التوصل إلى البدائل المثلى عند صنع القرارات، وذلك لأن صانع القرار 


إيجاد البدائل
إن من العناصر الجوهرية لوجود القرار أن يكون هناك مشكلة تتطلب حلا معينا، وأن يكون أكثر من حل، أي حلول متعددة تطرح لنقاش ويتم دراستها وتقويمها حتى إختيار الحل الأفضل الأكثر ملاءمة، لذا فإن وجود المشكلة يقتضي تباين الآراء حولها، ذلك لأن المشكلة التي ليس لها سوى حل واحد لا تعد مشكلة في ذاتها، بل تصبح حقيقة لابد من التسليم بها، ولكن من النادر أن توجد مشكلة ليس لها سوى حل واحد بل أن الغالب والأعم هو وجود عدة بدائل لكل مشكلة ولكل بديل منها مزايا وعيوب[1].
تعد الحلول أو البدائل مجموع الوسائل والإمكانات المتاحة لمتخذ القرار، والملائمة بدرجات متفاوتة فيما بينها لحل المشكلة محل القرار، وهذه الحلول أو البدائل لا تأتي من فراغ وإنما هي نتيجة التمحيص والتحصيل والتحليل للمعلومات سواء جاءت تلك المعلومات عن طريق رسمي أو غير رسمي، فتضمن بذلك المراجعة الداخلية التوريد المتواني والسليم لهذه المعلومات، وهذا من خلال طبيعة عمل المراجعة الداخلية وأنظمة المعلومات، فتحديد البدائل الممكنة لا يمكن أن يكون دون دراسة شاملة وتشخيص مستمر للحالة الجديدة - المشكل – وما هي الوسائل والإمكانيات المتاحة لحل مثل هذا المشكل داخل المؤسسة، ومساهمة المراجعة الداخلية في إيجاد مجموعة البدائل يكون في شكل الإقتراحات المقدمة في التقرير النهائي بعد تحديد المشكلة.

تقييم وتقويم البدائل:
إن تقييم وتقويم البدائل تعد من أهم المراحل التي يجب إعطاؤها أهمية كبرى قبل صنع أي قرار، ذلك لأن تقييم البدائل ثم تقويمها هو الذي سيحدد ما إذا كان سينجح أم لا في المستقبل، بمعنى أنه يتم تحديد أبعاد كل البديل - سلبياته وإيجابياته – في حل ذلك المشكل، كي يتسنى اختيار البديل المناسب والذي سيعطي أفضل النتائج بأقل عواقب غير السليمة، هذا في حد ذاته يشير إلى أهمية وضرورة الأهداف التي يجب مراعاتها عند اختيار بديل من البدائل المتاحة،فالهدف الأخير لصانع القرار هو إحداث تغيير ما في جذور المشكلة المطروحة، فالحل الذي تم بعد تقويم البدائل يبرز أهمية دور الخبراء والمستشارين والمعاونين في عملية بحث ودراسة البدائل المطروحة.
يبرز دور المراجعة الداخلية في هذه الخطوة في أنها تعمل على تقديم و إقتراح البدائل التي تراها مناسبة في التقرير النهائي وهذا بعد دراسة المشكل.
إختيار البديل أو الحل الأفضل:
إن هدف متخذ القرار في نهاية المطاف هو الوصول إلى قرار يمكنه من بلوغ الهدف وحل المشكلة القائمة[2]، هنا يقوم متخذ القرار بإختيار الحل من بين عدة حلول مقترحة - متاحة - مستعينا في ذلك بمجموعة من المعايير، توفر درجة كبيرة من الموضوعية في الإختيار.
تعتبر هذه المرحلة أدق المراحل جميعا لأن الإختيار يعني في حقيقة الأمر حسم الموقف والوصول إلى المحصلة النهائية للجهد المبذول في المراحل السابقة، وهذا الأمر يحتاج إلى قدر كبير من الكفاءة و الحنكة والخبرة والقدرة الذاتية لمتخذ القرار على الإختيار السليم، تبقى أفضلية حل من الحلول على البقية مسالة نسبية بين البدائل المتماثلة، وتحكمها الإعتبارات السالفة الذكر في الخطوة السابقة إلا انه مما يجب ذكره أن هناك إعتبارات أخرى سياسية و إجتماعية و إقتصادية قد تؤثر في إختيار البديل لحل المشكلة وخاصة فيما يتعلق بالمشاكل العامة للبلد[3] .
في هذه الخطوة يزيد دور المراجعة الداخلية في عملية إختيار البديل الأفضل، وهذا من خلال الإقناعات المستمرة على إختيار البديل المقترح في التقرير هذا لأنه تم دراسته من جميع النواحي، وأن متخذ القرار في العادة يستشير المراجع الداخلي حول البديل الذي يكون أكثر موضوعية وأفضل حال حتى البدائل الأخرى التي تم إقتراحها من الجهات الأخرى غير المراجعة الداخلية.
فتكون بذلك للمراجعة الداخلية رؤية يمكن إعتمادها في إختيار هذا البديل أو غيره - الأكثر ملاءمة – ويمكن إبراز هذا الدور من خلال الشكل التالي:


Source : Danar, Hermanson and Larry E, Ritten Berg, Art.Cit, P :59.
مما سبق نستنتج انه من الصعوبة بمكان أن يتم التوصل إلى البدائل المثلى عند صنع القرارات، وذلك لأن صانع القرار لا يستطيع الإلمام بكل البدائل، ولا بالنتائج المترتبة على كل بديل من تلك البدائل، يعني ذلك أن إختيار البديل الأمثل يبقى مسألة نظرية بحتة في كل الأحوال، فيكون بذلك هدف متخذ القرار من العملية هو الإقتراب بأقصى ما يمكن من الأمثلية يعني البحث عن الأفضلية، لذا كان لزاما على متخذ القرارات في المؤسسة الرجوع في كل مرة إلى ما تراه المراجعة الداخلية حول مشكل ما، على الأقل تعمل على توجيهه وبقناعة إلى البديل الأفضل.
1تنفيذ القرار:
بعد ما أن حدد متخذ القرار البديل الأفضل من بين البدائل التي تم تقييمها، يصل إلى مرحلة التنفيذ، وهو وصول القرار إلى من سيقوم بتنفيذه على أرض الواقع، ولنجاح عملية تنفيذ القرار لابد من توفر بعض الشروط في القرار المتخذ وهي[4]:
أن يكون القرار قابلا للتنفيذ بالإمكانيات الموجودة؛أن يلقى القرار حماسا ومساندة وتأييدا من قبل الذين يقومون بتنفيذه؛ أن يكون القرار واضح الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها؛أن يرفع القرار من معنويات العاملين على تنفيذه ومن لهم علاقة به.
إن خطوة تنفيذ القرار قد تكون أكثر المهمات استهلاكا للوقت، وذلك يعود أساسا إلى آثار ونتائج التنفيذ على المؤسسة، وعليه فإن القرار المحكم لن يكون ذا أهمية وجدوى ما لم يحمل في طياته ويتضمن كيفية تنفيذه من الأساس.
إن نوعية القرار وإمكانية تنفيذه دليل مبدئي على نجاح ذلك القرار، ويمكن الحكم على جودة على القرار أو عدمها بناء على المعايير الآتية [5] :
أ‌-      قياس مدى اتفاق وانسجام ذلك القرار مع السياسات وممارسات المؤسسة؛
ب‌-  توقيت القرار؛
ج - اعتماده وتجسيده لكمية المعلومات المثلى؛
 د-  تأثير صانع القرار على القرار ذاته، ونلخص طريقة التنفيذ الناجح للقرار على النحو التالي:
- عدم تعارض المصلحة؛
- إيجابية عامل الخطر و المكافأة؛
- كيفية ومدى فهم منفذ القرار و المسؤولين عن إيصال القرار للآخرين.
مما سبق يمكن القول بان القرار إذا لم يتم تنفيذه على الوجه المطلوب لا يتعدى كونه قرارا على ورق فقط، لذا يجب تنفيذ ذلك القرار حتى يتسنى تحقيق الأهداف التي من أجلها تم صنعه والوصول إليه، قد يكون القرار المتخذ جيدا هو الأفضل، إلا أن الطريقة التي نفذ بها كانت غير ملائمة، مما يؤدي إلى الحكم الأولي حول القرار المتخذ بأنه غير جيد وأن البديل الذي تم إختياره غير سليم، بينما يعود عدم ملاءمة هذه إلى الطريقة التي نفذ بها، لذا يجب مراعاة الطريقة التي ينفذ بها هذا القرار ومن الممكن أن يكون ذلك بمساعدة قسم المراجعة الداخلية وهذا بحكم طبيعة نشاطها وتعاملها مع جميع المستويات في المؤسسة.
.المتابعة والتقويم:
إن المؤسسة الفعالة تتضمن قياسات دورية للنتائج التي يتم التوصل إليها ومقارنتها بالنتائج التي كان المرجو تحقيقها، فإذا ما وجد إنحراف وجب إجراء بعض التغيرات التي تكفل تحقيق التوازن، ومن هنا تتضح مدى أهمية تحديد الأهداف والتي بموجبها يتم تقييم مستوى الأداء، وفي حالة عدم توافق النتائج المطلوبة، يجب إحداث تغيرات ربما في الحل الذي تم اختياره، أو في مراحل تنفيذه أو حتى إعادة صياغة أو تغيير الأهداف لو وجد أنه من غير الممكن تحقيقها، ففي هذه الحالة يجب إعادة صياغة نسق صنع القرار بالكامل وتصحيح مساراته حتى يتسنى تحقيق الأهداف المنشودة مسبقا.في هذه الخطوة بالذات يزداد دور المراجعة الداخلية وهذا لكون طبيعة عملها الرقابي، بحيث تعمل على تتبع تنفيذ القرارات المتخذة وتعمل على تقييم تنفيذ القرارات المتخذة لترفع نتائج هذا التقييم في شكل تقرير نهائي هذا من جهة، ومن جهة أخرى وبحكم مشاركة المراجعة الداخلية في جميع المراحل أو الخطوات السابقة من تحديد للمشكلة ثم للبدائل ثم إختيار البديل الأفضل... ، من شأنه أن يجعل قسم المراجعة الداخلية أن تسهر على التطبيق الجيد لهذا القرار وتعمل على التوريد المتواني للمعلومات حول هذه القرارات المتخذة. نلاحظ من خلال كل هذه الخطوات أن للمراجعة الداخلية دورا أساسي في كل خطوة، إلا أنه يجب التفرقة بين المعلومات المختلفة والتي تستخدم من قبل مستويات مختلفة من الإدارة، حسب الطبيعة الهيكلية للقرار المتخذ وهذا حسب الشكل التالي:





ص14.
يتبين من الشكل السابق أن المستوى الإداري لمتخذ القرار و نوع القرار المتخذ يحددان خصائص المعلومات المطلوبة، التي على دائرة المراجعة الداخلية مراعاتها أثناء إعداد تقاريرها حسب كل نوع فتحتاج الإدارة الإستراتيجية إلى معلومات ذات قيمة تنبؤية عالية لإستخدامها في التخطيط الإستراتيجي وللمساعدة على رؤية مستقبلية جيدة، وقد لا تكون معنية بالوقت والدقة الكاملة ومن ثم تفضل تقارير ربع سنوية عن التقارير اليومية، وهذا بوصف أغلبية القرارات المتخذة تكون هيكلية، على عكس المستويات الأخرى.
أما الإدارة التشغيلية فتتخذ قرارات متعددة مع قصر الوقت المتاح أمامها، وبالتالي قد تحتاج إلى تقارير معلومات يومية حتى تكون قادرة على التفاعل في توقيت مناسب مع التغيرات التي تطرأ على الأحداث، كما تحتاج إلى معلومات دقيقة وفي توقيت مناسب، وقد لا يعنيها كثيرا القيمة التنبؤية للمعلومات.
أما الإدارة التكتيكية فإنها عبارة عن واسطة بين الإدارتين الإستراتيجية والتنفيذية، إذ أنها تساعد كل منهما على إتخاذ القرارات المناسبة، فهي بذلك تهتم بجميع المعلومات بنفس القدر من المقدرة والتأهيل ولا تهمل أيا من المواصفات،
أما إذا أردنا إقحام المراجعة الداخلية كمرشح للمعلومة ومؤهل لها لتكون في مرتبة المعلومة الإدارية - الصالحة لاتخاذ القرارات الإدارية ، وكمساعد أو مستشار في عملية إتخاذ القرار يمكن ملاحظة ذلك من خلال الشكل التالي: 










 
من خلال هذا الشكل تظهر لنا الآلية التي يتم بها توليد المعلومة المؤهلة لإتخاذ القرار وهذا من خلال إنتاجها من نظام المعلومات داخل المؤسسة ليتم ترشيحها ورفعها إلى مستوى المعلومة الإدارية الصالحة لإتخاذ القرار وهذا بمساهمة من المراجعة الداخلية، كما يظهر هذا الشكل الآلية التي يتم بها إستخدام المعلومة المؤهلة في عملية إتخاذ القرار وهذه الآلية المتمثلة في الخطوات السابقة الذكر في عملية إتخاذ القرار، كما يبين هذا الشكل مساهمة المراجعة الداخلية في خطوات إتخاذ القرار، بل يمتد إلى تنفيذ ومتابعة للقرار المتخذ، تبقى هذه الخطوات والآليات المختلفة في إتخاذ القرار في شكلها العادي أي في الظروف العادية، إلا أن هناك أمور أخرى يجب أن تأخذ بعين الإعتبار و هي مختلف العوامل المؤثرة في عملية صنع القرارات في المؤسسة.







Post a Comment

Previous Post Next Post