من خصائص الحضارة
الإسلاميّة
الْحَضَارَةَ
عبارة عن نِظَامٌ اجْتِمَاعِيّ
يُعِيْنٌ الإنسانَ على الزّيادةِ من إنتاجِهِ الثقافيِّ ).
وتتألفَُ الحضارةُُ منَ العناصرِِ الأربعةِ الرّئيسةِ :
المواردِ الاقتصاديةِ , والنّظمِ السّياسيةِ
,
والتقّاليدِ الخلقيّةِ , ومتابعةِ العلومِ والفنونِ
, ولاطّرادِ الحضارةِ وتقدّمِهَا عواملُ هي عكسُ
تلكَ العواملِ. منْ أهمِّهَا الانحلالُ الخلقّيُّ
والفكريُّ , واضطرابُ القوانينِ والأنظمةِ , وشيوعِ الظلّمِ والفقرِ ,
وفقدانِ الموجّهينَ الأكفياءِ , والزّعماءِ
المخلصينَ . وقصّةُ الحضارةِ حلقةٌ متّصلةٌ تسلّمُهَا
الأمّةُ المتحضّرةُ إلى مَنْ بعدِهَا . ولا تختصُّ
بأرضٍ ولا عرْقٍ , غيرَ أنَّ ما تمتازُ بهِ حضارةٌ عنْ أخرَى إنّما هوَ قوةُ الأسسِ
التّيْ تقومُ عليْهَا .
وكلّمَا
كانتِ الحضارةُ عالمّيةً فيْ رسالتِهَا , إنسانيّةً
فيْ نزعتِهَا، خلفيّةً فيْ اتجاهاتِهَا , واقعيةً فيْ مبادئِهَا –
كانتْ أخلدَ فيْ التّاريخِ , وأبقَى علَى الزّمنِ، وأجدرَ بالتّكريمِ
.
إنَّ
الحضارةَ الإسلامّيةَ حلقةٌ منْ سلسلةِ الحضاراتِ الأنسانيّةِ، وسبقَتْهَا حضاراتٌ،
وستتْبَعُهَا حضاراتٌ . لقدْ كانَ للحضارةِ
الأسلامّيةِ دورُهَا الخطيرُ فيْ تاريخِ التقّدمِ الإنسانيِّ , ومدَى مَا قدّمَتْهُ فيْ مَيْدِانِ العقيدةِ والعلمِ
والخلقِ , والحكمِ والفنِّ والأدبِ , منْ أيادٍ خالدةٍ علَى الإنسانيةِ فيْ مختلفِ شعوبِها وأقطارِها .
إنَّ أبرزَ ما يُلفتُ نظرَ الدّارسِ لحضارتِنا أنَّها
تميزَتْ بالخصائصِ التاليةِ:
(1) إنها
قامَتْ على أساسِ الوحدانيّةِ المطلقةِ فيْ العقيدةِ ,
فهيَ أولُ حضارةٍ تنادي بالإلهِ الواحدِ الذّيْ لا شريكَ لَهُ فيْ حُكْمِهِ ومُلكِهِ
،وهوَ وحدُهُ الذّيْ يُعْبَدُ , وهوَ الذّي يُقْصدُ (
إيّاكَ نعبدُ وإيّاكَ نستعينُ
) .
إنَّ هذا السُّموََّ في فهمِ الوحدانيّةِ؛ كانَ لهُ أثرٌ كبيرٌ في رفعِ مستوَى الإنسانِ، وتحريرِ النّاسِ منْ طغيانِ الملوكِ والأقوياءِ , والأشرافِ ورجالِ الدّينِ
.
(2) إنَّّها
حضارةٌ إنسانيّةُ النّزعةِ والهدفِ , عالميّةُ
الأفقِ والرّسالةِ . فالقرآنُ أعلنَ وحدةَ النّوعِ
الإنسانىِِّ رغمَ تنوّعِ أعراقِهِ ومنابتِهِ ومواطنِهِ,
في قولِهِ تعالَى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ
إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ
لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ
) .
إنّ
القرآنَ حينَ أعلنَ هذهِ الوحدةَ الإنسانيّةَ العالميّةَ ,
جعلَ حضارتَهُ عقداً تنتظمُ فيْهِ جميعُ العبقرياتِ للشّعوبِ والأممِ التّيْ أظلّتْهَا
سماءُ الإسلامِ
.
لقدْ
كانَتْ كلُّّ حضارةٍ تفاخرُ بالعباقرةِ منْ أبناءِ جنسٍ واحدٍ وأمّةٍ واحدةٍ , إلاّ الحضارةَ الإسلامّيةَ فإنَّها تفاخرُ بالعباقرةِ
الذّينَ أقامُوْا صرحَها منْ جميعِ الأممِ
.
(3) إنَّّها جعلَتْ
للمبادئِ الأخلاقّيةِ المحلَّ الأوّلَ فيْ كلِّ نُظِمِها وهيَ لمْ تتخلَّ عنْ هذهِ
المبادئِ قَطْ . ولمْ تجعلْهَا وسيلةً لمنفعةِ
دولةٍ أو جماعةٍ أوْ أفرادٍ
.
(4) إنَّّها
تؤمنُ بالعلمِ فيْ أصدقِ أصولِهِ , وترتكزُ على العقيدةِ
في أصفَى مبادئِهَا , فهيَ خاطبَتْ العقلَ والقلبَ
معاً . وهيَ مَيْزَةٌ لمْ تُشارِكْهَا فيْهَا
حضارةٌ فيْ التاريخِ
.
(5) إنَّّها
اتْسَمَتْْ بالتّسامحِ الدّينيِّ العجيبِ الّذيْ لمْ تَعْرَفْهُ حضارةٌ مِثْلُهَا
قامَتْ علَى الدّينِ
, إنهّا منْ أشَدِّ مَا عرفَ
التّاريخُ تسامحاّ .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق