عوائق التعمير والإستثمار السكني بمنطقة بوسكورة
بوسكورة منطقة خصبة لاحتضان مجموعة من الاستثمارات الضخمة خاصة السكنية منها، إلا أن هاته الاستثمارات أو المشاريع الكبرى تعيقها العديد من المشاكل أبرزها المسألة العقارية، التي باتت تحتل مكانة هامة في إنجاز أي مشروع، كون الطبيعة القانونية والاقتصادية والخلافات الاجتماعية والسياسية التي تثيرها، تعتبر من العناصر التي يجب أخذها بعين الاعتبار للقيام بكل عملية تهدف إلى التهيئة.
ومن تم فالعقار يعد محلا للتنمية الحضرية وبذلك فهو يخضع لمجموعة من التدابير الهادفة لتنظيم المجال في إطار تخطيط وتنسيق عقلاني لأجل تحقيق النمو المنشود للمدن.
ويلاحظ أنه بالإضافة إلى المشاكل التي يخلقها العقار، نجد بأن النمو الديمغرافي والهجرة القروية وما يتولد عنهما من مشاكل والمتمثلة أساسا في حاجات السكن والأراضي الصالحة للبناء وتفشي المضاربة العقارية أدى لخلق حالة من عدم التوازن في العرض والطلب على العقار، الأمر الذي أدى بدوره إلى تفاقم مشاكل أخرى لها علاقة مباشرة بهذه الوضعية كالمباني السرية ومدن الصفيح وانعدام الوسائل الصحية والتجهيزات الأساسية والبنيات التحتية أي بشكل أعم تعمير فوضوي.
ولهذا كان من الضروري تدخل السلطة العامة لوضع حد للنمو العشوائي للمدن حيث أصبح المشكل العقاري مثار اهتمام أساسي للدولة، لأن غياب التحكم في الأرض يعني غياب عنصر رئيس يحكم نمو وتطور المناطق الحضرية.

إن ميدان العقار لم يعد منحصرا في موضوع واحد، بل أصبح محط اهتمام العديد من المختصين، وميدان التقاء مواد مختلفة، فعلاقة المدينة بضواحيها وعلاقات الجماعات والأفراد بالعقار تصبح كلها مواضيع تهم الاقتصاديين وعلماء الاجتماع والسياسيين ورجال القانون.
كما أن مشاكل الوقاية والتحكيم في التطور الحضري، لا يمكن تركها لجماعة واحدة فقط. بل من الضروري أن يساهم في إيجاد حلول لها كل مختص في بحث الظواهر الحضرية.
ما هي أبرز المشاكل التي تعيق التعمير والاستثمارات الضخمة بمنطقة بوسكورة؟




I-      المشاكل المرتبطة باختصاصات الجماعات المحلية في ميدان التعمير:
تعد الجماعات المحلية محركا اقتصاديا واجتماعيا مهما وطرفا أساسيا في مجال الاستثمار على مستوى التنمية المحلية.
فالجماعات المحلية تملك اختصاصات واسعة وصلاحيات هامة في مجال التخطيط المحلي، وتوجيه التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وإنجاز البنية التحتية والتجهيزات الأساسية، وتحقيق المشاريع الاجتماعية والمرافق العامة.
ويأتي قطاع التعمير والسكنى في مقدمة القطاعات التي على الجماعات المحلية أن تتولى مباشرتها بعد قيامها بالأشغال البلدية، بحيث ليس هناك أي مشكل في السند القانوني أو مشروعية أعمالها في ميدان التعمير، بل تتوفر الجماعات المحلية على أكثر من مرجعية قانونية في هذا الصدد توفر لها إمكانية اقتحامها لقطاع التعمير والسكنى كطرف وموجه ومراقب ومستثمر في نفس الوقت.
وتنطلق الجماعة في مجال التعمير والسكنى بدءا من مرحلة التخطيط وانتهاءا بمرحلة الاستثمار والإنجاز مرورا بمرحلة المراقبة.
1)  مشاكل الجماعة في ميدان السكن:
تعترض الجماعات المحلية عدة عوائق وصعوبات في القيام بمهامها الاستثمارية وإنجاز مشاريعها السكنية نذكر منها على الخصوص: ضعف الرصيد العقاري وكذا نقص في الإمكانيات المالية وتعقيد بعض القوانين وعدم فعالية بعضها الأخر والمس بصلاحيات واختصاصات الجماعة "الجماعات المحلية".
إن الجماعة الحضرية بوسكورة تعاني نقصا كبيرا في رصيدها العقاري وخاصة الأراضي الصالحة للبناء، كما تعاني من تجميد الأراضي من طرف أصحابها الخواص سواء في المركز أو الدواوير.
كما أن الجماعة تعاني صعوبات واضحة في ماليتها وتعرف كذلك عجزا في ميزانيتها تخطر إلى تسديده عن طريق إمداد الموازنة في الميزانية العامة بالإضافة إلى النقص الذي تعرفه الجماعة على مستوى التأطير البشري وقلة التراكم المعرفي وما تعرفه من صراع يومي دفاعا عن ممارسة صلاحياتها واحترام اختصاصاتها في مواجهة السلطات المحلية الوطنية.
لمساعدة هذه الجماعة يجب مدها بالوسائل التقنية والمالية والإدارية والقانونية لتقوم بدورها في مجال ضبط التعمير ومقاومة السكن الغير اللائق والبناء العشوائي الذي أصبح يطغى على المجال الضاحوي "بوسكورة" بشدة، ولتسهيل مهامها لاقتناء الأراضي الضرورية لإنجاز مشاريعها وتحقيق مخططاتها وتشجيع الاستثمارات خاصة في مجال إنجاز المشاريع السكنية.
2)  إشكالية تعدد الأنظمة العقارية بالجماعة الحضرية "بوسكورة":
لقد أفرز القانون العقاري المغربي عدة أنظمة عقارية، وقد تضاربت آراء الباحثين بشأن تحديد عددها. وعليه يمكننا اعتبار الأنظمة العقارية التي يعرفها المجال الضاحوي بوسكورة حاليا هي: الأراضي الجماعة، أراضي الملك الخاص وكذا أراضي الدولة.
وبالنسبة لمنطقة "بوسكورة"، فالمشكل العويص الذي تعانيه هو مشكل السكن بالرغم من وجود تصميم التهيئة، فهو لا يساعد على النمو. فجل الأراضي التي يغطيها هي عبارة عن بقع أرضية صغيرة، أو أراضي الجموع. لهذا كان واجبا تغيير هذا التعميم تغييرا جذريا مع الأخذ بعين الاعتبار الطبيعة العقارية للأراضي بالمنطقة.
إلا أنه رغم هذا التقسيم الذي أشرنا إليه، فإنه يوجد تداخل على مستوى القواعد والقوانين المنظمة لهذه الأنظمة العقارية.
وفي هذا الإطار نجد كذلك تعدد الأوضاع العقارية، بحيث أن الهياكل داخل المدن أو المناطق المحيطة بها تلعب دورا أساسيا في التوسع الحضري وستظل عاملا حاسما في تشكيلها.

