كيف
تعلم بناء البيت
الجواب
معقد ولكنه موصول بالفهم .. عندما تعلم الإنسان كيف يزرع الأرض ويستقل في الانتاج
وعدم الاعتماد على الطبيعة ... بعدما زادت مجاميعهم في منطقة محدودة ، بدأ يستغل
الإنسان الأرض ويزرع الحبوب قريبا من كهفه ، ولكن زيادة الانتاج تطلبت منه أن يذهب
إلى أبعد من الكهف ليستغل الأرض الخصبة التي تتوفر فيها المياه ، وكانت الخطورة في
الذهاب والإياب إلى الكهف ومخاطر تعرضه لهجوم الحيوانات المفترسة ، ففكر ان يسكن
قريبا من المزرعة ، ولكن العقدة كانت كيف ينقل الكهف إلى هناك ، وجاءته الفكرة بان
يبني نموذجا مماثلا للكهف قرب المزرعة .
وبدأ
ببناء مخروطي قاعدته للأسفل وقمته المخروطية للأعلى ، فوضع الحجارة وحفر الأرض على
شكل دائرة ورتب الصخور إلى القمة ، وكان ذلك أو تصميم إنساني في البناء .
وبزيادة
حجم عدد أشخاص العائلة بنيت مخروطيات أخرى على شكل دائرة تحيط بالمزرعة وابوابها
تجاه المزرعة ، وبذلك شيدت أولى القرى ( المدن ) الزراعية في التاريخ ، ثم كبرت
القرى الزراعية لتصبح مدن فيها بعض الفعاليات الخدمية كالحدادة لصنع المناجل ،
والمعابد ، والطبيب .
-
من كان يتحكم
ببناء تلك البيوت والمدن ؟
ضمن
القرية الزراعية ظهرت مجموعة صغيرة من الأفراد لديهم رغبة الاستحواز على وسرقة اتباعهم في العمل الزراعي ، وعملوا في
جمع المحصول وبيعه ، وفي أوقات عدم وجود المحصول كانوا يعملون في بيع الأراضي
وبناء المساكن وبدون تشريعات تذكر ، وهؤلاء كانوا كالبرجوازيين الآن ، وهم أنفسهم
موجودون على أرض الواقع الان في مدن العالم حيث يتاجرون في بناء وبيع البيوت ،
ولكن جشع هؤلاء تطلب وضع تشريعات خاصة بدائية مستمدة من العرف والعادات والتقاليد
للحد من جشع هؤلاء ، وفي كل الحضارات القديمة هناك تشريعات خاصة بذلك ، ونذكر على
سبيل المثال شريعة حمورابي في بابل ( المكونة من 288 مادة قانونية ) فيها مواد
متعلقة بتشييد المدن وكيفية العمل .. الخ
والسؤال
هنا ، هل كانت تشيد البيوت أو المدن عن
خلفية تخطيط المدن على أسس حضارية آنذاك .. الجواب ، نعم ! ولكن ؟
كانت
اسس التخطيط تنصب بالدرجة الأولى على قرب تلك المدن من مصادر المياه أو الطرق أو
مصادر الانتاج ، وما زالت تلك المدن نفسها التي شيدت على أساسها ن كالمدن المشيدة
على طريق الحرير الممتدة من أوروبا إلى الصين .
إذا
فالأسس نفسها في بناء البيوت والمدن .. اي المنفعة العامة ، وقد سيطرت الدويلات (
مراكز القوة ) في التنفيذ والتنظيم والتشريع
.
وإذا رجعنا إلى هدي
القرآن الكريم والسنة المطهرة في هذا الموضع لوجدنا الأمر على النحو التالي ، حيث يقول
الله تعالى في محكم تنزيله : ( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم
مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ) الإسراء
/ 70
فقد كرم الله تعالى بني
آدم ، وأراد أن يكون الإنسان خليفة في الأرض ، فبدأ بخلق آدم عليه السلام وجعله
نبيا في هذه الأرض ، وعلمه الأسماء كلها شرعة ومنهاجا ، يستطيع من خلالها التعامل
مع هذه الأرض وما عليها من أقوات ومخلوقات .
فالتشريع كان ومازال
حيث وجد الإنسان ، ولا تستقيم حياة الناس على هذه الأرض دون شريعة تكون ضابطا
وموجها ودليلا ، والتشريع هو تعبير عن إرادة المشرع وصوته الدائم وصورة عن حكمته
في قيادة من وضع لهم التشريع ، ومن هذا المعنى نستطيع التماس معنى قول النبي صلى
الله عليه وسلم / إني
قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدا كتاب الله وسنة نبيكم / [1] ، فالكتاب والسنة هما أصل التشريع الإسلامي
ونبراس هداية المسلمين من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولئن غاب المشرع إلا
أن التشريع حاضر لا يغيب وهو باق إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .
اقتضت حكمة الله تعالى
أن تعدد الشرائع وتتنوع وفقا لتطور حياة الإنسان على هذه الأرض ، ويعيش الإنسان
اليوم في وسط من الأنظمة والشرائع والقوانين المتعددة التي ترسم له حدود واجباته
وحقوقه ، وتبين له الطريقة الأفضل لتعايشه مع مجتمعه ، ومن هذه الشرائع والقوانين
القانون المدني والتجاري قانون العقوبات ، وقوانين التخطيط العمراني أيضا التي
يقوم بحثنا على دراستها ودورها في عملية التنمية الحضرية في وقتنا الحاضر .
وقد
أتت كافة الشرائع السماوية ، والوضعية القديمة منها والحديثة على ذكر العمران
وتنظيمه على اختلاف فيما بينها ، منذ شريعة حمورابي ، ووصولا إلى التشريعات
الحديثة في تاريخنا المعاصر .
كما
أولت الشريعة الإسلامية الغراء موضوع العمران وتنظيمه أهمية كبيرة ، ويرى البعض أنه على الرغم من أن العمران البشري أو التحضر لم يعرف تقنينا
أو تشريعا متكاملا ومتميزا ، إلا في القرن الماضي ، إلا أن تحليل مجموع الوثائق
والمصنفات والتخريجات الفقهية في تراثنا الإسلامي ، يبين أن إرساء أسس منظومة
التشريعات العمرانية والمعمارية قد بدأ منذ قرون عند المسلمين . [2]
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق