعه.
ويتركز - يتكثف - دور وظيفة المراجعة الداخلية في المؤسسة لمواجهة خطر ما - مشكل ما – حسب درجة الأثر الذي يمكن أن يخلفه هذا الخطر من جهة، وحسب إحتمال وقوعه من جهة  أخرى.
ولقد جاء معهد المراجعين الداخليين الأمريكي - من خلال أبحاثه التي يقوم بها واهتماماته بالمراجعة الداخلية في المؤسسة -  بنموذج  تحليلي لكثافة الدور الذي من الممكن أن تلعبه المراجعة الداخلية في مواجهة المخاطر المختلفة داخل المؤسسة.
يأتي هذا النموذج وفقا للشكل التالي :


Source : The Institute of Internal Auditors, Business Risk Assessment, www.theiia.org, 15/07/2005, 11h:20m.
من خلال هذا الشكل نلاحظ أن دور المراجعة الداخلية في مواجهة - تحديد و اقتراح – الخطر في المؤسسة يزيد حسب عاملين أساسين هما درجة احتمال وقوع هذا الخطر ودرجة الأثر الذي يمكن أن يخلفه هذا الخطر إذا وقع، فإذا كان هناك إحتمال قوي لوقوعه مع أثر بالغ يمكن أن يخلفه فإن دور المراجعة الداخلية يكون كبيرا وهذا من خلال تكثيف - التفصيل والتركيز – مهمة المراجعة.
يبدأ هذا الدور من أول خطوة والتي تتمثل في تشخيص هذا الخطر (المشكل) والكشف عليه، ومن خلال الذي سبق نلاحظ مدى مساهمة المراجعة الداخلية في هذه المرحلة - تحديد المشكلة – من مراحل عملية صنع القرار.










Post a Comment

Previous Post Next Post