تبوأت إمارة أبوظبي، وانطلاقاً من كونها أكبر الإمارات السبع وعاصمة الدولة، مركزاً مهماً على صعيد دولة الإمارات العربية المتحدة. وخلال الأعوام الخمسة الماضية، شهدت أبوظبي تطوراً اقتصادياً لافتا تمثل في معدلات نمو فاقت 9% سنوياً. 
ويشكل النفط والغاز مصدرين هامين للغاية لتحقيق إيرادات كبيرة لإمارة أبوظبي، غير أن الرؤية الاقتصادية لهذه الإمارة تتطلع إلى تحقيق تنوع في الاقتصاد من خلال إعداد خطط طموحة تهدف إلى الارتقاء بمكانة المدينة لتضاهي أرقى المدن المستدامة عالمياً عبر تعزيز الاستثمارات في مجال البنية التحتية والوصول بأداء المؤسسات الحكومية إلى أفضل المستويات وتطوير الموارد الاجتماعية والبشرية وإرساء نظام نقل ومواصلات عام متميز، وإحداث نقلة نوعية وواسعة على صعيد المشاريع العقارية وإقامة مرافق ومنشآت ثقافية عالمية بالتزامن مع معدلات النمو السكاني والاقتصادي الكبيرين.
وقد فرضت التحولات الديموغرافية والسكانية ضرورة التعامل مع تحديات النمو الحضري في الوقت المناسب عبر تطوير إطار عمل يسهم في إرساء مجتمعات مستدامة تلبي متطلبات الأجيال المقبلة حيث تتوقع أبوظبي نمواً في عدد سكانها من أقل من المليون حالياً إلى ما يربو على ثلاثة ملايين في عام 2030. من هنا، فإن الحكومة تدعم بقوة الجهود الرامية إلى تحقيق المرحلة الثانية من عملية التطوير العمراني في كافة أرجاء الإمارة. 
وتمتلك أبوظبي اليوم الخيار لما يتعلق بكيفية وتوقيت وموقع عمليات التطوير والنمو لتلبية متطلبات السكان للعقدين المقبلين من هذا القرن وما بعدهما. وقد صيغت ’رؤية 2030‘ لتكون مرشداً لإمارة أبوظبي في ترجمة كافة الاحتياجات مادياً واقتصادياً.

وقد جاء تأسيس مجلس أبوظبي للتخطيط العمراني في عام 2007 للاشراف على عملية التطوير العمراني التي تشهدها إمارة أبوظبي. ومن خلال ترجمة مضامين ’رؤية 2030‘ على أرض الواقع سيقدم المجلس خطط التطوير الاستراتيجية التي تشكل المبادئ التوجيهية، حيث يتم إدراج مضامينها في المخططات الرئيسية المهمة التي ستحدد شكل الإمارة وملامحها في المستقبل. وتقوم هذه الرؤية على تحليل شامل للنسيج الحضري وتوفير المساحات الأرضية المطلوبة لمثل هذه الرؤية وتحقيق استخدام أمثل لها، إلى جانب التعرف على القضايا المتعلقة بالبيئة والتنقل وخدمات البنية التحتية والعمرانية.
وتضع خطة إطار عمل الهيكل العمراني المتضمنة في ’خطة أبوظبي 2030’، والتي قام بإرسائها مجلس أبوظبي للتخطيط العمراني، تصورا ورؤية للنمو والتطور الذي ستكون عليه المدينة خلال العقدين المقبلين، كما أنها تقدم مخططا تفصيليا لنجاح أبوظبي على المدى البعيد. وعلى غرار خطة أبوظبي 2030 ، ستمكن خطة العين 2030 التي أطلقت في 2009 وخطة الغربية 2030 التي هي قيد الإعداد كلا من مدينة العين والمنطقة الغربية من إجراء عمليات تخطيط شاملة بغية الوصول إلى استراتيجية تطوير متكاملة تغطي إمارة أبوظبي برمتها.
ومن المهم التأكيد أن مجلس أبوظبي للتخطيط العمراني تجاوز أطر التخطيط الحضري التقليدية عبر إرساء عاصمة عربية ذات معايير جمالية متميزة تظهر من خلال تصميم عمراني معاصر يتناغم مع الخصائص الفريدة للمنطقة وتراثها. وفي هذا المضمار، استثمر مجلس أبوظبي للتخطيط العمراني على نحو مبتكر موقع أبوظبي الفريد حيث تعانق الصحراء فيه مياه الخليج العربي، لتفعيل وتعزيز عجلة النمو الاقتصادي البارز من خلال إنشاء عاصمة عالمية وفق أفضل المعايير.
لقد كان حرص الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس الدولة، رحمه الله، على حماية البيئة والحفاظ عليها شديدا . وأظهرت المشاريع العديدة التي نبضت بالحياة في دولة الإمارات العربية المتحدة مدى الاهتمام والأهمية الكبيرة التي تم إيلاؤها للبيئة جنباً إلى جنب مع الحرص على الارتقاء بالظروف الاجتماعية والاقتصادية للسكان. وبدوره سلط مجلس أبوظبي للتخطيط العمراني الضوء على التزامه تجاه المبادئ التوجيهية التي اختطتها الحكومة لتحقيق الاستدامة من خلال مبادرة ’إستدامة‘ التي أطلقها المجلس ويشرف على إدارتها.
وانطلاقاً من كون ’إستدامة‘ أول مبادرة من نوعها على صعيد العالم العربي، فإننا نتطلع أن يشكل العمل الذي يقوم به مجلس أبوظبي للتخطيط العمراني معياراً لأفضل الممارسات في عمليات التصميم الحضري مستقبلاً على صعيد الإمارات والعالم.
وقد شهد العام الماضي العديد من المحطات والإنجازات لمجلس أبوظبي للتخطيط العمراني، حيث تمت إزاحة الستار عن الخطة العمرانية للعين "العين2030 " وكذلك عن المخطط الرئيسي لمنطقة العاصمة، والذي تم الاعلان عن تفاصيله خلال معرض ومؤتمر سيتي سكيب أبوظبي 2009. وبموازاة ذلك، تم الاعلان عن خطة تطوير الشاطئ العام لمنطقة الكورنيش وجرى اكتمال المرحلة الأولى منه في نوفمبر المنصرم.
وإلى جانب ذلك، شارك مجلس أبوظبي للتخطيط العمراني في عدد من المبادرات التي تسهم في تعزيز الحوار مع المجتمعات المحلية والأقليمية والدولية. فشراكتنا مع "المناخ" مثلا أتاحت لنا أداة فعالة لدعم حوارنا وتواصلنا مع الخبراء الفاعلين  محليا ودوليا. كم أطلق المجلس مبادرة العواصم العالمية المستدامة بالتعاون مع مجلس أبوظبي للتطوير الاقتصادي والمنتدى الاقتصادي العالمي بهدف تبادل الخبرات والتجارب بشأن أفضل الممارسات بين سائر العواصم العالمية المتطورة.
إن مجلس أبوظبي للتخطيط العمراني يهدف وعبر الانطلاق من منظور رؤية 2030  إلى إرساء صورة متكاملة ومتناغمة لمستقبل أبوظبي، تضع الركائز الكفيلة بإقامة عاصمة عالمية مستدامة بيئيا واجتماعيا وثقافيا واقتصاديا للأجيال المقبلة.
"إننا نواصل عملية التنمية الشاملة في كل المجالات لبناء المجتمع الذي ننشده والمحافظة على المستوى المعيشي المتقدم لشعبنا الذي لفت انتباه كل المهتمين بقياسات التطور" - صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان

Post a Comment

Previous Post Next Post