II-      المشاكل المتعلقة بالتعمير والاستثمار بمنطقة بوسكورة:
نظرا لعلاقة المركز بالمحيط في الحضارة البيضاوية، فيما يخص النمو الكبير الذي عرفته الضواحي أدى إلى التوسع في الرقعة المجالية وتزايد الحاجيات للتجهيزات الأساسية والخدمات المختلفة بمجال منطقة بوسكورة.
وأمام هذا الوضع تطرح وبإلحاح كبير طبيعة العلاقة بين المركز والضاحية كما تطرح عدة مشاكل فيما يخص بنيات الإشتغال التي تعتبر غير كافية، إضافة إلى المشاكل المتعلقة بالتقطيع الترابي وكذا مسألة التنسيق بين المتدخلين.
وفي هذا الإطار سنحاول معالجة مجموعة من المشاكل الخاصة بالمجال المحيط بمدينة البيضاء نموذج "بوسكورة".
1)  مسألة التقطيع الترابي بمنطقة بوسكورة:
تشكل هذه المسألة أحد الإكراهات والمعيقات الأساسية في تنمية الضواحي، فالتقسيم الترابي المعتمد بالجماعة الحضرية بوسكورة لم يراعي المعطيات الجغرافية والاقتصادية والاجتماعية، مما جعله يؤدي إلى تشويش كبير على مستوى توزيع الساكنة وكذا توزيع التجهيزات الأساسية، والموارد المالية بل إنه يخلق أحيانا نزاعات وتداخلات في الاختصاصات مجاليا وعضويا، مما يؤدي إلى إهدار الوقت والمجهودات دون التمكن من مواجهة المشاكل الحقيقية بالمنطقة.
والتقطيع الترابي المذكور لا يطرح مشاكل فقط على مستوى الجماعات الضاحوية ولكن أيضا بينها وبين المركز وخاصة مسألة العلاقة بين المجموعة الحضرية والجماعات الضاحوية، حيث طرحت مشاكل انعكست على مستوى موارد الجماعة الحضرية "بوسكورة"، حيث جنت المجموعة الحضرية (المركز)، فوائد عالية من الجماعة الحضرية بوسكورة والذي كان من المفروض توظيفها في التنمية الضاحوية. كما أن التقطيع المذكور وضع الجماعة في شبه عزلة، حيث تحيط بالجماعة جماعات أخرى أو طرق لا تسمح لها بالتفوق في إنجاز مشاريعها خاصة السكنية منها.
2)  طبيعة المشاريع ومساطر وضعها وإنجازها بمنطقة بوسكورة:
ويتجلى ذلك في البطئ الشديد في المساطر والإجراءات المعتمدة في إنجاز هذه المشاريع. مما ينعكس سلبا على مستوى النتائج، فالتأخر في الإنجاز أدى إلى نزاعات تمثلت في تراجع بعض المستثمرين عن الاستثمار بالمنطقة، الشيء الذي يشكل نقطة سوداء تعيق النظام الاستثماري بالمجال المدروس كما لوحظ أيضا أن منطقة بوسكورة تعاني اختلالات عدة بين التخطيط والواقع المعاش، ويتمثل هذا في عدم مواكبة تطور منطقة بوسكورة وفق التعميم الذي حدد لها، كون هذا التعميم لا يغطي سوى رقعة بسيطة بالمنطقة.
وهنا يطرح السؤال حول إمكانية التحكم في هذا التطور وإشكالية مطابقة التصاميم للواقع المعاش وكذا ضرورة إعادة النظر في هاته الوثائق من مواكبة وموازنة تطور هذا المجال الحيوي، وجعله ذا إشعاع وصدى كبير.

Post a Comment

Previous Post Next Post