الاصلاح التربوي للمدرسة

الإصلاح  الاصلاح التربوي للمدرسة يرنو إلى تأسيس مدرسة وطنية جذابة ومحفزة، تنخرط في مواقع جديدة :مدرسة تفكر بهموم المجتمع، وترسخ مكتسباته الثقافية، وتستلهم غاياتها من مشروعه الحداثي الديمقراطي المأمول... فهي دينامية جديدة، ودفعة نوعية بديلة لتطوير نظمنا التربوية، تتوخى تجاوز نمط المدرسة المستهلكة للمعرفة بشكل موجه ومنظم والذي توجه إليه مسؤولية إنتاج أجيال من المتعلمين الخاضعين للهيمنة الفكرية، إلى نهج تربوي أكثر منهجية، ومداخل بيداغوجية أكثر مرونة وتمحورا حول شخص التلميذ كقطب للاهتمام على مستوى الفعل والمبادرة، مع تركيزها على الإشكالات التنموية الاجتماعية في الموضوعات المعرفية الجوهرية المعدة لتحديد المادة الدراسية المطروحة للبحث... في ظل نمط مدرسة متفتحة، تستحضر النظرة الشمولية في بناء أنساقها التربوية انطلاقا من فكر نقدي مسؤول، بإعدادها لمتعلم قادر على فهم واقعه وتخطي تحدياته، والاندماج بإيجابية في صلب التحولات الاجتماعية الهادئة، والتواصل بمنظور حضاري أصيل مع مد الثقافة الكونية... تلك إذن هي مدرسة المبادرة الذاتية للتلميذ المتوخاة في منظومة الإصلاح، والحقل الحقيقي للتجارب، والفضاء الأمثل للبحث والإبداع والخلق، والمنبر المحفز لمساءلة الذات المنتجة لديه عن طريق بيداغوجية التعلم، ومؤسسة التأهيل الاجتماعي الداعية إلى بناء العلاقات الاجتماعية بكل مقاييس الدمقرطة والتعايش.
إلا أنها مسؤولية معكوسة، فالأسرة مدعوة بدورها لتأطير هذه الاختيارات عن طريق المقاربة التشاركية، والتخلي عن موقفها التقليدي تجاه المدرسة المتصف بالحياد، أو مجرد الملاحظة الخارجية المتحفظة، والاستقبال الآلي لنتائج التقويم الجزائي..
بل إنها مدعوة إلى إعادة النظر في أساليب التربية الأسرية ذاتها، لتتناغم مع هذه الآفاق والتصورات، استجابة لروح العصر وطروحات التغيير فيه.
وتعتبر جمعيات أمهات وأولاء التلاميذ، الشريك الحيوي في صلب القرارات الاستراتيجية للمدرسة: كتدبير الإيقاعات، وتمويل البنية التحتية والنهوض بمختلف المشاريع، واستشراف المستقبل، وتقويم الأداءات، ومقاومة الصعوبات، والحد من المعيقات الهدامة (كالهدر، والفشل، والعنف المدرسي...). كما أن استدماج النهج التشاركي، يحيلنا على تعدد الآليات والسبل وقنوات انخراط الأسرة في الشأن التدبيري للمدرسة، وتعدد أشكال وأساليب حضورها الفاعل : من برامج دراسية جهوية وإقليمية، ومشاريع تربوية، وتدبير للفضاءات التربوية، ومجالس التدبير، ومنتديات الإصلاح... وتمثيلية فعالة في المجالس الإدارية للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين.
بذلك يكون العبور الحقيقي إلى التغيير، تكامل مع الآخر خارج النظرة المؤسساتية الضيقة للذات، ولا ينضج إلا بتواجد كل من المؤسستين الفاعل بقوة، الواحدة منهما في قلب الأخرى.


ويبقى دور هيئات المجتمع المدني عامة والإعلام خاصة، أنجع القنوات للتركيب بين هذه الأبعاد على مستوى التفكير والفعل والمبادرة إخصابا لروح الاندماج، وتحسيسا بجذوى وحيوية هذا النوع الوازن من التعاقدات الاجتماعية الرفيعة
كما أن غايات وتوجهات التغيير المنشود، تتجاوز الآفاق المختزلة للشعارات المناسباتية العابرة، المرتبطة براهنية الأحداث والمواسم المعزولة، إلى المفهوم الواسع للدعامة المركزية في حمولة الإصلاح التربوية، بترجمتها لمشهد آخر قوي، ناطق بفعالية التلاحم والتوافق الاجتماعي من أجل مجتمع حداثي منسجم ومتماسك.


Post a Comment

Previous Post Next Post